icon
التغطية الحية

تحقيق يوثّق 49 سجناً ومعتقلاً "سرّياً" في مناطق سيطرة "قسد"

2022.03.23 | 12:03 دمشق

1178786996.jpeg
أحد سجون "قسد" في شمال شرقي سوريا (أ ف ب)
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

وثّق تحقيق استقصائي نشره موقع "حكاية ما انحكت"، 49 مركز اعتقال في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شمالي شرقي سوريا، بينها 38 "معتقلا سرّيا" تشرف عليها جهات مختلفة من مكونات "قسد"، و8 سجون مركزية "معلنة رسمياً"، و3 سجون تابعة لقوات التحالف الدولي بشكل مباشر.

توزيع وتصنيف

وتوزّعت المعتقلات "السرّية" الموثّقة على 15 معتقلاً في محافظة الحسكة، هي "مساكن الضباط" و"الكلاسة" في مركز المدينة، و"جركن" و"علايا" و"الرميلان" و"هيمو" و"القحطانية" في مدينة القامشلي، و"قبيبة" و"الجبسة" و"الهجانة" و"كم البلغار" و"الكم الصيني" أو ما يُعرف باسم "بوكا2" في ريف الحسكة الجنوبي، إضافة لمعتقل "ديريك" الذي يُعرف أيضاً باسم "السجن الأسود" في ناحية المالكية، و"تل معروف و"ناف كر" شمالي المحافظة.

وضمّت محافظة دير الزور، 12 مركز اعتقال سرّي، هي "محيميدة" و"حوايج" و"سجن الاستخبارات" في الريف الشرقي، و"الباغوز" و"البصيرة" و"الصبحة" و"هجين" و"الجفرة" و"الطيانة" و"أبو حمام"، إضافة لمعتقلي "الحصان" و"الصور" في ريفها الشمالي.

وتوزّعت ثمانية معتقلات سرّية في محافظة الرقة، هي "المخابرات العسكرية" و"الأمن العام" و"سجن الأسايش" و"جهاز الجريمة" و"سجن التحقيق" و"جزيرة عايد" و "تل السمن" و"المحمودلي" و"ولات داود"، فيما ضمّت ناحية "عين العرب" في ريف حلب الشرقي معتقلي "مكافحة الإرهاب" و"جبال صرين"، وفقاً للتحقيق.

وكشف التحقيق عن ثمانية سجون مركزية "معلنة" في مناطق سيطرة "قسد"، هي سجون "الكسرة" و"الجزرات" في ريف دير الزور، و"الصناعة" في حي "غويران" في مدينة الحسكة، وسجن "الهول" شرقها، إضافة لسجني "الرقة المركزي" و"الأحداث" في الرقة، و"منبج المركزي" و"المالية" في منبج.

وأشار إلى أن قوات التحالف الدولي، أقامت ثلاثة مراكز احتجاز تحت إشرافها المباشر هي سجني "الشدادي" و"الجبسة" في ريف الحسكة، وسجن "حقل العمر" في ريف دير الزور، موضحاً أن هذه السجون قُسّمت إلى قسمين بداخلها، أحدهما يخضع لإشراف التحالف الدولي بشكل مباشر، ويضم القياديين البارزين في صفوف تنظيم داعش، لا سيما الأجانب منهم، وقسم آخر يخضع لإشراف "قسد"، ويضم قياديي "داعش" الأقل أهمية.

أساليب التعذيب في معتقلات "قسد"

وكشف التحقيق، عبر الشهادات التي جمعها من معتقلين سابقين لدى "قسد"، أساليب التعذيب التي تعرّضوا لها، إذ قال سجون "قسد" تشترك مع معتقلات النظام بواحدة وأربعين وسيلة تعذيب، من أصل اثنتين وسبعين وسيلة يستخدمها الأخير في سجونه، بحسب تصنيف أصدرته "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير سابق لها.

وقال الحقوقي "بسام الأحمد" إنّ "قسد تبرّر استخدام وسائل التعذيب في سجونها بنزع الاعترافات من الموقوفين والمحتجزين، وغياب الرقابة عن السجون يساعدها على استخدام تلك الأساليب، ما يدفع بعض المعتقلين للاعتراف بتهم نُسبت إليهم للخلاص من التعذيب".

سجن التابوت

واستعرض التحقيق قصص العديد من المعتقلين السابقين في سجون "قسد"، بينهم قصة الشاب عبد الرزاق الذي اعتقل لمدة خمسة أشهر في سجن بمدينة "القحطانية" يُطلق عليه اسم "سجن التابوت".

ووصف عبد الرزاق "سجن التابوت" بالقول: "كان المعتقل عبارة عن غرفة مصنوعة من البلوك، طولها يُقارب الأربعة أمتار، ولا يزيد عرضها عن المترين، وسقفها لا يصل إلى المتر الواحد".

وتابع: "كنّا جميعاً عراة تماماً، ممنوعين من الوقوف أو الحديث أو النوم في معظم الليالي، فالماء البارد كان حاضراً مع حرّاس المعتقل المتلذذّين بتعذيبنا، ولا تنفس في ذلك المكان، ولا حمامات فيه، فكان مكان نومنا وجلوسنا هو ذاته مكان طعامنا الذي كان عبارة عن وجبة واحد يومياً تتمثل برغيف خبز واحد وقطعتين من مثلثات الجنبة المطبوخة فقط، ومكان التخلص من فضلاتنا".

