icon
التغطية الحية

بالأرقام والوقائع.. هل يشكل اللاجئ السوري عبئاً أم مكسباً لخزينة لبنان؟

2022.09.01 | 07:12 دمشق

00
أحد مخيمات اللجوء السوري في البقاع شرقي لبنان (أرشيفية)
بيروت - فاطمة العثمان
+A
حجم الخط
-A

يحاول المسؤولون اللبنانيون تحميل اللاجئين السوريين تبعات الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان، بالرغم من ظروفهم القاسية، وسعت الحكومة اللبنانية مؤخراً لتنفيذ خطة تقضي بإعادة 15 ألف لاجئ شهرياً إلى سوريا، إلا أنها اصطدمت بممانعة الأمم المتحدة، وعدة جهات دولية.

لم يسلم اللاجئون السوريون في لبنان من سهام الاتهام بأنهم سبب الخراب في البلد المنهار على الرغم من أنهم يدفعون ثمن الخدمات التي تقدمها الحكومة على نفقتهم الخاصة، مما يزيد من معاناتهم.

يقول أبو مروان، لاجئ سوري يقيم مع عائلته المؤلفة من ستة أولاد في خيمتين في أحد مخيمات منطقة المنية شمالي لبنان، إنه يدفع ثمن اشتراكه بمولد الكهرباء نحو مليون و200 ألف ليرة شهرياً (الدولار الأميركي الواحد يساوي أكثر من 35 ألف ليرة لبنانية وفق أسعار السوق).

ويضيف، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" أن ساعات التغذية التي يوفرها المولد لا تتجاوز أربع ساعات باليوم الواحد.

ويشير أبو مروان إلى أن "جابي" الكهرباء الموفد من قبل وزارة الطاقة اللبنانية، يستوفي في الأول من كل شهر فواتير الكهرباء من اللاجئين في المخيمات، كحال جميع المقيمين في لبنان.

في حين تستوفي الوزارة رسوم الماء سنوياً، وتتراوح فواتير المياه بين 700 ألف ومليون ليرة (قرابة 21 دولارا)، بحسب استهلاك أصحاب الخيم.

كما يدفع اللاجئ السوري المقيم في المخيمات إيجار خيمته لـ "شاويش"، الذي يقوم بدوره بتسليم المبلغ لصاحب الأرض التي شيّد عليها المخيم، بالإضافة إلى رسوم "تنظيف" للبلديات المسؤولة عن المناطق التي تضم تلك المخيمات، وفقاً لأبي مروان.

وبحسب ما أفاد به عدة لاجئين لموقع تلفزيون سوريا، فإن إيجار الخيمة الواحدة يتراوح بين 30 و 40 دولارا شهرياً.

ويشار إلى أن المساعدات التي تقدم للاجئين السوريين في لبنان، تقسم إلى قسمين: المساعدة الأولى من برنامج الأغذية العالمي، والتي تبلغ 27 دولارا للشخص الواحد شهرياً، ويتسلمها اللاجئ من الحكومة 500 ألف ليرة (أقل من سعر الصرف الحقيقي)، ويتم تقديم هذه المساعدة لـ 6 أشخاص ضمن الأسرة الواحدة كحد أقصى، حتى وإن تخطى عدد أفراد الأسرة الواحدة ستة أشخاص، وتشمل هذه المساعدات الأسر الأكثر فقراً فقط.

أما المساعدة الثانية التي تقدمها المفوضة العليا لشؤون اللاجئين، فتبلغ نحو 173دولارا، ويتم تقاضيها بالعملة اللبنانية، وتبلغ قيمتها مليون ليرة للعائلة الواحدة، وتشمل 55% من العائلات الأكثر فقراً.

اللاجئون محركون للاقتصاد

ويقول الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي من المؤسف تحميل اللاجئين السوريين تبعات فشل السياسة النقدية، وانخفاض احتياطي مصرف لبنان المركزي من القطع الأجنبي، خاصة أن لجوءهم إلى لبنان لم يكن بمحض إرادتهم، وإنما نتيجة ظروف قاهرة.

ويحمّل قضيماتي مسؤولية انهيار الليرة اللبنانية وغلاء المعيشة والديون المتراكمة على لبنان لـ "سوء تخطيط وإدارة الفاعلين في الحكومة اللبنانية منذ عقد من الزمن، إلى جانب جائحة كورونا، والحرب الأوكرانية التي أثرت على جميع دول العالم، وعلى اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان بشكل خاص، أكثر من تأثيرها على لبنان بحد ذاته".

