icon
التغطية الحية

تصنيف "التوحيد والجهاد" منظمة إرهابية يثير جدلاً بين الجهاديين في إدلب

2022.03.13 | 06:25 دمشق

thumbnail_abw_slah_alawzbky.jpg
أبو صلاح الاوزبكي (Wikimedia Commons)
+A
حجم الخط
-A

أثار إعلان الولايات المتحدة الأميركية تصنيف كتيبة "التوحيد والجهاد" في إدلب شمال غربي سوريا جماعة "إرهابية" جدلاً واسعاً بين الجهاديين، وطرح تساؤلات عديدة حول توقيت التصنيف واستهدافه لجماعة جهادية من المفترض أنها معادية لروسيا التي تحشد ضدها أميركا ودول الاتحاد الأوروبي بسبب غزوها أوكرانيا.

 والجماعة المصنفة مؤخراً هي جزء من المكونات الجهادية الأجنبية في صفوف "هيئة تحرير الشام" المصنفة أصلاً وفي وقت سابق على قوائم "الإرهاب". ويتضمن الإعلان الأميركي إدراج الكتيبة أيضًا ضمن قائمة عقوبات مجلس الأمن الخاصة بتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وتنظيم "القاعدة"، وذلك بحسب بيان نشرته وزارة الخارجية الأميركية، الإثنين 7 آذار الجاري.

كتيبة التوحيد والجهاد

يشكل الجهاديون الأوزبك الغالبية العظمى في جماعة التوحيد والجهاد، ويليهم من حيث العدد الجهاديون الطاجيك، وتضم الكتيبة أيضا جهاديين من عدة دول في آسيا الوسطى التي كانت جزءا من الاتحاد السوفييتي السابق، وانضمت الكتيبة إلى صفوف تحرير الشام في العام 2015، وقامت الأخيرة بتنظيمهم إدارياً في صفوف لواء "أبو عبيدة بن الجراح" الذي يتركز انتشاره في منطقة جسر الشغور وفي منطقة المرتفعات الجبلية في ريف اللاذقية الشمالي. ويعدّ الأوزبك من الجهاديين المتمرسين في القتال.

لوحظ النشاط الكبير للكتيبة في العام 2021 ومطلع العام 2022، وذلك من ناحية استقبالها لمتطوعين جدد قدموا من صفوف تنظيمات جهادية فككتها تحرير الشام خلال العامين الماضيين، ففي شهر تموز 2021 جرى تخريج 16 جهادياً من الأوزبك انتسبوا إلى صفوف الكتيبة، وخرجت الكتيبة دورتين تدريبيتين لمتطوعين جدد في الربع الأخير من العام 2021، وعملت الكتيبة على تطوير المهارات القتالية لعناصرها، وتركز في تدريباتها على اختصاصات عسكرية معينة، أهمها تكتيكات القتال الليلي، والقتال خلف خطوط العدو، وسلاحي القناصة والهاون، وقد قامت قيادة الكتيبة بداية شهر آذار 2022 بتنظيم حفل تكريم لعدد من عناصرها المتميزين في سلاح القناصة.

وحصلت الكتيبة على دعم جيد قدمته تحرير الشام، ويتضمن معدات رؤية ليلية وأسلحة قناصة وسترات حماية، وكان للكتيبة بصمة واضحة في عمليات القنص التي ركزت عليها تحرير الشام كتكتيك متبع في عمليات الرد على قصف قوات النظام والميليشيات الموالية لها في جبهات محيط إدلب، وكان لهذا التكتيك أثر بالغ في ميزان القوة بين طرفي القتال، وذلك من ناحية تقييد تحركات قوات النظام في منطقة العمليات وإيقاع خسائر كبيرة في صفوفها، ومنع عمليات التسلل، ونفذت الكتيبة منتصف العام 2021 عمليتي تسلل في جبهات شرقي إدلب تمكنت خلالهما من قتل 10 عناصر على الأقل، بينهم ضباط من قوات النظام.

حاولت تحرير الشام إبعاد كتيبة التوحيد والجهاد عن خطر التصنيف، وذلك من خلال عدة خطوات، أهمها، عزل زعيم الكتيبة، سراج الدين مختاروف ومعه قادة آخرون في العام 2020

العملية الأهم جرت فجر يوم 6 آب 2021، حيث تسلل ثلاثة جهاديين أوزبك يتبعون للكتيبة نحو موقع لقوات النظام في قرية حنتوتين بريف إدلب الجنوبي الشرقي، لكن تحرير الشام لم تعلن عن العملية رسمياً ولم تتبن الهجوم، وفي ذلك الحين نعت صفحات محلية موالية للنظام النقيبين ميلاد نمور ومقداد عيسى، اللذين قتلا في جبهات إدلب، و ذكر حساب WarJournal الروسي في تلغرام في 7 آب 2021، أنه قُتل أربعة عناصر وضابطان من قوات النظام وجُرح ستة آخرون، في حين قُتل ثلاثة من العناصر المهاجمين، وهم من كتيبة التوحيد والجهاد، ونشر الحساب صورتين أظهرتا صور ثلاثة عناصر قُتلوا وحولهم عدد من عناصر النظام.

