icon
التغطية الحية

الكوليرا والجفاف والنزوح تزيد حجم الاحتياجات الإنسانية في سوريا لعام 2023

2022.12.23 | 17:24 دمشق

أطفال نازحون في المخيمات السورية - المصدر: الإنترنت
أطفال نازحون في المخيمات السورية - المصدر: الإنترنت
Relief Web - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

إن الاستيقاظ من النوم في سوريا بات اليوم يعني أن هنالك مستقبلا قاتما بانتظارك، إذ تواجه سوريا العديد من التحديات التي حولتها إلى إحدى أعقد الحالات الطارئة الإنسانية التي تحتاج لحماية ورعاية فورية من قبل العالم بأسره.

فبعد مرور 11 عاماً على الأزمة التي تراجعت خلالها سوريا 42 مرتبة بحسب مؤشر التنمية البشرية، أصبح معظم السوريين يعيشون حالة تدهور مستمرة على المستوى الإنساني. إذ ما يزال عدد النازحين في الداخل السوري هو الأعلى في العالم، بوجود 6.8 ملايين نازح في الداخل، إلى جانب ارتفاع عدد الأشخاص الذين أصبحوا يعيشون في فاقة وعوز والذي بلغ أعلى مستوياته منذ بداية الأزمة.

وما تزال المؤشرات الإنسانية والاقتصادية تدل على تدهور مع مواصلة الخدمات الأساسية لانهيارها، واستمرار الكوليرا بالتفشي مع ظهور أزمات مناخية زادت مع تعقيد الوضع المعقد أصلاً. ونتيجة لظهور كل تلك التحديات، أصبح 15.3 مليون نسمة من الشعب السوري بحاجة لمساعدات إنسانية في عام 2023، بينهم 2.1 مليون نازح في الداخل يعيشون في أماكن تعتبر آخر ملاذ لهم، إلى جانب تزايد الاحتياجات في كل القطاعات بشكل مستمر.

تصنيفات مرعبة

ولأول مرة في تاريخهم، بات السوريون الذين يعيشون في مناطق فرعية في سوريا عرضة لضغوط إنسانية بنسبة كبيرة، إذ نجم عن استمرار الأزمة في سوريا تصنيف 203 مناطق فرعية من أصل 270 منطقة هامشية ضمن فئة المناطق التي تعيش ظروفاً صعبة وقاسية وكارثية وخطيرة. وخلال عام 2022، لم يتم تصنيف أي منطقة فرعية على أنها أصبحت تحت الحد الأدنى من الخطورة، إلا أن بيانات تقييم الاحتياجات لدى العديد من القطاعات يشير إلى وجود السوية ذاتها من الاحتياجات في سائر المحافظات السورية، مع وجود دوافع واضحة ومحددة لظهور تلك الاحتياجات ضمن أربع فئات من السكان وهم النازحون الذين يقيمون في الخيام، والنازحون الذين يعيشون خارج المخيمات، والعائدون والأهالي الذين أصابهم ضعف شديد.

باتت الخدمات الأساسية وغيرها من البنى التحتية المحورية على شفير الانهيار، كما أن انقطاع التيار الكهربائي بشكل واسع يشمل مناطق واسعة من البلد يعني اضطرار أكثر من نصف السوريين للاعتماد على الشموع لإنارة بيوتهم. أما من يقعون ضحية للمرض ففرصتهم ضئيلة في العثور على مشفى ما يزال يقدم خدماته، وذلك لأن 59% فقط من المشافي، و57% من مرافق الرعاية الصحية الأساسية و63% من المراكز المتخصصة ما تزال تعمل.

مستضعفون ومهمشون

ذكر أكثرُ من 58% من الأسر التي أجريت مقابلات معها بأنهم لا ينعمون بالكهرباء إلا لمدة تتراوح ما بين 3-8 ساعات باليوم، في حين أن نحو سبعة ملايين من الشعب السوري لا يحظون بمصدر رئيسي للمياه إلا لمدة تتراوح ما بين يومين إلى سبعة أيام بالشهر، وذلك حسب إحصائيات شهر حزيران. وقد زاد هذا الوضع مع اعتماد تلك الأسر على المساعدات الإنسانية وعلى آليات التأقلم السلبي.

