icon
التغطية الحية

تبادل ثقافي لمطابخ المحافظات السورية في إدلب | صور

2022.04.15 | 06:36 دمشق

maxresdefault_4.jpg
+A
حجم الخط
-A

تركت سنوات الحرب أثراً واضحاً على موائد السوريين خلال شهر رمضان، بعد تفرق الأسر وتدهور الأحوال المعيشية، لكنها أيضاً حملت تغييراً جديداً لم يكن في الحسبان ضمن إدلب، حيث اجتمع أكثر من مليوني نازح ومهجر من أصل ثلاثة ملايين مقيم في المنطقة، ما سمح للسوريين بالتعرف على بعضهم البعض واكتشاف مميزات كل محافظة عن الأخرى، انطلاقاً من المطبخ.

ثقافية لذيذة

القليل الذي حمله النازحون والمهجرون من بيوتهم، إثر الحملات العسكرية وتقدم قوات النظام، لم يساعدهم على الإحساس بالألفة ضمن مكان إقامتهم الجديد، لذا بقوا متمسكين بالذكريات التي تعيد رائحة ديارهم ونكهتها، وبحثوا أولاً عن متابعة عاداتهم في الطهي.

إلا أن توافر المكونات الرئيسية للطبخ لم يكن سهلاً على الدوام، ما جعل السكان الجدد مضطرين لمتابعة ما يعده أهالي المنطقة المضيفة والتعرف على أطباقهم المختلفة.

الشعيبيات التي تشتهر بها محافظة إدلب لم يكن طعمها مألوفاً بالنسبة للمحافظات الباقية، كانت المرة الأولى التي تتذوقها ريما هي حينما وصلت إلى المنطقة من دمشق، قبل خمس سنوات، لتقع في حبها وتتعلم طريقة تحضيرها، حسبما قالت لموقع تلفزيون سوريا، استمتعت الشابة أيضاً بطعم "المامونية"، والكبة "النية" الإدلبية ذات اللون الأحمر، التي تختلف عن مثيلتها الشامية.

 

 

حرمت مريم من كثير من الأطباق الخاصة بمنطقة دير الزور التي تنحدر منها، خاصة مع ضيق الأحوال المعيشية التي تحد من قدرتها على شراء اللحوم المميزة للمطبخ الديري، لكن ما لفت نظرها في إدلب هو "الفريكة"، القمح الأخضر المشوي، التي قالت إنها غير متوفرة في ديارها التي تركتها قبل ست سنوات.

 

278059383_116797134307648_6113743300506771613_n.jpg
منسف دجاج وفريكة

 

الإضافات التي اكتشفتها أم علاء على وصفة "الكواج"، التي اعتادت على إعدادها في حمص، كانت المفاجأة اللذيذة التي أحبت في مكان إقامتها الجديد، والتي تحمل اسم "المشكلة" في إدلب، وتضيف الكوسا ومكونات أخرى على طبق الباذنجان والبندورة.

وحسبما رأت سلوى، 26 عاماً من أهل إدلب، فإن أكثر ما استغربه المهجرون والنازحون من الأطعمة المشهورة في المحافظة هو طبق اللحم بالكرز، إضافة إلى الكبة النية، "حتى إن كانت الوصفات نفسها ومتشابهة لكن أحيانا تختلف طريقة الطبخ"، كما قالت لموقع تلفزيون سوريا، مشيرة إلى أن معظم الأطباق الإدلبية تجد مثيلها في المحافظات الأخرى مع اختلاف بعض النكهات.

ويبرز المطبخ الحلبي أيضاً بأصناف كثيرة من الأطباق الشهية والفاخرة، وأنواع الكبة المتعددة والسفرجلية واللبنية وغيرها كثير.

