icon
التغطية الحية

الطلبة السوريون في الأردن.. أحلامٌ لا مستقبل لها

2020.10.18 | 23:29 دمشق

ap-jordan1.jpg
عمان - محمد عبد الستار إبراهيم
+A
حجم الخط
-A

"بعد دراسة الطلب الخاص بك من قبل لجنة اختيار المرشحين تبين أنه لا يطابق معايير القبول في المنحة للفصل الدراسي الأول من العام 2021/2020، ولذلك نأسف لإبلاغك برفض طلبك للحصول على المنحة".

بهذه الكلمات تلقى الآلاف من الطلبة السوريون في مرحلة الثانوية العامة (البكالوريا) أو ما يعرف بالتوجيهي في الأردن، في الأعوام السابقة، والمئات منهم هذا العام، إيميلاً من المنظمات التي تقدم المنح الدراسية للالتحاق بالمرحلة الجامعية، وهو الأمر الذي يُعد بالنسبة للمئات من الطلبة ليس مجرد رفض طلب للبحث عن خيارات أخرى، إنما رد قد يتوقف عليه أحلامهم، ويكون بالتالي قد نفذت كل الخيارات المتاحة، نظراً للتكلفة الباهظة للتعليم العالي في الأردن، بالنسبة للسوريين والأردنيين أنفسهم.

إذ كان هذا الرد سبباً في أن "أتجمد بأرضي من الصدمة، لأنه ليس من المعقول أن يكون حلمي قد أنتهى"، بحسب إيمان الشياب التي عبرت عن مشاعرها أثناء تلقيها صباحاً إيميلاً برفض طلبها، بعد أن اجتازت البكالوريا هذا العام بمعدل 76% فرع الأدبي.

وأضافت الشياب ذات الثمانية عشر ربيعاً، المنحدرة من محافظة درعا، والمقيمة في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في شمال الأردن، لموقع تلفزيون سوريا أن "دراستي لم تكن ميسرة، وخصوصاً هذا العام بسبب التعليم عن البُعد بسبب كورونا".

وأشارت الشياب إلى أن "الصعوبات واجهتني منذ البداية في دراستي، كون الناس كانوا ينظرون لي بطريقة مختلفة كوني بساقٍ واحدة، وسرعان ما انتصرت على ذلك حتى أتت الصدمة برفض طلبي من منحة إيديو سيريا".

وبحسب مصادر مختلفة لموقع تلفزيون سوريا، فإن عدد الطلاب والطالبات من البكالوريا في مخيم الزعتري، الذين تم قبولهم بالمنح الجامعية لم يتجاوز ستة عشر طالباً وطالبة فقط.

قبل خروجها من سوريا العام 2013، أصيبت إيمان الشياب مع إخوتها، وتوفى اثنان منهم، وفقدت في أثناء ذلك ساقها الأيمن، لتلجاً إلى الأردن لتلقي العلاج وتركيب طرف صناعي، لتعود "والدتها إلى سوريا بعد شهرين، وتبقى هي وأختها في مخيم الزعتري"، بحسب الشياب.

وتغلبت الشياب على إعاقتها الجسدية وتكيفت معها، واندمجت مع المجتمع وشاركت في ذلك الوقت بمسرحية للأطفال "طلعنا على الضو" مع فريق ملهم التطوعي وهو فريق سوري، وبعدها بمسرحية "سفينة الحب" من إخراج الممثل السوري المعارض نوار بلبل. وإضافة إلى ذلك كللت نصرها على ذاتها وعلى المجتمع بإكمال دراستها، لتقف حالياً منتظرةً فرصتها بالالتحاق بالجامعة، وذلك بدعم من فريق ملهم التطوعي، الذي أطلق حملة على وسائل التواصل لجمع رسوم الجامعة من خلال المتبرعين، حتى تستمر الشياب في التفوق والمضي قدماً نحو حلمها "كمترجمة كوني أحب الشيء المختلف، أحب تعلم شيء جديد، أحب السفر، والتعرف على لغة جديدة، وثقافة مختلفة"، حسب وصف الشياب.

وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن، فإن عدد المتقدمين لامتحانات البكالوريا من الطلبة السوريين لعام الدراسي 2019/2020، بلغ 2925 طالباً وطالبة. ومع نجاح المئات، كان منهم أكثر من 150 طالباً وطالبة من الأوائل على مستوى الأردن، إضافة إلى ثلاثة حصلوا على العلامة الكاملة. ومع محدودية الفرص هذا العام، لم يبق أمام الطلبة سوى منحتين (دافي) الممولة من الحكومة الألمانية، و (إيديو سيريا) الممولة من الاتحاد الأوروبي، ومع رفض هاتين المنحتين لمئات الناجحين والناجحات، سيواجه الحالمون منهم الانتظار المجهول، وهو ما عبرت عنه الشياب بأنها "أصبت باكتئاب بعد رفض طلبي". كون التعليم الجامعي على الحساب الشخصي خياراً مستبعداً لدى الغالبية العظمى نظراً للتكلفة الباهظة.

ويتشاطر منيب حمو، مع الشياب والمئات من الناجحين والناجحات في البكالوريا، الذين تم رفض طلباتهم من قبل المنح، المصير ذاته. إلا أن حظوظ حمو قد كانت أفضل بقليل، إذ توفر خيار التعليم على النفقة الشخصية.

تفوق حمو المقيم في العاصمة الأردنية عمان، من مدينة دوما في ريف دمشق، بمعدل 95% فرع العلمي، ومع رفض طلبه من المنحتين المتاحتين (دافي – إيديو سيريا) على الرغم أنه قدم "هندسة الميكانيك، بعكس رغبته بدراسة هندسة ميكاترونيسك لأنها غير مشمولة في المنحتين"، بحسب حمو، ورغم ذلك تم رفض طلبه.

أصبح الهاجس الكبير في كيفية الالتحاق بالجامعة مع انعدام الفرص، لا سيما صعوبة الدراسة في الجامعات الأردنية بسبب التكلفة العالية، فكان الخيار المتاح والأخير أمام حمو البحث عن جامعة في تركيا، وقال لموقع تلفزيون سوريا "تم قبول طلبي في جامعة أرجييس Erciyes Üniversitesi في قيصري بتركيا، وسعيد جداً بقبول طلبي كوني قُبلت بالتخصص الذي أريده هندسة ميكاترونيسك".

وأضاف "يجعلني هذا الخيار بعيداً عن أهلي والمكان الذي كبرت فيه ولي فيه ذكريات".

وتابع قائلاً "التكلفة المالية للتعليم في تركيا يشكل عبئاً على أهلي، إلا أنه يبقى أقل بكثير من التكلفة في الأردن".

وأوضح حمو أن "التعليم في تركيا في السنة الأولى يصل إلى ثلاثة آلاف دولار أميركي، شامل تذاكر السفر والفيزا والترجمة، أما في السنوات التالية تصل إلى 2500 دولار أميركي".

رغم الخيارات القليلة والمنعدمة أحياناً، وانتظار المئات فرصة الالتحاق بالجامعة، من الناجحين والناجحات في العام الحالي والأعوام السابقة، لا يوفر السوريون أي سبيل يقودهم إلى تحقيق أحلامهم حتى وإن تأجلت لسنة أو أكثر، وهو ما عبرت عنه إيمان الشياب في رسالتها إلى كل من تم رفض طلبه "مهما مر الإنسان بخيبات ومصاعب، يجب علينا ألا نستسلم لليأس والإحباط، ودائماً هناك رب ينظر إلينا ويعيننا، والخيرون ما زالوا موجودين".