الثورة السورية والقضية الفلسطينية.. قضايا حق لا تجزأ

2024.04.18 | 06:26 دمشق

65454545454545454
+A
حجم الخط
-A

لا شك أنه لكل إنسان قضية تولد معه فور بصيصه ضوء الحياة، ولا شك أيضاً بأن بعض القضايا قد تكون عابرة للجغرافيا وللأجيال كذلك، وهذا ما يمكن تأكيده من خلال فهم الرابط الذي يربط الشعبين السوري والفلسطيني ببعضهما البعض، وبالعودة إلى تاريخ سوريا الكبرى نجد بأن فلسطين كانت جزءها الجنوبي أو خاصرتها الجنوبية وفق الدراسات التاريخية منذ قبل الميلاد إلى بداية القرن العشرين عند سقوط الدولة العثمانية، والتي شهدت فيها فلسطين تنافساً بين القوى البريطانية والصهيونية على السيطرة، وانتهت باحتلالها من قبل إسرائيل عام 1948، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين وبدء الصراع العربي الإسرائيلي.

ومنذ ذلك اليوم لا يولد طفل سوري دون أن تكون قضيته التي ولدت معه "فلسطين" إلى بداية شرارة الثورة السورية، فقد أصبح للطفل السوري الذي يولد ضمن عائلة ثائرة ضد نظام الأسد قضيتان وهم "الثورة السورية والقضية الفلسطينية". وهنا تعزز الحب والإخلاص للتاريخ المشترك، والحب الأبدي للقضية بنظر الأجيال السورية.

الثورة السورية وحاضنتها الفلسطينية

تضامن الشعب الفلسطيني مع الثورة السورية، حيث رأى فيها فرصة لتحقيق المطالب بالحرية والعدالة التي يسعى إليها الشعبين السوري والفلسطيني. وأيضاً إيمانهم القوي والراسخ بأن الحل في فلسطين مرتبط بمصير الثورة في سوريا، وبأن نجاح الثانية سيؤدي حتماً إلى تحقيق النجاح في الأولى، وعليه قد أبدى الفلسطينيون دعمهم المعنوي والمادي لثوار سوريا، كما لا يمكن تخطي دور الطلاب الفلسطينيين في الوقوف بجانب الثورة السورية سواء عبر التظاهرات وحملات المناصرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والمسيرات التضامنية التي خرجت في العديد من الجامعات منها (بيرزيت، النجاح الوطنية، القدس المفتوحة، الأزهر ـ غزة، الخليل)، التي شهدت مظاهرات وحملات تضامنية مع الثورة السورية، حيث عبر الطلاب والموظفون وأعضاء هيئة التدريس عن دعمهم للشعب السوري في ثورتهم الوطنية من أجل الحرية والديمقراطية. وفي الموقف نفسه شارك طلاب الثورة المنضوين تحت مظلة اتحاد طلبة سوريا في حملات شعبية ووقفات تضامنية، وكذلك مشاركتهم الأخيرة في مؤتمر طلابي إقليمي داعم لغزة ليؤكدوا ترابطهم.

العلاقة الحمساوية الإيرانية لا تنفي القضية

لا يمكننا نكران حالة الشارع الثوري السوري المستاء من التقارب الحمساوي الإيراني، خاصة في ظل المجازر التي ارتكبتها ولا تزال ترتكبها إيران في سوريا، مما أثار تساؤلات حول مدى تأثير هذه العلاقة على القضية الفلسطينية من وجهة نظر الحاضنة الثورية السورية، ولكن وبالرغم من التصريحات الرسمية والتحيات المتكررة من حماس إلى إيران والميليشيات التي تتبعها في اليمن والعراق ولبنان وسوريا، إلا أن هذا الاستياء لم يؤثر على التزام الشارع الثوري بدعم ومناصرة غزة والقضية الفلسطينية ككل، حيث رأوا أن القضية الأساسية تبقى هي صلب التضامن والنضال المشترك ضد الظلم والاستعمار، وأنه يمكن تجاوز العلاقات والأحضان العابرة التي تنتهجها الميليشيات فيما بينها، ونظراً للتفاني الثوري السوري للقضية الفلسطينية، وإصراراً منهم على استمرارهم في تأييدها ودعمها، كانت النسبة الأكبر من فعاليات إحياء الذكرى السنوية الثالثة عشرة للثورة السورية التي أقيمت حول العالم متضمنة فقرات تضامنية مع غزة للتأكيد على الأهمية الاستراتيجية والأخلاقية المشتركة للقضيتين.

قضايا حق لا تجزأ

بينما يستمر الشعبان السوري والفلسطيني في النضال من أجل الحرية والعدالة، تبرز أيضاً مساعٍ ودوافعُ فصل القضيتين وجعلهم في حالة من التناحر والشتات من قبل نظام الاستبداد الأسدي والميليشيات الإيرانية في المنطقة، إلا أن الشعبين ما زالوا يراهنون على صدق ما يربطهم ببعضهم، فالتاريخ المشترك والوعي لدى الحواضن الشعبية يجعلان من الثورة السورية والقضية الفلسطينية قضيتين لا يمكن فصلهما. وعلى الرغم من التحديات والتقاربات السياسية، فإن الشعبين مستمرين في التضامن والنضال المشترك ضد الظلم والاستبداد والاحتلال، مؤكدين على أهمية الدعم المتبادل والوقوف المتين إلى جانب بعضهما البعض. ليكون للأصالة دور حقيقي في معاصرة الواقع. ولاستمرارية الحب والانتماء المتبادل بين الشعبين، حتى الوصول للنصر ونيل المطالب.