يخبرنا توم غروند، وهو رحالة هولندي زار 159 دولة، بينها الفاتيكان وكوسوفو وتايوان، وسوريا بكل تأكيد، بأن هنالك أربعة أساب تدفعه لزيارة دولة جديدة، وهو الرغبة بمشاهدتها، أو تلبية لدعوة وجهتها له علامة تجارية معروفة، أو لينشئ محتوى هناك، ولكن هدفه الأساسي هو زيارة كل دول العالم.
زار عروند 62 دولة في عام 2022، منها 25 دولة زارها للمرة الأولى، ولقد وثق رحلاته عبر مدونته وحساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال العوائد التي يجنيها عبر تلك الحسابات والصفقات التي يعقدها مع العلامات التجارية، يحصل هذا الشاب على مبلغ يتراوح ما بين 15-20 ألف دولار شهرياً.
أول رحلة-إجازة في عام 2006
كانت أول رحلة لغروند إلى جزيرة أوربا بالكاريبي في عام 2006، حيث التقى هناك بالكثير من الأشخاص القادمين من الأميركيتين، فاكتشف توقه لمعرفة المزيد عن الحضارات والثقافات الأخرى.
وبعد عودته إلى هولندا، عمل محللاً للعمليات لدى وزارة الرعاية الاجتماعية التابعة للدولة وادخر المال ليجوب 23 دولة سيراً على الأقدام خلال عام 2008.
وبعد تلك الرحلة الشاقة، عاد إلى بلده وعمله الذي كان يحبه، لكن السفر تحول إلى شغف لديه، فعمل أكثر حتى يوفر ما يكفي من المال قبل أن يترك وظيفته في عام 2012 ويخطط للسفر لمدة أربع سنوات.
إنستغرام يغير كل شيء
اشتغل غروند في وظائف مؤقتة في الأماكن التي زارها وذلك ليعيل نفسه، وعندما عمل كمرشد في مجال الغطس بتايلاند، بدأ بنشر صوره وهو يعمل على إنستغرام الذي أصبح رائجاً وقتئذ، فانتشرت الصور التي نشرها كثيراً ومما ساعده على ذلك الوسوم التي استخدمها، ولهذا قامت أهم شركات السياحة والسفر بإعادة نشر صوره لديها، وهذا ما زاد عدد متابعيه، فبدأت فنادق من مختلف بقاع العالم توجه له دعوات ليقيم فيها، وكان أولهم فندق في بانغكوك دعاه للقدوم والتقاط الصور داخله، لكنه لم يستوعب حينها أن إقامته في الفندق ستكون مجانية، ولهذا أصر على أنه لا يستطيع تحمل تكاليف الإقامة في ذلك الفندق.
ومنذ ذلك الحين، زادت شهرته وشعبيته، وانهالت عليه دعوات كثيرة من كل حدب وصوب، إذ في عام 2017، أقام في ثلاثة من أفخم الفنادق بالمالديف.
بعد ذلك صار يغير وجهات رحلاته حتى يلبي الطلب بدلاً من أن يذهب إلى الأماكن التي يرغب برؤيتها، وبعد فترة من الزمن، أحس بأنه صار عبداً لهذا الأسلوب الجديد من الحياة.
تغيير قواعد اللعبة
يقول غروند: "في منتدى السياحة العالمي بإسطنبول والذي عقد في كانون الثاني عام 2017، خرج أشخاص إلى المنصة وأعلنوا بأنهم يحققون مكاسب تصل إلى عشرة آلاف دولار بالشهر، على الرغم من أنهم يعرفون من أنا، كما أن عدد متابعيهم أقل ممن هم لدي، وهنا عرفت أنه يتعين علي أن أبدأ بجني المال، وذلك لأني كنت حتى ذلك الحين أدفع أجور الطيران من جيبي في أغلب الأحيان".
أطلق غروند مدونته الخاصة في صيف عام 2016، بعدما أدرك أن بوسعه جني المال من خلال عوائد الإعلانات، وبعد عام على ذلك، أصبح له ترتيب على غوغل، فأدرك أن المستقبل أصبح من نصيبه.
