icon
التغطية الحية

توصيل مجاني للمستشفيات.. كيف أسس لاجئ سوري شركته الخاصة في ماردين؟

2024.06.11 | 15:33 دمشق

65655454554545454
اللاجئ السوري أحمد كاج أسس شركة توصيل طلبات في ماردين
ماردين - عبد الناصر القادري
+A
حجم الخط
-A

أن تبدأ من الصفر، هو العنوان العريض الذي يجمع بين كثير من السوريين الناجحين رغم الاختلاف النسبي بالنجاح، إلا أن تشكيل الحالة الإيجابية للاجئين السوريين وخصوصاً في العمل والدراسة في مقدمة أخبارهم، وهذا ما حصل مع اللاجئ السوري أحمد كاج في مدينة ماردين جنوب شرقي تركيا، والتي أسس بها شركة لتوصيل الطلبات، إلى جانب توفيره خدمة إنسانية مجانية لسكان المدينة.

في عام 2012 لجأ أحمد كاج البالغ من العمر 14 عاماً إلى تركيا كطفل ترك مدينته حلب، واختار مدينة ماردين للعيش فيها تاركاً أحلامه ودراسته، إلى مكان جديد رغم قربه من الحدود على أمل العودة قريباً إلى وطنه، فإذا بالسنين تمر ليكون نصف عمره تقريباً قد قضاه خارج سوريا.

بدأ أحمد العمل في قطاع الإنشاءات أسوة بمعظم السوريين الموجودين في ماردين، ثم انتقل إلى قطاع المطاعم، ثم إلى العمل بتصليح الأدوات المنزلية والعديد من الأعمال الأخرى المتوفرة في المدينة، بحسب ما قال لموقع "تلفزيون سوريا".

بدأ من الصفر

وكغيره من السوريين سمع أحمد عن ماردين، فأهلها يتكلمون اللغة العربية ويحبون السوريين ويستقبلونهم بترحاب، ورغم كل المشكلات التي انتشرت على وسائل الإعلام، كانت ماردين من أفضل المدن في التعايش واندماج السوريين، لم يشعر اللاجئون السوريون بها بأي حالات عنصرية.

ورغم عدم دراسته في تركيا، تعلم أحمد اللغة التركية من أفواه السكان في ورشات العمل وبات يتقنها إلى حد كبير، ما زاد من معارفه بين السكان الذين لا يتكلمون العربية.

في عام 2021، قرر أحمد أن يفتتح شركته الخاصة، من مبلغ بسيط لا يتجاوز الـ 20 ألف ليرة تركية عمل على جمعه من أعماله اليومية في الإنشاءات والمطاعم والتوصيل.

ومن أجل أن يكون وضعه قانونياً، أسس أحمد شركة شخصية لتوصيل الطلبات مكونة من "دراجة نارية" وعامل واحد هو أحمد نفسه، يدفع شهرياً الضرائب والتأمين الاجتماعي بالتعاون مع مستشار مالي للشركة.

تعمل الشركة من خلال رقم هاتف مفعل على تطبيق "واتساب" حيث يصل الطلب إلى هاتف أحمد فيقبله ويذهب إلى أحد المطاعم لاستلام الطلب ومنه إلى العنوان المطلوب.

544444444444
أحمد كاج

تطور العمل فيما بعد وأصبح أحمد أحد المشاهير في ماردين، فلم تعد الطلبات مقتصرة على طلب الوجبات من المطاعم والكافيهات في ماردين، إنما بات يشمل توصيل كل ما يلزم العائلة من السوق أو بازار الخضرة.

وفي سياق ذلك، قال أحمد: "تصل إلي الطلبات على الواتساب وأنا آخذها من المطعم أو الماركت، مثلاً رجل كبير في السن لا يستطيع حمل الأغراض يتصل بي، فأذهب وأشتري له ما يريده ثم أوصل له الطلب يعطيني ثمن الأغراض مع أجرة الطلب".

