icon
التغطية الحية

"اللاجئون السوريون أقوى من قابلت في حياتي"... رحالة أميركي عن رحلته للأناضول

2024.04.20 | 10:45 دمشق

الصحفي والرحالة الأميركي بول سالوبيك برفقة بغلته في سهوب الأناضول
الصحفي والرحالة الأميركي بول سالوبيك برفقة بغلته في سهول الأناضول
The World- ترجمة وتحرير: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

أصبح ديدن الصحفي والرحالة الأميركي بول سالوبيك تعقب آثار أسلافنا في البشرية منذ أن أسس منظمة غير ربحية تعنى بشأن المسير في طول البلاد وعرضها، إذ بدأ رحلته في شرقي أفريقيا قبل عقد من الزمان، ومن المتوقع له أن ينهي مسيره في الطرف الجنوبي لأميركا الجنوبية.

وعن رحلته في الشرق الأوسط يخبرنا بأنه بدأ رحلته من مرسين التركية، وكان الجو حاراً أيامئذ، إذ حدث ذلك في شهر آب القائظ من عام 2014، بيد أن تلك المرحلة كانت من أهم المراحل في تاريخ تركيا الحديث، بما أن الحرب على الطرف المجاور من  الحدود دفعت بكثير من السوريين إلى اللجوء لتركيا.

اللجوء السوري بعين أميركية

وفي وصفه للنزوح السوري يقول سالوبيك: "كان المشهد كارثياً، كأي مشهد ينبئ باقتراب يوم القيامة، إذ كانت أمامي مدينة سورية على مرآى البصر، تعرف باسم كوباني، وقد احتلها تنظيم الدولة وقتئذ، ولهذا أعتقد بأن أكثر من مئة ألف سوري قطعوا هذا السياج المؤلف من أسلاك شائكة حتى يصلوا إلى بر الأمان في تركيا، غير أن ما أذهلني بحق هو رؤية الجنود الأتراك وهم يرخون الأسلاك الشائكة حتى يعبر الرجال والنساء والأطفال عبر الحدود، وقد كتبت وقتئذ بأن الناس بدوا لي محرجين لأنهم أضحوا في حالة ضعف، فهؤلاء كانوا ضحايا العنف الذي لم يستثن أحداً، وقد خسروا كل شيء كانوا يملكونه، لكني عندما كتبت ما كتبته أردت أن أقول لقرائي بإن اللاجئين هم أقوى الأشخاص الذين قابلتهم في حياتي، فهم أيقونة للشجاعة والجسارة بنظري، ولهذا كنت أمضي وقتي بصحبتهم لأهذّب نفسي على التواضع والبساطة".

 

نازحون سوريون من كوباني

عبق التاريخ حتى في البحر

سار سالوبيك قاطعاً عشرين دولة لمسافة تقارب 24 ألف كيلومتراً، إذ خرج من أفريقيا ليصل إلى الشرق الأوسط فوسط آسيا، ثم جنوبها، والآن وصل إلى الصين. وبمجرد أن خرج من أفريقيا، شعر بأنه يطرق باب التاريخ بنعل حذائه، بما أن حضارات كثيرة تعاقبت على منطقة الأناضول على مدار فترة امتدت لأكثر من ثمانية آلاف عام، وتنازعت على تلك المنطقة أيديولوجيات وأديان شتى، ثم وصلها الإسكندر الأكبر وتأسست فيها الإمبراطورية العثمانية، ولهذا شعر هذا الرحالة بأنه أضحى يعبر في آلة الزمن عندما وصل لتلك المنطقة، وعنها يقول: "لن أنسى ما حييت مسيري في أحد الأيام على أحد شواطئ البحر المتوسط في الأناضول، حيث كان عمل فخاري روماني يمثل أحد جوانب الكثيب الرملي هناك، ويمتد إليه ماء البحر ليضربه بضراوة، على الرغم من عدم وجود أي موقع أثري مخصص للسياح في تلك المنطقة، وذلك لأن أحداً لم يحاول إنقاذ هذا المشهد بما أنه موجود في كل زاوية من تلك البقعة، ولهذا أعتبر هذا المكان من أكثر الأماكن المدهشة التي زرتها".

حسن الضيافة في الأناضول

ومن الطرائف التي حدثت للرحالة عند وصوله للأناضول تلك البغلة التي اشتراها لتهون عليه مسافة المسير، لكنه اكتشف بأنها بطيئة جداً بسبب تقدمها في السن، إلا أن ذلك ساعده على استكشاف المنطقة على مهل، ثم تعلقت روحه بتلك البغلة التي أضحت رفيقة الدرب.

وبالنسبة لسكان الأرياف في الأناضول، يصفهم هذا الرحالة بأنهم أشد أهل الأرض حسن ضيافة واستقبالاً للناس، وبما أنه مر من تلك المنطقة في منتصف الصيف، حيث كانت طرقات الأسفلت تذوب تحت قدميه، لذا فقد وجد الناس هناك ينامون فوق أسطح البيوت في القرى، كما أنهم يطهون طعامهم هناك على السطح، ويمضون الأمسيات وهم يلعبون الورق ويشربون الشاي أيضاً على السطح، فاستمتع بتلك التجربة التي ألفى فيها نفسه تحت النجوم مباشرة، كما أعجبه حسن استقبال الأهالي له، وخاصة عندما أعطوه الكثير من الألبان والخضار الطازجة، فشعر أنه قد بلغ الجنة ونعيمها.

وساطة دبلوماسية من أجل بغلة!

عندما شارفت رحلة سالوبيك في تركيا على نهايتها، ووصل إلى حدود بلغاريا، علم أنه لن يستطيع أن يدخل ببغلته إلى هناك، بعد أن أمضى خمسة أشهر برفقتها، فكتب لها قصيدة وداع، بعد أن أدرك بأنه مهما حاول لن يستطيع أن يتابع رحلته معها بسبب قوانين الحجر التي فرضت على الجميع أيام كورونا، حتى أنه استعان بسفير جورجيا إلى الولايات المتحدة ليساعده على قبول إدخال دابته إلى ذلك البلد، فما كان من السفير إلا أن قال له: "هذه أول مرة في حياتي أرى فيها شخصاً يستعين بوساطة دبلوماسية ليسمح بإدخال بغلة عبر الحدود" ولكن حتى السفير لم يتمكن في نهاية المطاف من الحصول على إذن بالعبور لتلك البغلة، فتبرع سالوبيك بها لأحد الفلاحين الطيبين على الطرف التركي من الحدود ومضى نحو بلغاريا.

الرحالة برفقة بغلته في الأناضول

يُذكر أن بول سالوبيك صحفي وكاتب أميركي حاز على جائزة بوليتزر مرتين، قدم تقارير عالمية لصحيفة شيكاغو تريبيون وفورين بوليسي وذا أتلانتيك ومجلة ناشيونال جيوغرافيك، كما أسس في عام 2013 منظمة غير ربحية عرفت باسم: "من مسير عدن"، ويقوم مشروعها على الترتيب لمسير يمتد لسبع سنوات عبر طرقات عبرها أوائل البشر حتى يخرجوا من أفريقيا، ومايزال المشروع جارياً حتى اللحظة.

المصدر: The World