icon
التغطية الحية

اللجنة الدستورية والكرد.. اعتراضات على الآلية وتطلعات مشروعة

2018.08.14 | 16:08 دمشق

خلافات بين الدول الضامنة لـ محادثات "أستانا" حول حصة الكرد في اللجنة الدستورية (إنترنت)
باز بكاري - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

أقرّ "مؤتمر الحوار الوطنيّ السوريّ"، الّذي عُقِد في مدينة سوتشي الروسيّة تحت رعاية روسيّة، تشكيل لجنة إصلاح دستوري بين "نظام الأسد" والمُعارضة السورية، مع مُمثلين عن منظمات المجتمع المدنيّ، برعاية من الأمم المُتحدة، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدوليّ 2254.

رغمّ أنّ الهيئة التفاوضيّة العُليا المُعارضة أعلنت عن مُقاطعتها للمؤتمر، وبالتالي مُقاطعة نتائج المؤتمر،  فإنّها رشحت خمسين مُرشحاً، وقدّمت القائمة لـ مبعوث الأمم المُتحدة إلى سوريّا، ستيفان ديمستورا. لتُشارك بـ 15 لمُناقشة صياغة دستور سوريّ جديد.

 

اعتراضات على آلية تشكيل اللجنة الدستورية

يظنّ القاضي السوريّ رياض علي، أنّ اللجنة الدستوريّة، بالشكل المُتفَق عليه، ليست الطريقة المُثلى؛ لكن، بالمُقابل، يقول إنّه: "أفضل الممكن، لأنه من المستحيل أن تتفق الأطراف السياسيّة على لجنة تمثل كل السوريين، ولا سيما بعد الاستقطابات والانقسامات التي شهدها المجتمع السوريّ، وتشكيل اللجنة الدستورية بهذه الطريقة تجربة فريدة من نوعها، ولم يسبق أن خضعت لها أي من الدول التي مرت بصراعات وحروب مماثلة".

إلا أنّه بالمُقابل يتحفظ على أنّ: "ثلث النظام تم وضعه بالتشاور مع الروس والإيرانيين وثلث المعارضة تم وضعه بالتشاور والتنسيق مع الدولتين المذكورتين بالإضافة إلى تركيا، هذا ما كان ظاهراً عبر وسائل الإعلام وتصريحات الأطراف السياسية السوريّة، وقد يكون ما خفي أعظم. إذ كان من المفترض أن يتم وضع الأسماء من قبل السوريين أنفسهم، وبطريقة تمكّن المختصين من تولي هذه المهمة لا أن تكون الغالبية العظمى من أعضاء اللجنة الدستورية من ذوي التوجهات السياسيّة المحكومين بأجندات سياسية معينة".

ترافقت عملية الإعلان عن تشكيل لجنة الإصلاح الدستوري مع موجة من الانتقادات، سواء من ناحية نجاعة عمل لجنة كهذه في ظل الهُوة الواسعة بين المعارضة والنظام وبين معظم المكونات السياسية السورية، أم من ناحية الآلية التي اعتمدت لتشكيل اللجنة. 

يفتقر السوريون إلى آليّة تحديد لجنة صياغة الدستور

كذلك، يتوافق فاروق حجي مصطفى، وهو المُدير التنفيذي لمُنظمة برجاف للمجتمع المدنيّ، مع القاضي رياض علي؛ إذ إنّه يقول: "في الحقيقة، وتماماً مثل ما يقول المنطق (المقدمة الخاطئة تعطي نتيجة خاطئة)، فحتى الآن يفتقر السوريين إلى آليّة تحديد لجنة صياغة الدستور، وعادة فإنّ لجنة الصياغة تؤسس وتأخذ في عين الاعتبار تعددية المجتمعات والتكتلات السياسية سواء أكانت في لجنة الصياغة أو في لجان مرفقة أو تابعة".

