icon
التغطية الحية

"بحصة تسند جرّة".. حوالات السوريين المهجّرين تعيل أسرهم في رمضان

2024.03.15 | 14:10 دمشق

iujjjuyy
الحوالات الخارجية تساعد السوريين في رمضان
 تلفزيون سوريا ـ إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

تعتمد معظم العائلات المقيمة ضمن مناطق سيطرة النظام السوري في تأمين معيشتها وحاجاتها اليومية، على الحوالات الخارجية، وخاصة خلال فترة شهر رمضان المبارك ومواسم الأعياد.

ووصل عدد السوريين المستفيدين من التحويلات المالية المرسلة من أبنائهم وذويهم المهجّرين والمقيمين خارج البلاد، إلى أكثر من 10 ملايين شخص خلال شهر رمضان لهذا العام، وفق تقرير أوردته اليوم الجمعة "وكالة أنباء العالم العربي" (AWP).

"أبو غدير" الذي يعمل في مصنع للألبان بالعاصمة دمشق، يقول معلقاً: "بحصة بتسند جرّة".. واصفاً المبلغ الشهريّ الّذي يُحوّله له ابنه المقيم في إحدى دول الخليج، والذي يصل إلى 250 دولارا؛ فقد مكّنت تلك الحوالة الشهريّة عائلته من تأمين جانب كبير من الاحتياجات الضروريّة لأسرة الرجل.

ويوضح أبو غدير في حوار أجرته معه الوكالة، بأنه ينتظر هذه الحوالة شهريّا لكيّ يغطّي نفقات أسرته المكوّنة من خمسة أفراد وبالكاد تكفيه في ظل ما وصفه بفوضى الأسعار في الأسواق، خصوصا مع حلول شهر رمضان.

وبصوت خافت، عبّر أبو غدير عن أسفه لعدم رغبته في عودة ابنه من الغربة، معلّلا ذلك بأن "رزقه ليس هنا، ولا حتى مستقبله؛ ولا إمكانية لاستمرارنا بالعيش من دون تحويلاته الماليّة... كنّا نصف الغربة عن بلادنا بالكربة؛ لكن مع الظروف الصعبة التي نعيشها باتت غربة أبنائنا طوق نجاتنا ومدخلا لحياة آمنة ومورد رزق". وأضاف: "لولا الحوالات، لمات النّاس من الجوع؛ لا نستطيع العيش من دونها".

وأفادت عدة شركات تحويل أموال في العاصمة السورية دمشق، بارتفاع حجم التحويلات الماليّة الخارجيّة المُرسلة من قبل أقارب المواطنين خارج سوريا إلى المقيمين داخل البلاد مع حلول شهر رمضان المبارك.

حد الفقر يتجاوز الـ90 بالمئة

وبحسب التقرير، أدّت أزمات سياسيّة واقتصاديّة متشابكة في سوريا إلى انهيار قيمة عملة البلاد الوطنيّة وتجاوز معدّل الفقر نسبة 90 بالمئة، بحسب تقارير الصليب الأحمر؛ كما أفرزت أزمات معيشيّة وصحيّة.

ومع دخول شهر رمضان وارتفاع الأسعار بنسبة كبيرة، تعتمد غالبية العائلات بشكل رئيس على الحوالات الماليّة الواردة من الأبناء والأقارب والأصدقاء المهاجرين لسدّ الاحتياجات اليومية الضرورية.

وباتت التحويلات المالية من الخارج إلى الداخل عصبا لحياة الكثير من العوائل، وفقا لما أشار إليه الأكاديمي المتخصص في الشؤون المالية والاقتصادية شفيق عربش، في حديث مع المصدر.

وقال عربش إنّ "70 بالمئة من السوريين أصبحوا يعتمدون في السنوات الأخيرة على أموال المغتربين التي تُصرف على استهلاكات لأساسيّات معيشيّة ضروريّة فقط، وليس على الرفاهيات"، مضيفاً أنه من الصعب تقدير حجم التحويلات الماليّة الخارجية؛ ويعود ذلك إلى عدد السوريين وتوزيعهم في الخارج، فضلا عن إرسال الكثير من التحويلات خارج القنوات الرسمية، أي عبر ما يُعرف بمكاتب التحويل الأسود.