لم يعد أحد في سوريا يطيق تكاليف الحياة، بعد استهلاك المدخرات، وارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة الضعف تقريباً، ما زاد من شدة الاحتياجات وتسبب بموجة نزوح جديدة. أما اقتصاد البلاد المتعثر الذي تعتريه حالة تضخم شديدة، مع تراجع لقيمة الليرة وزيادة أسعار السلع، فما يزال الدافع الأكبر الذي أسهم بظهور تلك الاحتياجات، كما دفع مزيدا من الناس نحو براثن الفقر، وجعلهم يعتمدون بشكل أكبر على المساعدات الإنسانية، مع زيادة لجوئهم لآليات التأقلم الضارة وزيادة تكاليف الاستجابة. وهذا ما أدى لظهور وضع بات معه الدافع وراء تحركات بعض السكان هو البحث عن خدمات أساسية أفضل وفرص لكسب الرزق. في حين خلق التدهور الاقتصادي عقبات جديدة أمام السكان، لا سيما المستضعفين منهم والمهمشين، وذلك بالنسبة لحصولهم على الخدمات الأساسية.

ما يزال النزاع المستمر في أماكن عدة في سوريا يثير الخوف في نفوس الناس وذلك بسبب الهجمات التي تهددهم بالنزوح من جديد. إذ بعد تراجع الأعمال العدائية التي كانت تتم على نطاق واسع عقب اتفاقية إدلب لوقف إطلاق النار التي وقعت في آذار 2020، استمرت الأعمال العدائية في مناطق معينة مع الأثر الدائم الذي خلفته الاشتباكات التي وقعت في السابق طوال عام 2022، فقد دمرت قذائف المدفعية والغارات الجوية والألغام الأرضية والذخيرة التي لم تنفجر حياة المدنيين والأنشطة الإنسانية. ومع تزايد الضغوط المستمرة على اللاجئين في الدول المجاورة بما يحثهم على العودة، خلقت الظروف الجغرافية هي أيضاً مناخاً من الخوف أمام ملايين السوريين الذين لا يعرفون سوى الحرب والنزوح في حياتهم. كما بقيت مشكلة الأمن والأمان تقوض مضجع النساء والفتيات اللواتي تضررن بشكل أكبر بسبب أشكال العنف المتنوعة لأسباب جندرية تتصل بالنوع الاجتماعي.

آثار الحرب على المناخ

ومما يعقد الأثر الذي خلفه النزاع ويزيده سوءاً تعرض السوريين لعواقب كارثية جديدة بسبب الأمور الغريبة التي تتصل بالمناخ، ومنها موجة الجفاف الحادة والفيضانات التي تسببت بخلق حالة عدم استقرار جديدة. فقد تسبب الجفاف الحاد الذي امتد لفترة طويلة في سوريا بإضعاف الظروف المناسبة لنمو الغطاء النباتي، في حين استمرت مواسم الهطول التي أصبحت جافة أكثر من المعتاد خلال عام 2022، وتسبب نقص الماء بمفاقمة ظروف الجفاف غير المعتادة خلال موسم الهطول والأمطار، كما أدى ذلك لارتفاع درجة حرارة الهواء بشكل غير طبيعي. وإلى جانب انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات وتدمر البنية التحتية المائية، أضعفت تلك الظروف من قدرة الملايين من السوريين على الحصول على مياه الشرب وتلك المخصصة للاستخدامات المنزلية، ما تسبب بخسائر كبيرة في مواسم الحصاد كما أثر ذلك على دخل الناس أيضاً، فضلاً عن ازدياد معدلات الإصابة بالأمراض التي تنتقل عبر الماء وارتفاع نسب سوء التغذية، والنزوح والحاجة للمزيد من الحماية والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي تتعرض له النساء والأطفال بصورة خاصة. كما تم الإعلان في أيلول 2022 عن تفشي الكوليرا في البلد.

المصدر: Relief Web