icon
التغطية الحية

باحثون أميركيون: زلزال سوريا وتركيا صورة مصغرة لما سيحدث في كاليفورنيا

2023.02.18 | 17:30 دمشق

تشققات عميقة على الطريق البري الواصل بين منطقتي أنطاكيا وجيلوة غوزو الواقع على خط صدع في ولاية هطاي جنوبي تركيا
تشققات عميقة على الطريق الواصل بين أنطاكيا وجيلوة غوزو في هاتاي جنوبي تركيا ـ الأناضول
Phys.org - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في ساعات الفجر الأولى من صباح 6 شباط، ضرب زلزال شدته 7.8 درجات الجنوب التركي والشمال السوري، وأعقبته كثير من الهزات الارتدادية، بينها زلزال بشدة 7.5 درجات حدث بفعل الزلزال الأول، والذي كان مركزه على بعد 96 كلم شمال الزلزال الأصلي. وقد أدت تلك الهزات إلى تدمير الآلاف من المباني وتسويتها بالأرض، ومقتل أكثر من 40 ألف إنسان، ويتوقع المسؤولون أن ترتفع حصيلة الموتى خلال الأيام المقبلة.

قد يبدو كل هذا الدمار بعيداً عن بقية الشعوب، بيد أن الخبراء يقولون إن جيولوجيا الأرض تحت تركيا وسوريا تتمتع بكثير من القواسم المشتركة مع بنية وجيولوجيا الساحل الغربي للولايات المتحدة، خاصة في كاليفورنيا حيث يمتد صدع سان أندرياس لمسافة 1200 كلم من شمال تلك الولاية إلى جنوبها.

درست الباحثة شيديه داشتي وهي أستاذة مساعدة في قسم الهندسة المدنية والبيئية والمعمارية، ومعاونة عميد بالوكالة في مجال الأبحاث لدى كلية الهندسة والعلوم التطبيقية، طريقة استجابة البنية التحتية للكوارث الطبيعية، وتعمل مع زملائها في تركيا على إرسال فريق إلى هناك لتسجيل حجم الدمار.

أما الباحث كارل مولر وهو أستاذ علوم الجيولوجيا فدرس نظام الصدوع والفوالق والزلازل التي تحدث داخل تلك الصدوع، فيناقش هو والباحثة داشتي ما يمكن للباحثين أن يتعلموه من الزلزال وكيف يمكن لكاليفورنيا أن تستعد للزلزال المحتم.

لماذا تحدث الزلازل؟

يخبرنا العالم مولر بأن الطبقة الخارجية من الأرض تتألف من صفائح تكتونية تتحرك على الدوام فتصطدم بعضها ببعض أو تنزلق، وتتمتع القشرة المحيطة بحافة الصفيحة بطاقة مرنة إلى أن تتحرر على شكل حركة مفاجئة عند وقوع الزلازل، ويمكن للصفائح أن تصطدم بعضها ببعض مثل ما حدث مع الصفيحة العربية التي اصطدمت بالصفيحة الأناضولية، كما يمكنها أن تنزاح إلى الجوانب، مثل ما حدث مع صدع سان أندرياس. وعلى الرغم من اختلاف حركة الصفائح، فإن نوع الانزياح وشدة الزلزال في تركيا تشبه شدة الزلزال المتوقع في صدع سان أندرياس جنوبي كاليفورنيا.

اقرأ أيضا: أكثر من 1.5 مليون مبنى بحاجة للهدم في تركيا من جراء الزلزال

هل كان هذا الزلزال مخالفاً للمألوف؟

تخبرنا الباحثة داشتي بأن هذه الأحداث وقعت ضمن الصدع الأناضولي الشرقي الذي يفصل بين ثلاث صفائح تكتونية، وهي الصفيحة العربية والأفريقية والأناضولية. وهذه المنطقة نشطة جداً زلزالياً، إلا أن الشدة التي رأيناها مع الزلزال الأول وما أعقبه من هزات تعتبر نادرة في مختلف بقاع العالم، وذلك لأن آخر حدث وقع بهذا الحجم ضمن المنطقة نفسها في تركيا وقع في عام 1939.

لماذا كان هذا الزلزال مدمراً جداً؟

يخبرنا الباحث مولر بأن الزلازل التي تتسم بهذه الشدة والتي تحدث بالقرب من منطقة مأهولة أو داخل مركز مدينة ما لابد وأن تخلف دماراً هائلاً، وعليه يمكن للأبنية أن تنهار كما رأينا في تركيا، بيد أن هذا الأمر يختلف باختلاف المكان وطريقة البناء.

أما العالمة داشتي فتقول: إن الشدة ليست الشيء الوحيد الذي يحدد نسبة الدمار، فمركز الزلزال في هذه المرة كان قريباً من السطح جداً، ما يعني بأن شدة اهتزاز الأرض بوسعها أن تجعل الزلزال أكثر تدميراً، كما يمكن أن يتسبب العدد الكبير من الهزات الارتدادية القوية بتدمير مزيد من المباني التي تضعضعت بفعل الزلزال الأول.

وهذه المنطقة عرضة لخطر التميع الزلزالي والانهيارات الزلزالية، ويقصد بالتميع الزلزالي أن تبدأ التربة التي تتسم بالصلابة والمتانة في الأحوال العادية بالتحرك كشيء سائل في أثناء الزلزال، مما قد يخلف كثيراً من الدمار.

