icon
التغطية الحية

ترحيل 100 شخص يومياً.. هل بدأت تركيا سياسة جديدة تجاه السوريين؟

2023.07.15 | 05:13 دمشق

الحدود السورية التركية
تُرحّل السلطات التركية السوريين إلى الشمال السوري عبر 3 منافذ حدودية رئيسية هي باب الهوى وباب السلامة وتل أبيض - EPA
إدلب - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

تصاعدت عمليات ترحيل اللاجئين السوريين من تركيا إلى مناطق الشمال السوري خلال الأسابيع الماضية، ليبلغ عدد المرحّلين يومياً عبر المنافذ الحدودية نحو 100 شخص، في وقت يؤكد فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستتخذ خطوات إضافية لمنع الهجرة غير النظامية، وأن المواطنين الأتراك سيشعرون بالتغييرات الواضحة في قضية المهاجرين غير الشرعيين خلال وقت قصير.

تأتي حملات الترحيل، تزامناً مع تأكيد وزير الداخلية التركي "علي يرلي كايا" أن بلاده تكافح المهاجرين غير النظاميين، مضيفاً أنه "أصدر تعليماتٍ لملاحقة المهاجرين غير النظاميين في عموم تركيا، وأن أعدادهم ستنخفض بشكل ملحوظ خلال 4 أو 5 أشهر.

وتستهدف الحملة الأجانب الذين دخلوا إلى تركيا بطرق غير قانونية ويقيمون ويعملون فيها من دون تصريح رسمي، كما أنها تشمل جميع الولايات التركية وليس إسطنبول فقط، وبحسب الوزير، فإن كل شخص يُضبط في إطار الحملة يُحوّل إلى إدارة الهجرة بهدف إصدار قرار الترحيل كما يمنع مستقبلاً من دخول تركيا.

ترحيل 100 شخص يومياً

تُرحّل السلطات التركية السوريين إلى الشمال السوري عبر 3 منافذ حدودية رئيسية، وهي باب الهوى، وباب السلامة، وتل أبيض، ويصل عدد المرحّلين يومياً إلى نحو 100 شخص.

ووصل عدد المرحّلين من تركيا عبر بوابة تل أبيض الحدودية باتجاه منطقة "نبع السلام" 127 شخصاً خلال يوم الخميس الماضي، و75 شخصاً خلال يوم الأربعاء، وفقاً لما أكدته مصادر رسمية في المنطقة لموقع تلفزيون سوريا.

وحصل موقع تلفزيون سوريا على إحصائيات تفيد بترحيل 552 شخصاً من تركيا عبر معبر تل أبيض فقط، منذ مطلع تموز وحتى يوم الأربعاء الماضي، في حين بلغ عدد المرحلين عبر المعبر نفسه خلال شهر نيسان 838 شخصاً، و966 في شهر أيار، و1538 في شهر حزيران الماضي.

ووفق الإحصائيات التي ينشرها معبر باب الهوى شمالي إدلب، بلغ عدد المرحلين عن طريقه من تركيا خلال النصف الأول من العام الجاري 6,307 أشخاص، في حين أن معبر باب السلامة يدمج عدد المرحلين من تركيا مع العائدين "طوعياً".

ويتعرض عدد من المرحلين للضرب والإهانة في مراكز الترحيل في الجنوب التركي قبل الوصول إلى شمالي سوريا، وقالت مصادر محلية في تل أبيض إن أحد الأشخاص أصيب بأزمة قلبية بعد ترحيله من تركيا يوم الثلاثاء الماضي.

ويعاني المرحلون من صعوبات كبيرة في إيجاد مأوى لهم، خاصة أن معظمهم ليس لديهم أقارب أو معارف في شمالي سوريا، الأمر الذي يدفع بعضهم للتوجه فيما بعد نحو مناطق سيطرة النظام السوري أو "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

تركيا ملزمة بعدم إعادة اللاجئين

قال الناشط في مجال حقوق اللاجئين، طه الغازي، إن تركيا ملزمة بعدم إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، خاصة أن الحرب ما زالت مستمرة، وهناك وقائع ميدانية تؤكد ذلك، ومنها ترحيل 130 شخصاً من تركيا في 25 حزيران الماضي إلى الشمال السوري، وفي أثناء الترحيل كانت منطقة جسر الشغور تتعرض للقصف من قبل الطائرات الروسية ما أدى إلى مقتل 11 مدنياً.

هذه الوقائع التي تتكرر بشكل شبه يومي، تؤكد أن منطقة شمال غربي سوريا غير ملائمة لإعادة اللاجئين من تركيا إليها، وفق إفادة "الغازي" لموقع تلفزيون سوريا.

وأشار الغازي إلى أن رئاسة الهجرة لا تعترف بكثير من القرارات والقوانين التي تحول دون ترحيل السوريين، وحول أسباب تصاعد الترحيل، يضيف: "الأسباب مكمّلة للحالة الدعائية ما قبل الانتخابات الرئاسة التركية، فلم تكن القضية السورية خلال السنوات الماضية سوى عبارة عن أداة سياسية للحكومة التركية والمعارضة".

وبدأت الحكومة التركية تركز اهتمامها من الآن على الانتخابات البلدية، وتريد إعادة بلديتي أنقرة وإسطنبول بالسبب ذاته الذي أدى إلى خسارة الحكومة لهما، ألا وهو ورقة اللاجئين السوريين، وفق الغازي.

