هل يعني فوز  بايدن بقاء الأسد في السلطة؟

2020.11.02 | 23:05 دمشق

unnamed.jpg
+A
حجم الخط
-A

خلال حملته الانتخابية، لم يُعر المرشّح الرئاسي عن الحزب الديمقراطي كثير اهتمام إلى الملف السوري. يعتقد بايدن أنّه من المهم إنهاء الحرب في سوريا وتأمين الاستقرار هناك، لكن ذلك لا يتضمن بالضرورة إخراج الأسد من السلطة. مفهوم الاستقرار الغربي في الشرق الأوسط غالباً ما يعكس نيّة الإبقاء على النظام السلطوي القائم والذي يُنظر إليه على انّه المصدر الوحيد لتأمين الاستقرار المنشود.

سجّل بايدن في إدارة الرئيس أوباما لم يكن مشرّفاً فيما يتعلق بموقفه من الأزمة السورية. بايدن ساهم هو الآخر في تفاقم الوضع في سوريا وبقاء النظام السوري من خلال رفضه الشديد تسليح المعارضة السورية عندما كانت قاب قوسين أو أدنى من الإطاحة بنظام الأسد.  وكما كان الأمر بالنسبة إلى أوباما، فانّ الأولوية لدى بايدن في حال فوزه في الانتخابات هي إعادة تفعيل الاتفاق النووي الإيراني وإصلاح العلاقة مع إيران.

تعكس تصريحات بايدن الانتخابية بالإضافة إلى الأوراق التي تمت صياغتها لتحديد توجهاته في السياسية الخارجية هذا الجانب، وهي لا تشير إلى سوريا إلا بشكل محدود جداً يتعلق بضرورة إنهاء الحرب. بايدن يعلم أنّ التوصل إلى اتفاق مع إيران سيتطلّب بالضرورة التغاضي عن تجاوزاتها وأخذ مصالحها في المنطقة بعين الاعتبار، هذا ما سيطالب به على الأقل النظام الإيراني فيما إذا قام الطرفان بعقد مفاوضات جدّية بينهما لاحقاً.

يخلق هذا التصوّر مشكلة كبيرة بالنسبة إلى الملف السوري خاصة إذا ما اضطر بايدن إلى تخفيف الخناق عن نظام الأسد وتجاهل خرقه للعقوبات المفروضة عليه. أو الخروقات التي تقوم بها دول أخرى كإيران او الإمارات على سبيل المثال. في شهر أكتوبر الماضي، استعادت إيران قدرتها على تصدير واستيراد الأسلحة بشكل تام بعد رفع الحظر الدولي عنها. من المتوقع أن تقوم طهران بتصدير الأسلحة إلى حلفائها بحرية تامة وعلى رأسهم نظام الأسد لاسيما أنّ طهران كانت قد وعدت بتصدير أنظمة دفاع جوي محليّة الصنع لنظام الأسد وهذه مشكلة إضافية ليس من الواضح كيف سيتعامل معها بايدن فيما إذا فاز في الانتخابات الرئاسية.

ما لم يقم بايدن في حال فوزه بالانتخابات الأمريكية باعتماد منهج مغاير لما اعتمده أوباما، فليس على أحد أن يتوقع أي نتائج مختلفة عن السياسة الكارثية السابقة.

موقف بايدن من تركيا والسياسة التركية في المنطقة سيزيد الأمور تعقيداً في سوريا ويفيد نظام الأسد بالتأكيد. لا تزال أنقرة اللاعب الوحيد ربما الذي يرفض بقاء الأسد ويدفع عملياً باتجاه إخراجه من السلطة سواء من خلال دعم العملية السياسية شبه المجمّدة حالياً أو من خلال الموقف العسكري لأنقرة في شمال سوريا وإدلب لاسيما بعد المواجهة التي جرت مع نظام الأسد في فبراير/ مارس الماضيين واستطاعت أنقرة خلالها تدمير عدد هائل من معدّاته القتالية وشملت المدرعات وناقلات الجند والدبابات والأنظمة الدفاعية والطائرات بالإضافة إلى قتل عدد كبير من جنوده والميليشيات التابعة لإيران في سوريا.

تقرّب بايدن من إيران ومعاداته لتركيا سيفيد الأسد بشكل كبير كما أنّ دعم بادين للأكراد في وجه أنقرة سيعطي مساحة أكبر لنظام الأسد للمراوغة وتوجيه الضغط بشكل عكسي باتجاه أنقرة. سياسة بايدن تجاه إيران وتركيا ستعطي الانطباع بأنّ واشنطن متساهلة في إمكانية بقاء الأسد إذا ما قام بتأمين بعض متطلبات الاستقرار والتي قد تتضمن استكمال سيطرته على المزيد من الأراضي.

سيشجّع الموقف الأمريكي هذا بعض الدول الخليجية والعربية أيضاً على استكمال جهودها الحثيثة لإعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية وتفعيل العلاقات الدبلوماسية معه بعد أن كانت إدارة ترامب قد عرقلت هذه الجهود مؤخراً. مصر والإمارات والسعودية ستتصدر هذه الجهود من جديد، والمفارقة أنّ جهود هذه الدول في هذا المضمار ستلتقي كذلك مع جهود الدول العربية المحسوبة على الخط الإيراني كلبنان والعراق على سبيل المثال.

في نهاية المطاف، ما لم يقم بايدن في حال فوزه بالانتخابات الأمريكية باعتماد منهج مغاير لما اعتمده أوباما، فليس على أحد أن يتوقع أي نتائج مختلفة عن السياسة الكارثية السابقة. في المقابل، سيكون من الصعب على أنصار بايدن أن يجادلوا بأنّه قادر على الموازنة بين الانفتاح على إيران واستعداء تركيا من جهة، وبين زيادة الضغط على نظام الأسد ومنع الدول الخليجية من استكمال جهود التطبيع من جهة أخرى. لن تكون المهمّة صعبة ضمن هذه المعطيات فحسب وإنما مستحيلة، وسيبقى نظام الأسد المستفيد الوحيد.