لا أعمل من أجل الاستعراض
عن اختياره لوجهته يقول غروند: "إن كانت الوجهة تعجبني وتهمني، يسعدني عندئذ أن أتفاوض لعقد اتفاق أو صفقة، إذ مقابل صورة على إنستغرام أطلب مبلغاً لا يقل عن 1500 دولار، والريل يبدأ بألفي دولار، وأطلب مقابل ثلاث قصص على إنستغرام ألف دولار كحد أدنى، ثم إن نصف دخلي أحققه عبر شراكات مع مؤثرين، فقد تعاونت مع غوغل في حملة لخرائط غوغل، وحصلت على مبلغ قدره عشرة آلاف دولار مقابل ريل واحد على إنستغرام، إلا أن الأمر ليس مربحاً هكذا على الدوام، وذلك لأني أحصل على بقية دخلي عبر التسويق والإعلانات على موقعي الإلكتروني، كما أسست شركة في دبي حتى أدفع الضرائب، وأصرف وسطياً 4-5 آلاف دولار بالشهر على السفر والرحلات، كما أن حبيبتي مؤثرة هي أيضاً في مجال السفر، ولهذا أنضم إليها في رحلاتها أحياناً.
لا أبحث عن تعاون على وسائل التواصل
تصل لغروند باليوم ست رسائل تشتمل على أسئلة واستفسارات، ومنذ فترة قريبة وصلته طلبات لإقامة حملات في منغوليا وكولومبيا وبويرتو فالارتا والمكسيك وإيطاليا في يوم واحد، لكنه لا يختار العرض الأعلى أجراً، بل الأدنى، ولهذا وقع اختياره على منغوليا، ووجد فيها فرصة رائعة.
4 ساعات يومياً لتحضير المحتوى
يحتاج غروند لثماني ساعات أسبوعياً للنشر على مدونته، ودليله في النشر هو ما يطلبه العملاء.
وبما أنه يعرف استراتيجية غوغل لتحسين محرك البحث، لذا فقد ساعده ذلك على انتقاء ما ينبغي عليه كتابته، إذ إن منشوراً حول أفضل 25 شيئاً بوسعك القيام بها في وجهة معينة يعتبر أحسن من الاكتفاء بأفضل أربعة أمور وذلك من حيث عملية تحسين محرك البحث. كما يمضي غروند وقتاً طويلاً في تحديث منشوراته القديمة إلى جانب كتابة الجديد منها.
تجارب مجنونة
غروند في فانواتو
يخبرنا غروند بأن الأماكن المفضلة لديه هي نيبال والأرجنتين وهاواي ونامبيا وإيطاليا ونيوزيلندا.
وخلال العام الماضي، أوشك غروند على السقوط من حافة شلال في غوايانا عندما دهمتهم عاصفة غريبة من نوعها.
إلا أن أروع رحلة قام بها كانت إلى سوريا في عام 2019، حيث زار مدينة حمص التي أثرت فيه كثيراً، بعدما استحالت أبنية كثيرة فيها إلى ركام إسمنتي، فبدت تلك المدينة وكأن يوم القيامة قد مر عليها، إذ لم يكن في تلك الأبنية أي ستارة تلوح أو أي أريكة بوسع المرء أن يجلس عليها، بل استحالت إلى مساحات إسمنتية خاوية على عروشها.
غروند في سوريا
تغيير المفاهيم والأفكار
إن السفر إلى دولة ما لا يعني بطبيعة الحال تأييد نظامها، إذ يقول غروند: "عندما سافرت إلى الولايات المتحدة، لم يطلب مني أحد أن أؤيد جو بايدن، ولهذا عندما سافرت إلى إيران، لم يخطر ببالي أن ذلك يعني تأييدي للنظام فيها".
انبهر كثيرون برحلة غروند الأخيرة إلى الجزائر، إلا أن كثيرين رأوا بأن المرأة الجزائرية محافظة للغاية، ولكن هذا ليس بصحيح دوماً كما يخبرنا غروند.
غروند في الجزائر
يخبرنا غروند بأن متابعيه اعتقدوا بأنه سافر إلى سويسرا عندما نشر صوراً له في جبال باكستان، ولهذا شعر بسعادة غامرة لأنه نقل جمال وروعة بلد وشعب لا يعرفه كثيرون.
غروند في باكستان
مسافر لا سائح
بعد أربعة آلاف يوم من السفر، لم يعد غروند راغباً برؤية كل المزارات السياحية، لأن الأمر أصبح مرهقاً، وكل ما صار يشغل باله هو أن يتسكع فحسب.
تعلم غروند من خلال تلك التجربة كيف يعيش اللحظة وألا يفوت أي شيء يتعلق ببلده هولندا، ولكن بوسعه أن يبتعد عن أهله وخلانه في بعض الأحيان.
أما بالنسبة لخططه المستقبلية، فيفكر غروند بتخفيض عدد رحلاته، لأنه لابد أن يستقر في يوم من الأيام، إلا أن ذلك لن يحدث خلال السنة المقبلة على أقل تقدير، وذلك لأن أمامه فرصاً رائعة عليه أن يستغلها، فكيف له أن يرفض كل ذلك؟!
المصدر: Business Insider