يُضيف حجي مصطفى: "كما إنّنا لا نعرف بالضبط هل سيحول أو يتعامل المبعوث الخاص مع الأسماء الباقية على أنّها بمثابة الجمعيّة التأسيسية، كُرديان في لجنة الصياغة لا يكفيان خصوصاً أن البنود والمبادئ يتم التصويت عليها، لذا فإنّ مبدأ التوافق، والبحث وانتزاع "مبادئ" تسمى مبادئ فوق الدستورية أمرٌ ضروري، فضلاً عن صياغة النظام الداخلي للجنة وأيضاً هل ستكون مدونة السلوك ولجنة الإعلام والمال والإدارة في مكان حيادي أم أين؟.. إنها مسائلُ فنيّة ومسائل معقدة تأخذ الوقت والمشروعية أكثر من محتوى الدستور نفسه، ثم كيف سنتعامل مع الخبراء هل سيكونون من الأجانب؟" وما حدود التدخل؟ ومن سيقرأ النسخة الأخيرة؟ ومن هو القانوني الذي سينقل وسيكتب بلغة القانون وأيضاً المنقحون كل ذلك سيكون محلَ الإشكال".

 

هل يتمكّن الدستور من خلق توافق سوري؟
ظلّت سوريّا، خلال سنوات الحرب الماضيّة، في صراع وجوديّ، جغرافيّاً وسياسيّاً، أثّر سلباً على تركيبة الجغرافيّة السوريّة المجتمعيّة والسياسيّة، الّتي أفرزت أزمةً من الثقة بين مُكوِنات الشعب السوريّ، بمختلف انتماءاتهم. يقف الأمر عائقاً أمام إعادة صياغة دستورٍ سوريّ يضمن تطلعات المكونات السوريّة جميعها، القوميّة والدينيّة الطائفيّة، وهذا ما يؤثر على مدى نجاح اللجنة الدستوريّة في بناء دستور يضمن للسوريين جميعهم حقوقهم، ويُنهي الحرب.

عن ذلك، يقول علي، إنّ: "الدساتير تتمتع بأهمية كبيرة في إدارة شؤون الدولة، الداخلية والخارجية، بل وأصبحت أدوات ذات فاعلية في إدارة الأزمات، ولا سيما في الدول التي تشهد حروبا وأزمات كما هو الحال في سوريا، ومن المعلوم أن الحرب الدائرة في سوريا وما شهدته من تدخلات دولية وإقليمية، خلقت كثيراً من الانقسامات العميقة بين المجموعات والمكونات السورية، وبالتالي يمكن أن يلعب الدستور دورا إيجابيا فاعلا في خلق المصالحات الجماعية، والتخفيف من الاستقطابات".

أيضاً، يوضح: "لكي يتمكن الدستور من لعب هذا الدور الفاعل لا بد من إشراك الغالبية العظمى من السوريين بجميع مكوناتهم ومشاربهم وانتماءاتهم في عملية بناء الدستور، أي الوصول إلى مرحلة التوافق المجتمعي في عملية بناء الدستور، ولابد من تحقيق المشاركة المجتمعية في ذلك، وتقتضي هذه المشاركة مساعدة المواطنين على فهم حقيقة الدستور، والإعداد الجيد لهذه المشاركة من خلال الدورات التدريبية التثقيفية والحملات الإعلامية، وإشراك المجتمع المدني في هذه العملية للوصول إلى أرضية مشتركة بين مختلف الأطراف بهدف تحقيق التوافق الوطني بينها".

 

التمثيل الكُرديّ في اللجنة الدستوريّة.. مخاوف وتطلعات
في الجانب الكُرديّ، لم تُرضِ النتائج الأوّلية لتشكيل اللجنة الدستوريّة الكُرد؛ إذ إنّ قائمة المُرشحين الّتي قدَمتها الهيئة التفاوضيّة المُعارضة ضمّت اسمي مُرشحّين كُرديين فقط، من أصل خمسين اسمّاً قُدِم، بما يتوافق مع النسبة الديموغرافيّة للكُرد في سوريّا، وهو ما يُثير مخاوف الكُرد في سوريّا من عدم الاعتراف الدستوريّ بحقوقهم القوميّة مستقبلاً.

إلا أنّ ممثل المجلس الوطنيّ الكُرديّ في الهيئة التفاوضيّة ومرشح اللجنة الدستوريّة، حواس عكيد، يبيّن أنّ هذه النسبة لا تُمثل الكُرد، بل تمثل المجلس الوطني الكُرديّ، بقوله: "دعني بداية أصحح مصطلح تمثيل الكرد في اللجنة الدستورية، التمثيل هو تمثيل المجلس الوطني الكردي الذي يمثل شريحة واسعة من الشعب الكردي، وليس كل الأطراف الكردية. والتمثيل جاء وفق تمثيل المجلس في هيئة التفاوض، وكان حينذاك المجلس الوطني الكردي ممثلا كجزء من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية".