وبحسب الخبير الاقتصادي، ليست هناك إحصائيات دقيقة وشفافة لمساهمة الحكومة اللبنانية في تخفيف معاناة اللاجئ السوري.

 ويشيد قضيماتي بدور اللاجئين السوريين الفاعل في تحريك عجلة العديد من القطاعات التي تحتاج إلى يد عاملة ماهرة ورخيصة، موضحاً أن اللاجئ السوري يمتلك المهارة، ويحصل على مرتبات أقل من التي يطلبها عمال البلد نفسه.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن خطة الاستجابة LCRRP""، التي أعلنت عنها الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الانساني، تقدم المساعدة لـ 1.5 مليون لبناني، و1.5 مليون لاجئ سوري، و209 آلاف لاجئ فلسطيني، تصل قيمتها إلى 3.2 مليار دولار.

بحسب قضيماتي، طالما أن هذه الخطة، التي أعلن عنها منتصف العام الحالي، لم تقتصر على دعم اللاجئ السوري فقط في لنبان، لذلك لا يمكن أبدا أن يحمل اللاجئ تبعات كل الأزمات الاقتصادية التي مرّ وتمر بها البلاد.

تهويل إعلامي.. اللاجئ السوري سبب الانهيار

أثار تقرير للبنك الدولي عن تأثير "الأزمة السورية" على لبنان، وخسارته 40 مليار دولار خلال السنوات الماضية جدلاً استخدمه البعض للتحريض بأن اللاجئين السوريين هم سبب الانهيار الاقتصادي.

في حين، أوضح مدير عام اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان، حسام الغالي، لموقع "تلفزيون سوريا"، أن تقرير البنك الدولي، لا يستهدف اللاجئين السوريين في لبنان، وإنما يستهدف الحرب الدائرة في سوريا وما تبعه من إقفال الحدود وتعطل انسياب السلع بين البلدين إضافة لعمليات التهريب، وما إلى ذلك.

ورأى الغالي أن البعض استخدم تلك الأرقام ضد اللاجئين السوريين بغرض التهويل الإعلامي.

وبحسب الغالي، فإن مقاربة وجود اللاجئين السوريين لا يجب أن تتطرق فقط لما تخسره الدولة اللبنانية، وإنما بما تربحه أيضاً.

وتتمثل الخسائر، بحسب الغالي، بالضغط على البنى التحتية والمياه والكهرباء ومرافق الدولة الحيوية، ولكن في المقابل، تأخذ الدولة اللبنانية المساعدة المقدمة من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لنحو نصف مليون لاجئ، والتي تبلغ 27 دولارا أميركيا كما ذكرنا سابقاً، وتقدمها بدورها للاجئين بالعملة اللبنانية، حيث تعطيهم 500 ألف ليرة لبنانية، ما يعني أنها تربح 10 دولارات من كل لاجئ.

وتحدث الغالي عن أموال تضخ إلى لبنان بالعملة الصعبة بسبب وجود اللاجئين على أراضيه، سواء من منظمات الأمم المتحدة، أو من خلال الجمعيات الفاعلة في ملف اللاجئين، إلى جانب الأموال التي تضخ مباشرة للدولة اللبنانية، بينها الأموال التي تمنح لوزارة التربية والتعليم العالي لتدريس اللاجئين، والتي تصل إلى نحو 100 مليون دولار في السنة، إضافة إلى الأموال التي تدفع للمستشفيات لطبابة اللاجئين.

وبيّن الغالي أن مصاريف اللاجئين اليومية التي تتمحور حول الطعام والشراب وما إلى ذلك تبلغ بالحد الأدنى 5 دولارات يومياً، ما يؤمن 7,5 ملايين دولار يومياَ لخزينة الدولة اللبنانية.

وأضاف الغالي أن إيجارات المنازل والمخيمات التي ينفقها اللاجئون في لبنان تعتبر مكسباً للاقتصاد اللبناني، خاصة أنها تدفع بالعملة الأجنبية.

يشار إلى أن لبنان طالب في شهر حزيران/يونيو الماضي بـ 3،2 مليارات دولار لمعالجة "التأثير المستمر للأزمة السورية"، بحسب بيان للأمم المتحدة، في حين قالت الأخيرة إنه تم تقديم نحو 9 مليارات دولار كمساعدات للبنان من خلال "خطة لبنان للاستجابة للأزمة" منذ عام 2015.