icon
التغطية الحية

حملة انتخابية هائلة يعد لها ترامب.. والدليل ما حصل بولاية "أيوا" الأميركية

2024.01.15 | 19:12 دمشق

أنصار شعار: "اجعل أميركا عظيمة مجدداً" محتشدين دعماً لترامب - المصدر: إيكونوميست
أنصار شعار: "اجعل أميركا عظيمة مجدداً" محتشدين دعماً لترامب - المصدر: إيكونوميست
The Economist - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

سافرت السياسية الأميركية كريستي نويم إلى شمال غربي ولاية أيوا لتشارك في الحملة الانتخابية لدونالد ترامب في الثالث من كانون الثاني، بيد أن الحفل تحول إلى مناسبة لاختبار شريك المرشح للرئاسة، وعن ذلك أعربت حاكمة جنوبي داكوتا بالقول أمام الحشود: "عملت معه منذ أن كان في البيت الأبيض على خفض الضرائب، كما عملت معه في السياسة الخارجية". وعلى الرغم من عدم حضور ترامب، عرضت محطات مهمة في مسيرته خلال الحفل، كما عرضت سلعا تخصه للبيع منها قمصان عليها صورته. وملأ المخلصون لشعار: "اجعل أميركا عظيمة مجدداً" قاعة الحفل، حتى في ظل هذا الجو الصقيعي الذي ساد الأجواء في ليلة الأربعاء. ثم عاد المئات إلى بيوتهم وفي جعبتهم حاملات أكواب تذكرهم وغيرهم بأن ترامب بطل ولاية أيوا على الدوام.

ثقة بالنفس لا رضا عن

فاز الرئيس السابق بأصوات الولاية بشكل مريح في عام 2016 وعام 2020 وذلك خلال الانتخابات العامة، غير أن شعبيته الحالية هناك تنسينا بأن حملته الانتخابية الأولى في هذه الولاية لم تسر على مايرام. إذ على الرغم من تصدره للأصوات في استطلاعات الرأي التي سبقت المؤتمرات الحزبية في عام 2016، شهد ترامب حالة تراجع في الأصوات ميدانياً عندما احتل المركز الثاني بعد تيد كروز من الحزب الجمهوري والذي كانت حملته أفضل تنظيماً. ولكن في هذا العام تحاول حملة ترامب التي تلتزم بمنهجية معينة أن تظهر ثقته بنفسه لا رضاه عنها.

إن الطبيعة الغريبة للمؤتمرات الحزبية في أيوا والتي من المزمع أن تعقد في 15 كانون الثاني، تعقد مسألة التنظيم، إذ بدلاً من وضع ورقة التصويت في الصندوق أو عبر البريد، يتعين على جميع الناخبين الحضور شخصياً في وقت محدد إلى هذه الاجتماعات التي ستعقد في هذا المساء في 1657 منطقة متمايزة، ثم ستلقى خطابات مؤيدة للمرشحين، بعدئذ يكتب الناخبون من يفضلونه على ورقة فارغة، ويخبرنا القائمون على الحملة بأنهم دربوا ألفي قائد للاجتماعات على إلقاء الخطابات وتجنيد الجيران حتى يحضروا تلك الاجتماعات دعماً لترامب.

ترامب المسيطر

تظهر استطلاعات الرأي حصول ترامب على نحو 50% من الأصوات في أيوا، أي بتراجع يعادل 15 نقطة عن المركز الوطني، أما حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيز، والحاكم السابق لكارولينا الجنوبية، نيكي هيلي، فيتنافسان على المركز الثاني، لكنهما يتخلفان عن ترامب بأكثر من 30 نقطة في ولاية أيوا، ولهذا تصف آن سيزلر، وهي أبرز مستطلعي الآراء في أيوا، موقف ترامب بأنه مسيطر بأي طريقة ممكنة بوسعك أن تعرف من خلالها كلمة مسيطر.

