icon
التغطية الحية

"الإدارة الذاتية" تلاحق تلفزيون سوريا.. اعتقالات تعسفية لمشتبه فيهم بـ"التعاون"

2022.03.06 | 11:46 دمشق

قسد
دورية أمنيّة لـ قوات "الأسايش" في الرقة (تلفزيون سوريا)
+A
حجم الخط
-A

أطلقت "الإدارة الذاتية"، مؤخراً، حملة ملاحقات أمنية واعتقالات طالت صحفيين وناشطين إعلاميين، بتهمة التعامل والتعاون مع تلفزيون سوريا، في توجّه واضح لكبح نشاطه وتغطياته التي شملت النواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية شمال شرقي سوريا.

وكان تلفزيون سوريا دأب منذ انطلاقته، في آذار 2018، على مزاولة نشاطه في معظم بقاع سوريا، وحاول كمؤسسة إعلامية ناشئة آنذاك التركيز على المواضيع الخدمية والاجتماعية من خلال فريق من المراسلين ليكونوا نواة مستقبلية لمكاتب تمثيلية للتلفزيون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري.

"الإدارة الذاتية" شمال شرقي سوريا لم تكن ممتنة من أداء التلفزيون وتركيزه على هموم الأهالي واحتياجاتهم، فألغت ترخيصه بعد الانطلاقة بأشهر قليلة، متذرعة بحجج أبرزها أن المؤسسة تتخذ من مدينة إسطنبول التركية مقراً لها، وأنها تتبع سياسة معادية لمشروع "الإدارة الذاتية" وذراعها العسكري "قسد"، ليحاول التلفزيون استئناف الترخيص لدى سلطات الأمر الواقع هناك من دون أي جدوى.

مظاهرة الشدادي ضد قسد.jpg
مظاهرة ضد "قسد" في مدينة الشدادي (أرشيف - تلفزيون سوريا)

ومنذ ذلك الحين، يعمل تلفزيون سوريا سرّاً في مناطق "قسد" أسوة بمناطق سيطرة النظام السوري، عن طريق شبكة صحفيين ومتعاونين، مراعياً خطورة العمل في منطقة يمارس فيها التضييق الإعلامي على أوسع نطاق، في حين تتفرد فيها وسائل إعلام تتبنى سياسة "الإدارة الذاتية" أو تتبع لها، ليتحول الأمر مؤخرًا إلى كابوس يجثم على صدور كل من حمل كاميرا في الرقة ودير الزور والحسكة، فالاعتقال وشيك والتهم جاهزة ومعلّبة: التعاون مع تلفزيون سوريا.

ماذا حدث مؤخرًأ؟

في الرابع من تشرين الأول الفائت، نشر تلفزيون سوريا لقاءً مصوراً مع أحمد العلوش (أبو عيسى)، قائد لواء "ثوار الرقة"، والذي عاد قبل نحو عام إلى محافظته بوساطة أميركية، بعد إقامة جبرية في إحدى قرى الحسكة تلت إقصاءه عن المشهد كليًا واعتقال عدد كبير من تشكيله العسكري، في العام 2018، ليشي القيادي البارز في الجيش الحر خلال لقائه، بالواقع المرير الذي تعيشه المنطقة الشرقية والمخاطر المستقبلية في ظل سيطرة "الإدارة الذاتية" و"قسد" على جميع مفاصلها.

مصادر خاصة أكدت أن اللقاء مع "أبو عيسى" سبّب انزعاجاً كبيراً من قياديين بارزين في وحدات "حماية الشعب" (المكون الأبرز في"قسد")، ترجمتها بحملة اعتقالات تعسفية طالت عدداً من الناشطين الإعلاميين ومن أبرزهم أعضاء من المكتب الإعلامي في "مجلس الرقة المدني"، في اعتقاد وتكهن بأنهم يعملون لصالح تلفزيون سوريا.

وأكدت المصادر أن عملية الاعتقال جاءت في ظروف قاسية ومهينة تحت سلطة السلاح وعبر آليات مصفحة أميركية في ساعات الليل المتأخرة.

