icon
التغطية الحية

تعليم "ذوي الاحتياجات الخاصة" بريف حلب.. التحديات والمعوقات

2021.01.25 | 05:18 دمشق

microsoftteams-image.png
حلب - حسين الخطيب
+A
حجم الخط
-A

تواجه مراكز التعليم الخاص، أو (تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة) التابعة لمديريات التربية في المجالس المحلية، التي تشرف على إدارة مدن وبلدات ريف حلب، تحديات ومعوقات عدة وقفت أمام مسيرتها في احتواء أكبر عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة وتطوير وضعهم وسلوكهم التعليمي لا سيما أن هذه المراكز نادرة جداً في المنطقة، في حين لا بد أن يتخلل التحديات والمعوقات بعض الإنجازات الناجحة أيضاً.

وكانت قد افتتحت مديرية التربية التركية بالتعاون مع مديريات التربية في مدن ريف حلب مراكز خاصة بتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، خلال العام الدراسي الفائت 2019 /2020 إلا أن أزمة انتشار فيروس كورونا في المنطقة، تسببت بإغلاق المدارس والمراكز التعليمية كافة، وهو الأمر الذي جعل مراكز التعليم الخاص تتوقف عن العمل أيضاً، حتى بداية العام الدراسي الحالي، إذ بادر المعلمون العاملون في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، بالعودة إلى الدوام مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا.

وتندر مراكز تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، في مدن ريف حلب، لأسباب متعددة، منها الظروف المعيشية والاقتصادية والنزوح، وما تبقى من مخلفات الحرب، الذي يبقى سبباً كبيراً في انشغال الأهالي عن أبنائهم ذوي الاحتياجات الخاصة.

MicrosoftTeams-image (1)_0.png

واتخذت مديرية التربية في مارع التابعة للمجلس المحلي في المدينة مركزين متفرقين لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ استقبلا عدداً من الطلاب والطالبات الذين يعانون من إعاقات ذهنية، ونطقية، كمصابي متلازمة داون، ومصابي التوحد.

الحرب غيبتهم عن الاهتمام

تبدو خطوة تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة مفيدة لمجتمع أنهكته الحرب وأشغلته تفاصيلها، إذ إنها تفتح باباً أمام هؤلاء المغيبين والمنسيين الذين يعانون من إعاقات ذهنية وعقلية، في التعلم والسير في الحياة الطبيعية مجدداً دون الشعور بالنقص أمام أقرانهم المحيطين بهم.

أمينة الإبراهيم، ثمانية أعوام، طفلة تعاني من إعاقة ذهنية، سببت لها صعوبة في النطق، بدأت تدرس في مركز تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة الموجود في مدرسة الشهيد أسامة بكور بمدينة مارع في ريف حلب، كبداية جديدة في التعلم، هذه الطفلة لم تتلق تعليماً سابقاً، بل بقيت ملازمة أفراد أسرتها في المنزل واستطاعت حفظ بعض المفردات المتكررة بصعوبة بين أفراد أسرتها، وذلك بسبب ندرة المراكز التي تهتم بتعليمهم في ريف حلب.

التقى موقع تلفزيون سوريا، والد الطفلة أمينة، إبراهيم الإبراهيم، من سكان مدينة مارع بريف حلب، إذ قال: "إن ابنته تعاني من قصور ذهني يمنعها من النطق، أصبح عُمرها نحو ثماني سنوات ولم تحفظ سوى مفردات معدودة وتواجه صعوبة بالغة في لفظ حروف المفردات التي تعرفها"، مضيفاً: "إن الظروف المعيشية، وما رافقها من آثار الحرب والنزوح، منعته من إيجاد مدرسة أو علاج لابنته، التي كَبرت سناً ولم تكبر عقلياً، ولكن فور افتتاح مركز تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة أرسل ابنته، وتم قبولها من قبل القائمين على المركز".

MicrosoftTeams-image (2)_0.png

وأوضح الإبراهيم قائلاً: "في بداية دوامها خلال الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي الحالي في المركز، لم أجد أية تطورات عليها ربما كانت ظروف التناغم مع البيئة التعليمية، لكنها بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر وجدت تغيرات جذرية بدأت تظهر في تصرفاتها، لا سيما نطقها لبعض الحروف بشكل سليم".

جهود متواصلة لمتابعة ذوي الاحتياجات الخاصة

وبالرغم من الظروف الاستثنائية التي افتتحت على إثرها مراكز تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن العاملين بها بذلوا جهوداً جبارة في رفع سوية التعليم الخاص، من خلال المتابعة اليومية واستخدام طرق تعليمية بوسائل بسيطة جداً.

يقول أحد معلمي تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة والذي رفض ذكر اسمه، لموقع تلفزيون سوريا: "إن الطفلة أمينة واجهت صعوبات في تعلمها لكن متابعته وأهلها الدائمة أسهمت في تقدمها التعليمي وأصبحت تنطق بعض الحروف بشكل سليم".

