icon
التغطية الحية

نجا من القصف في سوريا ليموت في زلزال تركيا.. قصة الطبيب السوري بهيج دويدري

2023.02.23 | 13:19 دمشق

الطبيب السوري المرحوم: بهيج دويدري
الطبيب السوري بهيج دويدري
CNN - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

أضحى طبيب سوري وصفه زملاؤه بأنه اعتنى بآلاف السوريين خلال مسيرته المهنية بين عداد قتلى الزلزال في تركيا وسوريا، والذين تجاوز عددهم 48 ألفاً.

مراسم دفن الطبيب السوري أقيمت خلال الأسبوع الماضي، في ساعة ألقت فيها شمس الشتاء عند الظهيرة آخر ظلالها على جسد الطبيب بهيج دويدري أثناء حمله إلى قبر حفر حديثاً في مدينته الجديدة الريحانية جنوبي تركيا، إلى جانب جثامين زوجته رانيا وشقيقته إيمان وابنته ديمة، حيث قتلوا جميعاً في الزلزال الذي ضرب المنطقة يوم 6 من شباط، بحسب ما ذكره ابن شقيقه شريف دويدري، ودفنوا جميعاً في اليوم والقبر نفسه.

خلال الجنازة، احتشد الرجال ليعربوا عن تعازيهم وحزنهم على الفقيد، ثم قرأ فتى يافع شيئاً من القرآن الكريم بصوت مرتجف من شدة التأثر.

وعن الفقيد يقول شريف دويدري: "لقد ساعد الكثير من الناس أثناء الحرب، وبما أن أبي قد توفي لذا أصبح بمنزلة الأب بالنسبة لي، فهو من تقدم لخطبة زوجتي لي من أهلها بحسب تقاليدنا، والجميع يقصده عندما يحتاجون لأي مساعدة".

حقق الدكتور دويدري شهرة في مدينته الأم، إدلب، ولكن مع احتدام القتال فيها، فر إلى تركيا في عام 2016، بحسب ما ذكره ابن شقيقه وزملاؤه، وبعد فترة قصيرة من مغادرته لسوريا، أصيب مشفى ابن سينا حيث كان يعمل بقصف جوي.

وفي تركيا، عمل دويدري في مشفى للإغاثة الإنسانية في الريحانية، بالقرب من الحدود السورية، حيث قدم الرعاية لآلاف اللاجئين السوريين الذين قصدوه، بحسب ما ذكره صديق وزميل عمل معه في تركيا.

يعتبر الأطباء في سوريا حجر الأساس في المجتمع، لذا فإن وفاة أي منهم يمكن أن تؤثر بشكل كبير على السكان، ولكن منذ حزيران 2022، قتل ما لا يقل عن 945 عاملاً في المجال الطبي في سوريا، حيث قضى معظمهم في هجمات شنها نظام بشار الأسد وحليفته روسيا، بحسب ما أوردته منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان من مقرها في نيويورك.

يخبرنا أحد أصدقاء دويدري ممن عملوا معه في المشفى فضل عدم الكشف عن اسمه: "كان مبتسماً على الدوام، وكان يطلب أجراً بسيطاً على الاستشارة، وإن لم يكن بوسع المريض أن يدفع، فكان يعطيه من وقته بالمجان".

عند القبر، بدأ الإمام بالدعاء للميت، فأخذ الجميع يرددون بصوت واحد: "آمين".

Dwedari and members of his family were buried last week.

قبر دويدري مع أسرته

بيد أن وقتاً طويلاً سيمضي قبل أن تضاف الشواهد لتلك القبور في تركيا، لكن أحباء الفقيد وأهله يعرفون موقع القبر جيداً، كما أن بعض القبور التي حفرت مؤخراً أقيمت بالقرب من شجرة زيتون وحيدة أو نبتت شجيرات إكليل الجبل فوقها فتحولت إلى علامة مميزة لها.

مع امتلاء القبور، أخذ المعزون ينسحبون الواحد تلو الآخر، في حين جثى آخرون قبالة القبر والحزن باد على وجوههم.

ولهذا يقول محمد جمال أحد المرضى لدى دويدري: "كل من عرف الطبيب أحبه، فقد أتى إلى هنا طلباً للأمان، بيد أن ذلك لم يتحقق له".

وفي سوريا خلال الأسبوع الماضي، أعلن الأمين العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس بأنه رأى: "دماراً شمل مجتمعات بأكملها، ومعاناة لا توصف يقاسيها الناس، إلى جانب شجاعة وتصميم الناجين والمسعفين".

وأضاف تيدروس بأنه بعد مرور أكثر من عقد على الحرب في سوريا أصبحت المدن مدمرة ومهجورة، ولم يعد بقدرة القطاع الصحي استيعاب كل تلك الحالات الطارئة، ولهذا تعمل منظمة الصحة العالمية على تقديم الرعاية لبعض الناجين مع إطلاق مناشدة تهدف إلى جمع 43 مليون دولار لدعم الاستجابة في تركيا وسوريا.

أرسلت منظمة الصحة العالمية الأدوية والمستلزمات لكلا البلدين المتضررين لدعم عمليات الرعاية المقدمة لأكثر من نصف مليون إنسان، بينهم حالات بحاجة إلى عمليات جراحية عاجلة. كما تعاملت منظمة الصحة العالمية مع الأسد حتى يسمح بفتح معبرين حدوديين إضافيين، لرفد المساعدات التي تصل إلى سوريا من قبل وقوع الزلزال.

ويعلق تيدروس على الوضع بقوله: "وصلت اليوم مرحلة البحث والإنقاذ إلى نهايتها، ولكن بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية فإن مهمة إنقاذ الأرواح ماتزال في بدايتها".

 المصدر:  CNN