icon
التغطية الحية

"جهاديون" مناهضون لـ "تحرير الشام": الجولاني استأجر وزير تعليم استجداءً للداعمين

2022.02.28 | 06:00 دمشق

thumbnail_jlst_akhtyar_abrahym_slamt_wzyraan_lltrbyt.jpg
جلسة اختيار إبراهيم سلامة (تلفزيون سوريا)
+A
حجم الخط
-A

تأخرت "حكومة الإنقاذ" التابعة لـ "هيئة تحرير الشام" في إدلب بتسمية وزير التربية والتعليم حتى بداية شباط الحالي. فبرغم الإعلان عن النسخة الجديدة من الحكومة برئاسة علي كدة أواخر العام 2021 ومباشرتها العمل بداية هذا العام، إلا أن حقيبة التعليم بقيت تنتظر من يشغلها، وكان المتنافسون على الحقيبة كثر وهم من المقربين والمحسوبين على عدد من قادة تحرير الشام البارزين.

وأخيراً، فاز بالحقيبة إبراهيم سلامة، ابن عم أمير حلب في تحرير الشام أبو إبراهيم سلامة، والأخير يعتبر اليوم الذراع الاقتصادية لزعيم الهيئة "أبو محمد الجولاني"، وصاحب أكبر شركة إنشاءات في إدلب.

وفي أولى جولاته كوزير للتربية والتعليم في الـ8 من شباط، حضر إبراهيم سلامة افتتاح مدرستين جديدتين تابعتين لدار الوحي في بلدة تفتناز بريف إدلب، وهما: مدرسة حمزة بن عبد المطلب للذكور، ومدرسة زينب بنت خزيمة للإناث. والمدرستان من ضمن 40 مدرسة دينية تقريباً موزعة على عدة مناطق في إدلب، والمدارس الدينية التي تتوسع في إدلب اليوم بإشراف دار الوحي الشريف وبدعم مباشر من تحرير الشام هي نموذج عن المدارس الدينية (التي تجمع في مناهجها تدريس العلوم الدينية والدنيوية) في قطاع غزة الفلسطينية والتي نقل تجربتها إلى إدلب في العام 2017 أبو الزبير الفلسطيني.

وصل إبراهيم سلامة إلى وزارة التربية والتعليم في "الإنقاذ" في الوقت الذي كانت فيه مناطق إدلب تشهد حركة احتجاجية متصاعدة للمعلمين المطالبين بتحسين وضعهم المعيشي بعد انقطاع رواتبهم لعدة أشهر، وتركزت الاحتجاجات والوقفات في مناطق سرمدا والدانا ومنطقة المخيمات القريبة من الحدود التركية، وفي ريف إدلب الغربي خلال شهر كانون الثاني. ومع بداية شهر شباط أخذت الاحتجاجات منحى أكثر تنظيماً بعد أن انتهت امتحانات الفصل الأول للعام الدراسي 2021/ 2022، لتنضم إلى الحركة الاحتجاجية أكثر من 100 مدرسة موزعة على مختلف مناطق إدلب.

وفي الـ14 من شباط كان لـ سلامة أول تحرك بخصوص التعليم العام، حيث أصدرت الوزارة بياناً طالبت من خلاله المعلمين بوقف الإضراب والعودة إلى مدارسهم مع بداية الفصل الثاني من العام الدراسي، ووعدتهم بتنفيذ خطة دعم تشمل معظم الكادر التعليمي الذي يحمل صفة المتطوع.

تتابع الأوساط الجهادية المناهضة لـ تحرير الشام التغييرات الدراماتيكية في قطاع التعليم في إدلب، واعتبرت اختيار شخص مثل إبراهيم سلامة "غير الملتزم"، ومن خارج فضاء تحرير الشام والتيار السلفي شكلاً ومضموناً له أهداف ودلالات عديدة، أهمها جذب الداعمين لتغطية تكاليف ورواتب التعليم العام الذي لا تريد "الإنقاذ" تحمل تكاليفه.

ويرى الجهاديون أن وصول سلامة العائد من المغترب حديثاً ليصبح وزيراً هو تلميح مباشر من تحرير الشام بأن العمل المدني ومؤسساته لا علاقة لها به، ويرجحون أن يكون تعيين سلامة فاتحة لعودة الدعم باعتباره من المدافعين عن مناهج النظام المنقحة التي تدرس في مدارس إدلب وعموم مناطق المعارضة شمال غربي سوريا، كما أن وجود سلامة كوزير للتربية والتعليم محاولة من جانب تحرير الشام لنفي الاتهامات الموجهة ضدها والتي تتحدث عن دعمها للتعليم الديني على حساب التعليم العام.

 

 

وسلامة الذي ينحدر من مدينة عندان شمالي حلب، كان قد عمل مدرساً ومديراً للمعاهد المتوسطة في السعودية واليمن والولايات المتحدة الأميركية وغيرها من البلدان، وفق السيرة الذاتية التي تداولتها حسابات تابعة لتحرير الشام في مواقع التواصل.

