بوتين وتمرد فاغنر.. نار قد تلتهم من أوقدها

2023.06.24 | 17:58 دمشق

آخر تحديث: 24.06.2023 | 17:58 دمشق

بوتين وتمرد فاغنر.. نار قد تلتهم من أوقدها
+A
حجم الخط
-A

تتسارع الأحداث في روسيا منذ مساء أمس، بعد إعلان قائد ميليشيا فاغنر يفغيني بريغوجين تمرده على القيادة العسكرية ودخول قواته لمدينة روستوف الروسية وتهديده بالزحف مع قواته باتجاه العاصمة موسكو و"الذهاب حتى النهاية" في وجه القوات الروسية.

رد الكرملين لم يتأخر كثيراً حيث وصف الرئيس الروسي التحركات التي أعلن عنها يفغيني بريغوجين بأنها تمرد مسلح سيتم الرد عليه بشكل قاس، وقال في كلمة تلفزيونية "إن ما يحدث خيانة داخلية وطعنة في الظهر، والذين نظموا التمرد المسلح ورفعوا السلاح ضد الرفاق في القتال خانوا روسيا وسيتحملون مسؤولية ذلك".

ربما من المبكر الحكم على مصير التحركات العسكرية لميليشيا فاغنر التي يمكن وصفها بالانقلابية، وإلى أي حد يمكن أن تصل الأمور، خاصة في ظل الغموض الذي يعتري هذا التمرد من جهة وجود جهات وشخصيات مهمة داخل السلطة الروسية تدعم بريغوجين في تمرده، أو إمكانية أن يلقى هذا التمرد دعما من فئات شعبية روسية معارضة للسلطة الحاكمة خاصة في صفوف المعارضين للحرب الروسية على أوكرانيا، ما قد يعقد المشهد ويدفع بها إلى حافة الحرب الأهلية.

الطعنة جاءت من أحد أكثر رجاله الموثوقين وذراعه الأمنية القذرة خارج روسية والمتمثلة بميليشيا فاغنر التي مثلت نموذج بوتين المفضل في الحكم والعقيدة السياسية

مبدئيا يمكن القول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يستطيع حسم المعركة لصالحه بسبب فارق القوة بين الطرفين، لكن حتى لو استطاع ذلك فهالة الرجل القوي ذو الخلفية الأمنية رجل الـ "الكي جي بي" التي أحاط بوتين نفسه بها طوال فترة حكمه ستهتز بقوة، خاصة أن الطعنة جاءت من أحد أكثر رجاله الموثوقين وذراعه الأمنية القذرة خارج روسية والمتمثلة بميليشيا فاغنر التي مثلت نموذج بوتين المفضل في الحكم والعقيدة السياسية، نموذج خارج الدولة وباسمها وأهوج حد الحماقة دون أي ضوابط أخلاقية أو قيود قانونية، كما وصفها الدكتور حمزة المصطفى في تغريدة له اليوم.

وما زاد من كارثية المشهد تزامن حركة التمرد هذه مع الاستنزاف المتواصل للجيش الروسي "ثاني أقوى جيش في العالم" في أوكرانيا، وفشل الغزو حتى الآن في تحقيق أي من أهدافه بعد مضي عام وأربعة أشهر، بل على العكس تعاني القوات الروسية من تكبد خسائر فادحة اهتزت معها كل البروباغندا عن قوة وجبروت الجيش الروسي.

انقلاب ميليشيا مسلحة وممولة من الدولة الروسية على الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية والسياسية يظهر حجم التخبط والوهن والتفكك الذي يعتري هذه الدولة

النقطة الثانية التي يجب الوقوف عندها صورة الدولة الروسية التي ظهرت بشكل بعيد كل البعد عن مفهوم الدولة الحديثة والقوية، فانقلاب ميليشيا مسلحة وممولة من الدولة الروسية على الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية والسياسية يظهر حجم التخبط والوهن والتفكك الذي يعتري هذه الدولة، وهو ما عبر عنه بشكل مفصل المفكر العربي عزمي بشارة في تغريدة له اليوم حيث قال: "تمرد فاغنر درس جديد في ما تعانيه الدولة، لناحية احتكار استخدام العنف الشرعي. إن أي ازدواجية في استخدام العنف بوجود ميليشيات مسلحة هي إما حالة مؤقتة تنتهي بصدام وحسم لصالح إحدى "السلطتين"، أو هي حالة متواصلة تعبر عن دولة ضعيفة عاجزة ومنقوصة السيادة وتنتهي بتآكل الدولة والفوضى. وهذا ينطبق حتى على روسيا.

كما ذكرت سابقاً مازال من المبكر إطلاق أحكام وتوقعات لمسار الأحداث في روسيا، لكننا كسوريين عايشوا الجرائم الروسية من طرفي النزاع الحالي في روسيا، نمني النفس بأن يتجرع المجرمون الذي أذاقوا الشعب السوري مرارة القتل والتنكيل من الكأس نفسها، وأن يدفع هؤلاء المجرمون ثمن ما اقترفوه بحقنا، فكما ترقب عيننا الأولى تطور الأحداث في روسيا، فعيننا الثانية شاخصة باتجاه حميميم رمز الإجرام والعنجهية الروسية في سوريا.