icon
التغطية الحية

تطبيع وتلميع: إيطاليا تحتفي مع أسماء الأسد بالمهن اليدوية عبر مجسم لوردة دمشقية

2023.07.10 | 06:37 دمشق

مجسم الوردة الدمشقية في إيطاليا
مجسم الوردة الدمشقية في إيطاليا
Belta
+A
حجم الخط
-A

بعد ظهورها بفستان بسيط وإطلالة عفوية وهي تقطف الورود مع النساء بريف دمشق سعياً منها لتلميع صورة زوجها ونظامه، عادت أسماء الأسد للعب دورها في العلاقات العامة بطريقة مشابهة، ومن خلال وردة أيضاً، لكنها هذه المرة أتت على شكل مجسم سيعرض في الحدائق الملكية بمدينة تورينو الإيطالية.    

إذ تحت شعار: "تكريم الصناعات اليدوية التقليدية السورية والاحتفاء بها"، وضمن فعاليات أيام "الوردة الدمشقية من سوريا إلى تورينو" التي نظمتها هيئة المتاحف الملكية بتورينو بالشراكة مع الأمانة السورية للتنمية التي تديرها أسماء الأسد، بالتعاون مع منظمة سانتاغاتا للاقتصاد الثقافي، يعرض مجسم فني للوردة الدمشقية في الحدائق الملكية بإيطاليا.

وبحسب ما أوردته الوكالة البيلاروسية للأنباء، فإن تصميم المجسم يهدف إلى الاحتفاء بالحرفيين السوريين وتقدير مهاراتهم الفنية، وتسليط الضوء على جمال منتجاتهم التراثية ودقة صناعتها، ولقد اختيرت الوردة الدمشقية لتمثل قوام هذا المجسم نظراً لمكانتها في الثقافة السورية، كونها تجمع بين المرونة والجمال والاعتماد المتبادل بين أشكال عديدة من الفنون والمهن التقليدية في سوريا والتي يتألف منها هذا المجسم الذي يضم ست مهن تقليدية قديمة، بما يتيح للزائر القادم إلى الحدائق الملكية التفكير بمدى دقة تفاصيل تلك الصناعات، واستخدمت لصناعة هذه المجسم مواد كثيرة تعكس السمات المميزة لأوراق الوردة الدمشقية وبشكل يعبر عن تميز المهن اليدوية السورية وحالتها الإبداعية.

ست حرف في مجسم واحد

أول حرفة من تلك الحرف اليدوية التي تظهر في مجسم الوردة هي حرفة التطعيم بالصدف التي اشتهرت بها دمشق، والتي ظهرت منذ القرن التاسع عشر وما تزال موجودة حتى يومنا هذا.

أما الحرفة الثانية فهي مهنة النقش على النحاس، وتعود للقرن الثاني قبل الميلاد، وقد انتشرت في بقاع كثيرة بسوريا، فصار هنالك سوق للنحاسين بدمشق وحلب وحمص وحماة ودير الزور.

تأسست أسواق النحاسين قبل مئات السنين بما أن السوريين كانوا يعتمدون على النحاس الذي كان يصنع ويشكل ليتحول إلى أدوات للمطبخ وطاولات وغيرها من لوازم البيت، وكان الحرفيون المتخصصون بالنحاس يستوردون صفائح النحاس من الخارج ويطرقونه في محالهم وورشاتهم ليصنعوا منه أدوات نحاسية مختلفة الأشكال.

زين المجسم أيضاً بحرفة صناعة القش التي تعتبر من أهم وأجمل الصناعات التقليدية التي يتوارثها الأجيال كابراً عن كابر في الريف السوري، إذ تسعى النسوة لتعليم بناتهن هذه الحرفة، كونها تؤمن لهن ما يلزمهن من أدوات منزلية، بما أن المواد الأولية متوفرة وعلى رأسها القمح أو الشعير.

ولمهنة الزجاج المعشق مكانتها وسط مجسم الوردة الدمشقية، إذ تعود هذه الصناعة لأيام الفينيقيين بسوريا والذين نقلوها إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، فلقد ظهرت مراكز لصناعة الزجاج المعشق في سوريا في القرن التاسع قبل الميلاد وبعدها تطورت تلك العملية.

