icon
التغطية الحية

باستثناء منحة يتيمة.. منكوبو الزلزال في مناطق النظام يشكون غياب المنح النقدية

2024.02.06 | 11:25 دمشق

باستثناء منحة يتيمة.. منكوبو الزلزال في مناطق النظام يشكون غياب المنح النقدية
عائلات تحتمي داخل مسجد في حي سليمان الحلبي بمدينة حلب عقب الزلزال - UNHCR
حلب - محمد كساح
+A
حجم الخط
-A

باستثناء المنحة التي قدمتها غرفة صناعة حلب والتي طالت 1000 أسرة متضررة من كارثة الزلزال التي وقعت في 6 شباط الماضي، لم يشهد آلاف المنكوبين في حلب واللاذقية مبادرات ومنحاً حقيقية تساعدهم على الخروج من مأزق السكن الذي يعيشونه واقعاً إجبارياً.

وبحسب مصادر أهلية من حلب تحدثت لموقع تلفزيون سوريا، لم يتمكن الجزء الأكبر من المنكوبين من الحصول على أي منحة مالية لغرض إيجاد سكن بديل، ما جعلهم يتشردون بين الإقامة في ظروف صعبة ضمن مراكز الإيواء، أو التوزع على منازل معارفهم وأقاربهم التي سلمت من الهزات.

وبلغ عدد المباني المتضررة من الزلزال غير الآمنة للعودة وغير القابلة للتدعيم في مناطق النظام 4444 مبنى، وعدد المباني التي تحتاج إلى تدعيم لتصبح آمنة للعودة 29751 مبنى، وعدد المباني الآمنة وتحتاج إلى صيانة 30113 مبنى، بحسب "اللجنة العليا للإغاثة" التابعة للنظام السوري.

منحة وحيدة

وفي حين استفادت قرابة ألف أسرة فعليا من منحة غرفة الصناعة، لم تقدم حكومة النظام على إطلاق مبادرات مماثلة، في تفعيل لمسار تخلي الدولة عن مسؤولياتها أمام المواطنين، وهو مسار متبع في السنوات الأخيرة في ظل حالة الإفلاس التي تعاني منها الخزانة العامة.

ويعتبر الباحث الاقتصادي عبد الرحمن أنيس أن المنحة المقدمة من غرفة الصناعة والتي بلغت مليوني ليرة لكل أسرة "شكلت متنفسا للمتضررين من الزلزال الذين فقدوا منازلهم حيث يغطي هذا المبلغ إيجار منزل بديل لمدة عام وربما أكثر حيث يسمح للعائلة باختيار المنطقة والمنزل المراد استئجاره".

ويضيف، في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، أن "تلك المبالغ يمكن أن تدخل الدورة الاقتصادية وتشكل داعما ولو ضئيلا لاقتصاد منهار فقد مكوناته ومدخلاته المالية، كما يمكن أن تكون بوابة لبعض مشاريع التعافي الاقتصادي في مناطق النظام وهروبا من العقوبات المفروضة على النظام السوري، ولكنها لايمكن أن تفتح بابا لإنقاذه من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها".

استجابة حكومية خجولة

حكومة النظام السوري، بدورها، لم تحرك ساكنا منذ الكارثة وحتى الآن لتأمين حلول جادة للمنكوبين، بل اكتفى رئيس النظام بإصدار المرسوم التشريعي رقم (3) لعام 2023 الذي يقضي بمنح إعفاءات خاصة للمتضررين من الزلزال تشمل الضرائب والرسوم المالية وبدلات الخدمات والتكاليف المحلية ورسوم الترخيص على أعمال إعادة البناء الكلي أو الجزئي أو إعادة التأهيل الكلي أو الجزئي لمنشآتهم ومحالهم ومنازلهم وأبنيتهم وذلك لغاية 31/ 12/ 2024.

وبالرغم من أن الإعلام الموالي روج لأهمية هذا المرسوم كـ "خطوة مهمة للتخفيف عن المتضررين عبر حزمة واسعة من الإعفاءات الضريبية والإعفاءات من الرسوم والتكاليف المالية"؛ إلا أن الواقع على الأرض يلغي أهمية بنوده سواء بسبب عدم توفر السيولة المالية للمنكوبين، ما يمنعهم من إعادة ترميم منازلهم الآيلة للسقوط، أو فرض النظام عراقيل أمام إعادة البناء، خاصة فيما يخص الأبنية العشوائية المهدمة.