التجربة قبل الاختيار

بيد أن الفوز في أيوا ليست له قيمة كبيرة من ناحية التوقعات بالنسبة للانتخابات العامة، وذلك لأن ثلاثة رؤساء أميركيين فحسب ينتمون لكلا الحزبين فازوا في منافسات وسباقات حامية الوطيس في ولاية أيوا، من دون أن يصلوا إلى البيت الأبيض في العام نفسه. وفي جميع الاجتماعات الحزبية المتنافسة الثلاثة، بدءاً من عام 2008 وحتى عام 2016، لم يترشح الفائز من الحزب الجمهوري للانتخابات، وهذا ما دفع جيف كوفمان، وهو رئيس الحزب الجمهوري في تلك الولاية إلى القول: "لا ينبغي علينا اختيار الرئيس، وكذلك الأمر بالنسبة لولاية نيوهامبشاير، بل الأجدر بنا أن نسمح للناس بوضع الفائز تحت التجربة قبل اختياره".

بيد أن التوصل إلى نتيجة تفوق التوقعات في أيوا سيظل بمثابة فضل من الله ومنة بنظر ديسانتيز وهيلي بما أن كليهما يتنافسان على أن يصبح البديل الأساسي لترامب، ولهذا التقى الندان وجهاً لوجه في العاشر من الشهر الجاري في مناظرة نهائية سبقت الاجتماعات الحزبية، وذلك عبر أثير محطة سي إن إن، غير أن جميع منافسيهما فشلوا في الوصول إلى عتبة ما حشدته محطة سي إن إن بنسبة لم تقل عن 10% في استطلاعات الرأي، باستثناء ما حققه ترامب الذي رفض المشاركة في هذا النزال. إذ أمضى ديستنتيز وهيلي معظم الوقت وهما يهاجمان بعضهما بدلاً من أن يهاجما ترامب، وذلك قبيل ساعات من انسحاب كريس كريستي من هذا السباق، وهو الحاكم السابق لولاية نيوجيرسي ومن أشد المعارضين لترامب في هذا الميدان.

بيد أن بقية المرشحين تدعمهم عمليات إقبال كبيرة للناخبين، شأنهم في ذلك شأن ترامب، إذ تعتمد هيلي على منظمة أميركيون من أجل الرخاء وهي منظمة محافظة، ستقوم بطرق آلاف الأبواب من أجلها، فيما أعلنت حملة ديسانتيز بأن عملية حشد أصوات الناخبين، قامت على زيارات أجراها المرشح لمقاطعات أيوا البالغ عددها 99 مقاطعة، ولهذا فهي حملة عظيمة، أما ترامب فقد حسن قاعدة بياناته عبر ترشحه للرئاسة مرات عديدة.

دور الحرب الإعلامية في السباق الرئاسي

بعد ذلك يأتي دور الحرب الإعلامية التقليدية، إذ في عام 2023 أنفق المرشحون من الحزب الجمهوري وأحزاب أخرى غيره أكثر من 100 مليون دولار على التشويش على موجات البث في ولاية أيوا (والتي تصل إلى 3.2 مليون نسمة)، وكانت أكبر جهة أنفقت على ذلك المنظمة التي تدعم هيلي والتي صرفت على الإعلانات مبلغاً قدره 25 مليون دولار، وتأتي بعدها المنظمة التي تدعم ديسانتيز والتي أنفقت 18 مليون دولار تقريباً. وفي عموم البلد، كانت الانتخابات التمهيدية مكلفة ومقرفة، فقد تعرض ديستانتيز إلى ما يربو عن 44 مليون دولار من الأموال التي أنفقت ضده، أي أكثر من ضعف المبلغ الذي صُرف ضد ترامب والذي بلغ 21 مليون دولار، في حين أنفق خصوم هيلي نحو 19 مليوناً ليتهجموا عليها.

