icon
التغطية الحية

بعد الانسحاب الأميركي.. هل وقعت قسد بين فكي الكماشة الروسية؟

2019.11.27 | 15:08 دمشق

qsd_bd_alsytrt_ly_alrqt_2107.jpg
عناصر من قسد في الرقة (رويترز)
تلفزيون سوريا - سامر القطريب
+A
حجم الخط
-A

تسعى روسيا إلى الإمساك بخيوط اللعبة في الشمال السوري، وهو ما أتاحه انسحاب القوات الأميركية وإعادة انتشارها في المناطق النفطية بريف دير الزور والحسكة الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية(قسد)، إلا أن الانسحاب العسكري الأميركي من مناطق سيطرة قسد، تبعه تسليم واشنطن لـ موسكو مهمة إدارة الصراع في المنطقة المكتظة بالقوات الأجنبية والميليشيات إلى جانب قوات النظام والجيش الوطني السوري المدعوم من أنقرة.

روسيا تدير الصراع في الشمال

عقب الانسحاب الأميركي، والذي اعتبرته قسد رسميا تخلياً مؤسفا من واشنطن عنها، لم تجد قسد مهربا من اللجوء إلى العباءة الروسية بغية حماية وجودها العسكري في المنطقة الذي بات مهددا إثر عملية نبع السلام التركية، ونتج عن تسلمِ موسكو للدور الأميركي توقيع اتفاق سوتشي بين الرئيس رجب طيب أروغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين لإيقاف نبع السلام وانسحاب قسد بعمق 30 كيلومترا بعيداً عن الحدود مع تركيا، بعد اتفاق مماثل مع الولايات المتحدة التي سارعت إلى سحب قواتها من قاعدة صرّين العسكرية في عين العرب (كوباني)، لتحل محلها القوات الروسية.

لا تبني موسكو علاقتها مع قسد على أساس التحالف الذي كان وما زال قائماً مع واشنطن، حيث حذَّر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قسد من أن الاعتماد على الدعم الأميركي "لن يجلب لهم أي خير".

واتهم لافروف قسد بالفشل في الالتزام بالاتفاق الروسي التركي الذي أوقف عملية نبع السلام ، وأضاف أن "الأكراد يحاولون البقاء متحالفين مع الولايات المتحدة ، وتجنب الدخول في حوار مع الحكومة السورية" رافضا في الوقت نفسه مزاعم قسد بانتهاك تركيا وقف إطلاق النار.

تعمل روسيا على توظيف قسد بما يخدم علاقاتها مع تركيا شمال شرقي سوريا، فمنذ أيام قال ضابط الشرطة العسكرية الروسية سفر سفروف: إن القوات الروسية توسّع منطقة دورياتها شمال شرقي سوريا، وأن إحدى نقاط المراقبة ستقام في قاعدة صرّين الجوية. وأضاف سفروف"منذ أن غادر الأميركيون، أصبحت منطقة مسؤوليتنا تشمل كامل منطقة منبج وجوارها. نولي اهتماما خاصا للخطوط الأمامية... كما كلفنا أيضا بمهمة حراسة كلّ الأرتال التي تعبر منبج، ومرافقة قوافل المساعدات الإنسانية". 

إلى جانب ذلك أعلن رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، يوري بورينكوف، أن الشرطة العسكرية الروسية سيّرت دوريتين في مسارَين بمحافظتي حلب والرقة إضافة إلى دوريات جوية، ويعني ذلك أن النظام أصبح موجودا في تلك المنطقة.

قسد بين فكي "الكماشة" الروسية

ويشير مراقبون إلى لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في سانت بطرسبورغ، في تموز 2016 بعد أزمة إسقاط الطائرة الروسية، حيث قررا تطبيع العلاقات بين البلدين. بالإضافة إلى استعادة العمل على المشاريع المشتركة بين البلدين، وخفّضت أنقرة أنشطتها في القوقاز في مقابل تجميد موسكو مرة أخرى، علاقاتها بـ الإدارة الذاتية. وبدا ذلك واضحًا في ضوء تراجع أنشطة مكتب "كردستان سوريا" في موسكو، الذي بات استمرار وجوده، مع ما يعانيه من نقص في التمويل، محل تشكيك متكرر في 2017، إذ تبقى علاقة موسكو مع (الأكراد) رهن المعطيات الظرفية ولا تؤدي سوى وظيفة ثانوية بالنسبة لموسكو.

استهدفت روسيا أكثر من مرة التعاون بين الولايات المتحدة وقسد ضد تنظيم الدولة. ويرى مراقبون أنه لطالما حضَّت روسيا الأكراد على إنهاء التعاون مع الولايات المتحدة. ففي إحدى المرات، عقد الجيش الروسي اجتماعات مع قادة "حزب الاتحاد الديمقراطي" في قاعدة "حميميم" في أيلول 2017. وحين رفض الحزب المطالب الروسية، هدّدت روسيا بأنها ستسمح لتركيا بضرب وحدات حماية الشعب في عفرين، وسحبت قواتها من المنطقة عقابًا لرفض مطالبها.

كما هاجمت ميليشيات موالية للأسد ومرتزقة روس بما فيها "مجموعة فاغنر"، قسد لوقف الحرب ضد "داعش"، ولأن بوتين غضب من سيطرة قسد والبنتاغون على آبار النفط والغاز في دير الزور. وفي شباط 2018، هاجم نحو 500 عنصر من قوات النظام والمرتزقة الروس قسد والقوات الأميركية في مركز صغير يقع إلى جانب معمل غاز كونيكو بالقرب من مدينة دير الزور. وأنكرت القوات الحكومية الروسية في سوريا تورطها في المعركة. 

وتعمل روسيا على استغلال قلق تركيا إزاء تعاون قسد وواشنطن شمال سوريا. ويحاول بوتين تسهيل التقارب والمفاوضات بين نظام الأسد وتركيا وأيضًا إيران بحجة التهديد الذي تطرحه الولايات المتحدة في سوريا واحتمال إقامة "دولة كردية" شمال سوريا.

وفي الأيام الماضية قصفت طائرات مسيّرة تركية مواقع لقوات النظام في تل طويل الواقعة بين تل تمر والمناجير، ما أسفر عن إصابة عنصرين من قوات النظام على الأقل تم نقلهما إلى مشافي الحسكة. كما شهدت محاور على تخوم بلدة عين عيسى شمال مدينة الرقة، معارك عنيفة بين الجيش الوطني السوري من طرف وقسد من طرف آخر، وسط ضربات جوية مكثفة نفذتها طائرات مسيّرة تركية بالإضافة إلى قصف بري.

ويشير ذلك إلى أن حركة القوات التركية والجيش الوطني في الشمال أصبحت أسهل مع تسلم روسيا للمنطقة وفرض علاقة تبعية على قوات سوريا الديمقراطية، والتي قد تضطر لاحقا إلى عقد اتفاقات وتنازلات مع نظام الأسد برعاية موسكو. وفي الوقت نفسه أصبحت قسد أداة روسيّة للضغط على تركيا حسب ما تفرضه المعطيات الظرفية.

فرغمَ الاتفاق التركي - الروسي والتركي - الأميركي لإنشاء منطقة آمنة وإبعاد قسد عن الحدود، ما زالت أنقرة قلقة إزاء التعاون بين قسد وأميركا شمالي سوريا. وهذا ما يراهن عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.