icon
التغطية الحية

الشبكة السورية: كيف وظّف النظام القوانين للاستيلاء على أملاك ملايين السوريين؟

2023.05.25 | 13:29 دمشق

آخر تحديث: 28.05.2023 | 16:24 دمشق

تعرف إلى كيفية استيلاء نظام الأسد على أملاك السوريين بذريعة القانون
الشبكة السورية: كيف وظّف النظام القوانين للاستيلاء على أملاك ملايين السوريين؟ (Getty)
تلفزيون سوريا - الشبكة السورية لحقوق الإنسان
+A
حجم الخط
-A

نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يوم الخميس، تقريراً سلّط الضوء على القوانين التي أصدرها النظام واستغلها للسيطرة على الملكيات العقارية والأراضي في سوريا سواء قبل اندلاع الثورة السورية أو بعدها، حيث استهدفت هذه القوانين ثلاث فئات، 12 مليون مشرد قسرياً، و112 ألف مختفٍ قسرياً، ونصف مليون من القتلى لم يسجل معظمهم في السجل المدني.

وحمل تقرير الشبكة عنوان "مجمل القوانين التي سيطر النظام السوري من خلالها على الملكية العقارية والأراضي في سوريا قبل الحراك الشعبي في آذار 2011 وبعده" – والذي جاء في 50 صفحة -. وقالت الشبكة إن النظام السوري، عبر تحكمه المطلق في السلطات التشريعية والقضائية، تمكن من إصدار ما يشاء من قوانين، كما أنَّ بإمكان رئيسه إصدار ما يريد من مراسيم دون العودة إلى مجلس الشعب.

وتعد المراسيم والقوانين بعد انطلاق الحراك الشعبي في آذار2011 الأشد خطراً على الملكيات العقارية للشعب السوري، ويمكنها أن تطول جميع أبناء الشعب السوري.

3 فئات مستهدفة

وقسّم التقرير الفئات المستهدفة بالقوانين إلى ثلاث، وهذه الفئات هي:

  • المشردون قسرياً (اللاجئون والنازحون) والبالغ عددهم قرابة 12.3 مليون مواطن سوري بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
  • المختفون قسرياً البالغ عددهم قرابة 112 ألف مواطنٍ سوري بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يتحمل النظام السوري المسؤولية المباشرة عن اختفاء أكثر من 85 % منهم.
ئءؤ
  • القتلى من المدنيين والعسكريين والبالغ عددهم قرابة نصف مليون مواطن سوري، والذين لم يُسجل الغالبية العظمى منهم أنهم ماتوا في دوائر السجل المدني وهؤلاء من المعارضين للنظام، حيث يتحكم النظام السوري بشكلٍ متوحش بإصدار شهادات وفاة لهم. وبناء على ذلك فإن هذه القوانين تهدد قرابة نصف الشعب السوري.

الغالبية العظمى من الأهالي غير قادرين على الحصول على شهادات وفيات، خوفاً من ربط اسمهم باسم شخص كان معتقلاً لدى النظام السوري وقُتل تحت التعذيب، وهذا يعني أنه معارض للنظام السوري. أو تسجيل الضحية كإرهابي إذا كان من المطلوبين للأجهزة الأمنية، كما أنَّ قسماً كبيراً من ذوي الضحايا شُرِّدُوا قسرياً خارج مناطق سيطرة النظام السوري.

وفي 10/آب/ 2022 أصدر وزير العدل في حكومة النظام السوري التعميم رقم 22 القاضي بتحديد إجراءات حول سير الدعاوي الخاصة بتثبيت الوفاة ضمن المحاكم الشرعية، وتضمن التعميم 5 أدلة يجب التأكد من توفرها من قبل القضاة ذوي الاختصاص في الدعاوى الخاصة بتثبيت الوفاة، كما أوجب على جميع المحاكم ذات الاختصاص بقضايا تثبيت الوفاة التقيد بما ورد في التعميم. وقد تضمن التعميم فرض الموافقة الأمنية على الجهات القضائية لتثبيت دعاوى الوفاة؛ الأمر الذي يزيد من تغول الأجهزة الأمنية

بل

وحاول النظام السوري، منذ مرحلة حافظ الأسد، من خلال استحداث أو تعديل عدد من قوانين التطوير العقاري أن يفرض على المجتمع السوري واقعاً جديداً في كل مرحلة، "ولهذا نجده حتى قبل الحراك الشعبي في آذار2011 يسنُّ قوانين مختلفة غرضها الظاهر تنظيم المسألة العقارية والملكيات، لكن هدفها الأساسي هو الاستيلاء على الملكيات العقارية في مختلف أرجاء سوريا".

ووظف النظام السوري تبعات "النزاع المسلح" لصالحه في مسألة الملكية العقارية بحيث جعله سبباً من أجل الحصول على أكبر قدرٍ ممكنٍ من الفوائد على المدى الطويل، وفي هذا الإطار ولهذا عمل على سنِّ مجموعة جديدة من قوانين الملكية العقارية".

