حوافز لموسكو مقابل تقليص نفوذ إيران في سوريا

2019.06.04 | 00:06 دمشق

+A
حجم الخط
-A

ذكرت بعض التقارير الصحفية الأسبوع الماضي أنّ إسرائيل والولايات المتّحدة ستعرضان على روسيا في وقت لاحق من هذا الشهر حوافز مقابل قيامها بتقليص نفوذ إيران في سوريا. واستناداً إلى تلك التقارير، فإنّ من بين هذه الحوافز شرعنة نظام الأسد والسماح له بالبقاء في السلطة، حيث سيجري نقاش هذه الفكرة في المؤتمر الثلاثي غير المسبوق الذي سيجمع مسؤولي الأمن القومي في كل من أمريكا وإسرائيل وروسيا في القدس.

 

وتلتقي هذه البلدان الثلاثة في جزئية السعي للحد من النفوذ الإيراني في سوريا، وذلك بالرغم من مفارقة أنّ كلاّ منها ساعد طهران خلال مرحلة من مراحل النزاع السوري

إسرائيل قامت بتحديد خطوطها الحمراء في وقت مبكّر، وهي تنسّق مع الطرفين الأمريكي والروسي لضمان مصالحها التي تتضمن منع إيران من تحويل سوريا إلى منصّة عسكرية لها

في تعزيز وجودها داخل البلاد، وذلك لمعطيات خاصة لها علاقة بمصالح و/أو أولويات كلّ منها. إدارة أوباما على سبيل المثال، قامت بغض الطرف عن تدفّق الميليشيات الشيعية الموالية للحرس الثوري الإيراني إلى سوريا من أجل التوصلّ إلى اتفاق نووي. أمّا تل أبيب، فتقاطعت مصالحها مع مصالح طهران في الحفاظ على نظام الأسد، وتدخلت روسيا في سوريا عسكريا بعد استنجاد إيران بها.

 

اليوم، وبخلاف السنوات الماضية، لهذه الدولة مصلحة في مواجهة النفوذ الإيراني. النقاش يدور حول طبيعة مواجهة هذا النفوذ وهل بالإمكان إخراج طهران من سوريا أو ربما العمل على احتواء هذا النفوذ وتقليم أظفار طهران. إسرائيل قامت بتحديد خطوطها الحمراء في وقت مبكّر، وهي تنسّق مع الطرفين الأمريكي والروسي لضمان مصالحها التي تتضمن منع إيران من تحويل سوريا إلى منصّة عسكرية لها. أمّا إدارة ترمب، فهي تريد في نهاية المطاف الانسحاب من سوريا لكنّها تخشى القيام بذلك قبل تسوية الموضوع الإيراني.

 

وتكمن المفارقة في أنّ روسيا وبالرغم من أنّها تعاونت مع إيران من أجل الحفاظ على نظام الأسد، إلاّ أنها هي التي سمحت عملياً بتقليم أظافر طهران في سوريا خلال العامين الماضيين سواءً من خلال غض النظر عن قيام إسرائيل بقصف أهداف تابعة للحرس الثوري وميليشياته بشكل منهجي، أو من خلال دعم وكلاء محليين ضد وكلاء الجانب الإيراني، أو من خلال الاشتباك المباشر مع ميليشياتها مؤخراً.

 

وتهدف روسيا في نهاية المطاف إلى إحكام سيطرتها على نظام الأسد والسعي لإعادة هندسة المشهد بما يتناسب مع مصالحها، وهو ما يتناقض مع مصلحة الإيرانيين

تنظر موسكو إلى الوجود الإيراني في سوريا على أنّه قد يصلح لأن يكون مدخلاً لتوسيع النفوذ الروسي في الشرق الأوسط

الذين يريدون تحويل سوريا إلى مجرّد ساحة لهم والإبقاء على نفوذهم من خلال دعم تشكيلات موازية للسلطة. وفي هذا السياق، لوحظ كذلك استغلال روسيا مؤخرا للحساسية التي تبديها العديد من دول المنطقة إزاء طهران من أجل التقرّب منهم لاسيما إسرائيل والعديد من الدول الخليجية.

 

وبهذا المعنى، تنظر موسكو إلى الوجود الإيراني في سوريا على أنّه قد يصلح لأن يكون مدخلاً لتوسيع النفوذ الروسي في الشرق الأوسط. فروسيا الآن بمثابة دولة محورية للدول التي لا تريد لإيران التواجد في سوريا وذلك باعتبارها الدولة الأكثر قدرة في التأثير على هذا العامل. لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال، هل من مصلحة روسيا إخراج إيران فعلاّ من سوريا أم أنّه من مصلحتها تقليم أظافر إيران فقط والسماح باستخدامها من أجل إقامة توازنات مع مختلف اللاعبين؟

 

لا شك أنّ اللقاء الثلاثي –في حال انعقاده- سيكون بمثابة مؤشّر على مدى انفتاح موسكو على مقترحات من هذا القبيل، لكن ربما ستسعى كل من واشنطن وتل أبيب إلى إثبات أنّ شرعنة الأسد فضلاً عن إمكانية بقائه أمر غير مضمون بالنسبة إلى موسكو قبل أن يقوموا لاحقاً بإقناعها بأنّه من الأفضل أن يتم الاتفاق على الملف الإيراني إذا ما كانت روسيا تريد بالفعل تحقيق الاستقرار لنظام الأسد والاستفادة من عملية إعادة الإعمار.

 

وفي هذا السياق بالتحديد، يشير حجم المقاومة المحلّية التي تلقاها الحملة التي تشنها روسيا بالتعاون مع نظام الأسد ضد مناطق سيطرة المعارضة الى أنّ موضوع بقاء الأسد ليس أمراً مضموناً في جميع الأحوال، وأنّ هذا الموضوع لا يتعلّق حصراً باللاعبين الثلاث وإنما هناك عوامل ثانية قد تؤثّر في هذه المعادلة وتقول كلمتها هي الأخرى في نهاية المطاف في الموضوع.