icon
التغطية الحية

العمالة السورية في تركيا.. مشكلة للاقتصاد التركي أم طوق نجاة؟

2023.12.10 | 17:44 دمشق

عامل إنشاءات
عمّال إنشاءات في تركيا
إسطنبول - مزنة عكيدي
+A
حجم الخط
-A

على الرغم من مرور أكثر من 12 عاماً على بداية أزمة اللجوء السوري إلى تركيا، لم تنضج حتى الآن الرؤيا حول دور اللاجئين السوريين في العجلة الاقتصادية التركية وما تزال الادعاءات بتضرر الاقتصاد من العمالة السورية هي المهيمنة، ومع انعدام الدراسات المحايدة  التي تتناول القضية بشكل شامل  تكثر الدراسات الأكاديمية التركية التي تركز على الآثار السلبية للعمالة السورية وتغيب نظيراتها الباحثة في الآثار الإيجابية لها.

وبعيداً عن الدراسات والأبحاث، كان لأصحاب الأعمال في تركيا السوريين والأتراك آراء مختلفة بالعمالة السورية التي توافقت غالباً مع مصالحهم التجارية ولبّت احتياجاتهم مع قلة اليد العاملة التركية في بعض المجالات أو عدم توافقها مع متطلباتهم.

العمالة السورية كبديل للتركية المفقودة

يؤكّد أصحاب الأعمال في إسطنبول على الدور المحوري للعمالة السورية في الكثير من المجالات، ففي حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا يقول التركي أيهان -شاب ثلاثيني وصاحب ورشة لطلي الأثاث المعدني في منطقة "إيكي تلي"- إنّه كصاحب عمل وقع في أزمة يد عاملة حقيقية بعد الحملة الأمنية الأخيرة التي استهدفت العمّال السوريين في إسطنبول.

وأوضح أنّه بعد أن كان يعمل لديه 15 عاملاً سورياً و5 أتراك سابقاً، يوظّف في ورشته اليوم 10 عمال أتراك و7 سوريين مع صعوبة بالغة في إيجاد بديل تركي لأي عامل يترك عمله، مشيراً إلى أهمية العمالة السورية في مجاله، بسبب عدم إقبال الجيل الجديد من الأتراك على هذا النوع من الأعمال.

عامل سوري تركيا
عامل سوري في منشأة أيهان - إسطنبول - 12/2023

    ومنذ حوالي عام، انتشر على إحدى القنوات التركية في "يوتيوب" مقطعٌ مصوّرٌ لرجل أعمال تركي يضيء فيه على الدور الإيجابي للعمالة السورية وأهميتها لاستمرار بعض الأعمال، وردّ في المقطع على المدّعين بأنّ العمال اللاجئين هم سبب أزمة البطالة في تركيا، موضحاً أنّ المشكلة الحقيقية تكمن في انتقاء الشباب التركي لأنواع معينة دون الأخرى، وليس إشغال فرص العمل من قبل العمال السوريين والأجانب.

    السوريون ينقذون قطاع الزراعة في تركيا

    كما في قطاع الصناعة بتركيا، يشكّل رأس المال البشري السوري مؤخراً عنصراً أساسياً في قطاع الزراعة، ففي تصريح سابق لوكالة "İhlas" التركيّة، عام 2021، أفاد محمد أكين دوغان رئيس غرفة زراعة منطقة "يوريغير" في ولاية أضنة، عام 2021، بأنّ وجود السوريين في تركيا ساعد في حماية القطاع الزراعي، باعتبار أنّ معظم العمال الزراعيين في تركيا هم من السوريين بسبب صعوبة إيجاد عمال أتراك، مردفاً: "لولا السوريون لكانت الزراعة في أضنة وتركيا ستنتهي".

    ويعاني القطاع الزراعي في تركيا تراجعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة ويشكّل حالياً 4.4% من إجمالي الناتج المحلي، فيما تبلغ النسبة التشغيلية فيه ما يقارب 15% من اليد العاملة الإجمالية بحسب تقرير رئاسة الاستراتيجية والميزانية التركية لعام 2023، حيث تقدّم الحكومة التركية تسهيلات وتحفيزات للمستثمرين أو الراغبين في الاستثمار بالقطاع الزراعي بمن فيهم السوريون.

    زراعة تركيا

    السوريون يخلقون فرص عمل

    حتى في قطاع الخدمات -القطاع الأكثر إسهاماً في الناتج المحلي التركي- خلق الوجود السوري سوقاً جديدة متكاملة من حيث المستثمرين والعمال والشريحة المستهدفة، ما ينفي تهمة "سرقة السوريين لفرص عمل الأتراك" كما هو متداول على المنصات التركية.

    ميادة صاحبة أحد مراكز التجميل في مدينة إسطنبول، تقول في حديثها لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ العاملات في مركزها جميعهن من السوريات نظراً لاستهدافها للعملاء السوريين والعرب بشكل خاص والأجانب المقيمين في المنطقة عموماً، فنادراً ما يرتاد الأتراك مركزها بسبب اختلاف الثقافات والذائقة العامة، لذلك تفضّل توظيف السوريات لسهولة التواصل مع الشريحة العظمى من العملاء.

    %90 من العمالة السورية خارج القيود

    بالرغم من إسهامها في الاقتصاد التركي من وجهة نظر أصحاب الأعمال، تؤدّي العمالة السورية غير المنظمة إلى عواقب سلبية في سوق العمل التركي.

    ففي مقابلة له مع صحيفة "Dunya" التركية، بداية العام 2022، قال مدير مكتب منظمة العمل الدولية في تركيا نعمان أوزجان إنّ نسبة العمال السوريين غير المسجلين في التأمينات الاجتماعية تصل إلى 90% من أصل مليون عاملٍ سوري، ما يضر بالعمال المحليين الأتراك، فكثيراً ما يلجأ أصحاب العمل إلى توظيف العمّال السوريين دون تسجيلهم في الدوائر الرسمية.

    وقد أقرّ "آيهان" أن أحد أهم مزايا العمّال السوريين لدى أرباب العمل هي أنهم لا يطالبون بالتسجيل في التأمينات الاجتماعية، وهذا يخفّض من تكاليف تشغيلهم.

    مع وجود ما يقارب 3 ملايين ونصف المليون لاجئ، تعتبر العمالة السورية أمراً واقعاً يجب التعامل معه بإيجابياته وسلبياته، فلكلِّ شخص حق العمل والحماية من البطالة كما جاء في المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ما يؤكّد على وجوب تنظيم هذه العمالة ودراستها بشكل حيادي يغطي إيجابياتها على حد سواء مع سلبياتها.


    "تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من منظمة صحفيون من أجل حقوق الإنسان JHR"