icon
التغطية الحية

"ثمن الحرية: صحفيون لاجئون في كندا".. هواجس الخوف والاغتراب في فلم وثائقي

2021.12.13 | 06:11 دمشق

thmn333.jpg
+A
حجم الخط
-A

"ثمن الحرية: صحفيون لاجئون في كندا" هو عنوان الفلم الوثائقي الطويل الذي يسلّط الضوء على قضية جوهرية تتصل بالتحديات الأساسية التي يواجهها الكتّاب والصحفيون عبر العالم، بسبب حرية التعبير، وما ينتج عن ذلك من تهديدات تطول حياة الصحفيين وحريتهم، تصل في أحيان كثيرة إلى التصفية، وإلى الموت تحت التعذيب في المعتقلات.

وفي الواقع، تعتبر هذه القضية إحدى أكثر الإشكالات والصعوبات التي تتصل بحالة حقوق الإنسان بصورة عامة، وبالتشريعات المتصلة بها والضامنة لها، في ظل العجز الدولي عن التوصل إلى آليات ملزمة لضمان الحقوق والحريات، وحماية الصحفيين، من طرف الحكومات في الحدّ الأدنى، وكذلك بعض التنظيمات التي تستخدم العنف في انتهاكاتها لحق حرية التعبير.

مع ذلك، فإن أنظمة الاستبداد والقمع والفساد، تمارس سياسات ممنهجة لقمع الصحفيين والكتّاب، بصورة متماثلة مع التنظيمات المسلحة. في حالتنا السورية، يمكننا أن نأخذ نظام الأسد وتنظيم "الدولة" كمثال مهم وبارز عبر العالم لتلك الانتهاكات ووسائل الاضطهاد والتغييب القسري والتصفية الجسدية.

تدفع تلك التهديدات الصحفيين والكتاب، في غير مكان من العالم، إلى خروج قسري من بلدانهم إلى مناطق أخرى بحثاً عن الأمن والسلام والحماية التي تكفل لهم ممارسة حقوقهم وحرياتهم الكاملة، وفي مقدمتها حرية التعبير.

ميادين فلم "ثمن الحرية"

يتحدث الفلم على مدى 73 دقيقة، عن تجارب ثلاثة صحفيين وكتّاب لاجئين في كندا، وهم: عبد الرحمن مطر من سوريا، ولويس ناجيرا من المكسيك، وآرزو يلدز من تركيا. من حيث الأسباب التي دفعتهم لترك بلدانهم وسعيهم لإعادة بناء حياتهم كلاجئين في كندا، بحسب الكاتب والصحفي السوري عبد الرحمن مطر في حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا.

ويضيف مطر: "كما يتناول الفلم أيضاً، تجربة الثلاثة في الكتابة قبل اللجوء وبعده، والتحديات التي تواجههم كصحفيين وكتاب لاجئين، استناداً إلى تجربتهم المباشرة في كندا حيث مجتمع جديد وثقافة مختلفة كلياً. يضاف إلى ذلك الصعوبات التي تحول دون انخراطهم في العمل كإعلاميين، في بلد تحدّ فيه القوانين والبيروقراطية الصارمة من طموحات اللاجئين في إعادة بناء حياتهم كصحفيين".

 

 

ويقيم أبطال الفلم الثلاثة حالياً في منطقة تورنتو الكبرى، وهم يسعون جاهدين لإعادة ابتكار أنفسهم. ومن خلال قصصهم وتحدياتهم التي يعرضها الفلم؛ يتم تسليط الضوء على النضال العالمي من أجل حرية التعبير في وقت يتزايد فيه التهديد للصحفيين.

محاور الفلم وأهمية طرحه

تكمن أهمية الفيلم، بحسب مطر، في كونه يطرح مسألتين مهمّتين، أولهما قضية حرية التعبير باعتبارها حقاً معطلاً في مناطق واسعة من العالم، بما فيها الدول التي تعتبر نفسها مدافعة عن الحقوق والحريات. وإن القضايا المتصلة بالحقوق السياسية والمدنية، ليست هي المجال الوحيد الذي يجد فيه الصحفي نفسه مهدداً، وملاحقاً.

والمسألة الثانية تتعلق بواقع وتحديات الحياة الجديدة. حيث يسعى هؤلاء الصحفيون – كما الآخرون– لإعادة ابتكار أنفسهم في المجتمع الجديد، وسط عقبات وصعاب كثيرة. ويوجه الفلم انتقادات جوهرية على السياسة الكندية المتصلة باللاجئين الصحفيين والكتّاب في المنفى، من حيث غياب الآليات الواضحة لإعادة إدماجهم في المؤسسات الإعلامية والاستفادة من خبراتهم، على الرغم من المخزون المهني الذي يتميزون به والخبرة التي يمتلكونها ومهاراتهم المتطورة، في شؤون وقضايا بلدانهم بشكل خاص. يشير الفلم عبر قصصه الثلاث إلى كل تلك المشكلات مع التركيز على دور المنظمات المهنية المحدود أو الغائب.

قصص الصحفيين الثلاثة

تشير قصة الصحفي المكسيكي لويس ناجيرا إلى طبقات الفساد والعصابات المسلحة، ودورها في تكميم الأفواه ليس حماية لمصالحها فحسب، وإنما في دعم سياسيين منخرطين في سياقها. وعمل ناجيرا صحفياً وإذاعياً وكاتباً في المكسيك، كما كان محلل جرائم مرموقاً فيها، ويعيش في كندا منذ عام 2008.