مصادر محلية متطابقة أفادت لـ موقع تلفزيون سوريا أن "إبراهيم سلامة عمل في السعودية والإمارات لفترة قريبة، وأقام لفترة في الولايات المتحدة وليس لديه أي تاريخ ثوري أو جهادي، ويبدو أن تنصيبه كوزير للتربية في حكومة الإنقاذ جاء في إطار خطة مستقبلية لدمج وزارتي التربية في حكومتي الإنقاذ والمؤقتة، كما أنه واحد من المرشحين لرئاسة الإنقاذ في دورتها القادمة التي ستبدأ في العام 2023".

وأضافت المصادر: "هناك جدل واسع حول المناهج التعليمية المعتمدة في إدلب، بعد أن عمدت الإنقاذ إلى استبدال بعض المناهج الإسلامية التي كانت معتمدة في بعض المدارس والمعاهد الأهلية، بمنهاج النظام الذي أجريت عليه تعديلات بسيطة".

من جهته، قال المنشق عن تحرير الشام أبو العلاء الشامي إن "همّ الجولاني الوحيد أن يتم اعتماده وقبوله حاكماً مستبداً ولو على عدة أمتار مربعة على الشريط الحدودي، ولو تطلب ذلك التضحية بالشعب والأرض والثورة والدين، وأحدث جريمة يرتكبها الجولاني بحق الثورة السورية هي تعيين إبراهيم سلامة وزيراً للتربية والتعليم، بل يمكن القول إن الجولاني استأجر لهذا المنصب شخصاً لم يشارك في الثورة والجهاد لا من قريب ولا من بعيد، لا يعرف منه إلا اسمه أو رسمه، لكنه صهر أمير حلب، ويكفي ذلك دليلاً على الولاء وقرباناً للطاعة".

يضيف الشامي عبر تليغرام: " وزير التربية شخص مدخن علناً، لم يستطع أن يربِّي نفسه، ويمنعها عما يؤذيها ويؤذي إخوانه، فكيف سيربي جيلاً على الجهاد والثورة والصبر والتضحية والفداء والأخلاق، الوزير الجديد لا تعرف له فكراً أو منهجاً واضحاً مستقراً، فعند انتشار الشيوعية في بلادنا حمل الفكر الشيوعي في شبابه، وورَّثه لأبنائه، ثم تراجع عنه، وابنه كان يشتم المجاهدين على مواقع التواصل الاجتماعي، الوزير سلامة كان رحَّالة سافر لأميركا والهند وغيرها، ولعل السر الخفي يكمن هنا".

يركز الجهاديون أيضاَ على مناهج التعليم الجامعي وما قبل الجامعي التي باتت معتمدة في مناطق إدلب وعموم مناطق المعارضة، ويعتبرون وصول سلامة إلى الوزارة جزءاً من خطة ترسيخ المناهج الجديدة وفرضها.

ويقول الشرعي السابق في تحرير الشام أبو شعيب المصري في تليغرام "التعديلات على منهاج النظام الذي يدرس في إدلب تعديلات يسيرة تتعلق غالباً بحذف بعض الجمل والعبارات الممجدة للمجرم بشار ووالده حافظ، دون تعرض عادة للمحتوى التعليمي الذي يهدف في الغالب لتخريج جيل فاسد الفكر والثقافة؛ قِيمه في الحياة مادية، وغاياته شهوانية، وانتماءاته وطنية، واهتماماته تافهة".

عملياً، يمكن القول إن زعيم تحرير الشام "أبو محمد الجولاني" يعمل على تطبيق كامل تفاصيل التفاهمات التركية- الروسية، ويستنسخ في إدلب تجربة منطقة درع الفرات من ناحية توحيد المناهج، وجعل مناهج النظام المنقحة مناهج رسمية كما في مناطق سيطرة الفصائل في ريف حلب ونبع السلام شرقي الفرات، وربما سيعمل الجولاني لاحقاً على إدراج القانون السوري المعدل كما فعلت الفصائل والحكومة المؤقتة في ريف حلب في العام 2018.

ويقول مصدر معارض لـ موقع تلفزيون سوريا إن "العمل بالقانون السوري وتدريس مناهج النظام في مناطق المعارضة، جزء من التفاهمات الروسية التركية التي تم الاتفاق عليها بعد عملية درع الفرات في العام 2017، وبالطبع هناك هامش لإجراء تعديلات غير جوهرية في المناهج والقانون المعمول به لتحاشي الصدام مع الأوساط الشعبية المعارضة".

يضيف المصدر: "تشمل التفاهمات غير المعلنة، التفاصيل الخاصة بمعدل الرواتب والحالة الاقتصادية العامة في المناطق التي تحتفظ تركيا بنفوذ فيها، وأن لا يكون هناك فارق كبير بينها وبين مناطق النظام لكي لا تتسع الفجوة بين مناطق السيطرة، وهذا ما يبرر تأخر الاستجابة التركية للمطالبات بزيادة الرواتب، والتي حصلت بالفعل بداية العام 2022 ولكن دون المتوقع، والجولاني يعمل بشكل مسبق على تطبيق هذه البنود على الرغم من أن إدلب ما تزال خارج هذا النوع من التفاهمات التركية الروسية حتى الآن".