كذلك، أوضح عكيد أنّ المجلس تمكّن من جعله مكوناً رئيساً في الهيئة التفاوضيّة، مع المكونات السبعة الباقيّة، إضافةً إلى تمثيله ضمن الائتلاف.

نسبة التمثيل الحالي في اللجنة الدستورية لا تمثل النسبة الحقيقية للكرد كثاني قومية في سوريا

ويقرّ مرشح اللجنة الدستوريّة بأنّ: "نسبة التمثيل الحالي في اللجنة الدستورية لا تمثل النسبة الحقيقية للكرد كثاني قومية في سوريا كعدد، ولكن أريد أن أوضح نقطة لا يتم تسليط الضوء عليها، وهي أن المجلس بالإضافة إلى ممثليه في اللجنة الدستورية، له ممثلون في غرفة الخبراء التابعة للهيئة المؤلفة من 15 عضوا، وسيكون هناك شخصيات كردية بين الخمسين ممثلاً من منظمات وشخصيات المجتمع المدني الذين سيختارهم المبعوث الدولي ستيفان ديمستورا، ونعمل بجد على أن تكون نسبة ممثلي الكرد متوافقة مع الحجم الحقيقي للشعب الكردي في سوريا".

بينما القاضي رياض العلي، يجد أنّ التمثيل الكردي في اللجنة الدستورية ضعيف جداً ويعزو ذلك إلى ضعف أداء المجلس الوطني الكردي ضمن صفوف المعارضة. حيثُ يُشير إلى أنّ: "التمثيل الكردي في اللجنة الدستورية سيكون ضعيفا جدا لأننا لا نعلم العدد الذي قام النظام بتسميته من الكرد في اللجنة الدستورية، واعتقد أنه سيكون قليلا جدا، أما بالنسبة للمعارضة المتمثلة بهيئة التفاوض، فقد سمّت اثنين فقط من أصل خمسين عضوا، وهذا العدد قليل جدا مقارنة مع نسبة الكرد في سورية، إضافة إلى أنه سيتم اختيار خمسة عشر عضوا من الخمسين المذكورة، وهذا يعني احتمال استبعاد أحدهما إن لم يكن كلاهما، وأعتقد أن السبب يكمن في ضعف أداء المجلس الوطني الكردي في المعارضة، وعدم اتخاذ مواقف حاسمة منذ البداية، ومن الممكن أن تكون المصالح الشخصية قد لعبت دورا في هذا الأمر، فإما أن أكون شريكا حقيقيا أو أن لا أشارك أصلا في العملية الدستورية، وأرى بأنه كان من الممكن أن يكون للمجلس الوطني الكردي دور أكثر فاعلية وتأثيراً إنْ عرف كيف يلعب على التناقضات، التي نحن بغنىً عن ذكرها الآن".

 

ما الّذي ينتظر الكُرد في الدستور السوريّ الجديد
"بكل تأكيد نحمل الرؤية السياسيّة للمجلس الوطني الكردي، فكما تعلمون قبل التصويت على تمثيل المجلس ككيان مستقل في الهيئة كنت الوحيد الممثل في الهيئة كجزء من الائتلاف بموجب الاتفاقية الموقعة بين المجلس والائتلاف، في ذلك الوقت سلّمنا ورقة المبادئ الاثني عشر إلى المبعوث الأممي باسم هيئة التفاوض، فيها تأكيد على جزء كبير من مطالب المجلس ورؤيته السياسية وأصبحت هي رؤية المعارضة، حيث تم التأكيد على التعددية القومية والدينية في سوريا، والاعتراف الدستوري بحقوق جميع القوميات من عرب وكرد وتركمان وسريان آشوريين، واعتبار القضية الكردية جزءا أساسيا من القضية الوطنية السورية، وإلغاء السياسات الاستثنائية المطبقة بحق الشعب الكردي وتعويض المتضررين وإعادة الجنسية إلى من تبقى من الأجانب ومكتومي القيد، وهيئة التفاوض الآن تتبنى هذه المطالب". يقول حواس عكيد، ممثل المجلس الوطنيّ الكُرديّ في الائتلاف، والمُرشح للجنة الدستوريّة عن قائمة المُعارضة السوريّة.