تواصلات لتخفيف وطأة حملة الترحيل

أفادت مديرة الاتصال في اللجنة السورية التركية المشتركة، إناس النجار بأن اللجنة تواصلت مع رئاسة الهجرة، التي أشارت إلى أن "ما يجري لا يختلف عن الفكرة السابقة والقديمة التي يريدونها، وهي أن يعيش المجتمعان السوري والتركي تحت ظل القانون".

وقالت النجار في حديث مع موقع تلفزيون سوريا إن "الحملة لا تستهدف سوى الهجرة غير الشرعية، أما الأشخاص الذين يحملون بطاقات حماية مؤقتة من الولاية نفسها التي يعيشون فيها، ويحملون أوراقاً نظامية فلا يوجد عليهم أي حرج".

وحول الأنباء عن ترحيل سوريين هم أصلاً يحملون بطاقات حماية من الولايات المنكوبة بالزلزال، قالت النجار: "لم يردنا أنه تم ترحيل شخص من ولاية منكوبة لأنه وجِد بولاية ثانية، وهذا أصلاً مخالف للقانون، وسبق أن أعدنا 55 شاباً عندما تم ترحيلهم بسبب إذن السفر، وتمت محاسبة الفاعلين كما أخبرونا بالهجرة".

وأضافت: "المشكلة التي نتحدث بها الآن مع رئاسة الهجرة أن هناك بعض الأشخاص يحملون الأوراق الرسمية ولكنها غير مفعلة بسبب مشكلات بالقانون نفسه، مثل حالات لم الشمل أو الكمالك غير المفعلة أو الإقامات التي لم تجدد لسبب ما، أو قانون الإقامة الإنسانية واستحالة الحصول عليها، لذلك أي شخص تم القبض عليه لمثل هذه الأسباب، يُفترض أن يوكل محامياً، وهو سيكون قادراً على إثبات أن الحالة لا تستحق الترحيل".

وأشارت النجار إلى أن "الخوف بالحقيقة يتمثل بحالات الأشخاص الذين يتم ترحيلهم مباشرة"، موضحة أن اللجنة السورية التركية المشتركة تتواصل مع الهجرة للتخفيف من أعباء هذه الحملة.

صمت الائتلاف والحكومة المؤقتة ورفض التعليق

اعتذر منسق مكتب شؤون اللاجئين في الائتلاف الوطني السوري، عن الإجابة على استفسارات موقع تلفزيون سوريا بشأن موقف الائتلاف من عمليات الترحيل، والإجراءات التي يتخذها للحد منها، وفيما إذا تم التواصل مع الجانب التركي لمعرفة مسببات الحملة، كما أن رئيس الحكومة المؤقتة لم يجب أيضاً على هذه التساؤلات.

وأكد الناشط طه الغازي أن المؤسسات السورية، مثل الحكومة المؤقتة والائتلاف، لم تصدر بياناً بشأن عمليات ترحيل من تركيا، وفي بعض الأحيان، يكون رأي هذه المؤسسات ومعظم المنظمات حول عمليات الترحيل القسري مماثلاً لموقف رئاسة الهجرة التركية.

سياسة تركية جديدة تجاه السوريين؟

يرى المحامي والناشط الحقوقي غزوان قرنفل، أن زيادة وتيرة ترحيل السوريين كانت متوقعة، لأنها جزء من سياسة تبناها حزب العدالة والتنمية مع حلفائه الآخرين، يكون من إفرازاتها اتخاذ إجراءات تضييقية على اللاجئين.

ومن أسباب ترحيل السوريين، وجود بعضهم في ولاياتهم غير الأصلية، كالذي يحمل بطاقة حماية مؤقتة صادرة عن ولاية كلس ويعيش في إسطنبول، وبهذا الخصوص، قال قرنفل، إن السوريين بحاجة لعمل، والفرص موجودة في إسطنبول وولايات رئيسية أخرى.

ويؤكد قرنفل في حديث مع موقع تلفزيون سوريا أن هذه المسألة من إحدى مشكلات السوريين بتركيا، ولذلك يفترض طرح مقاربة مختلفة بموضوع السوريين، مضيفاً: "الجهات الصناعية التركية تقول إنها بحاجة لليد العاملة السورية، فلماذا لا تتم قوننة وجود هؤلاء الأشخاص في الولايات المتطلبة لليد العاملة؟".

بتقدير قرنفل، هناك "سياسة تركية ترى وجوب إبقاء نصف مليون سوري فقط في تركيا خلال أربع أو خمس سنوات في أحسن الأحوال، ولذلك فإن السوريين ليس لهم مستقبل في تركيا".

وكرر المحامي وجهة نظره قائلاً: "بعد خمس سنوات، لن يكون في تركيا أكثر من نصف مليون سوري، وما تبقى سيتم ترحيلهم، ولذلك دائماً أدعو السوريين ممن ليس لديهم القدرة على العودة لسوريا، إلى البحث عن ملاذ آمن غير تركيا، سواء كانت محكومة بحزب العدالة والتنمية أو المعارضة، فكلاهما متفقان على هذا الهدف، إلا أنهما مختلفان في وسائل تحقيقه".