ويعفي المرسوم جميع المنكوبين من الضرائب والرسوم على أعمال إعادة البناء، وإعادة التأهيل الكلي أو الجزئي لمنشآتهم ومحالهم ومنازلهم وأبنيتهم، ومن ضريبة الدخل على الأرباح وضرائب ريع العقارات، ومن الاشتراكات وقيم الاستهلاك لخدمات الاتصالات والكهرباء والمياه، وتأجيل تسديد أقساط القروض المصرفية المترتبة على المتضررين حتى نهاية العام 2024.

كما ألغى المرسوم كل التحققات من الضرائب والرسوم المالية والتكاليف المحلية وبدلات الخدمات المترتبة على المتضررين قبل تاريخ صدور هذا المرسوم. وسمح للمتضررين بالاقتراض من المصارف العامة لمبلغ يصل إلى مئتي مليون ليرة تسدد على مدى عشر سنوات وتتحمل الخزينة العامة للدولة فوائد القرض، ولا يكون التسديد فورياً بل يبدأ استحقاق التسديد بعد ثلاث سنوات من تاريخ منح القرض، وتتحمل خزينة الدولة الفوائد والعمولات المترتبة على منح تلك القروض.

فساد وسرقة

ويقول المنسق في الشأن الإغاثي والطبي مأمون سيد عيسى إن النظام لم يقدم أي منحة مالية للمتضررين من الزلزال، بل على العكس من ذلك تماما، فقد قام النظام بسرقة معظم المساعدات التي منحت للمنكوببن.

ويضيف، خلال حديث لموقع تلفزيون سوريا، أن "فضائح سرقة المساعدات المستقدمة لصالح منكوبي الزلزال في الساحل السوري تم نشرها في المواقع الموالية وهي موثقة بالأسماء، وبالتالي فلو تم منح مساعدات نقدية من قبل الجهات الدولية والإقليمية الداعمة فبالتأكيد ستتم سرقتها".

ويتابع أن الأمر نفسه ينطبق على كل ما قدم كمساعدات ومشاريع سكن بديل منذ حدوث كارثة الزلزال حتى الآن، وكمثال على ذلك مشروع السكن البديل الذي مولته الإمارات والذي يشمل تشييد ألف وحدة سكنية، ويبدو أن سرقة مبالغ التمويل منع من استكمال المشروع الذي لم ينفذ منه حتى الآن سوى جزء بسيط ومتواضع.

ويستند سيد عيسى إلى تقارير دولية قيمت استجابة النظام للزلزال، فضلا عن متابعته الخاصة للملف، متوصلا إلى أن "النظام قام بسرقة المساعدات الواردة للمتضررين التي تصل لمناطقه، بالتوازي مع تسبب الانهيار الاقتصادي باستمرار تآكل قدرة النظام على تقديم الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه وأنظمة الصرف الصحي، وخدمات الصحة العامة للسكان عموما وللمتضررين من الزلزال خصوصا تحت ضغط هائل، في سياق لا يكاد يكون فيه أي استثمار في التنمية أو تقديم الدعم لمتضرري الزلزال".

ويتابع بأن الزلزال "أدى إلى ضغط هائل على القطاع الطبي الهش الناجم عن شبه غياب لهياكل النظام حيث نلاحظ التردي غير المسبوق في خدمات المشافي والمراكز الصحية في القطاع العام مع فقدان الأدوية ضمنها مما يضطر المريض لشراء الأدوية على حسابه".

ولم يقم النظام بإقامة مشاريع سكن للتعويض عن متضرري الزلزال سوى بشكل محدود، وفقا لسيد عيسى، ومن أصل 1000 وحدة سكنية لمتضرري الزلزال  تعهدت الهلال الأحمر الإماراتي ببنائها تم لغاية شهر أيلول من العام الماضي تنفيذ 47 وحدة سكنية فقط في محافظة اللاذقية ويبدو أن هنالك عقبات أمام إكمال بناء باقي الوحدات، وبالتالي سيكون معظم متضرري الزلزال في مناطق النظام نازحين دون مأوى.