icon
التغطية الحية

الجيش التركي يحصن جبهاته ويستنزف "قوات تحرير عفرين" في حلب

2022.10.09 | 06:21 دمشق

سي
تشييع القيادي في ميليشيا "تحرير عفرين" زنار عفرين في بلدة أحرص شمالي حلب
حلب - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

تركز الطائرات المسيرة التركية قصفها على مواقع استراتيجية لميليشيا "قوات تحرير عفرين" التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في تل رفعت وعموم مناطق سيطرتها بريف حلب الشمالي، وتستهدف قادة من الصفين الأول والثاني، ومكاتب قيادة العمليات، ومستودعات أسلحة في الخطوط الخلفية، ومخابئ ونقاط عسكرية في الخطوط الدفاعية الأولى في شريط المواجهة مع الفصائل المعارضة.

ورصد موقع تلفزيون سوريا خلال شهري آب وأيلول الماضيين أكثر من 10 ضربات جوية نفذتها المسيرات التركية، واستهداف وحيد منذ بداية شهر تشرين الأول الحالي، بالإضافة لضربات مدفعية وصاروخية مركزة شاركت فيها الفصائل واستهدفت مواقع بعيدة في محيط بلدات فافين وتل قراح والأحداث وتل مضيق ودير جمال وغيرها، وذلك بالاعتماد على بنك الأهداف الذي جمعته الطائرات المسيرة، والمعلومات التي حصلت عليها الفصائل من مصادرها المحلية في مناطق ما يسمى "الشهباء".

خسائر بالجملة

لا تعترف "قسد" بالخسائر الحقيقية لقواتها في تل رفعت ومحيطها شمال حلب، وفي أحدث خسائرها، قتل ثلاثة على الأقل وجرح آخرون من عناصرها في قصف للمسيرات التركية استهدفت مواقعهم على أطراف مدينة تل رفعت في 2 تشرين الأول، ونقلت القتلى والجرحى إلى مشفى عفرين في بلدة فافين شمال حلب.

وفي الثالث من تشرين الأول شيعت جثمان أحدهم ليدفن في بلدة أحرص، ويطلق عليه اسم حركي "زنار عفرين" واسمه الحقيقي زنار خليل، وينحدر من قرية حاج خليل بريف منطقة عفرين، وهو أحد قادة المجموعات المقاتلة في جبهات شرق تل رفعت، قالت "قسد" إنه توفي بأزمة قلبية، ولم تعترف بمقتله بالغارات التركية، وسبق أن زعمت "قسد" أن قيادياً في تل رفعت توفي بأزمة قلبية أيضاً، وذلك في 14 آب الماضي، واسمه الحركي عزت شرا، والحقيقي فريد موصلي وينحدر من قرى ناحية شران بريف منطقة عفرين.

 

مخيم قرب فافين شمال حلب
"زنار عفرين"

 

وفي الـ 24 من آب الماضي كانت الحصيلة الأكبر لقتلى "قسد" في تل رفعت، والتي طاولتها غارات المسيرات التركية التي استهدفت مقراً عسكرياً في قلب المدينة، وقتل على إثر القصف 6 عناصر على الأقل، بينهم قيادات قنديل التابعة لحزب العمال الكردستاني، بينما شيع جثامين ثلاثة اعترفت قسد بمقتلهم، وهم القيادية "فاطمة معمو" و"نافخاش عليكو" وكلاهما دفنا في مقبرة بلدة فافين، في حين تم دفن الثالث، وهو حمزة بيرم في بلدة أحرص.

ونقلت "قسد" باقي جثث القتلى إلى حي الشيخ مقصود بمدينة حلب. وفي 21 شيع جثمان ديانا علو لتدفن في بلدة أحرص، وقتلت بقصف المسيرات التركية، وزعمت "قسد" أنها قتلت في ريف محافظة الحسكة، في حين تؤكد مصادر محلية في تل رفعت أنها قتلت شمالي حلب، وعلو من مواليد العام 2004، وجُنِّدت بعمر الـ 16 بعدما خطفت من حي الشيخ مقصود بحلب.

إجراءات الجيش التركي

شهد النصف الأول من العام الحالي 2022 زيادة كبيرة في عمليات "قسد" ضد الفصائل المعارضة والجيش التركي على طول الجبهات شمالي حلب، وكان للميليشيات الإيرانية دور كبير في تدريب مجموعات "قسد" على استخدام الصواريخ المضادة للدروع، والتي كانت السلاح الأكثر فعالية ضد خصومها في جبهاتهم المكشوفة، يليها سلاح الهاون الذي تعلم عناصر "قسد" الرماية على مختلف قياساته بفضل الميليشيات الإيرانية، وحققوا إصابات مباشرة للقواعد العسكرية التركية في محيط مارع ودابق وكلجبرين وحزوان السيد علي بريف حلب، وخلال الأشهر القليلة الماضية تنبه الجيش التركي لضرورة زيادة عمليات التحصين وتأمين الطرق، والقواعد العسكرية.

