icon
التغطية الحية

"جيش القعقاع".. عصا الجولاني في مواجهة الجيش الوطني

2021.06.17 | 06:17 دمشق

maxresdefault.jpg
+A
حجم الخط
-A

مضى زمن طويل على ظهور التشكيلات العسكرية بمسمياتها الإسلامية والتي سادت بين فصائل وكتائب الجيش السوري الحر في مراحل مبكرة من عمر الثورة السورية واندثر معظمها لاحقاً، ويبدو أن التقليد عاد مجدداً، إذ أعلن مؤخراً عن تأسيس "جيش القعقاع" في مناطق المعارضة شمال غربي سوريا، والذي من المفترض أن يضم عشرات الآلاف من المقاتلين المنظمين في فيالق وفرق وألوية عسكرية ينتشرون في عموم مناطق سيطرة المعارضة، وذلك بحسب تصريحات نسبت للقائمين على التشكيل الجديد.

جيش القعقاع

تداولت أوساط المعارضة السورية بداية الأسبوع الحالي بياناً تعلن فيه جماعة من المعارضة عن تأسيس "جيش القعقاع بن عمرو التميمي" في إدلب وريف حلب، وجاء فيه: "بيان رقم 1، صادر عن قائد جيش القعقاع أبو المعتصم بالله زبداني، تم بفضل الله البدء بتشكيل جيش القعقاع واستكمال الفرق العاملة فيه".

القعقاع.jpg

سبق الإعلان عن تشكيل الجيش تداول تسجيلات صوتية لمؤسسه المفترض "أبو المعتصم زبداني" يؤكد فيها اقتراب ظهور التشكيل، وانضمام عشرات التشكيلات إلى صفوفه في إدلب واعزاز والباب وعفرين في ريف حلب وغيرها من المدن والبلدات، وحدد "الزبداني" يوم 12 من حزيران لإطلاق البيان الأول، وطلب من قادة الفرق والتشكيلات المفترضة الإعلان عن نفسها في بيانات مرئية مقتضبة، وبالفعل صدر أول بيان لأحد تشكيلات الجيش في تسجيل مرئي، يدعى "فرقة أسود جبل الزاوية".

 وظهر في التسجيل المرئي (أسود جبل الزاوية) مجموعة من الأشخاص بلباسهم العسكري أعلنوا فيه عن انضمامهم للجيش ودعوا في البيان أبناء جبل الزاوية جنوبي إدلب للانضمام إليهم والدفاع عن المنطقة في مواجهة قوات النظام والميليشيات التابعة لها.

ولم يصدر عن "الجيش الوطني" أي تصريح رسمي حول الإعلان عن تشكيل "جيش القعقاع" الذي يزعم أن له وجوداً في الباب واعزاز شمالي حلب، وهي مناطق تتبع لنفوذ "الجيش".

تحدث موقع "تلفزيون سوريا" مع العديد من الناشطين والقادة العسكريين في الفصائل حول التشكيل الجديد (جيش القعقاع)، فريق منهم لم يسمع بالتشكيل وأكد هؤلاء أن لا وجود للتشكيل المزعوم على الأرض، في حين أكد فريق آخر أن الإعلان صحيح، ولكن الأرقام المعلن عنها حول أعداد وتشكيلات الجيش وتوزعها المكاني غير صحيحة ومبالغ فيها.

بانتظار الدعم الأميركي

مع بداية تحول الحراك الثوري السلمي إلى مسلح وتزايد أعداد تشكيلات "الجيش الحر"، كادت أسماء الصحابة والتابعين والقادة والعلماء تنفد من كتب التاريخ الإسلامي لكثرة ما استخدمت كمسميات لكتائب وفرق وألوية وسرايا ومجموعات عسكرية ناشئة على امتداد المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، وفي تلك الفترة كان تقليد المسميات يعبر في جانب منه عن المزاج العام للحراك الثوري المسلح، ويعبر بشكل أكبر عن انفتاح المشهد العسكري على مصادر متنوعة من الدعم والذي كان العامل الأهم في ظهور تلك المسميات.

ويبدو أن الإعلان عن تأسيس "جيش القعقاع" وبالرغم من أنه ما يزال تشكيلاً وهمياً، إلا أنه يمثل حالة "نكوص" مفترضة، واستباقية لبعض جماعات المعارضة التي تتوقع انفتاحاً جديداً على الداعمين بعد أن شهدت الساحة العسكرية للمعارضة انغلاقاً كاملاً لحساب العامل التركي الذي حيزت له الهيمنة على الفصائل (تدريبها ودعمها وتمويلها) منذ مطلع عام 2017 وحتى الآن.

قال قائد في "جيش القعقاع" -لم يرغب بذكر اسمه- لموقع تلفزيون سوريا إن "كل ما تم تداوله من معلومات حول الجيش وتوزعه وتأسيسه معلومات صحيحة، وأعداد المقاتلين الذين وافقوا على الانضمام إلى صفوف الجيش تزيد عن 40 ألف مقاتل، وهؤلاء ينتشرون في معظم مدن وبلدات مناطق المعارضة شمال غربي سوريا (إدلب ومحيطها وريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي)".

وأضاف "ما نزال في طور التأسيس إلى الآن، ونتوقع أن نحصل على دعم تركي - أميركي مشترك بحكم الانفتاح وتحسن العلاقات بين الجانبين، الجيش سوف يسيطر على كامل المناطق المحررة، وسيتولى الدفاع عنها، وستكون حلب واحدة من وجهات الهجوم الرئيسية للجيش من أجل تحريرها"، وأضاف: "أنا أتزعم فرقة في الجيش ويتبع لفرقتي أكثر من 3 آلاف مقاتل".

