icon
التغطية الحية

بيوت "خلايا النحل" في سوريا مهددة بالزوال بسبب الحرب والنزوح

2023.09.07 | 12:39 دمشق

بيوت "خلايا النحل" التقليدية في ريف حلب الشرقي
بيوت "خلايا النحل" التقليدية في ريف حلب الشرقي
France24 - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تعرف باسم "بيوت خلايا النحل" وهي عبارة عن أبنية طينية مخروطية الشكل صممت لتحتفظ بالبرودة وسط شمس البادية الحارقة، أما جدرانها السميكة فتحتفظ بالحرارة شتاء.

تعتبر قرية أم عامود التابعة لمحافظة حلب من بين الأماكن القليلة التي حافظ أهلها على عادة السكن في هذه البيوت المقببة الصغيرة المصنوعة من الطين المخلوط بالقش الهش.

وعن هذا الوضع، يحدثنا محمود المهيلج، وهو يقف بجانب البيوت المهجورة التي أخذت الأعشاب تنبت في سقوفها، فيقول: "وصل تعداد أهالي قريتنا إلى ما بين 3000 إلى 3500 شخص، أما عدد البيوت فاقترب من مئتي بيت طيني".

بيد أن الجميع رحلوا عندما شهدت المنطقة قتالاً ضارياً، ثم أتى تنظيم "الدولة" فاجتاح القرية، بحسب ما ذكره معلم المدرسة الذي أصبح في الخمسينيات من عمره.

Aleppo province was the scene of fierce battles between Syrian government forces, rebels and IS extremists

جانب يظهر البيوت الطينية في إحدى القرى التابعة لريف حلب

 

يذكر أن محافظة حلب تعرضت لمعارك عنيفة بين قوات النظام والفصائل المعارضة ثم تنظيم الدولة، وذلك ابتداء من عام 2012 وحتى قيام قوات النظام المدعومة روسياً بالسيطرة على المنطقة.

ولكن مع تراجع القتال، أصبح انعدام الاستقرار وضيق ذات اليد حقيقة من حقائق الحياة في مختلف أنحاء سوريا، وهذا ما دفع مهليج للقول: "لم يعد منا (أي الأهالي) أكثر من مئتي شخص" بيد أن هذا الرجل صار يعيش اليوم في بناء إسمنتي قريب من القرية.

The village once had more than 3,000 residents but, after fighting raged there, 'everyone left', says a local man

قرية أم عامود التي وصل عدد سكانها في يوم من الأيام إلى ثلاثة آلاف نسمة

 

في داخل أحد البيوت التراثية، تمتد الشقوق على سطح الجدران البيضاء التي امتلأت بحفر خلفها الرصاص.

إلا أن جميع البيوت الطينية هجرها أصحابها حسبما ذكر المهيلج وهو يشير إلى جدار منقض، وأطلال بيت أنهار، ويقول: "لم يبق أحد ليعتني بالبيوت، ولهذا السبب يطولها العفن والتفسخ ولا بد لها أن تزول بمرور الوقت من دون أن تخلف أي أثر".

"ولد وترعرع" بين البيوت الطينية

تسببت الأعمال العسكرية التي شنها النظام السوري بمقتل أكثر من 500 ألف إنسان ونزوح الملايين، بيد أن جمال العلي، 66 عاماً، وقف خارج بيت أجداده الذي اضطرت أسرته لتركه في قرية الحقلة القريبة، وقال: "ولدنا وترعرنا داخل بيوت طينية"، ثم أخذ يخبرنا كيف يقي هذا البناء المقبب سكانه من حرارة الصيف وبرد الشتاء وهو يتناول بصحبة زوجته وجبة على بساط صنع من القش.

Mahmoud Al-Mheilej, a Syrian resident of the 'beehive' mud houses, inspects the walls of a building in the village of Umm Amuda Kabira in Aleppo's eastern countryside

المهيلج وهو يتفحص جدران مبنى في قرية أم عامود في ريف حلب الشرقي

 

كان العاملون في مجال البناء من أبناء المنطقة أول من فروا منها بسبب القتال، وهذا ما تسبب بنقص في عدد العمال الذين يعرفون تماماً طريقة الأجداد في بناء تلك البيوت.

ومن بينهم عيسى خضر، 58 عاماً، الذي انضم لقافلة السوريين الذين استقروا في لبنان، ويعتبر من أواخر من يتمتعون بخبرة في بناء تلك البيوت التي تحتاج إلى صيانة واهتمام بشكل دوري.

Local masons were among those who fled the fighting, leaving the region short of their ancestral know-how

القرية وقد أصبحت تعاني من نقص في عدد عمال البناء الذين حفظوا طريقة الأجداد في التصميم

 

استطاع هذا الرجل بمساعدة من منظمة خيرية لبنانية، بناء تلك البيوت الطينية من جديد في وادي البقاع حيث يقيم عدد كبير من اللاجئين السوريين.

ويخبرنا هذا الرجل الذي عمل موظفاً لدى الحكومة في السابق، فيقول: "تعلمت هذه المهنة في القرية عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري، إذ كلما رغب أحدهم ببناء بيت طيني، لا بد أن يساعده البقية في ذلك، ولكن بسبب الحرب، اختفت تلك البيوت، واختفت معها تلك المهنة".

The traditional mud houses have been built for thousands of years but risk disappearing as 12 years of war have emptied villages and left the homes crumbling

البيوت الطينية التقليدية التي بقيت تبنى لآلاف السنين لكنها أصبحت مهددة بالانقراض بعد الحرب

 

يعلق المهندس المعماري اللبناني عبد الله داغر على طريقة البناء فيقول: "يعتقد أنها ظهرت في حقبة العصر الحجري الحديث أي قبل نحو ثمانية آلاف عام".

ثم يخبرنا داغر بأن هدف المشروع هو نشر المعرفة بين اللاجئين، حتى يرجعوا في يوم من الأيام لبلدهم المدمر الذي يفتقر إلى الموارد، ويبنوا بيوتهم بأيديهم.

المصدر: France24