icon
التغطية الحية

خسائر لمزارعي إدلب في المحاصيل الصيفية.. الأسباب وواقع سوق التصريف | صور

2021.06.22 | 14:32 دمشق

photo_2021-06-22_14-20-48.jpg
قطاف المواسم الزراعية الضيفية في إدلب (تلفزيون سوريا - عز الدين زكور)
إدلب - عز الدين زكور
+A
حجم الخط
-A

كان "أبو محمد" المهجّر من بلدة كفرعويد جنوبي إدلب، على موعد مع محصول صيفي وفير ورابح لولا خسارة مُني بها المزارعون هذا الموسم، نتيجة انخفاض أسعار السوق وتراجعها بشكل حادٍ في ظل المنافسة مع مثيلاتها من المحاصيل المستوردة.

وتأمل المزارعون خلال الموسم الصيفي أن يعوضوا خسائرهم في الموسم الشتوي الأخير الذي كان موسوماً بـ"الخاسر" عموماً، بعد أن ضربت الأمراض زراعات عديدة أبرزها "حبة البركة" فضلاً عن تراجع أسعار السوق إلى ضعف ما كانت عليه السنة السابقة.

ويُجمع مزارعون على وفرة إنتاج المحاصيل الصيفية هذا الموسم، نتيجة توفر أبرز مقومات الزراعة، كالطاقة المشغّلة لريّ المزروعات، إلا أنّ مشكلات التصريف والتصدير تحل بثقلها وتعقيدها على المزارع مرةً أخرى.

أسعار سوق منخفضة وخسارة الهكتار تتجاوز الألف دولار

بعد وصوله إلى منطقة شمالي إدلب مهجراً، بعد رحلتي تهجيرٍ بدأت من بلدته كفرعويد جنوبي إدلب إلى بلدة كفر حلب غربي حلب، قرر "أبو محمد" العودة إلى مهنته الأصلية الزراعة، واستأجر مشروعاً زراعياً شمالي إدلب، ودأب على زراعته لموسمي الشتاء والصيف، عاقداً آمالاً كبيرة على الموسم الصيفي.
يقول "أبو محمد" لموقع تلفزيون سوريا، إنّ بداية الموسم الصيفي، كانت صادمة مع تدهور أسعار الجبس والخيار في الأسواق، على اعتبارهما فاتحة المواسم الصيفية الزراعية، ما أدى إلى تسجيل خسائر إضافية علاوةً على خسائر الموسم الشتوي.

 

 

يعتقد محدثنا "أبو محمد" بأن محصول الجبس المستورد، كان له أثرٌ كبيرٌ في تدهور أسعار الجبس المحلي، على الرغم من إيقاف استيراده، إلا أنّ كميات كبيرة دخلت الأسواق ولعبت دوراً في ضرب المحصول المحلي من الجبس، إذ سارع في إثر ذلك بعد قطاف الكميات الأولى من الجبس إلى اقتلاع الموسم وقلبه إلى زراعة جديدة قد تعوضه أيضاً خسائره.

يقدّر "أبو محمد" خسارة الهكتار الواحد من الجبس أو الخيار بنحو 1000 دولار أميركي، وهو ما يحاول تعويضه من خلال زراعة محاصيل أخرى كالبندورة والباذنجان والفليفلة، لكنّ ملامح المحاصيل الأخيرة لم تكتمل بعد فهي ما زالت في القطوف الأولى لها، على حدّ تعبيره.

الطاقة الشمسية بديل المحروقات

يعتبر "إبراهيم صبوح" وهو مزارع من بلدة زردنا شمالي إدلب، أنّ الطاقة الشمسية، على الرغم من مشقة اقتنائها المادية على المزارع، ساهمت في انتعاش المزروعات الصيفية هذا العام، وتحقيق فارق واضح في المحاصيل من حيث الإنتاج والجودة قياساً بالمواسم السابقة، لأنها وفّرت المياه.

ويوضح "صبوح" لموقع تلفزيون سوريا، أنّ المزارع في حال اضطر للاعتماد على "الديزل" في تشغيل الطاقة وري الأراضي، فسيكون مقبلاً على زراعة خاسرة حتماً نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات في إدلب، فحلت الطاقة الشمسية بديلاً وفيراً.  

وتسبب انقطاع المحروقات قبل عامين من قبل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" على مناطق سيطرة المعارضة بخسائر فادحة للمزارعين، ما شكّل هاجساً دائماً لديهم من أن تتكرر الأزمة مجددا في أي وقت، وهذا من الأسباب الرئيسية التي شجعت المزارعين على الاعتماد على الطاقة الشمسية.

