icon
التغطية الحية

بعد الزلزال..سوريات يضعن مواليدهن في العراء وسط أزمة خانقة

2023.03.08 | 17:48 دمشق

الرضيعة عفراء التي قتل أهلها بالزلزال في حضن زوج عمتها خالد السوادي
الرضيعة عفراء التي قتل أهلها بالزلزال في حضن زوج عمتها خالد السوادي
Irish Examiner - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

من المتوقع أن تصل 15 ألف امرأة سورية تقريباً إلى مرحلة المخاض خلال الشهر المقبل، بيد أن وكالات الإغاثة تحذر من تعرض بعضهن لتجربة الولادة في العراء بعد انهيار معظم المشافي إثر الزلزال المدمر.

تتعرض الأمهات في المناطق التي مزقتها الحرب لمزيد من التحديات، حيث أصبحت نور أماً لثلاثة أطفال، جميعهم دون سن الخامسة، تستشعر غياب زوجها أكثر من أي وقت مضى.

تتحدث النساء هناك عن مخاوفهن، بعدما أصبحت كثيرات منهن بلا أهل أو أسرة أو بيت، وخسرت كل الثياب المخصصة للمواليد والتجهيزات التي تلزمهم.

دُمر أكثر من 10 آلاف مبنى في شمال غربي سوريا خلال الشهر الماضي بسبب زلزال شدته 7.8 درجات ضرب المنطقة قبيل الفجر، وأعقبته الكثير من الهزات الارتدادية.

بيد أن العاملين في مجال الإغاثة يرون أن الكارثة الطبيعية لم تتسبب لوحدها بتأزم الأمور، بل إن ظروف الحرب المريعة زادت من هول الوضع وبشاعته.

تحديات صعبة تعيشها النساء

قبل أسابيع قليلة من وقوع الزلزال، توقعت منظمة ريليف ويب الخدمية الأممية أن يصل عدد من يعيشون في الخيام إلى 1.8 مليون نسمة في شمال غربي سوريا، وهم من النازحين بسبب الحرب.

Noor: 'It is a difficult challenge for a woman to be alone, without a breadwinner, without a family, without anyone beside her. It's really hard.'

نور نازحة سورية وأم لثلاثة أطفال

في أحد المخيمات قبل ساعات من وقوع الزلزال، كانت نور، وهي امرأة عمرها 26 عاماً فُقد زوجها قبل ثلاث سنوات، نائمة برفقة أولادها الثلاثة، ثم: "فجأة شعرنا بأن الأرض تهتز من تحتنا، فاستيقظنا على الفزع والخوف وصراخ الأطفال... كان الوضع غاية في السوء".

تتراوح أعمار أولاد نور ما بين خمس وثلاث سنوات، ولم يسبق لأصغرهم أن التقى بأبيه الذي اختفى عندما كانت أمه حاملاً به.

تتابع نور سرد ما جرى بالقول: "بعد الزلزال، أصبنا بعقدة نفسية، فلم يعد الأطفال يتجرؤون على دخول البيت، إذ صاروا يخافون منه، ويبكون في الليل ويقولون لي: لا نريد أن ننام في البيت يا ماما، بل لا نستطيع ذلك".

طلبت نور المساعدة من منظمة بنفسج السورية الشريكة لمنظمة Action Aid التي تعمل من أيرلندا، وعن ذلك تقول: "لقد بث فيّ الموظفون إحساساً بالراحة، وساعدوا على تخفيف الصدمة وأثر الزلازل عن كاهلي، إذ تحس هناك وكأنك في بيتك، وبأنهم أهلك وعائلتك...إنه لتحد صعب أن تعيش المرأة وحدها بلا معيل أو أسرة أو أي أحد يقف بجانبها، إن ذلك صعب جداً".

في حين حذرت منظمة ActionAid من أن: " 80% من النازحين هم من النساء والأطفال في هذه المنطقة التي مزقتها الحرب، ما يعني بأن حجم هذه الكارثة غير مسبوق، بيد أن الوضع يتدهور بصورة يومية، إذ لم يتوقف الحمل والوضع في ظل الأزمة، وحالياً تضع النساء حملهن في ظل ظروف خطيرة تصل إلى حد الولادة في العراء".

Aid worker Sojoud: We've all heard stories of pregnant women miscarrying out of fear or terror or women who gave birth during the earthquake.' Picture: ActionAid

سجود: عاملة في المجال الإغاثي بشمال غربي سوريا

بالنسبة لسجود، 23 عاماً، وهي موظفة لدى منظمة بنفسج، فإن تقديم الدعم في أثناء المخاض يعتبر من أهم الأمور، ولهذا تقول: "جميعنا سمع عن قصص لنساء حوامل أجهضن بسبب الخوف أو الذعر أو عن نساء وضعن حملهن في أثناء الزلزال مثل الرضيعة التي انتشلت من بين الأنقاض التي رأيناها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهنالك الكثير من الحالات التي تشبهها".