28712766471_f1082f0213_b.jpg
لحمة بكرز

 

إصرار على الهوية

تعتبر أم محمد وجبة المليحي وصفة تراثية تستحق أن تعرف من خلالها بمحافظة درعا، لذا كانت حريصة على صناعتها وتقديمها لأهالي المحافظات الأخرى عند تعرفها إليهم في إدلب،

تقول أم محمد: "مكونات المليحي البرغل والجميد، لكنه غير متوفر هنا وكذلك السمن البلدي، البعض يستغني عن الجميد باللبن، لكن نحن نوصي عليه من درعا"، مؤكدة أن كل من ذاق الطبق من المحافظات الأخرى أحبه.

 

maxresdefault (5).jpg
منسف مليحي

 

بدورها كانت وصفات الثريد الديرية، والبامية باللحم، من أهم الأطباق التي قرّبت مريم من معارفها الجدد في إدلب. "أحبو الأكلات الديرية وأرادوا تعلم الطبخ الديري، وقالوا إنه لذيذ"، لكن غلاء الأسعار منعها خلال الفترة الأخيرة من تحضير تلك الأطباق وتقديمها "سكبة" في رمضان.

 

maxresdefault (3).jpg
ثريد بامية

 

الحفاظ على الهوية الشامية في الطبخ واجه مشكلة أساسية خلال الفترة الأولى لتهجير أهالي الغوطة شمالاً قبل أربع سنوات، وذلك لغياب مكون رئيسي عن الأسواق في إدلب، ألا وهو الكزبرة الخضراء.

تقول ريما واصفة حال الضياع التي واجهتها قبل بدء التجار بتلبية احتياجات السوق الجديدة في المنطقة: "نحن نضيف الكزبرة على العديد من الأطباق مثل الفاصولياء الخضراء والملوخية والششبرك ولكنهم هنا لا يعرفونها".

أصبحت الأسواق الإدلبية تضم إلى جانب الكزبرة الحضراء مكونات "الكراوية"، التي لم يكن أهل المنطقة يعرفونها من قبل، إضافة إلى أنواع الجزر الأصفر والأسود التي لم تكن تزرع سوى في حمص، وتستخدم في محشي الجزر، كما قالت أم علاء لموقع تلفزيون سوريا.

وأضافت أم علاء أن إيجاد الكرات، الخضار الذي يطبخ مع الدهن واللحم، كان صعباً في البداية، وما إن وجدته حتى أثارت استغراب جيرانها من إدلب "قالوا لي مستغربين ما هذا هل تأكلون البصل؟ ولكن ما أن تذوقوه أحبوه".

تبادل للوصفات

غياب المكونات الرئيسية لم يكن السبب الوحيد لاختلاف الأطباق بين المحافظات السورية كما وجد سكان المنطقة، إذ تتوافر المكونات للعديد من الأطباق المحبوبة في مختلف المحافظات لكنها مجهولة بالنسبة للبعض، مثل وصفة "الأوزي" و"الكشك" من المطبخ الشامي، و"التمرية" و"طقت ماتت" من المطبخ الحمصي، إضافة إلى "الباطرش" الحموي، و"السفرجلية" و"السماقية" من المطبخ الحلبي، وكانت إدلب هي المسرح الذي سمح بتذوق مختلف النكهات وتبادل الوصفات حسب شهادة السيدات اللواتي قابلهن موقع تلفزيون سوريا.

 

maxresdefault (4).jpg
أوزي

 

في الأسواق الشعبية لمختلف المدن والبلدات في المحافظة بات من المعتاد أن ترى على يافطات المحال المتلاصقة إشارات لأربع أو خمس محافظات مختلفة على طول الشارع، مع تقديم كل منها وعداً لزبائنها بتوفير النكهة الأصلية لصنف الطعام الذي يقدمه.

برأي منال، 48 عاماً، من مدينة إدلب، فإن المطبخ الإدلبي يواجه تنوعاً كبيراً ويتعلم من كل ما يصل إليه، إذ أصبح من الشائع أن يستفسر العاملون في المطعم ما إن كانت الكبة التي طلبتها هي الكبة الحمصية أم الإدلبية، كما انتشرت متاجر الحلويات التي حملت نكهات جديدة أو روجت لأطعمة لم تكن شهيرة قبلاً، مثل الكنافة النابلسية التي نشرها أهل محافظة دمشق.