الروس في سوريا من سرقة الآثار إلى مناوشة الأميركان

2023.08.11 | 05:44 دمشق

الروس في سوريا من سرقة الآثار إلى مناوشة الأميركان
+A
حجم الخط
-A

بعد سنتين من التدخل العسكري الروسي في سوريا توقع محللون انسحاب القوات الروسية خلال شهور، طبعا لم يكن توقع المحللين في محله، فلقد كان لدى الروس ما يفعلونه في سوريا، تحديدا بالنسبة للمدن والمنشآت المدنية أسوة بما فعلوه في الشيشان سابقا، وكما سيفعلونه لاحقا في أوكرانيا.. إضافة لذلك فالحلم الروسي بالمياه الدافئة وبموضع قدم في الشواطئ الشرقية للمتوسط تحقق أخيرا وبطلب أميركي إسرائيلي كما تسرب لاحقا، لمواجهة تغلغل إيران، ولمنع سقوط نظام الأسد أمام تقدم قوات المعارضة في ذات الوقت..

بعد أن استقر لهم الأمر في سوريا راح الروس يتصرفون مثل أي احتلال عرفته البلاد طوال قرون، فهم بعد أن استقر لهم المقام بدؤوا بممارسة العمل الأساسي لكل احتلال: نهب الثروات بكل أنواعها ما ظهر منها وما بطن، فعدا ملايين أطنان الفوسفات التي ينهبها الروس من ريف حمص والبادية هناك مواقع في جبال اللاذقية بعضها أثري وبعضها أراض عادية أغلبها كروم زيتون يجري تطويقها ليلاً بحواجز جهاز مخابراتي سوري يمنع حركة السير في محيطها ويحولها إلى مناطق أمنية صغيرة جدا لأيام تقصر أو تطول، تدخل فرق النهب الروسية تنقب وتحفر وتنهب ثم تخرج، بعد ذلك ينسحب عناصر الأمن، كل ذلك يجري تحت جنح الليل..

أصحاب الكروم والأراضي التي جرت فيها عمليات الحفر والنهب، يُسروّن في مجالسهم الخاصة أن أراضيهم قُلبت رأسا على عقب كما لو أن الفرق الروسية تبحث عن كنوز خفية أو أشياء أخرى..

بل إن اهتمام الروس بالآثار ظهر في كلام منشور عقب تشكيل نظام عصابة الأسد فريق عمل استشاري، بهدف التباحث مع الجانب الإيراني بخصوص إعداد "مسودة عقد" لإدارة المرفأ من قبل إيران، التي تسعى إلى جعل المرفأ منفذا لها على البحر المتوسط.

يتصرف الروس في سوريا وفي الساحل خصوصا كما لو أنهم باقون لاسيما بعد استثمار مناطق سياحية في الساحل لإقامة منتجعات سياحية هناك..

وبعيد الكشف عن تلك "المسودة-الوثيقة" أعلنت روسيا عن عزمها إرسال فرق للتنقيب عن الآثار الغارقة في السواحل السورية، الأمر الذي فسره ناشطون حينها، بأنه رسالة من موسكو لطهران، مفادها أن الاقتراب من الساحل السوري خط أحمر. كما ينقل موقع عربي 21.

يتصرف الروس في سوريا وفي الساحل خصوصا كما لو أنهم باقون لاسيما بعد استثمار مناطق سياحية في الساحل لإقامة منتجعات سياحية هناك.. في وقت قالت دراسة نشرها باحثون سوريون إن قاعدة حميميم الروسية بالقرب من مدينة جبلة تستجر الكهرباء والمياه مجانا، وكشفت الدراسة أن القاعدة كبدت خزينة الحكومة السورية أربع مليارات ليرة سورية (بأسعار 2022) فقط ثمنا للكهرباء والماء.

يتصرف الروس في سوريا حينا كما لو أنهم لصوص يسرقون ويهربون وحينا كما لو أنهم على العكس من ذلك مستثمرون وسواح باقون ليستمتعوا بالأرض والشمس والبحر..

بل إن بعض الروس المهووسين من النخبة الإعلامية يحلم أن يستعمر سوريا لوقت طويل كما فعلت أوروبا بفلسطين، فقبل سنوات سبع قالت القناة التلفزيونية الحكومية الروسية الأولى إنه ليس هناك دولة في التاريخ اسمها سوريا، وأن هذه البقعة من الأرض المسماة الآن سوريا ستكون روسيا.. هذا ما أكدت صحفية معارضة لموسكو تعمل في قناة “نوفوسيبيرسك” إذ قالت منتقدة نظام بوتين: "الخراب في روسيا يغطونه بحروب ضد الأضعف وينسون أن الحرب الصغيرة يمكن أن تتحول إلى هزيمة كبيرة" وأضافت الصحفية المعارضة لنظام بوتين قائلة "وصلت الهلوسة بالقناة الأولى الحكومية الروسية الرسمية بأن تقول إنه لم يكن في التاريخ دولة اسمها سوريا وإن هذه البقعة من الأرض تابعة لروسيا وستكون الآن سوريا هي روسيا الجديدة".

هذا التصعيد في الساحة السورية جزء من معركة روسيا مع الغرب ومع أميركا تحديدا، علّها بذلك ترفع معنويات جنودها في أوكرانيا، ومعنويات أنصارها في سوريا وبعض الدول العربية..

ليس ذلك فحسب فالروس في سوريا يشعرون بالملل من الهدوء المدقع الذي يضرب مناطق الساحل، رغم الجوع والقمع والإهانة التي يتعرض لها السكان باستمرار، لذلك فهم لأجل إضفاء شيء من الإثارة يرغبون بالقيام ببعض التفجيرات هنا وهناك فآخر مرة فجروا فيها بقنابل طائراتهم مدرسة أو فرناً أو مشفى في إدلب تعود لشهور عديدة، لا بأس إذاً ببعض "الأكشن" ما بين الحين والآخر، كإثبات وجود، غير أن القيادة العسكرية الروسية في سوريا أخذت في الشهرين الأخيرين تتعمد التصعيد الجوي في مواجهة الطيران الحربي الأميركي في الأجواء السورية على خلفية احتدام المعارك في أوكرانيا وانشقاق بريغوجين وخسائر القيادة الروسية المعنوية داخليا وخارجيا الناتجة عن فشلها حتى الآن بتحقيق النصر على أوكرانيا... هذا التصعيد في الساحة السورية جزء من معركة روسيا مع الغرب ومع أميركا تحديدا، علّها بذلك ترفع معنويات جنودها في أوكرانيا، ومعنويات أنصارها في سوريا وبعض الدول العربية.. أما في روسيا فكثير من الروس راحوا يرفعون الصوت احتجاجا على سياسة بوتين العسكرية المغامرة والمتهورة التي مازال الغرب يقابلها بحكمة بالغة في محاولة لامتصاص نقمة بوتين، لدرجة إعلان أوروبا بعد ضرب مسيرات أوكرانية لمدن روسية أنها ليست مع هذا السلوك الأوكراني، ولدرجة استرضاء بوتين بمنحه مساحة للوجود العسكري والاقتصادي في أفريقيا..