icon
التغطية الحية

تضارب المصالح بين تركيا وروسيا يطفو على السطح.. ما نقاط الخلاف في الملف السوري؟

2023.07.12 | 06:48 دمشق

العقدة الأساسية بين تركيا وروسيا في الملف السوري تتمثل بعدم إحراز تقدم في تفاهمات سوتشي - رويترز
العقدة الأساسية بين تركيا وروسيا في الملف السوري تتمثل بعدم إحراز تقدم في تفاهمات سوتشي - الأناضول
 تلفزيون سوريا - خاص
+A
حجم الخط
-A

تتالت المؤشرات على التضارب بين المصالح التركية والروسية، والتي كان آخرها موافقة الرئاسة التركية على إحالة مسألة انضمام السويد الواقعة على بحر البلطيق إلى البرلمان التركي من أجل التصديق على القرار.

وفي 8 تموز الجاري، احتج الكرملين الروسي بشكل رسمي على سماح تركيا لقادة كتيبة آزوف الأوكرانية بالعودة إلى بلادهم، برفقة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي كان في زيارة إلى أنقرة، بعد إفراج موسكو عن قادة الكتيبة بموجب صفقة تبادل أسرى تمت برعاية تركيا، وتنص على بقاء الأسرى الأوكران في إسطنبول وعدم عودتهم للمشاركة في القتال.

من جهة أخرى حمل المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف تركيا مسؤولية عدم تطبيع العلاقات بين أنقرة والنظام السوري، معتبراً أن الوجود العسكري التركي في سوريا من ضمن المصاعب التي تعيق عمليات التطبيع، لتنضم موسكو بهذا التصريح إلى كل من النظام وإيران في ابتداء الاستياء من الانتشار العسكري التركي على الأراضي السورية.

"طعنة في الضهر"

وقال رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي فيكتور بونداريف، الإثنين، إن تركيا "تتحول إلى دولة غير صديقة بعد اتخاذها سلسلة من القرارات الاستفزازية".

ونقلت وكالة "تاس" الروسية عن بونداريف أن "الأحداث التي شهدتها الأسابيع الماضية، للأسف، تظهر بوضوح أن تركيا مستمرة بشكل تدريجي وثابت في التحول من دولة محايدة إلى دولة غير صديقة لأنها اتخذت سلسلة من القرارات الاستفزازية".

وعن تأييد تركيا محاولة أوكرانيا الانضمام إلى الناتو  والسماح لقادة "كتيبة آزورفستال"بالعودة إلى أوكرانيا قال فيكتور بونداريف: "مثل هذا السلوك لا يمكن وصفه بأي شيء سوى طعنة في الظهر".

الخلاف الروسي التركي في الملف السوري

قالت مصادر مطلعة لموقع "تلفزيون سوريا"، إن العقدة الأساسية بين تركيا وروسيا في الملف السوري تتمثل بعدم إحراز تقدم جديد في التفاهمات بموجب اتفاقية سوتشي الموقعة أواخر عام 2019، والمذكرة الملحقة في آذار 2020، والتي تنص على التزام روسيا بإبعاد التنظيمات التي تصنفها أنقرة إرهابية من الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا، على أن تعمل تركيا على تأمين الطريق الدولي "M4" وإبعاد الفصائل من على جانبيه بعمق 6 كيلومترات.

وبحسب المصادر، فإن روسيا تتبنى رؤية مختلفة عن تركيا بخصوص تطبيع العلاقات مع النظام السوري، حيث تدفع موسكو باتجاه إنجاز خطوات سياسية مثل فتح السفارات بين الجانبين، وعقد لقاء بين الرئيس رجب طيب أردوغان وبشار الأسد، لكن ترى أنه يجب الانطلاق من التوافق على خطة مشتركة لمكافحة الإرهاب، تتضمن انخراطاً جدياً من النظام السوري في محاربة "حزب العمال الكردستاني وامتداداته السورية".

زيادة تنسيق تركيا مع حلف الناتو على حساب مصالح روسيا

سبق أن دعمت تركيا قبل عدة أشهر انضمام فنلندا القريبة من الحدود الروسية إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، قبل أن تدعم انضمام السويد إلى الحلف.

وفي مطلع حزيران الماضي استجابت تركيا لمطالب حلف شمال الأطلسي، وأرسلت كتيبة عسكرية من القوات الخاصة إلى منطقة كوسوفو، كما تدخلت أنقرة لنزع فتيل أزمة كانت وشيكة في البلقان، بعد تصعيد الصرب ضد الشرطة الكوسوفية ومهاجمة قوات "الناتو" المتمركزة هناك، بسبب اعتراضهم على نتائج الانتخابات البلدية شمالي البلاد.

وأفادت مصادر خاصة لموقع "تلفزيون سوريا"، بأن روسيا استاءت من تدخل تركيا ونزعها لفتيل الأزمة، مستفيدة من علاقاتها الإيجابية مع كل من صربيا وكوسوفو، إذ كانت تستعد موسكو لدعم الصرب وتغذية التوتر بشكل أكبر، في محاولة لخلق بؤرة صراع جديدة تخفف من تركيز الدول الغربية على أوكرانيا.

ولا تنظر روسيا بعين الارتياح إلى توسع النفوذ التركي في أوروبا الشرقية على اعتبار أن تركيا تتحرك في بعض الأحيان كجزء من حلف الناتو، على غرار صربيا التي تشهد العلاقات بينها وبين أنقرة تطوراً مستمراً، حيث ازداد التبادل التجاري مع نهاية عام 2021 بنسبة 33 في المئة بين الجانبين.

مواقف تركية متباينة في أوكرانيا

تسعى تركيا لاتخاذ موقف متوازن بين الغرب وروسيا في الحرب الأوكرانية، لكنها لا تتردد في التعبير عن موقفها الداعم لأوكرانيا ووحدة أراضيها وعدم الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم ودونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، كما أعلن أردوغان خلال استقباله زيلينسكي مطلع تموز الجاري دعمه لمطلب كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

وسبق أن أيدت تركيا مطلع عام 2023 خطة السلام الذي طرحها رئيس أوكرانيا لإنهاء الحرب، والتي تتضمن عودة وحدة الأراضي الأوكرانية، أي انسحاب روسيا من الأراضي التي ضمتها في وقت سابق، الأمر الذي استدعى رداً من الكرملين والتأكيد على عدم الاتفاق مع تركيا بخصوص أوكرانيا.

ولا ترحب تركيا بحدوث خلل في التوازن بمنطقة البحر الأسود، عبر توسع روسيا على حساب أوكرانيا المتحالفة مع أنقرة.

وعلى الرغم من الخلافات التركية – الروسية التي طفت مؤخراً على السطح بين الجانبين، فإن هذا لن يمنع من عملهما على إدارة هذه الخلافات بحكم المصالح المتبادلة، لكن المؤكد أن علاقة الشراكة التي تطورت باستمرار منذ عام 2016 ستخضع لموازين قوى جديدة فرضتها الحرب الروسية – الأوكرانية وما نتج عنها من زيادة حاجة روسية للعلاقة مع تركيا وتراجع قدرتها على الضغط على تركيا في ساحات دولية مهمة مثل سوريا وليبيا.