تهرّب نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، يوم الأربعاء، من الإجابة بوضوح عن الأسئلة التي طُرحت عليه في لقاء عبر شاشة تلفزيون سوريا حول بنود "التفاهم" مع النظام السوري الذي مُدد من خلاله إدخال المساعدات عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا، في حين رأى مدير منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) رائد الصالح أن "التفاهم" ما هو إلّا انصياع للنظام.
واختصر حق إجابته عن سؤال مباشر حول "ما هي بنود التفاهم؟"، بالقول إن "مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، تحدث مع بعض الدول في المنطقة بما فيها تركيا، وخرجنا مع الحكومة السورية باتفاق مبدئي لحماية استقلال عمليات الأمم المتحدة".
وتركّزت إجابات المتحدث عن السؤال المذكور آنفا وأسئلة أخرى من قبيل: "هل رضخت الأمم المتحدة إلى شروط النظام؟ على القول بأن النظام والأمم المتحدة رضيا بـ "التفاهم"، وأنه منفصل عن قرارات مجلس الأمن، مع توضيح أهمية إدخال المساعدات عبر الحدود لملايين السوريين في شمال غربي سوريا!
تفاهم بين الأمم المتحدة والنظام بشأن إدخال المساعدات عبر باب الهوى وغموض حول تفاصيله
— تلفزيون سوريا (@syr_television) August 9, 2023
تقرير: جمال البشاش @jamalhssan9#تلفزيون_سوريا pic.twitter.com/tlxY6jhnoB
متى ستدخل المساعدات إلى سوريا؟
وتوقّع حق – دون تأكيد – أن تدخل أولى شحنة من المساعدات عبر معبر باب الهوى إلى شمال غربي سوريا خلال الأسبوع القادم، في حين أجّل الإجابة عن سؤال "هل سيكون للنظام مبعوث في المنطقة خلال إدخال المساعدات؟" بالقول: يمكننا إعطاء المزيد من التفاصيل عند استئناف العمليات.
من جانبه اعتبر مدير الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) رائد الصالح، خلال اللقاء نفسه ضمن برنامج "سوريا اليوم"، أن "التفاهم" ما هو إلّا "انصياع لما يريده النظام السوري وما حاربت من أجله روسيا في مجلس الأمن".
من قتل السوريين بالكيماوي لن يكون جهة موثوقة
وقال إن "النظام الذي استعمل جميع الأسلحة ضد الشعب، بما فيها الأسلحة الكيماوية، لن يكون جهة موثوقة لإعطاء موافقة لوصول المساعدات إلى أهلنا في مخيمات النزوح الذين كان وراء تهجيرهم".
وانتقد الصالح إخفاء الأمم المتحدة لبنود "التفاهم" قائلاً: "الأمم غير قادرة على الإفصاح عن بنود التفاهم، لم يعطِ المتحدث – فرحان حق – أي توضيح، السوريون المعنيون لا يستطيعون الوصول إلى بنود الاتفاق وهذا وحده يضعنا أمام ألف إشارة استفهام".
وتساءل عن "ماذا أعطت الأمم المتحدة مقابل التفاهم؟ ماذا دفعت الدول مقابله؟ ما التنازل الذي قُدّم للنظام؟ الإجابات عن هذه الأسئلة مغيّبة عن السوريين ولا يمكن أن نصل إلى حقيقة واضحة"، مطالباً "الأمم" بالإعلان عن البنود "حتى نستطيع تقييم الأمر بشكل دقيق".
وتوقّع الصالح أن تكون روسيا قد دفعت باتجاه هذا التفاهم "لأنها تريد أن تعطيه ورقة جديدة تمنحه شرعية على المعابر التي لا يسيطر عليها أساساً".
الأمم المتحدة لا تحتاج موافقات لإدخال المساعدات
وأضاف أن بإمكان الأمم المتحدة إدخال المساعدات إلى سوريا، بقرار من الأمين العام: "لديها القدرة القانونية على إدخال المساعدات عبر الحدود بدون العودة للنظام أو مجلس الأمن. أعتقد أن الأمم لا تستخدم صلاحياتها الكافية وتدفع بملف المساعدات إلى مزيد من التسييس".
وأكّد أن هذا "التفاهم" ينتهك البند الأول من القانون الدولي الإنساني الذي يقول بأن أي مساعدات "يجب أن لا تُسبب أي ضرر نفسي على المستفيدين، وموافقة النظام تسبب ضرراً نفسياً مباشراً إذ إنه المسؤول عن تهجير غالبية السوريين المقيمين في المخيمات".
"نستطيع القول بأن العملية أصبحت مسيسة والنظام يساوم على حجم المساعدات التي يحصل عليها ويدعم بها نظامه، خاصة مع انهيار الليرة السورية. المساعدات أصبحت اليوم المصدر الأساسي لدعم الاقتصاد السوري وخاصة أنها تصل بالعملة الصعبة. نحو 30 في المئة من المساعدات تذهب إلى جيب النظام بدون عناء فقط كفروقات تصريف".
لا ثقة بالمساعدات عبر الخطوط
وأشار الصالح إلى أنه "لا يمكن الوثوق بالمساعدات عبر الخطوط، جربنا كسوريين ذاك النوع من المساعدات في الغوطة وداريا، لا أنسى المساعدات التي دخلت في الماضي عبر الخطوط إلى داريا وكانت تحمل ناموسيات للبعوض بعد ثلاث سنوات من الحصار، في وقت كان الأطفال بحاجة إلى طعام وحليب".
وتابع: "إدخال المساعدات عبر الخطوط شائك جداً، يحتاج إلى 23 موافقة أمنية، إن كانت الأمم المتحدة جادة في استخدام المساعدات عبر الخطوط فإن أهلنا في مخيم الركبان أولى بإيصال المساعدات لهم عبر الخطوط ويحتاجونها".
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت التوصل إلى "تفاهم" مع النظام السوري لتمديد دخول المساعدات عبر الحدود، وقال فرحان حق في بيان رسمي آنذاك إن الاتفاق جاء بعد محادثات بين "مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية والحكومة السورية، بهدف السماح للأمم المتحدة وشركائها بمواصلة تقديم المساعدة الإنسانية عبر الحدود، بالحجم اللازم وبطريقة مبدئية تسمح بالانخراط مع جميع الأطراف لأغراض السعي إلى وصول المساعدات الإنسانية بطريقة تحمي الاستقلال التشغيلي للأمم المتحدة".
وذكر البيان أن الموافقة - التي أعادت سوريا التأكيد عليها في الأيام الأخيرة- توفر أساساً للأمم المتحدة وشركائها لإجراء عمليات إنسانية عبر الحدود بشكل قانوني عبر معبر باب الهوى.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بتمديد سوريا لتفويضها للأمم المتحدة باستخدام معبري باب السلامة "الحجم اللازم" والراعي لمدة ثلاثة أشهر إضافية، وكذلك موافقتها على توصيل المساعدة عبور خطوط الصراع داخل سوريا في سرمدا وسراقب خلال الأشهر الستة القادمة.