فقانون التطوير والاستثمار العقاري الصادر سنة 2008 وما تبعه من قانون 25 لعام 2011 وقانون التخطيط 23 لعام 2015، والقانون رقم 10 لعام 2018، تتكامل كلها في إطار واحد هو توفير الصيغة القانونية الملائمة للنظام السوري مع حلفائه، لاستكمال السيطرة على أملاك المعارضين.

وارتبط صدور العديد مِن القوانين العقارية بالتطورات الميدانية للصراع العسكري في سوريا، بحيث كان النظام بعد سيطرته على منطقة ما يقوم بإصدار مرسوم تشريعي مرتبط بالتنظيم العقاري لأجل وضع يده على الأملاك الشاغرة الموجودة في هذه المناطق وتحويلها إلى الموالين له.

تطويق حقوق اللاجئين

ويسعى النظام السوري من خلال ترسانة قانونية إلى تطويق أي حقوق قد يطالب بها العائدون من نازحين ولاجئين في مرحلة زمنية، ويهيئ الأرضية لتكون معظم المناطق خاضعة لسلطته المباشرة من خلال الوحدات الإدارية وغير المباشرة من خلال المُرقيين والمتعهدين العقاريين، الذين يدينون له بالولاء التام.

ووفقاً للتقرير فقد استخدم النظام السوري عدة أدوات إلى جانب القوانين والتشريعات التي وضعها بهدف السيطرة على الأراضي والممتلكات العقارية، وكان من أبرزها استغلال النظام للدمار واسع النطاق، والتدمير الممنهج لإجبار الأهالي على الرحيل ولإحداث أكبر دمار ممكن.

ومنع النظام السوري مئات الآلاف من معارضيه من الحصول على أبسط حقوقهم التي تكفلها لهم القوانين المحلية والدولية، بما في ذلك الحصول على أوراقهم الثبوتية، كما اشترط حضورهم الشخصي، وهم مشردون داخل أو خارج سوريا، ويخشون في حال عودتهم أن يتم اعتقالهم وتعذيبهم.

وكان حرمان الكرد من الجنسية السورية إحدى الأدوات التي اتبعها النظام للسيطرة على الأراضي والممتلكات العقارية، وقد انعكس ذلك بشكل مباشر على حقهم في التملك العقاري، كما تطرق إلى استغلال النظام الصعوبات التي تواجه المرأة السورية في قضايا الملكية والسكن للاستحواذ على حقوقها.

وخلص التقرير إلى أن سيطرة النظام على العملية التشريعية مِن خلال جمعه السلطات (التشريعية، القضائية، التنفيذية) في يده جعل من القوانين التي صدرت بخصوص الملكيات العقارية سواء خلال مرحلة ما قبل آذار2011 أو ما بعده تتسم بكونها خادمة لرؤية النظام ومشاريعه في الاستيلاء على الأملاك العقارية للسوريين وبشكل خاص الفئات الثلاثة: المشردين، المختفين قسرياً، القتلى غير المسجلين في السجل المدني.

استغلال "قانون الإرهاب"

ولم يكتفِ النظام السوري بما وضعه من ترسانة قانونية للاستيلاء على أملاك المعارضين، بل استغل أيضاً قوانين غير مباشرة مثل "قانون الإرهاب" لكي يمنع المعارضين والفئات الثلاثة مِن التصرف بممتلكاتهم داخل سوريا من خلال العديد من الإجراءات البيروقراطية التي تجعل من التصرف في الملكية أمراً مستحيلاً.

واستنتج أن معظم القوانين العقارية التي تخص الملكيات هي قوانين متداخلة وغير واضحة بسبب الازدواجية وتنازع الاختصاص وضياع المرجعية بين الهيئات التنفيذية المسؤولة عن تطبيق هذه القوانين، مشيراً إلى أن معظم القوانين جاءت بهدف واحد هو "تسريع عملية نقل الملكية العقارية مِن المعارضين إلى جهات موالية للنظام الأمر الذي يضمن للأخير الاستفادة الاقتصادية والسياسية مِن الوضع القائم".

وأكد التقرير بأن النظام السوري ومن أجل ضمان سيطرته المستقبلية على أملاك وأراضي الفئات الثلاثة، قام بوضع العديد من العراقيل الإدارية أمام وكلاء وأقارب هذه الفئات، منها تعقيد الإجراءات الإدارية، كاستخراج شهادات الوفاة للمتوفين واستحالة إثبات الوضعية القانونية للقتلى الذين لا يقوم بتسجيلهم في سجلات النفوس المدنية، واستحداث الموافقات الأمنية بالنسبة للاجئين والنازحين.

أوصى التقرير المجتمع الدولي والأمم المتحدة بإدانة هيمنة النظام السوري على السلطات الثلاث، وفضح ممارساته في وضع قوانين ينهب من خلالها ممتلكات النازحين واللاجئين والمختفين قسرياً والقتلى غير المسجلين.

للاطلاع على التقرير كاملاً: https://snhr.org/arabic/?p=17524