جورج قرداحي يخسر المليون

2021.10.27 | 14:25 دمشق

j-1-1-780x470.jpg
+A
حجم الخط
-A

لم تفلح دبلوماسية ومرواغة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي في إخفاء كثير من سطحيته حيال القضايا الثلاث التي دُعي للإجابة عنها في "برلمان شعب"، الثورة السورية والقضية الفلسطينية وحرب اليمن، بل إنّ الرجل ورط حكومته في مواقف محرجة، وتورط هو شخصياً في الإفصاح عمّا كان يحاولُ تمويهه خلال حقبة الربيع العربي، من تأييد نصف ضمني ونصف معلن لكل الأنظمة القمعية، وممالأة بغير حساب للمدّ الإيراني وأدواته في المنطقة العربية، حزب الله والحوثيين مثالاً.

بنعم قاطعة صوَّت النواب لسحب الثقة عن قرداحي في البرلمان الافتراضي، فخسر حظوته بينهم، وامتدت الخسارات بعد نشر الحلقة لتشمل ملايين العرب الذين شعروا بأن "بطلهم الأنيق" في برنامج من سيربح المليون، كان دموياً من الداخل، وشرساً في الدفاع عن أنظمة وحكومات تسببت باغتيال أوطانهم وأحلامهم وعائلاتهم، لا سيما أنه كان صفريّ الحجة في الدفاع عن أشياء لا يُمكن الدفاع عنها، بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي.

بنعم قاطعة صوَّت النواب لسحب الثقة عن قرداحي في البرلمان الافتراضي

على وجه الخصوص، لم تُفاجئ تصريحات قرداحي سوريي الثورة كثيراً، فقد جرّبوه على مدار عشر سنوات، وسمعوا منه في الأسد ما يُسمع عادةً من شادي حلوة ومذيعة الجثث، بيْد أنّ محبته لبشار كان يُمكن تصنيفها في سياق المثل الشعبي السوري "كل قمحة مسوسة إلها كيّالها الأعور"، لولا أنه تمادى في التشكيك وإنكار جرائم "الرئيس" بحق ملايين السوريين مكتفياً بالقول "كل الحروب فيها أخطاء"، فما كان من رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلا أن استضافوه في منشوراتهم مثلما استضافوا زميله جبران باسيل سابقاً.

خسر جورج قرداحي المليون "كبرنامج"، خسر الملايين "كشعوب"، وفشل في إقناع المعذبين العرب بأنه "متألم لمآسيهم" كما ادّعى، فالعصا التي أراد إمساكها من المنتصف خذلته في نهاية اللقاء، مثلما خذله ضميره الإنساني أولاً، وأخلاقيات وأدوات الصحفي (البحث والتقصي) ثانياً، في معرفة قاتل السوريين رغم أنه على الأرجح تعرّض لإهانات من ذلك القاتل عندما استحلّ بلده لبنان تحت اسم "جيش الردع"، بيد أن الخسارة الكبرى لرجلٍ من تلك الطينة المراوغة، هو ذهابه في طريق لا عودة منه، بعدما وصلت محبته لبشار إلى حدّ التقمص في مناسبتين متتاليتين، الأولى قبل أسابيع عندما ظهر في مؤتمر صحفي مستعيراً شعاره "الأمل بالعمل" لإصلاح المشكلات الاقتصادية والسياسية في لبنان، والثانية حين ادّعى في "برلمان شعب" تعاطفه مع "الخسائر الجانبية للحرب" على طريقة تعاطف الأسد مع الفلسطينيين، الذين نكَّل بهم في سوريا حالياً ولبنان سابقاً شرّ تنكيل، محاولاً إقناعهم بأنه فعل ذلك من أجل مصلحتهم، لأجل تحرير فلسطين.

خسر جورج قرداحي المليون "كبرنامج"، خسر الملايين "كشعوب"، وفشل في إقناع المعذبين العرب أنه "متألم لمآسيهم" كما ادّعى