كما ازدهرت عمليات نفخ الزجاج في الساحل السوري خلال الحكم الإسلامي، وتطورت خاصة في دمشق، وبقيت تمارس يدوياً هناك ومنها انتقلت إلى مختلف المدن السورية، وبعدها ظهرت حرفة الرسم على الزجاج وتحولت إلى إضافة في عالم الزجاج التقليدي، وتعود تلك الحرفة إلى القرن العاشر الميلادي، واشتهرت بها حلب ودمشق على وجه الخصوص في القرن الثالث عشر للميلاد، وتبرز خبرة الرسام ودقته من خلال نقوشه التي يزين بها الزجاج.

والمهنة اليدوية الخامسة التي ستزين هذا المجسم هي مهنة التطريز الدمشقي، إذ تعود تلك الصناعة لأكثر من خمسة قرون في دمشق، وقد حظيت بشهرة طبقت الآفاق.

وأخيراً تأتي حرفة التخطيط العربي والتي تعتبر أهم وسيلة للتقدم والتمدن، كما أنها من أصعب الفنون وأشدها دقة، وتجمع بين عبقرية الزخرفة العربية التي تضفيها الأيدي الماهرة المبدعة وهي تمارس هذا الفن، وبين توقد الذهن بالابتكار في أثناء رسم النقوش الفنية التزيينية من خلال صنعة تتسم بالكمال والجمال.

تعبير عن "التجانس" بعرف النظام

في تصريح لوكالة سانا الرسمية، ذكرت ريم صقر وهي الخبيرة الاستشارية لدى الأمانة السورية للتنمية بأنه من خلال انتقاء هذه الحرف اليدوية الست، يسعى الحرفيون السوريون لخلق نسيج متجانس للتراث والتقاليد السورية عبر الأشغال اليدوية التي تؤكد مدى مهارة الحرفي الذي صنعها، كما يعبر ذلك عن غنى التنوع الثقافي السوري، والتميز الفني لكل حرفة.

خطوة  أخرى على طريق التقارب.. ثم التطبيع

يذكر أن إيطاليا كانت أول دولة أوروبية تسعى للتطبيع مع نظام الأسد، إذ أعلنت منذ فترة قريبة بأنها ستعيد تقييم الوضع في سوريا تمهيداً لإعادة فتح سفارتها في دمشق، كما سارعت لإرسال قافلتي مساعدات إلى النظام في سابع أيام الزلزال عبر لبنان، فضلاً عن توقيع اتفاقية بين الهلال الأحمر والوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي (AICS)، ولا يقتصر الأمر على هذه الوكالة فحسب، إذ إن منظمة "إنترسوس" الإيطالية تعمل هي الأخرى بالشراكة مع الهلال الأحمر، ما يعكس حجم التقارب بين البلدين خاصة بعد ترؤس جورجيا ميلوني للحكومة الإيطالية عام 2022.

جدير بالذكر أن اليمين المتطرف في إيطاليا يعتبر النظام السوري حامي المسيحيين في الشرق الأوسط، وبأنه يخوض حرباً ضد "الإرهاب والتطرف الإسلامي" برأيه، ولذلك ظهرت رئيسة الحكومة ميلوني قبل توليها لمنصبها لتعلن عن تأييدها لبقاء بشار الأسد في السلطة ودعمها له إلى جانب تأييدها لبقاء حليفه الروسي وميليشيات إيران وحزب الله ضمن الخريطة السورية.

ومع تمسك الاتحاد الأوروبي بموقفه الرافض للتطبيع مع الأسد، تحاول ميلوني أن تسلك في سياساتها الخارجية مسلكاً لا يتعارض كثيراً مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن عدم تطبيق الدول الأوروبية لكامل قرار مجلس الأمن رقم 2254 يثير تساؤلات كبيرة حول قدرة إيطاليا على اتخاذ خطوات جدية وواضحة في تطبيعها مع النظام السوري.

تأتي هذه الخطوة التي بادرت بها أسماء الأسد عبر الأمانة السورية للتنمية التي أنشأتها منذ عام 2001 والتي تعرفها ويكيبيديا بأنها "مؤسسة سورية غير حكومية وغير ربحية تعمل من أجل تمكين المجتمعات والأفراد إضافة إلى إشراكهم في الأعمال التنموية حتى يستطيعوا أداء دورهم الكامل في بناء المجتمع وصياغة المستقبل"، بعد هيمنة هذه المؤسسة على التكية السليمانية بدمشق والتي تعتبر من أعرق وأقدم أسواق الحرف اليدوية بسوريا.