وأضاف: "إننا نزاول هذا العمل باذلين جميع الجهود في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة ونقوم بمتابعتهم اليومية عبر وسائل الاتصال والحضور الفيزيائي، كما نستعين بكتب تهتم بتدريس ذوي الاحتياجات الخاصة لتمكننا من التعامل معهم". وأوضح أنه "يخوض مضماراً جديداً بمهنة التعليم، فهو لم يدرس سابقاً تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، لكن رغبة منه لفتح آفاق جديد أمامه، بدأ بمزاولة المهمة لعله يستطيع تقديم شيء مفيد لهؤلاء المنسيين ويخرجهم من أمراضهم بالقدر المستطاع".

غياب الكوادر المتخصصة

ويفتقر ريف حلب إلى المعلمين الحاصلين على شهادات في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، بسبب هجرة ونزوح غالبيتهم عن البلاد، وهو الأمر الذي دفع مديرية التربية في مدينة مارع، بالتعاون مع مديرية التربية في ولاية كلس التركية، إلى إخضاع بعض من المعلمين لدورات تأهيلية تمكنهم من التعامل مع الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة.

التقى موقع تلفزيون سوريا مدير التربية والتعليم في مدينة مارع، محمد النجار، والذي قال: "إن المنطقة تفتقر إلى المعلمين المختصين؛ لذلك اخترنا عدداً من المعلمين وتم إخضاعهم لدورة تأهيلية واحدة، وهذه الدورة لا تكفي لتمكينهم من مزاولة هذا العمل، لأن التعليم الخاص يحتاج إلى مختصين حصلوا على شهاداتهم بجدارة، ونسعى إلى رفد الكادر بمعلمين مختصين أكفاء، لاستقبال عدد أكبر من ذوي الاحتياجات".

وأضاف النجار: "استقبلنا بداية العام أكثر من 25 طالباً وأبرزهم من أصحاب الإعاقات العقلية، مصابي مرض التوحد ومتلازمة داون، ونسعى إلى فتح المجال أمام الإعاقات الأخرى".

اقرأ أيضاً.. ماراثون للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يبث روح الأمل

غياب الاستقلالية والمناهج والوسائل التعليمية

وعلى الرغم من السعي الدؤوب للنهوض بالتعليم الخاص، فإن هذه المراكز تفتقر إلى الاستقلالية لأنها أقيمت في المدارس الابتدائية الطبيعية، حيث لا يوجد مركز مستقل بهم لتنفيذ جميع الأنشطة الخاصة بوضعهم، كما أن اختلاطهم مع التلاميذ السالمين صحياً قد يؤثر عليهم بشكل أو بآخر.

ويقول النجار: "نسعى من خلال وضعهم في المدارس الابتدائية إلى دمجهم مع زملائهم، كما نأمل تقدمهم إلى مراحل جيدة لنقلهم إلى مدارس الابتدائية، وحققنا نجاحاً في نقل طالبين كانا يعانيان من إعاقات ذهنية، إلى المدرسة للالتحاق في الصف الأول والثاني الابتدائي".

ويرى النجار، أن تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة يحتاج إلى طرق وأساليب حديثة للتدريس، ويقوم هذا التعليم على أسس تربوية ونفسية واجتماعية، تسهم في عودته إلى حالته الطبيعية. لكن غياب المناهج المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة والوسائل التعليمية، يكون عثرة أمام المتعلمين في سرعة التعلم والتناغم مع البيئة التعليمية الجديدة.

من جهته يقول صهيب بكور، وهو مدير مدرسة ابتدائية في المدينة، لـ موقع تلفزيون سوريا: "إن مراكز التعليم الخاص لا تؤدي دورها بشكل كامل، بسبب افتقارها إلى البيئة الصفية المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، ويجب تجهيز مركز خاص بهم وعزلهم تماماً عن المدارس التعليمية الأخرى، لمنحهم حقوقهم التامة من التعلم، ووجود تلاميذ يعانون من إعاقة يؤثر بشكل سلبي على الطلاب، والعكس صحيح، بسبب احتكاكهم التام في المدرسة".

وأضاف بكور، أن مراكز التعليم الخاص التي افتتحت في المدارس الابتدائية، لا تستقبل جميع أنواع الإعاقات، بل تقتصر على الإعاقات الذهنية فقط، وهو الأمر الذي يجعل هؤلاء الذين يعانون من إعاقات جسدية وغيرها منسيين، لذلك يجب تخصيص مركز خاص بهم لاستقبال جميع الإعاقات والوقوف إلى جانبهم، مع مراعاة فرز أنواع الإعاقات بحيث لكل نوع إعاقة قسم مخصص.

وتبدو المعوقات والتحديات كثيرة أمام العاملين في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، لا سيما مع غياب المناهج والوسائل التعليمية الخاصة بهم، ولا بد من عزلهم ووضعهم في أماكن مخصصة بهم للحصول على حقوقهم التامة في التعلم وعدم التعرض للأذى من قبل التلاميذ الأصحاء في المدارس الابتدائية.

اقرأ أيضاً.. ما حال ذوي الاحتياجات الخاصة في سوريا في يومهم العالمي؟

وتأتي هذه التحديات في ظل أوضاع اقتصادية سيئة ومعاناة قاسية يعيشها النازحون والمهجّرون في الشمال السوري ومخيّماته، ما يزيد المعاناة بشكل أكبر على ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين أُقعِدوا وفقدوا أجزاء مِن أطرافهم، بفعل الحرب التي يشنّها نظام الأسد وداعموه على الشعب السوري، منذ أكثر مِن 9 سنوات.