وأضاف "كاج" أن عدد المطاعم المتعاقدة معه قرابة 5 مطاعم تركية وأخرى سورية، لأن كثيراً من المطاعم في ماردين لديهم موظفون للتوصيل، ولكن عندما يكون هناك ضغط فيتصلون به للمساعدة.

وتبلغ أجرة طلب التوصيل 50 ليرة فقط، رغم غلاء المعيشة وتضخم الأسعار في ماردين وعموم المدن التركية، فإن أحمد يحاول أن يحافظ على تسعيرته لأجل استقطاب أكبر عدد من الزبائن.

وعن السبب الذي دفعه لتأسيس شركة، قال أحمد إن العمل مع الآخرين متعب، لذلك كان تأسيس الشركة مريحاً فهو غير مقيد بدوام أو ساعات عمل يبدأ متى يشاء وينتهي عمله بالوقت الذي يريد أيضاً.

ويدفع أحمد شهرياً كل تكاليف الرخصة، التي تشمل الدراجة النارية، والحقيبة التي توضع بها الطلبات على الدراجة، إلى جانب ما يتكلف به من ضرائب ورسوم سنوية.

للمستشفى مجاناً

بعد 12 عاماً في ماردين، بات أحمد من أبناء المدينة، يعرف شوارعها وأبنيتها وعائلاتها وأحياءها، كل مطاعمها وأفرانها ومحالها التجارية وأسواق البازار، ويطمح لتطوير عمله بشكل مستمر.

ومن خلال أرباحه وحسن تدبيره جمع أحمد ثمن سيارة مستعملة تعمل على الغاز وضمها لشركته قبل شهرين فقط، وبدأ بالتوصيل بالسيارة أيضاً، ضمن مدينة ماردين أو إلى خارجها.

وفي لفتة لطيفة، يقدم أحمد خدمة التوصيل المجاني للمستشفيات مساءً بشكل مجاني لجميع من يتصل به داخل مدينة ماردين، مؤكداً على أنها مبادرة إنسانية من قبله.

في النهار يعمل في توصيل الطلبات وفي الليل خدمة تشبه "التكسي" لتوصيل الأشخاص إلى الأماكن التي يريدونها ضمن ولاية ماردين أو إلى المناطق القريبة منها.

ويشمل العمل على السيارة طلبات نقل الأدوات الكهربائية والمعدات الأكبر حجماً أيضاً، خصوصاً أنها تعمل على الغاز فأسعار الأجرة أقل من سيارات النقل العادية.

6244444444
سيارة أحمد للطلبات

طموح أكبر

يطمح أحمد أو المعروف بـ "أبي شهاب" في ماردين لتوسيع عمله من خلال شراء عدة دراجات نارية وتشغيل عدد من الشباب معه في ماردين، حيث إن المدينة تستوعب والإخلاص في العمل زاد من رزقه واعتماد الناس عليه.

وعن ذلك قال: إن "توسيع الشركة سيوفر فرص عمل للشباب الذين لا يجدون فرصة عمل في ماردين، وأنا يتطور عملي وتتوسع شركتي".

ويرى أحمد أن العمل متوفر بكثرة في ماردين وخارجها وهناك فرص يجب اقتناصها، باليوم الواحد يمكن للشخص أن يحصل ألف ليرة وإن عمل بجد أكبر قد تصل يوميته إلى 5 آلاف ليرة لذلك يجب الاجتهاد في سبيل ذلك.

تزوج أحمد عندما كان في العشرين من عمره، مر بظروف مادية سيئة جداً، ومن الوضع الصعب، اتجه إلى البداية وتأسيس شركته البسيطة، وبدأ العمل، داعياً أي شاب سوري للسعي لأن النجاح سيكون حليفه.

ويسعى أحمد أن يكون لشركته تطبيق موبايل خاص بالتوصيل والطلبات على مستوى ماردين، إلا أن ذلك يحتاج إلى أموال أكبر ومساعدة وهو حلم كبير قد يصل إلى تحقيقه يوماً ما.