كانت مطالب معظم الأحزاب والتيارات السياسيّة الكردية قبل الثورة وأثناءها تؤكد على ضرورة وحتمية الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي

لطالما كانت مطالب معظم الأحزاب والتيارات السياسيّة الكردية قبل الثورة وأثناءها تؤكد على ضرورة وحتمية الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي وهذا كان ديدن الحركة الكردية في معظم تعاملاتها مع الأطراف السورية معارضة ونظام، ويقفُ الكُرد، اليوم، أمام هذا المُستحق، الّذي سعى إليه منذ عقود.

يُضيف عكيد: "بالإضافة إلى رؤية المجلس لحل القضية الكردية، نحمل رؤية شاملة للحل في سوريا المستقبل، ورؤيتنا تتقاطع مع جميع قوى المعارضة المتفقة على أن تكون سوريا المستقبل لامركزية، ولكن شكل اللامركزية ما زال موضع نقاش، بعض الأطراف تطرح اللامركزية الإدارية وبعضها تطرح لا مركزية موسعة، ونحن نرى الشكل الفدرالي مناسبا وأثبت نجاحه في كثير من دول العالم، وبالتأكيد المجلس الوطني الكردي يدافع عن رؤيته على جميع الصعد".

عن ذلك، يقول حجي مُصطفى: "ما يمكن قوله هنا إنّ للكُرد حقا طبيعيّا كمكون له خصوصيّة وأماكن تجمع مختلفة، وبالتالي الدستور الذي لا يرعى حقوق المكونات هو لا يعطي نتيجة للتغير فحسب إنّما يفاقم الأوضاع وقد يمهد إلى الأزمات وقد يكون أكثر ضراوة من كل السنوات التي مرت".

كما يُركز، وفق قوله، على نُقطة مهمة من أمرين: "أوّلها: "غياب الثقة بالمعارضة والنظام حيث الطرفان غير مهيئين ذهنيّاً للتعامل مع قضيّة الكُرد واحتوائها. ثانيها: الذهنيّة الرجعيّة -سواء على المستوى العروبي وتعصبها أو الديني- تجاه المسألة الكُرديّة أو مسألة الهويّات بالعموم في سوريا، وهذه النقطة الأخيرة  تضع الكل أمام استحقاق في العمليّة الدستوريّة على أن يكون من مسؤوليّة الجميع التفكير كيف بنا أن نصوغ دستوراً يمهد لخلق جيل يواكب الحداثويّة ويؤمن بما هو منتج إنسانيّ ماديّ التطلع ويؤمن أو ينظر إلى المرء(أفراداً أو مجتمعات) وتقييمه بناءً على إنتاجه وتقييداً لخصوصياته واحترامه والتفاعل معه، بمعنى دستور يفتح الآفاق أمام مواطني هذا البلد الذي يحوي المثقلين بذهنيّة الرفض وقبول الآخر، أو لنقل بالمختصر التحرر من العصبيّات والذهنيّات الرجعيّة التي ألحقت الأذى بالكل ومقارباتهم للمشهد السوريّ".

 

الفيدرالية: طرحٌ يتبناه المجلس الوطني الكُردي
تبنى المجلس الوطني الكردي في مؤتمره الثاني مشروع اللامركزية السياسية كحل للقضية الكردية في سوريا وحل للقضية السورية بشكل عام، وهذا كان محور خلافه مع أقرانه في المعارضة السورية التي تتخوف من أن يكون هذا الطرح بداية لتقسيم قد يصيب جغرافية سوريا، كما أن هذه النقطة ظلت كملاحظة ألحقت بالاتفاق الذي انضمّ على إثره المجلس الوطني الكردي إلى صفوف الائتلاف السوري المعارض.

عن ذلك، يقول القيادي في حركة الإصلاح الكردي وممثل المجلس الوطني الكردي في هيئة التفاوض، حواس عكيد، بأنّ: "الفدرالية شكل متقدم من أشكال اللامركزية في الحكم، ونحن كمجلس وطني كردي نعتبر أنفسنا ممثلين للحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا، بالإضافة إلى رؤيتنا الوطنية السورية. وكما أسلفت مطلبُنا يتمثل بنظام الحكم الفدرالي ونحن ندافع عن هذا المطلب مع المعارضة وفي جميع لقاءاتنا الدولية، لأنّها الضمان لعدم عودة المركزية ونظام حكم الحزب الواحد الشمولي المقيت الذي أوصلَ سوريا إلى ما هي عليه الآن، ويحفظ حقوق جميع مكونات الشعب السوري المتنوع عرقيا ودينيا".

