icon
التغطية الحية

الريحانية "محطتنا الأولى في تركيا".. سوريون يعودون إليها خالي الوفاض بعد الزلزال

2023.02.24 | 05:59 دمشق

سوريون يعودون إلى الريحانية خالي الوفاض بعد الزلزال
سوريون يعودون إلى الريحانية خالي الوفاض بعد الزلزال (رويترز)
أنقرة - وضحى عثمان
+A
حجم الخط
-A

شكلت مدينة الريحانية التركية القريبة من الحدود السورية نقطة الانطلاق الأولى لكثير من السوريين الذين فروا من الحرب في بلادهم قبل عقد من الزمان، ومنها انتشروا في ولايات ومدن الجنوب التركية في رحلة البحث عن الاستقرار المنشود.

اليوم، يعود إليها بعد الزلزال المدمر العديد من العائلات السورية المنكوبة والمتضررة يلملمون فيها جراحهم بعدما تفرق شملهم، لا سيما أن الريحانية لم تتضرر كثيرا بالزلزال.

منذ عام 2011 كانت الريحانية أولى المدن التركية التي استقبلت اللاجئين السوريين، وشكلت "محطتهم الأولى"، فيها فتحت أولى بيوت السوريين وأول المدارس والجمعيات.

كانت أشبه بـ "عاصمة" للسوريين في تركيا خلال السنوات الأولى، ومنها انتقلوا للعيش في المدن القريبة مثل أنطاكيا وكيرك خان وإسكندرون وعنتاب وصولاً إلى أنقرة وإسطنبول.

النزوح إلى الريحانية

تشهد الريحانية هذه الأيام عودة الآلاف من السوريين إليها من جديد نازحين بعد أن ضرب الزلزال المدمر معظم مدن ولاية هاتاي، في حين كان نصيبها من الزلزال لا يذكر مقارنة بغيرها من مدن وبلدات الولاية الحدودية.

وتعمل الفرق التطوعية، هذه الأيام، في مدينة الريحانية مثل خلية نحل للمساعدة في إيواء السوريين من منكوبي الزلزال القادمين من المناطق المحيطة.

ريم قرامو، ناشطة سورية تعمل في جمعية "رفقاً" النسائية، تقول إن الريحانية قبل الزلزال تختلف تماماً عن الريحانية بعده.

وتضيف، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، إن هذه المدينة الصغيرة التي كان السوريون يشكلون نحو نصف عدد سكانها، ومع ساعات الفجر الأولى للزلزال في 6 شباط/فبراير الجاري، شهدت تدفقاً غير مسبوق للنازحين من مختلف المناطق القريبة.

وتقول الناشطة السورية، إن معظم من نزحوا إلى الريحانية جاؤوا بلباسهم الذي على أجسادهم فقط، يحتاجون إلى مأوى وحليب أطفال ويحتاجون إلى من يخفف عنهم هول ما شهدوه.

ويعيش النازحون الجدد في خيام استطاعوا الحصول عليها في الأيام الأولى التي تلت الزلزال لكن من دون بطانيات أو أرضيات للجلوس عليها إلا عندما يتمكن بعض المتطوعين أو الفرق من تأمين هذه المستلزمات بصعوبة.

في حين يعيش قسم منهم لدى أقاربهم ومن لم يحالفهم الحظ لجؤوا إلى المساجد.

العودة إلى نقطة البداية ومن الصفر

صالح محمد، لاجئ سوري من ريف حماة الشمالي كان يقيم في أنطاكيا، فَقد أحد أبنائه في الزلزال، عاد أخيراً إلى الريحانية يبحث عن مأوى.

يقول صالح، كانت الريحانية أول مكان أعيش فيه بتركيا، ما بين عامين 2014 و2015، انتقلت منها إلى أنطاكيا (مركز ولاية هاتاي) طمعاً بتحسين ظروف الحياة والبحث عن فرص عمل.

في أنطاكيا عمل صالح بالزراعة وكان مسؤول عمال (جاويش) واشترى حافلة نقل (ميكروباص) ينقل فيها العمال إلى الحقول، كما افتتح محلاً صغيراً لبيع الألبان.

يضيف صالح، عندما بدأت أشعر بنوع من الاستقرار جاء الزلزال ليقضي على كل شيء، فقدت ابني (3 سنوات) وكل ما أملك فالبيت الذي كنت أسكنه تدمر وكذلك السيارة والمحل.