ومكاتب التحويل الأسود تلك هي عبارة عن مكاتب حوالات منتشرة في كل دول العالم، تحوّل الأموال بشكل غير رسمي وغير مسجّل في تلك الدول ويتم التسليم من قبل أشخاص عاديين في الغالب في سوريا.

وأوضح عربش أن حجم الحوالات تتضاعف خلال رمضان بسبب إرسال العديد من المقيمين في الخارج أموالهم للزكاة ولأغراض خيرية.

75 بالمئة من السوريين بحاجة للمساعدات

ووصل عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في سوريا إلى أعلى مستوياته منذ اندلاع الصراع في البلاد عام 2011، إذ يحتاج ثلاثة من كل أربعة أشخاص للإغاثة، بحسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وحتى الربع الأول من عام 2023، بلغ عدد سكّان سوريا 26.7 مليون نسمة، منهم 16.76 مليون داخل البلاد و9.12 مليون سوري خارجها، وفقا لدراسة أعدها مركز (جسور) للدراسات.

ويتعمّق تردّي الأوضاع المعيشية للأغلبية العظمى من السوريين بسبب تدني الدخل الشهري ومواصلة تضخّم تكاليف المعيشة، إذ إنّ الحدّ الأدنى الرسمي للأجور في سوريا، والبالغ 278 ألفا و910 ليرات سوريّة، لا يكفي لتأمين إفطار العائلة ليومين على مدار شهر رمضان لهذا العام بحسب دراسة أجرتها صحيفة (قاسيون) المحليّة.

وأوضحت الدراسة أنّ البلاد شهدت تغيّرات معيشية واقتصادية كبيرة بين رمضان 2023 ورمضان هذا العام، حيث ارتفع السعر الإجمالي للسلّة الاستهلاكية من 242 ألف ليرة سورية إلى 610 آلاف و500 ليرة، أي أنها ارتفعت بنحو 152.2 في المئة.

زيادة الحوالات في رمضان

ونقل التقرير عن مسؤول في إحدى شركات الحوالات المالية بدمشق أنّ السوريين المغتربين يلجأون إلى تحويل الأموال إلى عائلاتهم وأقاربهم بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، مشيرا إلى زيادة وتيرة التحويلات الشهريّة خلال رمضان من كل عام من حيث المبالغ المرسلة وحجم الشريحة التي تغطيها.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، إنه في العادة يتم تحويل مبالغ شهرية أو شبه شهريّة صغيرة تتراوح بين 100 و150 دولارا في المتوسط، مشيرا إلى ارتفاع قيمة الحوالات الخارجية الواردة يوميا للبلاد إلى أكثر من 13 مليون دولار خلال رمضان، من نحو ستة إلى سبعة ملايين دولار في الأشهر الأخرى.

ويُقدَّر عدد المستفيدين من هذه التحويلات بأكثر من خمسة ملايين نسمة متوزعّين على مختلف مناطق البلاد؛ وترتفع نسبة هذه التحويلات لتصل إلى المثليْن بالتزامن مع استعداد الناس لاستقبال رمضان.

مصدر في شركة تحويل أموال أخرى بدمشق، قال إنّه منذ بداية مارس آذار الجاري، بدأت نسبة المبالغ المحوّلة إلى سوريا تتضاعف "ومن كان يرسل مليوني ليرة صار يرسل ضعفها"، بحسب وصفه.

وأوضح أن إجمالي الحوالات الواردة عبر شركته منذ بداية هذا الشهر بلغ نحو 500 مليون ليرة (نحو 37 ألف دولار أميركي)، متوقعا تضاعف الرقم مع قدوم عيد الفطر المبارك.

وبشأن أكثر الدول التي يتلقى منها السوريون تحويلات مالية، فقد ذكر المصدر أنها دول العراق والإمارات وألمانيا والسويد وتركيا، بالإضافة إلى دول أخرى.