الكرد بمختلف الأطراف السياسية التي تمثل الكرد لم يقدموا مشروعاً واضح المعالم حول طبيعة الفدرالية التي يطالبون بها

في حين يجد القاضي رياض علي أن الكرد بمختلف الأطراف السياسية التي تمثل الكرد لم يقدموا مشروعا واضحَ المعالم حول طبيعة الفدرالية التي يطالبون بها؛ إذ إنّه يقول: "تكمن مطالب الشعب الكردي في الوصول إلى سورية فيدرالية، لكن إلى الآن لم يوضح الكرد ماهي الفيدرالية المطلوبة وكيف يمكن تحقيقها، ولا توجد رؤية واضحة ومحددة لها، هل هي جغرافية مناطقية أم قومية، وهذا يولد تخوفا لدى الأطراف الأخرى من هذا المطلب، لذلك لابد من أن يكون لدى الكرد ولا سيما المجلس الوطني الكردي مشروع واضح ومفهوم عن الفيدرالية المطلوبة، بحيث يمكن إقناع الأطراف الأخرى به، والتوافق معها بأن هذا المطلب هو ليس لمصلحة الأكراد فقط بل لمصلحة سورية والسوريين، بحيث يتم تبديد هواجس ومخاوف الأطراف الأخرى، ولا سيما أن تجارب الفيدرالية أثبتت نجاحها في الدول التي تتبنى النظام الفيدرالي".

كما يذهب إلى أنّ: "أي دستور لن يكون ضامناً للحقوق مالم يكن هناك محكمة دستورية فعلية تضمن حماية الدستور وما جاء فيه.. الضمانة الحقيقية تكمن في المحكمة الدستورية العليا وطريقة تشكيلها وتعيين قضاتها، لا أن تكون كما السابق بحيث يقوم رئيس الجمهورية بتعيين القضاة وعزلهم، وهؤلاء القضاة يفترض بهم محاكمة رئيس الجمهورية في حال انتهاك الأخير للدستور، أمر يثير الاستغراب فعلاً!!!! كما لا بد من النص في الدستور القادم على سمو القانون الدولي والمعاهدات الدولية ولا سيما تلك المتعلقة بحقوق الإنسان على القوانين الداخلية، وضرورة إلغاء المحاكم الاستثنائية وحظر إنشائها مستقبلا، والنص على الاستقلال الحقيقي للسلطة القضائية".

في حين يجد المدير التنفيذي لمنظمة برجاف فاروق حاج مصطفى أن اللامركزية ضمان لوحدة البلاد لا سبب في تقسيمها، لأنّ: "فيدراليّة النظام لا تحقق شرط الاتحاد فحسب إنّما تضع الكل (جغرافيّات ومجتمعات) أمام ممارسة دورها في بناء الدولة وتفعيل الشأن العام، وتنقل من كان مهمشاً إلى المتن وتخفف على من كان في المتن عبء الأزمات ودخولهم في التاريخ. فيدراليّة الدولة لا تعيد الحقوق إلى الهوامش سواء أكان على مستوى المدن والحضريّات أو على مستوى مجتمعات مغبونة، فحسب إنما تحقق شرط العدالة اجتماعيّاً، اقتصادياً-ماليّاً، وسياسيّاً إداريّاً فضلاً عن فتح الطريق أمام الإبداعات والابتكارات".

الخُلاصة، لا تشير المعطيات الحاليّة إلى أن خطوة كتشكيل لجنة إصلاح دستوري ولا حتى صياغة دستور جديد للبلاد قد تفضي إلى حل القضية السورية، كيف لا واللجنة التي ستصوغ الشيء المفترض أنه الأكثر قداسة بالنسبة لأي دولة جاءت بناء على توافقات لأجندات غير سوريا، والكرد كمكون سوري أيضاً ليسوا بمنأىً عن هذا التعقيد الذي يحصل في سوريا، وتبقى حقوقهم أيضاً مرهونة بما ستؤول إليه الأحوال في سوريا عموماً.