يسكن صالح، الآن، في عنبر خصصته فرق الإغاثة لإيواء منكوبي الزلزال في الريحانية هو وزوجته وطفلاه.

يقول اللاجئ السوري متحسراً، لقد أعادتني الأقدار للنزوح مرة أخرى إلى الريحانية، ولكن هذه المرة أكثر انكساراً، حتى خيمة لا أملك، واصفاً المدينة الحدودية بأنها "الحضن الأول".

لاجئون سوريون يدفئون أنفسهم أمام خيام أقيمت في سوق عام كمأوى في مدينة إصلاحية في ولاية غازي عنتاب، جنوب تركيا، 11 شباط/فبراير 2023 (AP)
لاجئون سوريون يدفئون أنفسهم أمام خيام أقيمت في سوق عام كمأوى في مدينة إصلاحية في ولاية غازي عنتاب، جنوبي تركيا، 11 شباط/فبراير 2023 (AP)

كذلك، فاطمة، لاجئة سورية ثلاثينية من ريف إدلب، اضطرت في عام 2015 إلى مغادرة إحدى دار الأيتام في الريحانية لأن ابنها البكر بلغ سن 13 وانتقلت إلى أنطاكيا تشق طريق حياتها وأبنائها.

تقول فاطمة، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، حفرت في الصخر لكي أستطيع أن أعيل أطفالي الأيتام، واشتغلت بـ "شك الخرز" وتطريز فستاين العرائس وبالطبخ من المنزل، ونجحت في إيصال ابنتي الكبرى للدخول إلى الجامعة.

وتضيف فاطمة، ولكن بلحظات معدودة تبخر كل شيء، رجعنا إلى الريحانية بأرواح متعبة بعدما فقدت إحدى بناتي وأخرى تعرضت لإصابة من جراء الزلزال.

تعيش فاطمة، الآن، بخيمة استطاعت تأمينها من فرق الإغاثة في الريحانية برفقة ابنها وابنتها الصغيرة.

لا تخفي فاطمة الحزن والحسرة، وتقول إن الريحانية فتحت أبوابها لنا من جديد، ولكن "ليتني لم أغادرها".

وتضيف لا أفكر بالعودة إلى سوريا فإن ابنتي مدفونة هنا لا أستطيع تركها وحدها، وإلى الآن لا أصدق أنها ماتت أشعر بأنها غائبة وستعود.

ولفتت فاطمة أن أقاربها منعوها من رؤية ابنتها التي توفيت إثر الزلزال لأنها كانت مشوهة.

بدوره، محمد الخليل، لاجئ سوري من ريف حلب، قصته مشابهة لما حدث مع صالح وفاطمة ومع آلاف السوريين الذي عادوا إلى الريحانية.

يقول محمد، قبل سنوات تركت الريحانية بحثاً عن فرص عمل في مدينة أكبر، وانتقلت إلى أنطاكيا.

ويضيف محمد، لكن الظرف كان قاسياً جداً فبعدما أسست عملاً خاصاً وفتحت محل ألبسة بالشراكة مع أتراك في سوق حلب وسط أنطاكيا، إلا أن "كل شيء راح".

فقد محمد اثنين من أطفاله، بسبب الزلزال، وتعرضت ابنته الوحيدة الباقية لإصابة وهي كسر في القدم.

ويتابع اللاجئ السوري قوله، رجعت إلى الريحانية مشرداً ومكسوراً ولا أعرف ماذا ينتظرنا أنا وزوجتي وابنتي؟

يشعر محمد بالعجز ويقول لم أعد أستطع إعادة سيرتنا الأولى على الرغم من أن الريحانية كانت بيتنا الأول في تركيا.

إلى جوار خيمة فاطمة، أوت زهرة الدرويش إلى خيمة أيضاً مع خمسة أطفال أيتام من أولاد إخوتها وأخواتها الذين قضوا تحت أنقاض الزلزال في أنطاكيا.

فقدت زهرة عدداً كبيراً من أفراد أسرتها وأقاربها، في حي نارلجا في مدينة أنطاكيا.

تقول زهرة مات اثنان من إخوتي وزوجتاهما، وأختان وزوجهما، كنا نقيم بعضنا بجوار بعض ونعمل في الحقول الزراعية المجاورة لأنطاكيا.

وتضيف، هم رحلوا وتركوا لي 5 أطفال أيتام ليسوا إخوة، عدت بهم إلى الريحانية لأسكن بخيمة.