icon
التغطية الحية

بينهم 14 طفلاً و17 سيدة.. الشبكة السورية توثق اعتقال 223 شخصاً في آب

2023.09.02 | 14:20 دمشق

أهالي المعتقلين السوريين في سوريا
تتم عمليات الاعتقال بتناغم وتنسيق عالٍ بين مؤسسات النظام السوري بإدارة مستويات عليا تتحكم بجميع هذه المؤسسات - AFP
 تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير لها صدر اليوم السبت، ما لا يقل عن 223 حالة اعتقال / احتجاز تعسفي، بينهم 14 طفلاً و17 سيدة، خلال شهر آب الماضي، مشيرةً إلى اعتقال قوات النظام السوري عشرات من المدنيين المشاركين في احتجاجات آب المناهضة له وملاحقة آخرين.

وقال التقرير إن معظم حوادث الاعتقال في سوريا تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية، ويتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه. كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.

مؤسسات النظام "متناغمة" في عمليات التعذيب

واستعرض التقرير حصيلة عمليات الاعتقال التَّعسفي / الاحتجاز وعمليات الإفراج عن المعتقلين / المحتجزين من مراكز الاحتجاز التي سجلها في شهر آب الماضي على يد أطراف النِّزاع والقوى المسيطرة في سوريا، واستعرض أبرز الحالات الفردية وحوادث الاعتقال التَّعسفي والاحتجاز، التي وثقها فريق الشبكة في المدة ذاتها، وتوزُّع حالات وحوادث الاعتقال تبعاً لمكان وقوع الحادثة.

ووفقاً للتقرير، فإن القوانين والنصوص الخاصة بالتعذيب في الدستور والقانون السوري الحالي لم توقِف أو تُخفف من وتيرة عمليات التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، مشيراً إلى أن النظام السوري يُسيطر بشكل مركزي على مراكز الاحتجاز التابعة له، لذلك فإنه من المستبعد أن تجري وفيات بسبب التعذيب دون علم النظام الحاكم في الدولة.

وأوضح التقرير أن النظام السوري مسؤول عن إثبات أن حالات الوفيات التي وقعت لم تكن بسبب التعذيب، مضيفاً أن العديد من أجهزة النظام السوري منخرطة في التعذيب وفي الوفيات بسبب التعذيب، فهذا يتطلب اشتراك مؤسسات عدة في الدولة من أبرزها: وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، الأجهزة الأمنية، السجون المدنية، المشافي العسكرية، المؤسسة القضائية، وزارة الأوقاف، مكتب دفن الموتى، وهذا يُشير إلى عملية تناغم وتنسيق عالٍ بين هذه المؤسسات، لا يتم إلا بإدارة مستويات عليا في النظام السوري تتحكم بجميع هذه المؤسسات.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان

مناطق سيطرة النظام ليست آمنة لإعادة اللاجئين

وجاء في التقرير أن قوات النظام السوري لم تتوقف عن ملاحقة واستهداف المدنيين في مناطق سيطرتها على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم المكفولة بالدستور السوري والقانون الدولي؛ الأمر الذي يُثبت مجدداً حقيقة أنه لا يمكن لأي مواطن سوري أن يشعر بالأمان من الاعتقالات؛ لأنها تتم دون أي استناد لقانون أو قضاء مستقل، وتقوم بها الأجهزة الأمنية بعيداً عن القضاء وغالباً ما يتحول المعتقل إلى مختفٍ قسرياً.

وأضاف أن المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري لا يمكن أن تشكِّل ملاذاً آمناً للمقيمين فيها، وهي من باب أولى ليست ملاذاً آمناً لإعادة اللاجئين أو النازحين، وأكَّد التقرير على أنه لن يكون هناك أي استقرار أو أمان في ظلِّ بقاء الأجهزة الأمنية ذاتها، التي ارتكبت جرائم ضد الإنسانية منذ العام 2011 وما زالت مستمرة حتى الآن.

وذكر التقرير أن قوات النظام السوري استمرت في ملاحقة واعتقال الأشخاص الذين أجروا تسويةً لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَّعت اتفاقات تسوية معه، بينهم عدد من الناشطين والأشخاص العاملين سابقاً في صفوف فصائل المعارضة المسلحة، وتركَّزت في محافظات ريف دمشق ودرعا وحمص، وحصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش.