وأوضح أن السجن المذكور كان يضم ثلاثة أشخاص برفقته، بينهم طفل يبلغ من العمر أحد عشر عاماً كان متهماً بالسرقة، وشاب متهم بالانتماء إلى تنظيم "داعش"، وآخر متهم بتهريب البضائع بين سوريا والعراق.

شبكات المخبرين والتهم "الملفقة"

ونقل التحقيق عن عدد من المعتقلين السابقين في سجون "قسد"، أن اعتقالهم جاء على خلفية تقديم تقارير "كيدية" ضدهم من قبل مخبرين متعاونين مع "قسد" في المنطقة، وهو ما أكّده الحقوقي "بسام الأحمد" الذي أشار إلى أن "قسد" وقوات التحالف الدولي تمتلكان شبكات "قوية جداً" من المخبرين في شمال شرقي سوريا، وتعتمد في تنفيذ معظم عمليات الدهم والاعتقال على تقاريرهم التي تقدم بـ "مقابل مادي".

وبيّن الكاتب والصحفي "فراس العلاوي" أن التقارير المقدمة ضد المعتقلين في سجون "قسد"، غالباً ما تكون "باطلة وملفقة"، مضيفاً أن "قسد" تعتمد على توجيه تهمة "التعامل مع تنظيم داعش" للمعتقلين في سجونها، على غرار سياسة النظام التي يوجّه خلالها تهمة "الإرهاب" للمعتقلين لديه.

وقدّر العلاوي نسبة المعتقلين المتهمين بالتعامل مع تنظيم "داعش" بنحو 80 بالمئة من المعتقلين، في حين أنّ التهم الموجهة لقرابة عشرين بالمئة هي التعامل مع تركيا والمعارضة والفساد والسرقة وغيرها، بينما رأى الحقوقي "بسام الأحمد" أن النسبة المذكورة مبالغ بها، متابعاً: "هناك جزء من الاعتقالات جرت بناء على تهم غير صحيحة، لكن النسبة الأكبر منها كانت لأشخاص ثبتت عليهم تهمة الانضمام إلى صفوف تنظيم داعش أو التعامل معه".

زنازين مخصصة للسيدات

وكشف التحقيق عن سجن مخصص للسيدات المعتقلات، يقع بالقرب من منطقة "الصوامع" في مدينة الرقة، ويُعرف باسم "سجن الأسايش".

ونقل عن إحدى المعتقلات السابقات قولها إنها قضت أربعة أشهر في "سجن الأسايش"، برفقة 30 سيدة في زنزانة واحدة، هي الزنزانة الوحيدة المخصصة للسيدات داخل السجن.

وأضافت أن السيدات المعتقلات كُنّ يتعرضن للتعذيب بين الحين والآخر، على يد شبان وفتيات من المتطوعين/ات في صفوف "قسد"، وغالباً ما يكون التعذيب مرتبط بجلسات التحقيق، مؤكّدة أنها تعرضت للضرب بمواسير التمديدات الصحية في أثناء جلسة التحقيق الأولى، إلى جانب الشتم والتهديد من قبل المحققين وعناصرهم.

الصحفي صهيب الجابر قال إن سياسة "قسد" في اعتقال السيدات تتمثل بعمليات أشبه بـ "الخطف"، ويتم حجزهن في سجون سرية خوفاً من مواجهة العشائر بشكل مباشر، وهو السبب الرئيس الذي يدفعها لإنكار اعتقال السيدات أو وجودهن في سجونها.

السجون المركزية.. غطاء للانتهاكات

وأوضح التحقيق أن الأوضاع في السجون المركزية بالنسبة للمعتقلين مختلفة تماماً عن واقع المعتقلات السرية، إذ يتراوح عدد السجناء في الزنزانة الواحدة بين 12 إلى 15 سجيناً، ويُسمح فيها بالزيارات للأقارب من الدرجة الأولى لمرة واحدة كل أسبوعين.

ويُسمح للمعتقلين في السجون المركزية أيضاً استخدام الاتصال الهاتفي مرة واحدة أسبوعياً لمدة خمس عشرة دقيقة، إضافة لجلسات التنفس التي كانت مسموحة للسجناء والمعتقلين لمدة ساعة واحدة يومياً، وكل زنزانة على حدة، على خلاف السجون السرية التي يمنع فيها "التنفس" بشكل نهائي، كما توفر الرعاية الصحية للسجناء لكن على نفقتهم الشخصية، إذ يتحمل المعتقل تكاليف المعاينة الطبية وثمن الأدوية اللازمة له، وفقاً لللتحقيق.

ورأى الكاتب والصحفي فراس علاوي أن "قسد" تحاول من خلال سجونها المركزية عكس صورة مختلفة عن السجون في مناطقها، من خلال التعامل مع السجناء والإطعام والتنفس وغيرها، خاصة أنّ السجون المركزية "المُعلنة" تخضع لجولات تفتيش من اللجان الدولية ووسائل الإعلام، معتبراً أنها تحوّل السجناء الأقل خطورة إلى السجون المركزية، أما المتهمون بقضايا العمالة وغيرها، فلا يتم نقلهم إلى هذه السجون.

وكان تلفزيون سوريا قد استضاف قبل أيام المتحدث السابق باسم "قسد"، طلال سلو، الذي سلّط الضوء على ما يجري من انتهاكات لحقوق الإنسان في سجون "قسد"، وأكد أن عدد القتلى في سجون الأخيرة "أكبر مما ينشر بكثير".