 

ناجيرا.jpg
ناجيرا

 

وكان ناجيرا مراسلاً لـ Grupo Reforma ومقرها في Ciudad Juárez التي تعدّ بوابة سيئة السمعة لسوق المخدرات في أميركا الشمالية، واعتبرت على نطاق واسع من عام 2008 إلى 2012 أخطر مكان على وجه الأرض.  حصل عام 2010 على جائزة CJFE (جمعية الصحفيين الكندية لحرية التعبير) لحرية الصحافة، بالإضافة إلى إحدى جوائز هيومن رايتس ووتش هيلمان/ هامت لعام 2011. حصل على ماجستير في الشؤون العالمية من جامعة تورنت، وحديثاً صدر له كتاب (بالاشتراك) حمل عنوان "الذئب".

 أما قصة آرزو يلدز فتشير بوضوح إلى ازدواجية المعايير ودور العسكر في التقلبات وفي تعطيل ممارسة الحقوق والحريات كأنها حق تمنحه السلطات وليست حقاً أساسياً. وتعمل آرزو اليوم في New Canadian Media، وهي خريجة في جامعة بيلجي بإسطنبول في قسم الصحافة التلفزيونية، وعملت كصحفية ومحررة ومراسلة أولى. لها العديد من المقالات النقدية في الصحافة الاستقصائية، كما لها أربعة كتب منشورة.

 

263738850_1182663839143150_4194117341954358941_n.jpg
يلدز

 

أما عبدالرحمن مطر فيتناول الفلم، وفق وصفه، تجربته في الكتابة والاعتقال بسبب حرية التعبير التي يجد فيها النظام الأسدي سبباً موجباً لاعتبار المثقفين السوريين أعداء له، وخونة للوطن، ويتوجب ملاحقتهم وإسكاتهم بكل الوسائل الممكنة، ناهيك عن تبنيه سياسة البطش والقمع والقتل في مواجهة مطالب الشعب بالحرية والديمقراطية.

ومطر كاتب وصحفي سوري، مدير تحرير مجلة "أوراق" التي تصدرها رابطة الكتاب السوريين.  مقيم في كندا منذ عام 2015، وعمل سابقاً في الثقافة والإعلام في مدينته الرقة بسوريا، وفي ليبيا وتركيا. باحث في العلاقات الأورومتوسطية، وناشط في قضايا الحريات والمجتمع المدني. مؤسس ومدير مركز دراسات المتوسط، ​​والمنتدى الثقافي السوري المتوسطي. وهو عضو في رابطة الصحفيين السوريين، وفي رابطتي القلم الكندية والكتّاب الكنديين.

 

مطر.....jpg
مطر

 

له خمسة كتب منشورة، في الشعر والرواية والدراسات والقصة، إضافة إلى العديد من البحوث والدراسات والمقالات المنشورة باللغة العربية وبعض المخطوطات.

معتقل سابق، خمس مرات، وقضى قرابة 10 سنوات في السجن نتيجة كتاباته وحرية التعبير ومواقفه من قضايا الحرية وحقوق الإنسان. وتتناول روايته "وايلد ميراج" تجربته في الاعتقال السياسي والتعذيب والحرمان والإيذاء والقمع.

شارك في عشرات الندوات والمؤتمرات والفعاليات الثقافية الدولية كباحث في قضايا المجتمع المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان والثقافة والأدب، بالإضافة إلى العديد من البرامج التلفزيونية كمتحدث سياسي وثقافي (واشنطن - دبي - إسطنبول – لندن). وحاز مطر على جائزة "الالتزام بالفنون"- مهرجان متعدد الثقافات، تورنتو- كندا 2021.

صناعة الفلم ومشاركاته

الفيلم من إخراج جيمس كولينغهام، وهو مخرج أفلام وثائقية ومؤرخ وصحفي ومؤسس شركة Tamarack Productions  في كندا. أكاديمي حائز على الدكتوراه في التاريخ الكندي وأميركا اللاتينية. ويعمل حالياً كأستاذ للدراسات الكندية ودراسات السكان الأصليين، كما ينشر مقالاته في الصحافة الكندية الرائدة.

 

264118958_212181477755202_6341872538033917470_n.jpg
مخرج الفيلم

 

في عام 1989 أنتج كولينغهام عبر شركته، أول سلسلة وثائقية وطنية في كندا حول قضايا السكان الأصليين. منذ ذلك الحين، أنتج كولينغهام أفلامًا وثائقية في كندا والولايات المتحدة وأوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط وباكستان، وحازت العديد من أفلامه على جوائز رفيعة.

سيتم عرض الفيلم رسمياً في المهرجانات السينمائية في كلّ من كندا والولايات المتحدة وأوروبا بدءاً من العام القادم 2022. ومن أيام قليلة استضافت كلية ماسي/ جامعة تورنتو، عرضه الأول الذي تلاه ندوة موسعة تم خلالها مناقشة كل القضايا التي تناولها الفيلم، بمشاركة المخرج وشخصيات الفيلم.

وكان الفلم قد عرض في تشرين الثاني الماضي بصورة خاصة كعرض تجريبي وتقييمي، بحضور عدد من السينمائيين والنقاد والإعلاميينن والمهتمين بقضايا اللاجئين، والفنانين المهتمين.

 

263073437_460540368843490_7566098311098450939_n.jpg
خلال عرض الفيلم في كلية "ماسي"- تورنتو