اعتقالات عشوائية وعلى خلفية الاحتجاجات

وأشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى قيام قوات النظام السوري باعتقال ما لا يقل عن 57 مدنياً، بينهم 11 سيدة، على خلفية الحركات الاحتجاجية المناهضة للنظام السوري بمختلف أشكالها في مناطق سيطرته منذ مطلع آب، إما عبر نشر المقاطع المصورة التي تهاجم سياسة النظام السوري أو عبر القيام بحركات احتجاجية ككتابة عبارات مناهضة على الجدران وتوزيع المنشورات وحرق صور بشار الأسد وغيرها، وقد تركزت هذه الاعتقالات في محافظات اللاذقية وطرطوس، ودمشق، وريف دمشق وحلب ودير الزور.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان

ورصد التقرير وضع المزيد من الحواجز الأمنية، وزيادة أعداد العناصر الموجودين عليها، مما تسبب في زيادة التدقيق الأمني على المواطنين المارين من خلالها. إضافةً إلى حملات دهم وتفتيش متكررة استهدفت منازل العديد ممن شاركوا أو عبَّروا عن مطالبهم في الاحتجاجات الأخيرة دون أن تؤدي إلى اعتقالهم، وقد دفعت هذه العمليات العديد من المدنيين الذين شاركوا في الاحتجاجات إلى الحدَّ من تحركاتهم وإيقاف أعمالهم وترك منازلهم، خوفاً من اعتقالهم وتعذيبهم.

وسجل التقرير عمليات اعتقال عشوائية موسعة بحق مواطنين، في محافظات حماة ودمشق وريف دمشق وإدلب، حصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش، بذريعة التخلف عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، ومن بينهم أشخاص تم اعتقالهم على خلفية تلقيهم حوالات مالية من الخارج.

كما سجل عمليات اعتقال قامت بها عناصر قوات النظام السوري بحق لاجئين تم ترحيلهم قسراً من العراق، وتركزت هذه الاعتقالات في مطار دمشق الدولي.

"قسد" و"تحرير الشام" تنفذان اعتقالات تعسفية

من جانب آخر، سجل التقرير استمرار "قوات سوريا الديمقراطية" في سياسة الاحتجاز التَّعسفي والإخفاء القسري، وارتفاعاً في حصيلة حالات الاحتجاز والاختفاء القسري لديها، عبر حملات دهم واحتجاز جماعية استهدفت بها مدنيين؛ بذريعة محاربة خلايا تنظيم "داعش"، بعض هذه الحملات جرى بمساندة مروحيات تابعة لقوات التحالف الدولي، كما رصد عمليات احتجاز استهدفت أعضاء لدى "الحزب الديمقراطي الكوردستاني" في سوريا‏ وتركزت هذه الاعتقالات في محافظة الحسكة.

كما سجل التقرير استمرار قيام "قوات سوريا الديمقراطية" باختطاف أطفال بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها وتجنيدهم قسرياً، ومنعت عائلاتهم من التواصل معهم، ولم تصرح عن مصيرهم.

ووفقاً للتقرير، شهد شهر آب الماضي عمليات احتجاز قامت بها "هيئة تحرير الشام" بحق مدنيين، تركَّزت في محافظة إدلب وشملت ناشطين إعلاميين وسياسيين، وكان معظمها على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد سياسة إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها، تمَّت عمليات الاحتجاز بطريقة تعسفية على شكل مداهمات واقتحام وتكسير أبواب المنازل وخلعها، أو عمليات خطف من الطرقات أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة.

كما سجل التقرير عمليات اعتقال قامت بها عناصر "هيئة تحرير الشام" استهدفت أشخاصاً عارضوا حملات الاعتقال التي تقوم بها، والتي تستهدف المنتسبين لحزب "التحرير"، حصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية أو على نقاط تفتيش تابعة لها.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان

223 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي

وسجل التقرير في آب الماضي ما لا يقل عن 223 حالة اعتقال تعسفي / احتجاز، بينها 14 طفلاً و17 سيدة (أنثى بالغة)، تحول 183 منها إلى حالات اختفاء قسري.

ومن هذه الحالات، كانت 121 منها على يد قوات النظام السوري، بينهم 1 طفل و13 سيدة، و42 بينهم 11 طفلاً وسيدة على يد "قوات سوريا الديمقراطية"، فيما سجل التقرير 32 حالة على يد "هيئة تحرير الشام" بينهم طفل وسيدة، و28 حالة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة / "الجيش الوطني" بينهم طفل وسيدتان.

واستعرض التَّقرير توزُّع حالات الاعتقال التعسفي / الاحتجاز في آب حسب المحافظات، وأظهر تحليل البيانات أنَّ الحصيلة الأعلى لحالات الاعتقال التعسفي / الاحتجاز كانت من نصيب محافظة حلب، تليها إدلب تلتها ريف دمشق تليها دمشق، ثم اللاذقية، ثم حمص ودير الزور والرقة، ثم حماة.

ووفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن المعتقلين على خلفية المشاركة في الحراك الشعبي في سوريا، وضمن أي نشاط سياسي، حقوقي، إعلامي، إغاثي، ومن يشابههم، فإن الفروع الأمنية توجِّه إلى الغالبية العظمى من هؤلاء تهماً متعددة وتنتزع منهم اعترافات تحت الإكراه والترهيب والتعذيب ويتم تدوين ذلك ضمن ضبوط، وتحال هذه الضبوط الأمنية إلى النيابة العامة، ومن ثم يتم تحويل الغالبية منهم إما إلى محكمة الإرهاب أو محكمة الميدان العسكرية، في حين لا تتحقق في هذه المحاكم أدنى شروط المحاكم العادلة، وهي أقرب إلى فرع عسكري أمني.