بقدونس أوكرانيا...استثمار الموت لتبرير التجويع

2022.03.05 | 05:34 دمشق

photo1636416074_2.jpeg
+A
حجم الخط
-A

ليس غريباً أن تقحم لونا الشبل نظام البعث في الغزو الروسي لأوكرانيا لتبرير ويلات الجوع والخراب السوري، وترى أن ما يحصل في شرق أوروبا مشابه تماماً لما حصل من قتل للسوريين حيث إن المحرض الأميركي حاضر في تلك المآسي العالمية فإصبع أميركا هي التي تعبث باستقرار وسلام العالم، وأن حصار روسيا مشابه لحصار سوريا، ولذلك لا قيمة للاقتصاد والجوع مقابل الكرامة والسيادة.

أما ملك الدوائر والمربعات خالد العبود فهو كعادته يذهب إلى أبعد من شطط المستشارة الأم بثينة شعبان وخليفتها الشبل في القول إن أوامر الحرب خرجت من دمشق خلال لقاء "القائد" مع وزير الدفاع الروسي حيث قال له اذهبوا للحرب.. هنا من دمشق إلى موسكو حيث تتوحد الرؤى والمعارك، ويصبح المحور الممانع كله في مواجهة جديدة وإن تغيرت الخريطة والأرض.

تجار سوق الهال رفعوا أسعار الحشائش بحجة أنها مستوردة من أوكرانيا، وأن الإنتاج المحلي تأثر بالحرب هناك مما أدى إلى هذه الزيادات المفاجأة

محللون يرون أن الرئيس استطاع التنبؤ بما سيحصل في أوكرانيا لأن الغرب فشل في معركته في سوريا فقرر خوض حرب جديدة هذه المرة على الحدود الروسية في تهديد وجودي للطرف الأقوى والأكبر في حلف الممانعة الذي يخوض معركة تصحيح التاريخ، وإعادة الموازين الحقيقية لما كانت عليه قبل سقوط الاتحاد السوفييتي، ورفض لسياسة القطب الواحد، وهذا ما يتجلى في اتفاق روسي صيني هندي سوري بيلاروسي لخلق محور يعادل أميركا والناتو بالرغم مما حصل في اجتماع الجمعية العامة الأخير الذي أصدر قراراً بإدانة الغزو الروسي وسط صمت صيني هندي، واعتراض عنيف من سوريا وأريتيريا وكوريا الشمالية وبيلاروسيا عليه.

يكتب مواطن سوري مصدوم: (اليوم اكتشفت أنو حتى البقدونس والكزبرة والنعنع والفجل طلعوا من أوكرانيا).. والقصة أن تجار سوق الهال رفعوا أسعار الحشائش بحجة أنها مستوردة من أوكرانيا، وأن الإنتاج المحلي تأثر بالحرب هناك مما أدى إلى هذه الزيادات المفاجئة، وهناك مربط خيل تفكير الأنظمة الديكتاتورية وتجارها فحتى موت الآخرين يمكن استثماره لتبرير تجويع من يحكمون لقمتهم.

تأتي التعليقات على بقدونس سوق الهال للتذكير بارتفاعات أخرى كالزيت والشاي والطحين وتوقف توزيع المواد التموينية على البطاقة الذكية، ووقود التدفئة، وانقطاعات التيار الكهربائي الذي نجا من أوكرانيا وجاءت العاصفة لتكون المبرر الذي أرسلته السماء لمدير كهرباء ريف دمشق بالرغم من أن الكهرباء شبه معدومة في عز الصيف، ولذلك يمكن أن يعدّل المزاج وصول الممثل تيم حسن واستقباله المبهر في دمشق، وبعض المنشورات المرحبة بعودة الفنانين المعارضين لأرض الوطن كمنشور أيمن زيدان، وبالتحديد أولئك الذين لم تلوث أيديهم بالدماء.. أليست هذه طريقة البعث الأبدية في التبرير والتسويف.

لا يملك الجوعى والمعدمون في عاصمة الياسمين سوى السخرية من فاجعتهم، والذهاب إلى آخر هذا النفق المظلم الذي يسمى وطناً

تولين البكري الممثلة التي لا تتورع في نقد السياسات الاقتصادية للنظام وانعكاساتها على حياة الناس -لكن دون المساس بوطنيتها التي تقدس السيد الرئيس والمقاومة والبعث- انبرت إلى التعليق على أثر الحرب الروسية الأوكرانية على السوق السورية: (لك موتاري الحرب يلي قائمة بين روسيا وأوكرانيا مأثرة على سوريا أكتر من أوكرانيا بكتير وأسرع بكتير كتير!!! يعني أوكرانيا بحد ذاتها المتضررة مالحقت ترفع أسعار السلع تبعها متلنا).

لا يملك الجوعى والمعدمون في عاصمة الياسمين سوى السخرية من فاجعتهم، والذهاب إلى آخر هذا النفق المظلم الذي يسمى وطناً، وحتى أولئك الذين يمجدون الحذاء والسيد بوتين ويتضورون من الجوع فلهم فلسفتهم في التبرير على هوى سائسهم في أن أيام الرصاص والصواريخ والقتل كانت أفضل من تداعيات النصر الزائف، حيث تفتح الحرب أبواب اللصوصية والنهب، وربما سحرها الحقيقي في أنها تمنح الأعذار لمزيد من استنزاف الأرض كي تكون فقط صالحة لمزيد من القبور.. أليس الوطن قبر عاشقيه وإن عبدوا محتليه.