تطور في الأداء

بيد أن ديسانتيز مايزال يحتفظ بأقوى برنامج في الولاية، فقد حضر أربع احتفاليات في يوم واحد وهو اليوم الذي تصادف مع زيارة نويم، وكانت من بين تلك الاحتفاليات زيارته لمطعم مزدحم لا يبعد كثيراً عن الحشد الذي جمع أنصار شعار: "اجعل أميركا عظيمة مجدداً". ولقد ذاع صيت ديسانتيز على أنه شخصية ينتابها الإحراج خلال الحملة الانتخابية، لكنه تطور بمرور الوقت، وهذا ما عبر عنه أحد القائمين على حملته بقوله: "إن الحماسة في أيوا على أشدها، ولم تصل لأحد أسئلة كثيرة طرحها الناخبون كما وصله هو، وذلك لأنه يتواصل مع هؤلاء الناس، ولابد لذلك أن يغير الأمور في الخامس عشر من كانون الثاني".

تجيير الأزمات لصالح المرشح 

أما الحجة النهائية التي قدمتها صحيفة The Floridian فقد كانت كالآتي: "يترشح ترامب بناء على قضاياه، وتترشح هيلي بناء على قضايا مموليها، وأنا أترشح بناء على قضاياكم"، وذلك على لسان ديسانتيز الذي طرح موضوع الأزمة الكبرى التي تواجه أميركا وهي الديون، وصعود الصين وحالة اليقظة في الكليات والقوات المسلحة، بعد ذلك جير القضية لمصلحته ليعبر عن كفاءته وعدم فعالية ترامب، فإذا كان الشعب الأميركي يرغب بتشييد جدار حدودي، فإن ديسانتيز يعده بإقامة هذا الجدار مع تغريم المكسيك بتكاليفه وذلك عبر فرض ضريبة على الحوالات المالية بحسب قوله.

ولكن حتى مع تصاعد المشكلات القانونية لترامب في عام 2023، شهد ديسانتيز حالة تراجع له في عموم البلد بحسب استطلاعات الرأي، إذ يخبرنا جون مورتينسون وهو يرتدي قبعة بيضاء وذهبية كالتي يرتديها من يترأسون الاجتماعات الحزبية التي تؤيد ترامب خلال المسيرة المؤيدة التي حضرتها نويم بأنه لم يكن يؤيد ترامب في الاجتماع الذي عقد عام 2016، لكنه أصبح الآن يؤيده قلباً وقالباً، وهذا ما دفعه للقول: "كلما هاجموه أعقد العزم أكثر على التصويت له"، ولكن خلال الحملة الانتخابية، أثار عدة ناخبين التحركات التي جرت مؤخراً لاستبعاد ترامب من الاقتراع في ولايتين.

مفاجآت في جعبة أيوا

وتعليقاً على ذلك يقول جاسون ميلر وهو أحد أهم المستشارين لدى ترامب: "لقد رأينا الأثر الذي خلفه الاحتشاد حول راية واحدة من خلال تجاوزات الديمقراطيين في ولاية كولورادو ومين، ولن نستهين بقدرة جو بايدن والديمقراطيين القوميين على المساهمة بتحفيز الحزب الجمهوري على دعم الرئيس ترامب"، وذلك لأن نحو 187 ألف عضو في الحزب الجمهوري سافروا لحضور الاجتماعات الحزبية في أيوا خلال عام 2016 ولذا فإن نسبة الإقبال قد تتجاوز هذا العدد خلال هذه السنة.

يعلق على ذلك ديفيد كوتشيل وهو مخطط استراتيجي عتيق لدى الحزب الجمهوري في هذه الولاية: "إلى أن يجري السباق الفعلي، سيتوجه الناس للتصويت لمن يفضلونه، أي أننا لن نعرف من هو، بيد أنه لدى ولايتي أيوا ونيوهامبشاير نزعة لمفاجأة الجميع" إلا أن ترامب فوجئ بما فعلته أيوا مرة، ولذلك قرر ألا يعيد الكَرَّة.

المصدر: The Economist