 

photo_2021-06-22_14-20-31.jpg

 

ويقول صبوح إن الاعتماد على مشاريع الطاقة الشمسية في ريّ المزروعات الصيفية، مكلف جداً ويبدأ من 8 إلى 15 ألف دولار، وتختلف الأرقام هنا بحسب الغاطسة (مضخة المياه) وحاجة المزارع من استهلاك المياه، مشيراً إلى أن مزارعين عمدوا إلى التشارك بين بعضهم بعضاً على هذا النوع من المشاريع نظراً لارتفاع كلفته.

أزمة سوق التصريف

يكاد التصريف أن يكون معضلةً عامةً تعاني منها جل المنتجات الزراعية والصناعية في إدلب، في ظل إغلاق المعابر ومنع التصدير عبر معبر باب الهوى الحدودي من قبل الجانب التركي.

في هذا السياق، يشير محدثنا "صبوح" إلى أنّ المحاصيل التي اعتمدت على السقاية وقدمت منتجاً وفيراً سجلت خسائر فادحة، ويطرح مثالاً مادة البصل، إذ وصلت خسارة الهكتار الواحد لـ 1500 دولار، بسبب غياب سوق تصريف مناسب له، وبيعه في الأسواق المحلية بسعر متدهور.

 


ويشتكي في الوقت ذاته، من تدفق المنتجات الزراعية عبر المعابر الحدودية، إلى إدلب ما يؤثر على سعر المحاصيل المنتجة محلياً، بالتزامن مع منع تصدير المحاصيل المحلية إلى خارج المنطقة عبر معبر باب الهوى وغيره من المعابر الحدودية مع تركيا.

وكان معاون وزير الزراعة والري في حكومة "الإنقاذ"، أحمد الكوان، قد أوضح في حديث سابق لموقع تلفزيون سوريا أنّ "إدخال المنتجات الزراعية التركية إلى المحرر وقت إنتاجها محلياً يضر بالمنتج المحلي وبناءً عليه وضعت وزارتا الزراعة والاقتصاد رزنامة زراعية لمنع استيراد هذه المنتوجات خلال فترة توفرها محلياً".

وشملت المنتجات المحظور استيرادها ضمن مواقيت محددة، البصل اليابس والثوم والبطاطا والكوسا والخيار والجبس والبندورة، عبر معبر باب الهوى، نظراً لتوفرها في الأسواق المحلية في المنطقة.

ولفت في حديثه، إلى أنّ المنطقة تعاني من غياب أسواق تصريف للمنتوجات الزراعية إلى خارجها، كما أن فتح المعابر مع النظام يمكن أن يوجد أسواق لتصريف المنتجات الزراعية المنتجة محلياً.

وعلى الرغم من قرار إيقاف استيراد المنتوجات الصيفية الزراعية، فإنها ما زالت متوافرة في السوق المحلية، وفقاً لما رصد موقع تلفزيون سوريا، منها البندورة والبطاطا والليمون والفول والبازلاء والفليفلة، وهو ما يعزوه باعة الخضر إلى وجود كميات وفيرة من قبل صدور القرار في برادات التجار وما زال تصريفها مستمراً في السوق.  

لا تغيير في أسعار الخضراوات بالنسبة للمستهلك

يعتبر محمد لطوف، وهو بائع خضر من ريف إدلب أن انخفاض أسعار الخُضر الحالي قياساً لأسعاره السابقة قبل فترة قصيرة، طبيعي جداً على اعتبار أن هذه الأيام هي موسم المزروعات الصيفية على رأسها البندورة والخيار والباذنجان والفليفلة، مبيناً في الوقت ذاته أن الأهالي يتأملون انخفاضاً أكبر من أجل بدء التحضير للمؤونة الشتوية.

ويبين "لطوف" خلال حديث لموقع تلفزيون سوريا، أنّ الانخفاض الحالي في الأسعار لا يفي بالغرض لدى سكان المنطقة، إذ إنه وفقاً لمدخولهم الشهري ما زالت الأسعار مرتفعة، والخضراوات غالية الثمن ولا يمكن الحديث عن شراء كميات كبيرة بداعي التحضير للمؤونة الشتوية.

وتتفق السيدة "ماجدة أم محمد" مع ما جاء في حديث "لطوف" وتوضح لموقع تلفزيون سوريا، أن ليرة تركية سعر كيلو البندورة لا يمكن أن يشجع على تجهيز مؤونة شتوية من قبيل عصير دبس البندورة وغيره من أنواع المؤونات.

وتشكل المزروعات الصيفية المحلية، عموداً أساسياً في تجهيز وتحضير المؤونة الشتوية من قبل الأهالي، حيث تنشغل السيدات خلال أشهر الصيف، بتحضيرها وفقاً لطرق شعبيّة موروثة ومعروفة منذ سنين طوال.

وتبلغ مساحة أراضي "السليخ المروية"، قرابة 30 ألف هكتار من مساحة إجمالية قدرها نحو 350 ألف هكتار، بحسب أرقام وزارة الزراعة والري في "الإنقاذ".