أما توقيت الزلزال فقد كان مؤسفاً، إذ وقع عند الساعة الرابعة فجراً والناس نيام في بيوتهم، وذلك لأن الدمار يمكن أن يقتل مزيداً من البشر عند وجودهم في البيت. وفي جنوب شرقي تركيا، على الحدود مع سوريا، هنالك نسبة كبيرة من اللاجئين الذين تعرضوا للتهميش إلى حد كبير، وهذا ما جعل آثار الدمار أسوأ بكثير، إذ لا بد أن يصعب ذلك من أمور التعافي بالنسبة لهم.

إلى أي مدى بوسع شفرات ومواصفات المباني أن تساعد على الحماية عند وقوع زلزال هائل؟

تخبرنا داشتي بأن تركيا تتمتع بشفرة أبنية حديثة، ولكن حتى تلك الشفرات الحديثة للأبنية لا تضمن عدم وقوع أي أضرار، وقد وضعت تلك الشفرات بناء على مستوى الخطر الذي بوسع المجتمع تقبله، غير أن الهياكل التي صممت بناء على شفرة المباني الحديثة وبنيت بحسب ما يمليه الضمير والأخلاق تبعاً لذلك التصميم من المتوقع لها أن تعاني من أضرار أخف إجمالاً من تلك التي بنيت من دون مراعاة تلك الشفرات، ولهذا نتوقع لشفرات البناء أن تسهم في الحد من الخسائر في الأرواح والممتلكات والأرزاق، حتى في حال وقوع زلزال كبير كهذا.

ما الذي بوسعنا تعلمه من هذه المأساة لنمنع وقوع خسائر مماثلة مستقبلاً؟

تخبرنا الباحثة داشتي بأن الزلازل يمكن أن تتسبب بدمار هائل، خاصة في المناطق التي تعاني على المستوى السياسي والاقتصادي، بيد أن تلك المناطق توفر مختبراً واسعاً أمام العلماء حتى يتعلموا الدروس والعبر للحد من وقوع تلك الخسائر مستقبلاً.

إن نوع الاهتزاز الذي رأيناه في تركيا يشبه إلى حد كبير ما سنراه في كاليفورنيا، وذلك فيما يتصل بكيفية حدوث الزلزال، وكيف تشكلت الأمواج، لأن كل هذه الأمور لا بد لنا أن نأخذها في الحسبان، لأنها يمكن أن تؤثر على طريقة تصميمنا للبنية التحتية. وهنا علينا أن نتعرف إلى استجابة الأبنية التي بنيت بناء على الشفرات والمعايير الحديثة، لأن هذه الأبنية إن صممت بناء على هذه الشفرات، فلم إذن ما تزال تنهار وتسقط؟

لهذا السبب علينا أن نرسل فريقاً ليقوم بجمع أدلة وعينات.

هل يمكن لهذا الدمار أن يحدث في كاليفورنيا؟

يقول الباحث مولر: ما صدمني في زلزال سوريا وتركيا هو أنه مجرد صورة مصغرة لما سيحدث في جنوبي كاليفورنيا، لأن هذا الصدع يشبه ذاك حد التطابق، لذا من المحتمل أن يقع زلزال هناك بالشدة نفسها.

كيف تستعد كاليفورنيا للزلزال العظيم؟

يقول مولر إنهم قاموا بكثير من الأمور فيما يتصل بمحاولة تحديد موضع الخطر الأشد بحيث ينعكس ذلك على بناء البنية التحتية، مع تحديد الأبنية التي من المحتمل أن تتحول إلى مشكلة والتي يمكن تعديلها، والأبنية التي بوسعها أن تتحمل.

عملت الدراسات التي تهدف إلى توقع آثار ذلك الزلزال المدمر على المجتمع، على التركيز على مدى تضرر القنوات المائية وتمديدات المياه حال وقوع ذلك الزلزال، وطريقة إصلاحها بسرعة عقب وقوعه. ولذلك تم تركيب أنظمة الإنذار المبكر حتى تقوم بقطع البنية التحتية الحساسة بهدف تخفيف الضرر. وثمة برنامج يحمل اسم ShakeOut يستعين بتدريبات لتعليم عامة الناس ماذا عليهم أن يفعلوا حال وقوع أي زلزال.

ما الذي بوسع الناس العاديين فعله عند وقوع الزلزال؟

يخبرنا الباحث مولر بأن أول شيء يجب علينا فعله عندما نشعر بوقوع هزة هو أن نجلس تحت مقعد أو عند عتبة الباب، وأن نبقى كذلك إلى أن تتوقف الهزة، من دون أن نحاول أن نجري إلى الخارج. كما أنه من المفيد أن يحتفظ المرء بكمية من الماء تكفي لأسبوعين داخل البيت أو في خزان احتياطي. وينبغي على المرء أيضاً أن يخزن طعاماً احتياطياً لا يفسد يكفي لمدة أسبوعين، إلى جانب معرفة الصمام الذي يقطع الغاز عن البيت، لأن تلك هي أهم الأمور الواجب أخذها بعين الاعتبار.

المصدر: Phys.org