icon
التغطية الحية

"جسور للدراسات": هل تنهار التهدئة في إدلب وتنزلق الأطراف إلى مواجهة مفتوحة؟

2024.01.12 | 12:26 دمشق

هل تنزلق الأطراف في إدلب إلى مواجهة مفتوحة؟ - إنترنت
هل تنزلق الأطراف في إدلب إلى مواجهة مفتوحة؟ - إنترنت
 تلفزيون سوريا ـ إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

استعرض مركز "جسور للدراسات" في تقرير تحليلي له، ما شهدته محافظة إدلب وريفها خلال الأشهر الماضية من تصعيد للقصف من جانب النظام السوري وداعميه، وفيما إذا كان التصعيد الحالي قد يمهد لانهيار التهدئة في المحافظة، وانزلاق الأطراف إلى مواجهة مفتوحة.

وجاء في التقرير، أن إدلب شمال غربي سوريا تتعرض منذ 3 أشهر لقصف عنيف وشِبه مستمر بمختلف أنواع الأسلحة، التي شملت لأوّل مرة منذ عام 2021 القنابل الفوسفورية، ليطول القصف مواقع عديدة لمنشآت مدنية وعسكرية واقتصادية، وكان مركَّزاً على أرياف حلب الغربي وإدلب الشرقي، وشاركت فيه الطائرات الحربية الروسية، فضلاً عن وحدات المدفعية لقوات النظام التي يُشرف على معظمها قادة من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني.

بالمقابل، قامت القوات التركية إثر القصف المستمرّ بالردّ على بعض مصادر النيران في حين تعرّضت إحدى قواعدها غربي حلب للاستهداف.

وأشار إلى أنّ التصعيد بدأ بعد الهجوم الذي تعرّضت له الكلية الحربية في حمص مطلع تشرين الأول 2023، حيث وجَّه النظام الاتهام إلى المعارضة بالوقوف خلفه، ونفّذ حملات متتالية -ما تزال مستمرة- من القصف العنيف، لكنّ نظام وقف إطلاق النار كان يتآكل قبل التصعيد؛ حيث يشنّ "أطراف النزاع" بشكل متبادَل ومتكرِّر منذ منتصف عام 2023 هجمات برية على خطوط التماسّ وخلفها وأخرى جوية عَبْر الطائرات المسيَّرة في العُمْق.  

هل تنهار التهدئة في إدلب؟

وبحسب تحليل المركز، يريد النظام السوري إيقاف الهجمات المتكررة التي تتعرض لها مواقعه، لأنّ استمرارها قد يؤدي إلى تغيُّر قواعد الاشتباك على خطوط التماس في إدلب، لذلك يركز في حملات القصف على استهداف المدنيين لإلحاق أكبر ضرر بهم ودفعهم لممارسة الضغوط على فصائل المعارضة بتحميلهم المسؤولية عن انهيار التهدئة، وكذلك يركز على استهداف المعدّات والآليات والأسلحة لتدمير القوة العسكرية لمناطق المعارضة.  

في الوقت ذاته، تدعم روسيا وإيران تصعيد النظام في إدلب، ويبدو ذلك بغرض الضغط على تركيا بسبب زيادة تنسيقها مع الولايات المتحدة شرق الفرات، ولدفعها نحو استئناف مسار التطبيع على المستوى الدبلوماسي والذي توقف بعد عقد القمة الرباعية في أيار 2023، في حين أنّ استهداف القوات التركية مواقع النظام يبعث برسالة إلى جُهوزية أنقرة واستعدادها لردع النظام والميليشيات الإيرانية وثَنْيهم عن ممارسة الضغوط العسكرية عليها من أجل تقديم تنازُلات.  

ويلاحظ في التصعيد الأخير أنّ النظام ركّز قصفه على جبهات ريف حلب الغربي، لا سيما دارة عزة، ويبدو أنّ الهدف من ذلك التلويح بقدرته على قطع أوصال مناطق المعارضة بين شمالي حلب وإدلب سواء عبر عملية عسكرية أو بالقوة النارية.  

وخلص التقرير إلى القول إنّ "انزلاق أطراف النزاع في إدلب إلى مواجهة مفتوحة على غرار ما جرى عام 2020 وقبله لا يبدو ممكناً، فلا النظام وحلفاؤه جاهزون لشنّ هجوم واسع ولا تركيا ترغب بتقويض حالة الاستقرار رغم هشاشتها، وهذا لا يعني عدم استمرار التصعيد وحملات القصف بين فترة وأخرى بغرض استمرار الضغط المتبادَل ومحاولة تغيير قواعد الاشتباك، لكنّ ذلك قد يؤدي تباعاً إلى تآكُل التهدئة ومحاولات توسيع هامش التحرُّك الميدانيّ على الأرض".

تصعيد للنظام على إدلب

جاء في تقرير سابق لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ التقديرات والوقائع الميدانية في إدلب تشير إلى أن النظام السوري غير قادر على شن أي عملية عسكرية واسعة النطاق باتجاه مناطق سيطرة المعارضة السورية في الوقت الحالي، خاصة أن قرار السلم والحرب خرج من يد الأطراف المحلية، وبات بيد الدول الضامنة لوقف إطلاق النار، ويقصد بها تركيا وروسيا، وإيران بدرجة أقل، وجميع هذه الأطراف يبدو أنها ليست بوارد التصعيد إلى حد العمليات العسكرية المباشرة على غرار ما جرى عام 2019.

سيناريو التصعيد الحالي، والذي يتوقع أن يستمر ما لم يشهد الميدان تطورات جديدة، يتمثل في سعي روسيا والنظام السوري لحرمان منطقة إدلب من أي استقرار، وهي سياسة أشارت إليها منظمة الدفاع المدني في وقت سابق، تتلخص بالحفاظ على حالة من اللاحرب واللاسلم.

وتهدف هذه السياسة إلى إرباك وإشغال الأطراف المحلية، واستنزاف قدرات الفصائل العسكرية، والقطاع الطبي، ومنع المدنيين من العودة إلى منازلهم في البلدات القريبة من خطوط التماس، وحرمانهم من الاستفادة من أراضيهم الزراعية أو جني المحاصيل.

ورأى المحلل العسكري العقيد عبد الجبار العكيدي، في حديث سابق مع موقع تلفزيون سوريا، أن النظام السوري يقتات على الأعمال العسكرية ليشغل "حاضنته والمدنيين ضمن مناطق سيطرته عن مطالبهم المعيشية والخدمية والاقتصادية، ولتجنب تذمر الحاضنة التي بدأت تتململ من الواقع السيئ في مناطق سيطرة النظام"، مستبعداً إمكانية بدء النظام السوري لعملية عسكرية باتجاه محافظة إدلب في المدى القريب، لأنه مكبّل بالاتفاقيات الدولية، والأهم، أن الأمر ليس بيده، وليس له أي قرار ببدء عمل عسكري من عدمه.