 

 

ويمكن تلخيص إجراءات التحصين التي خفضت من نسبة الاختراقات في جبهات القتال، في ما يلي:

  • تحويل خط مسير العربات والأرتال العسكرية من الطرق المكشوفة والقريبة من جبهات القتال إلى الطرق الداخلية، ومثالها إلغاء خط سير الأرتال من طريق (اعزاز - كلجبرين - مارع) إلى طريق (اعزاز - صوران - تلالين - مارع) وصولاً إلى مشارف مدينة الباب في الجنوب الشرقي، والأمر ذاته طبق في الجبهات بين منطقتي منبج وجرابلس.
  • نشر جدران إسمنتية لحماية بعض الطرق من الصواريخ المضادة للدروع، ومثالها طريق تلالين - مارع وامتد الجدار على مسافة 3 كيلومترات تقريباً.
سي
  • تحصين القواعد العسكرية التي يتمركز داخلها الجنود الأتراك، والاستعاضة عن الغرف مسبقة الصنع بغرف من البيتون المسلح جرى إنشاؤها خلال الأشهر القليلة الماضية في معظم القواعد القريبة من خط التماس، والتي أمنت بالفعل جنود القواعد بعدما غطيت بالتراب بسماكات ضخمة.
  • الرصد المتواصل لمنطقة العمليات من قبل الطائرات المسيرة التركية التي تحلق على مدار الساعة في سماء المنطقة، والتي وفرت تحديثاً متواصلا لتحركات "قسد" في الخطوط الأولى، والتنبؤ بالقصف قبل وقوعه، وهذا وفر على جنود القواعد التركية ومجموعات الفصائل المرابطة فرصة للاحتماء.

وقالت مصادر عسكرية معارضة لموقع تلفزيون سوريا إن "قسد عملت على دعم تحصيناتها بمزيد من الأنفاق والخنادق المغطاة لتفادي الرصد والقصف الجوي التركي، واعتمدت تكتيكات الميليشيات الإيرانية في تنفيذ الضربات الصاروخية، وعمليات الاستهداف بالصواريخ المضادة، وذلك من خلال تخصيص مجموعات خاصة ترابط في مواقع متقدمة في جبهات القتال ومعها الصواريخ وقواعد الإطلاق للتعامل مع أي هدف سهل، وهو تكتيك متبع لدى الميليشيات الإيرانية في جبهاتها مع هيئة تحرير الشام والفصائل غربي حلب".

تحصينات الفصائل

بعد توقف التهديدات التركية بإطلاق معركة ضد "قسد" بريف حلب، عملت الفصائل في الجيش الوطني على دعم خطوط رباطها بمزيد من التحصينات الهندسية للتقليل من خسائرها البشرية، وكان الفيلق الثالث رائداً في عمليات التحصين بحكم انتشار مقاتليه الواسع في خط رباط طويل.

قال ضابط في وزارة الدفاع التابعة للحكومة المؤقتة (شريطة عدم الكشف عن هويته) لموقع تلفزيون سوريا إن "التحصين فرع من فروع الهندسة العسكرية ويعنى بتنفيذ مجموعة من التدابير وذلك لمساعدة القوات المقاتلة على القيام بمهامها القتالية في المعركة، وتقوم بهندسة الأرض وتجهيزها للدفاع والهجوم، وللتحصين أهمية كبيرة فهو باب من أهم أبواب الإعداد، وكلما زادت أهمية الشيء زاد الاهتمام به لذلك فإن القيادة العسكرية توليه أهمية كبيرة".

وأضاف: "أن عمليات التحصين والتدشيم قائمة بشكل عام على كامل الخطوط والجبهات، أما مدى توسعها على خطوط التماس مع العدو فهي تختلف من مكان إلى آخر، فهناك أماكن حاكمة تقام عليها التحصينات وهي على تماس مباشر مع العدو وبمسافات قريبة، وهناك أعمال تقام على أماكن بعيدة نسبيا عن خط التماس مع العدو ولكنها أرض حاكمة، لذلك فإن مقياس العمل بالتحصينات والأعمال الهندسية منوط بأهمية الموقع العسكري ومدى حاكميته وأيضا بحسب تقدير غرف العمليات والقيادة العسكرية للموقف القتالي".

وتابع: "مع تقدم وتطور وسائل التدمير وصنوف الأسلحة واتساع مسرح الأعمال القتالية توجب على فرق التحصين والتدشيم توفير ما يساعد القوات المقاتلة على خوض أعمال الدفاع، ويؤمن عرقلة أعمال العدو وذلك بإنشاء شبكات من الخنادق القتالية وخنادق المواصلات والملاجئ وذلك لحماية المرابطين وتأمين طرق إمداد آمنة لهم وحمايتهم من النيران المباشرة وغير المباشرة، وبنفس الوقت تجهيز مساند نارية لتأمين الاشتباك مع العدو، وهذا ما تعمل عليه معظم الفصائل".