"ترويض" الكتيبة

في حزيران 2021 اقتحم عدد من عناصر كتيبة التوحيد والجهاد متحف إدلب وحطموا عدداً من التماثيل والمقتنيات الأثرية داخله، وكان السبب وراء الهجوم الذي بدا انفعالياً هو ما تم تداوله في الأوساط الجهادية المناهضة لتحرير الشام من منشورات تحريضية وذلك خلال الأيام القليلة التي سبقت الهجوم على المتحف، وتضمنت المنشورات صوراً وتسجيلات مرئية لرحلات وزيارات مدرسية إلى المتحف الذي قيل بأن إدارته تمجد الأصنام وتنشر الشرك بالله بين الأطفال في إدلب، وذلك بإشراف تحرير الشام، ومنذ ذلك الحين عملت الأخيرة على ترويض العناصر المنفلتة داخل الكتيبة وعاقبت المهاجمين.

حاولت تحرير الشام إبعاد كتيبة التوحيد والجهاد عن خطر التصنيف، وذلك من خلال عدة خطوات، أهمها، عزل زعيم الكتيبة، سراج الدين مختاروف ولقبه "أبو صلاح الأوزبكي" ومعه قادة آخرون في العام 2020، ومن أبرزهم أبو طلحة الطاجيكي وجند الله الأوزبكي، وينحدر مختاروف من قرغيزستان، وهو ملاحق من قبل الإنتربول الدولي بتهمة هجمات "إرهابية" وتزوير وعبور الحدود بطرق غير شرعية، ويعد العقل المدبر لهجوم ميترو سان بطرسبرغ في روسيا، في 3 نيسان 2017، الذي أسفر عن مقتل 16 شخصًا، وأصدرت محكمة في موسكو مذكرة اعتقال غيابية بحقه.

وقد مهدت تحرير الشام لعزل مختاروف بعد أن اتهمته بقطع الطرق وبأنه مسؤول عن عمليات اختطاف و"احتطاب" في إدلب، ووضع مختاروف وباقي القادة المعزولين تحت تصرف الجناح العسكري في تحرير الشام إلى حين البت في التهم الموجهة لهم، ومنعوا من الانضمام إلى أي تنظيم عسكري آخر خارج تحرير الشام، لكن مختاروف وجماعته تمكنوا من الفرار والتجؤوا إلى "جبهة أنصار الدين" التي أعلنت ضمه إلى صفوفها، وهو ما أزعج تحرير الشام التي تمكنت من اعتقاله بعد فترة قصيرة، والذي دام لأكثر من 10 أشهر، وأطلق سراحه في آذار من العام 2021 ليعود مجدداً ويحتمي بأنصار الدين.

 دواعي التصنيف

أثار تصنيف الولايات المتحدة الأميركية كتيبة التوحيد والجهاد استغراب الأوساط الجهادية في إدلب، فأميركا سبق أن أزالت الحزب الإسلامي التركستاني من التصنيف خدمة لصراعها مع الصين، ومن باب أولى أن تفعل المثل مع الجماعات الجهادية المعادية لروسيا والتي وصل معها العداء أوروبياً وأميركياً إلى حدوده القصوى مؤخراً بسبب الحرب الأوكرانية.

حسين عمر وهو جهادي محسوب على التيار المناهض لتحرير الشام، قال في تلغرام: "إزالة الحزب التركستاني من قائمة الإرهاب حصل من دون أن تغير الجماعة من نهجها، وهنا ندرك أن هذه التصنيفات، علاقتها بمصالح الدولة المُصنِّفة أكبر بكثير من علاقتها بطبيعة وسلوك الجماعة المُصنَّفة، كذلك تتضح من خلال هذه التصنيفات طبيعة صراع أميركا ضد كل من الصين وروسيا، ونياتها في التعامل مع كل طرف، ويُفهم من هذا السلوك أن أميركا لا تريد أي اضطرابات في آسيا الوسطى".

يرى الجهاديون أنه ليس من مصلحة أميركا إضعاف النفوذ الروسي في آسيا الوسطى في الوقت الحالي وذلك برأيهم سيعني بالضرورة نشوء فراغات أمنية في المنطقة والتي قد تسعى الصين أو حتى تركيا لملئها، ويعتقدون بأن هذه السياسة كانت واضحة في التعاطي الأميركي مع التدخل العسكري الروسي في سوريا، أو مع ما حصل في كازاخستان مؤخرًا، أو في أماكن أخرى.

قال الباحث في الشأن السوري محمد السكري لـ موقع تلفزيون سوريا إن "سبب تصنيف الكتيبة لا يعود لتداخلات الملف الأوكراني مع روسيا، غالباً القرار يندرج ضمن الجهود الأميركية لقبول تحرير الشام كسلطة أمر واقع وتدعيم مساعي الأخيرة في عمليات التحول، وتطهير صفوفها وتفريغها من الجماعات الأجنبية التي قد يشكل وجودها عائقاً أمام أي محاولة لإعادة النظر في تصنيف تحرير الشام، وهي سياسة تهدف عموماً إلى تقليل نفوذ المجموعات غير السورية في المنطقة على حساب أخرى محليَة، مع تحوّل تحرير الشام لطرفٍ محلي يكافح الإرهاب الذي تخشاه واشنطن ما يعني الدفاع عن المصالح الأميركية".