يبدو أن لدى القائمين على "الجيش" رؤية خاصة حول عودة الدعم الأميركي في مواجهة نظام الأسد وحلفائه روسيا وإيران، وبحسبهم فإن العودة المفترضة للدعم الأميركي لن تستفيد منه تشكيلات "الجيش الوطني" صاحبة الولاء المطلق لتركيا، وبالتالي يرى القائمون على الجيش بأن تشكيلهم سيكون مظلة ضرورية، ليس للفصائل وحسب، إنما لـ "هيئة تحرير الشام" أيضا، والتي يتوجب عليها العمل تحت مظلة جديدة مقبولة للداعم.

ويضيف القائد في "جيش القعقاع": "نحن مرضي عنا من معظم القوى العسكرية في المنطقة، ومن تركيا أيضاً".

وفي أحد تصريحاته قال "الزبداني": "الجيش يتألف من 17 فرقة تضم كل فرقة 5 ألوية، ليس لنا أعداء ولم نشارك بأي قتال داخلي ونعمل مع كل من يقاتل ويرابط، نحن موجودون ومنظمون، ونعمل مع كل غرف العمليات ونشكر أبو محمد الفاتح على لقائه الصحفي الذي أوصل به رسالة للعالم عن الثورة المباركة، كما أن وجودنا في الساحة ليس شكلياً فالكتائب المستقلة والألوية تغطي جزءاً كبيراً من محاور الرباط التابعة للجيش الوطني والجبهة الوطنية مقابل مبلغ رمزي على كل نوبة رباط والجميع يعلم ذلك".

القعقاع عصا الجولاني؟

وقال زعيم الجيش "أبو المعتصم بالله زبداني" في واحد من تسجيلاته: "نحن جيش القعقاع التابع لهيئة تحرير الشام وسوف نسيطر على كامل المناطق المحررة شمال غربي سوريا"، مزاعم أكدها أحد قادة جيشه خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا، إذ ذكر أن "تأسيس الجيش جاء بعلم تحرير الشام، وأحد مهام الجيش السيطرة على منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون في ريف حلب واللتين  تعانيان من تشتت الفصائل، ولدينا تنسيق مع بعض الفصائل هناك".

بدوره قال "مزمجر الشام"، وهو حساب على موقع "تويتر" يتابع أخبار التنظيمات الجهادية في سوريا، إن "أبو المعتصم مؤسس جيش القعقاع عضو سابق في جبهة النصرة قطاع ريف دمشق الذي كان بزعامة أبو مالك التلي، إلا أن أبو المعتصم مازال يتبع لتحرير الشام حتى الآن".

وأضاف: "جيش القعقاع المشكل حديثاً يعد أول تمدد لتحرير الشام نحو مناطق درع الفرات وغصن الزيتون الواقعتين تحت سيطرة فصائل الجيش الوطني، وكان وجود تحرير الشام سابقاً في تلك المناطق يقتصر على خلايا أمنية تعمل بغطاء من الجبهة الشامية، وبحسب بعض المصادر فإن قائد جيش القعقاع التابع لتحرير الشام يعرض على المقاتلين في مناطق الدرع والغصن راتب قدره 800 ليرة تركية (نحو مئة دولار أميركي) إضافة إلى مساعدات عينية، وهو عرض مغرٍ في ظل استمرار أزمة انقطاع الرواتب والمخصصات عن فصائل الجبهة الوطنية وتشكيلات الجيش الوطني".

وتابع: "قائد جيش القعقاع في تسجيل صوتي مسرب يقول إن الهدف من تشكيل جيش القعقاع تسهيل سيطرة تحرير الشام على كامل مناطق درع الفرات وغصن الزيتون وأنه لا ينكر تبعيته لتحرير الشام رغم عدم تبني الأخيرة له بشكل رسمي".

وذكر أن "قائد جيش القعقاع تحدث عن انضمام عدة ألوية له، ووجود مفاوضات مع عدة فصائل أخرى للانضمام، لكن بالواقع وبحكم ما عُرف عنه من كذب وتهويل فإن جيش القعقاع مازال لا يتجاوز عدد عناصره 100 عنصر حتى الآن، مع عدم استبعاد انضمام مزيد إليه بحكم الإغراءات المالية".

مصادر متطابقة قالت لموقع تلفزيون سوريا: "يبدو أن المعلومات التي تتداولها الأوساط الجهادية المناهضة لتحرير الشام حول علاقاتها الأمنية والتنسيق بينها وبين بعض الفصائل التابعة للجيش الوطني في ريف حلب معلومات صحيحة، وتحديداً في ملف ملاحقة خلايا تنظيم الدولة، والخدمات الأمنية المشتركة لكلا الطرفين الخاصة بملاحقة وتسليم المطلوبين لكل جهة، وهناك فصائل رائدة في التنسيق مع تحرير الشام ولديها علاقات متينة معها في الملف الاقتصادي (تجارة المحروقات)".

وأضافت المصادر أن "فرضية تبعية جيش القعقاع لتحرير الشام قد تبدو صحيحة، ويمكن القول بأن التشكيل تعبير عملي عن طموحها، وقد تدعم نشأته بالفعل، لا يخفي قادة ومنظري تحرير الشام منذ عام تقريباً أطماعهم في التمدد نحو منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون في ريف حلب باعتبارهم الأجدر لإدارة المنطقة عسكرياً ومدنياً" وفق زعمهم.