الأسد وحكومته "التاسعة"

2021.08.13 | 05:22 دمشق

2021-07-17t125340z_1272821727_rc2bmo9mg1w1_rtrmadp_3_syria-security-assad.jpg
+A
حجم الخط
-A

أعاد الأسد تكليف حسين عرنوس لحكومة جديدة هي الثانية له في عهد الأسد والتاسعة للأسد خلال 21 عاما من حكمه، غير الأسد رؤساء وزراء بمعدل حكومة في كل عامين تقريبا، الأطول كانت حكومة ناجي عطري الذي ظهر مؤخرا خلال خطاب القسم الرابع للأسد، والأقصر كانت لرياض حجاب الذي اتخذ خطوة جريئة وشجاعة وصادقة مع الشعب السوري ومع مدينته دير الزور بالانشقاق بعد 44 يوما فقط من تكليفه كرئيس للوزراء.

طبعا عرنوس الثاني لن يختلف عن عرنوس الأول، ربما سيبقى على مستوى إدراكه المحدود في إطلاق ما يعرفه كل السوريين بأنه غلاء للأسعار بوصفه "تحريك للأسعار" لن يكون في قدرته بث الحياة في اقتصاد منهار تماما ولن يمتلك "عصا سحرية" كتلك التي تحدث عنها الأسد في سنته الأولى من أجل إعادة "السيادة" لبلد مزقته الحرب ودفعت جيوش كل الدول الإقليمية والدولية من أجل ممارسة عروضها العسكرية في سمائه وعلى أرضه.

لكن الأهم لن يملك الجرأة أن يسأل لماذا يوجد "الجيش العربي السوري" في إدلب ودرعا وليس لمنع الغارات الإسرائيلية وتحرير الجولان، ولماذا يستمر هذا الجيش المغوار بقصف المدنيين والأطفال في إدلب إذا كان يستطيع التحليق ومنع الغارات الإسرائيلية من التحليق فوق السماء السورية.

من المؤكد أنه يعرف الإجابة كما كل السوريين، الذين علمتهم هذه الحرب أن يصبحوا أكثر اطلاعا وذكاء ربما من رئيس حكومتهم.

على مدى خمسين عاما من حكم الأسد الأب والأسد الابن لم يكن لمنصب رئيس الوزراء أي لون أو رائحة وكثرت النكت حول لا جدوى هذا المنصب

لكن اللافت في الحكومة الجديدة هي تدوير الوجوه نفسها لمرة جديدة حيث لم يتم تغيير سوى خمس وزراء، هل هو خوف الأسد من انعدام الثقة بوزرائه فالمجرب أفضل من الجديد، والغبي الذي قبل بالعمل على صعوبته ولا جدواه أفضل من الذكي الذي يطرح أسئلة ويحتاج إلى أجوبة، بكل الأحول يعرف السوريون أن كما عرنوس الأول سيكون عرنوس الثاني، لن تأتي معه الكهرباء ولن يتحسن سعر الليرة السورية وسيزداد الغلاء والتفاوت بين أمراء الحرب وصناع الثروة من السلطة وبين الفقراء الذي سيزداد فقرهم ويبحثون عن أقرب فرصة من أجل الخروج من هذا الوطن الذي أصبح مقبرة لأبنائه.

على مدى خمسين عاما من حكم الأسد الأب والأسد الابن لم يكن لمنصب رئيس الوزراء أي لون أو رائحة وكثرت النكت حول لا جدوى هذا المنصب في القيام بأي شيء مفيد للسوريين، ربما منها أن الزعبي خرج مرة على الجمهور بحذاء وقد نسي أن يربط شواطاته فأجاب عن سؤال لأحد المواطنين أنه كحذائه "لا يحل ولا يربط".

يدرك كل السوريين أن رئيس الوزراء في عهود الأسد لا يحل ولا يربط وهو مطلوب منه أن لا يحل أو يربط، وعندما يقبل بمنصبه يرضى على نفسه أن يلعب هذا الدور ويقوم بالتمثيل الضروري لهذا المنصب، واليوم أصبحت مهمته فقط تأمين رغيف الخبز وهي مسألة شاقة وتبرير انقطاع الكهرباء وهي مسألة مستحيلة. وبالتالي فهو سيحمل منصبا بلا صلاحيات وموقعا بدون أية مسؤوليات، وهذا يعيدنا إلى السؤال الرئيسي أن شخصية الإنسان هنا هي التي تدفع للفرق، فبقدر ما يرضى على نفسه المهانة والمذلة في هذا الموقع بقدر ما يكرر صيغة أسلافه في سحق صورة السوريين وكرامتهم.

الأسد الابن كما الأب لن يتغير برغم كل آلام السوريين وعذاباتهم، وكل رؤساء الحكومات المتعاقبة ليس مطلوبا منهم سوى إظهار صورة حديثة لدولة هي في حقيقتها مجرد ميليشيا تنضح حقدا ضد سوريا كوطن وحضارة وضد السوريين كأمة وشعب.