لم يقتصر الأمر على الرقة، إذ استدعت الأجهزة الأمنية التابعة لـ"الإدارة الذاتية" عدداً من الناشطين والصحفيين من مناطق نفوذها في ريف دير الزور الشرقي، للتحقيق معهم بتهمة تصوير مواد مرئية لصالح تلفزيون سوريا، فضلاً عن استدعائها صحفيين آخرين في محافظة الحسكة.

إعلام قسد "الاستخباري"

بعد تغيير مدير المركز الإعلامي العام لـ"قسد" مصطفى بالي، المنحدر من مدينة عين عرب (كوباني)، في نيسان 2021، كلّف فرهاد الشامي بإدارة المركز، ينحدر الأخير من مدينة الدرباسية في ريف الحسكة، وعمل قبل توليه المنصب عضواً في المكتب الإعلامي لحزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه العسكرية "وحدات حماية الشعب".

تقول مصادر تلفزيون سوريا إن "الشامي" وهو خريج كلية الإعلام في جامعة دمشق، خضع لعدة دورات وتدريبات لدى حزب العمال الكردستاني في معقله الرئيسي في قنديل، وعاد إلى سوريا بالتزامن مع معركة عفرين، ليكلف بعدها بتولي ملف الإعلام لدى "قسد".

ساهم "الشامي" بتصفية حساباته مع عدد من الصحفيين والناشطين الإعلاميين في المنطقة، عبر جهاز الاستخبارات التابع لـ"قسد"، وساهم باعتقال مصطفى العبد رئيس لجنة الإعلام في مجلس الرقة المدني، ولفق له عدة تهم منها تسريب محاضر الاجتماعات في المجلس والتعامل مع الأتراك وفصائل المعارضة والقنوات "المغرضة".

كذلك كانت له يد في اعتقال أسامة الخلف، وهو أحد إعلاميي المجلس المدني بتهمة التعامل مع قنوات ممنوعة منها تلفزيون سوريا، مع العلم أن الخلف يعمل كمصدر ميداني لصالح المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتقول المصادر التي اطلعت على بعض لوائح اتهامات الصحفيين والناشطين الإعلاميين، إن التهم معلبة وجاهزة عموما، وهي العمل مع وكالات غير مرخصة أو تحارب مشروع "الإدارة الذاتية"، وأبرزها تلفزيون سوريا، رغم خروج عدد من مسؤولي "قسد" و"الإدارة الذاتية" مرات عديدة على شاشة التلفزيون من خلال النشرات والبرامج الإخبارية والحوارية المنوعة.

خلال الأسابيع القليلة الماضية فقط، أغلقت دائرةُ الإعلام التابعةُ لـ"الإدارة الذاتية": مكتبَ شبكة وقناة رووداو الكردية في مدينة القامشلي وسحبت تراخيصَ العمل من عامليها، فضلاً عن اعتقال مراسل موقع يكيتي ميديا ومراسل قناة ARK الكردية، وحوادثِ اختطافٍ وممارساتٍ تعسفية أخرى، وفق المصادر.

التضييق على العاملين في الحقل الإعلامي، يأتي رغم إصدار المجلس التشريعي العام في "الإدارة الذاتية"، قراراً يضمن حقوق الصحفيين وحرياتهم من دون التعرض لها، وهو ما تسبب بفرار عدد منهم إلى تركيا أو مناطق المعارضة شمال غربي سوريا.

ملهم النايف مع أبو عيسى.jpg
الناشط ملهم النايف مع "أبو عيسى" عقب اللقاء - خاص تلفزيون سوريا

الناشط الإعلامي والصحفي ملهم النايف، عمل سرّاً مع تلفزيون سوريا، وهو من أجرى اللقاء مع "أبو عيسى" في مدينة الرقة قبل نحو خمسة أشهر، واضطر لمغادرة مدينته خشية الملاحقة الأمنية والاعتقال، بعد أن أنجز عشرات التقارير والقصص الإنسانية والاجتماعية في الرقة.

يقول "النايف" لـ تلفزيون سوريا عقب وصوله إلى مكان آمن خارج سيطرة "قسد": إنّ العمل الإعلامي في الرقة بات صعباً للغاية، المضايقات كثيرة ومستمرة للإعلاميين، في بقعة باتت تشبه إلى حد كبير تلك الخاضعة لسلطة نظام الأسد.