انتشلت تلك الرضيعة من تحت الأنقاض وبقي حبلها السري معلقاً بأمها التي توفيت في مدينة جنديرس بسوريا، وذكر أحد أقربائها أمام الصحفيين أن أفراد أسرتها المباشرة توفوا جميعاً.

تخبرنا سجود التي عملت في شمال غربي سوريا طوال سنة كاملة بأنها شهدت مواقف أخرى عصيبة، إذ تقول: "التقيت بامرأة تقول: أنا في الشهر التاسع، وقد جهزت لوازم المولود، ولكن البيت تدمر الآن، ولم تعد لوازم الطفل متوفرة لدي، كما خسرت كل شيء آخر، وأنا على وشك أن أضع مولودي".

تقوم منظمة بنفسج بتوزيع ملابس الأطفال واللوازم الطبية إلى جانب المواد الداعمة للإرضاع الطبيعي والطمث مع نقل المرضى بسيارة الإسعاف التابعة للمنظمة.

Aid worker Hala: 'The war impacted all Syrians, but women were impacted more.' Picture: ActionAid

هلا، عاملة في مجال الإغاثة بشمال غربي سوريا

تعمل هلا، 23 عاماً، وهي طالبة حقوق، في هذا المركز وعنه تقول: "لقد أضرت الحرب بكل السوريين، إلا أنها أضرت بالنساء بنسبة أكبر".

تتحدث هلا عن مخاوفها وقلقها على صحة النساء الحوامل هناك، فتقول: "لدى منظمة بنفسج مشفى، إلا أن أشد شيء يثير مخاوفنا هو خطر فقدان النساء الحوامل لأطفالهن قبل الولادة، وقد ظهرت موجة ضمن نساء حوامل أتين إلى المشفى للتأكد من سلامة الجنين بسبب حالة الذعر التي عشنها".

تم توجيه بعض الأمهات إلى بيئة آمنة حسبما ذكرت هلا، وأضافت: "ثمة أشخاص يصيبهم الهلع بسبب الخوف الذي يتعرضون إليه، وبوسع هؤلاء أن يأتوا إلى بيئة آمنة ليتحدثوا عما يشعرون به".

لقد فاقم الوضع السياسي من تلك الأزمة بحسب رأي منظمة هيومن رايتس ووتش التي أعلنت خلال الشهر الماضي أن: "الاستجابة الإنسانية البطيئة للزلازل قد أثرت بشكل حاد على شمال غربي سوريا حيث تسيطر المعارضة"، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم كفاية الترتيبات المتعلقة بتمرير المساعدات عبر الحدود مع حكومة النظام التي يترأسها بشار الأسد، وفقاً لما ذكرته المنظمة.

هذا وقد خلف الزلزال أضراراً بالغة في تركيا أيضاً، إذ قدرت الأمم المتحدة بأن هنالك ما يقارب من 356 ألف امرأة حامل في منطقة الزلزال، ومن المتوقع أن تضع نحو 38800 منهن مولودها خلال شهر.

A premature baby in an incubator at the maternity hospital in Idlib, Syria. Picture: Abdulmonam Eassa/Getty Images

خديج داخل حضانة في مشفى التوليد بإدلب

وحول ذلك تعلق رشا نصر الدين وهي المديرة الإقليمية للمنطقة العربية لدى منظمة ActionAid فتقول: "ثمة وصول محدود للغاية إلى الخدمات مثل المشافي، ولهذا أصبحت الحوامل عرضة لخطر إصابتهن بمضاعفات في حال عدم تمكنهن من تلقي الرعاية الطبية اللازمة".

ساعدت التبرعات التي وصلت من أيرلندا العاملين لدى منظمة بنفسج في أن يكونوا أول الواصلين إلى الميدان في بعض مناطق شمال غربي سوريا، وذلك بحسب ما ذكرته كارول بالفي المديرة التنفيذية لمنظمة ActionAid في أيرلندا، حيث قالت: "مايزال الوضع سيئاً، إذ تعرض الآلاف من الأطفال لتجربة الانفصال عن أهلهم ومن يرعاهم أو فقدانهم، مما يجعلهم عرضة لضعف شديد في هذا الزمن العصيب، ولذلك تعمل منظمة بنفسج على تقديم بيئة آمنة لرعاية النساء والأطفال الذين تعرضوا للصدمة، بالإضافة إلى تأمين المستلزمات الأساسية التي تشمل حليب الأطفال والغذاء والماء، وكل ذلك بفضل التبرعات السخية التي قدمها الناس".

المصدر: Irish Examiner