icon
التغطية الحية

تعرف إلى 23 بنداً وسؤالًا تضمنتها ورقة "التسوية" بدرعا

2018.07.22 | 14:07 دمشق

مدني من ريف حمص الشمالي يبصم على ورقة "تسوية" مع النظام (إنترنت)
تلفزيون سوريا - درعا - قطيفان الأحمد
+A
حجم الخط
-A

كشفت مجموعة من الأوراق التي أُعدت لمن قرر البقاء في جنوب سوريا وإتمام عملية "التسوية" مع قوات النظام، عن أن الاتفاقيات التي أبرمتها فصائل المعارضة عمومًا مع الجانب الروسي، هي اتفاقيات استسلام وليست "تسوية" كما يُراد الترويج لها.

يمضي ويبصم كل من قرر البقاء في ظل المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام في محافظتي درعا والقنيطرة، على وثيقة "عهد وتعهد" تحمل أحد عشر بُندًا، تُلزم صاحبها بعدم القيام بأي مظاهرات أو التلفظ بأي عبارات أو كتابة أي منشورات مناهضة للنظام ومؤسساته العسكرية، وتحظر على الموقّع عدم استخدام الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي فيما يخل بأمن النظام.

 

تجنيد عملاء ومخبرين

وبعد سرد ستة بنود تقيد من الحرية الشخصية وحرية الرأي والتعبير بشكل كامل، يحظر النظام في أربعة بنود منفصلة حيازة وحمل الأسلحة واستخدامها بكل الأشكال الخارجة عن سلطته، أما البند الأخير فهو بمثابة تجنيد للعملاء والمخبرين، فهو يفرض على الموقع إبلاغ أجهزة النظام الأمنية بما يهدد النظام ومؤسساته، وأخيرًا تعتبر هذه "الوثيقة" أن إخلال موقّعها بأي بند مما ذكر هو بمثابة إلغاء لـ "التسوية" وما قد يترتب على ذلك من ملاحقة قانونية.

تعكس هذه "الوثيقة"، الهواجس والمخاوف التي يعيشها النظام وأجهزته الأمنية والعسكرية، والتي على الرغم من تحول الثورة إلى العمل العسكري لعدة سنوات، إلا أن المظاهرات وحرية التعبير مازالت تؤرق النظام حتى الآن، ما دفعه لإفراد ستة بنود لتقييدها بالكامل، وقدَّمها على أربعة أخرى اختصت في الأسلحة والمتفجرات وحيازتهما أو تداولهما، ما يعكس الحقيقة المطلقة لما حصل في سوريا منذ انطلاق الثورة في العام 2011، التي بدأت سلمية، تنادي بالحرية والعيش المشترك، قبل أن ينجح النظام في جرها إلى المواجهة العسكرية، الملعب الذي أثبت النظام وحلفاؤه أنهم يجيدون اللعب فيه، أكثر بكثير من مواجهة المظاهرات الشعبية السلمية.

 

استجواب مفصّل

بعد التوقيع على "وثيقة العهد والتعهد"، تبدأ الطامة الكبرى، بعدما كشفت الأوراق التي تم نشرها، عن محضر تحقيق وإفادة يتم طرحها على المتقدم إلى "التسوية"، يُستجوب في السؤال الأول عن هويته وبياناته الشخصية، ثم يبدأ التحقيق من السؤال الثاني عن دوره ومشاركته "بأعمال التظاهر والشغب والعمل الإرهابي المسلح"، فيما يبدو أن النظام قد حسم موقفه من كل من سيجري "التسوية" أنهم من المتورطين بالقتال ضده، متجاهلًا وجود الآلاف من المطلوبين لأجهزته الأمنية دون سبب أو بتقارير كيدية غير صحيحة، أو من المعارضين السلميين له، الذين لم ينخرطوا في أي أعمال تخريب أو مظاهر مسلحة.

السؤالان الثالث والرابع، يتم التحقيق مع المتقدم إلى "التسوية" بكل ما يعرفه من معلومات عن "الفصائل الإرهابية المسلحة" كما ورد في ضبط التحقيق، والمقصود بها فصائل المعارضة عمومًا، من أسماء القادة والمقار ومستودعات الأسلحة والمواد المتفجرة.

 

الهجمات الكيميائية حاضرة

أما السؤال الخامس، فهو يمثل محاولة من النظام لتبرئة نفسه وقواته من استخدام الأسلحة الكيماوية على مدار السنوات الماضية، وإلصاقها بفصائل الثورة السورية، حيث يفترض السؤال استخدام الفصائل للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين وقوات النظام وحيازتها لها، ويُطلب من المتقدم إلى "التسوية" تقديم المعلومات حول هذه الحوادث وأماكن تخزين المواد الكيماوية، ويمثل هذا السؤال، مع ما يتيح لقوات النظام من تزوير للإفادة أو ممارسة الضغوط على من يتم استجوابه، وما قد يترتب على هذا الأمر من استخدام لهذه الشهادة في المحاكم والمحافل الدولية في جملة مساعي النظام لتبرئة نفسه من جريمة استخدام الأسلحة الكيماوية.

 

سؤال عن الاستخبارات الأجنبية

ينتقل التحقيق في الأسئلة التالية إلى عملية استخبارية بحتة، يتم من خلالها تحويل المتقدم بطلب "التسوية" إلى مخبر لصالح أجهزة النظام الأمنية، يقدم المعلومات عن أقاربه والمقاتلين والناشطين الإعلاميين والمدنيين، وبشكل خاص المقيمين في مناطق سيطرة قوات النظام، مع ما يحمله هذا الأمر من تبعات خطيرة قد تؤدي إلى حملات اعتقال جديدة، وكذلك يطلب التحقيق الحصول على معلومات حول المقاتلين من الجنسيات غير السورية وأماكن وجودهم وعن الأسرى والمختطفين من العسكريين والمدنيين.

وكذلك يفترض التحقيق في السؤال العاشر، وجود ضباط وعناصر استخبارات غير سورية كانت تقوم بمهام تقديم الدعم لفصائل المعارضة، ويُطلب من المحقَق معه تقديم المعلومات عنها، وكذلك يُطلب في السؤال الحادي عشر تقديم معلومات حول أماكن توزع الأنفاق داخل المدن، فيما يظهر أن هذا السؤال قد تم إعداده مسبقًا لعملية التسوية التي تمت في الغوطة الشرقية مطلع العام الجاري، أكثر منه للمنطقة الجنوبية، والتي قد يُحصر استخدام الأنفاق فيها بأحياء درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا في مدينة درعا.

 

يطلب التحقيق في السؤال الأخير، الإفادة بأرقام الجوالات والحسابات الإلكترونية للمحقق معه، ما يشير إلى إمكانية التجسس عليها مستقبلًا، أو ربطها بمعلومات سابقة لدى أجهزة النظام الأمنية.

 

أحد عشر بندًا للتعهد، واثنا عشر سؤالًا في محضر الإفادة والتحقيق، تمثل استسلامًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتجنيدًا مباشرًا وغير مباشر وتقديم بنك من المعلومات لصالح أجهزة النظام الأمنية، وما قد يترتب عليها من تداعيات مستقبلية على من أجرى عملية "التسوية" أو أي شخص آخر مرتبط به، كما تضعه تحت تهديد إلغاء "التسوية" في أي لحظة تظن أجهزة النظام الأمنية أن هناك إخفاء أو نقصاً في المعلومات المقدمة إليها، ما يطرح السؤال، عن طبيعة المفاوضات التي خاضتها فصائل المعارضة مع الجانب الروسي وأفضت إلى اتفاقيات عدة في المنطقة الجنوبية، اعتبرت فصائل المعارضة أن عملية "التسوية" جزء رئيسي فيها، لكن النتيجة التي كشفتها هذه العملية هي أن ما تم التوصل إليه ليس اتفاقاً لـ "التسوية"، بل هو "استسلام بنكهة التسوية".