icon
التغطية الحية

اعترافات مسرّبة لـ"أبو ماريا القحطاني".. ما تعليق الهيئة على أنباء مقتله؟

2024.01.05 | 12:59 دمشق

أبو ماريا القحطاني إلى جانب مسؤول الجناح العسكري في هيئة تحرير الشام - إنترنت
أبو ماريا القحطاني إلى جانب مسؤول الجناح العسكري في هيئة تحرير الشام - إنترنت
 تلفزيون سوريا ـ إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

تداولت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات قيل إنّ "هيئة تحرير الشام" سرّبتها، وتتضمن اعترافات للقيادي البارز فيها، المعتقل منذ أشهر بتهمة العمالة والتخطيط لانقلاب، أبو ماريا القحطاني.

موقع تلفزيون سوريا تتبّع المصدر الرئيسي لتلك المعلومات، وتبين أنها لم تصدر عن "تحرير الشام" أو الحسابات غير الرسمية التابعة لها، إنما سُرّبت عن طريق القيادي السابق في الهيئة، المناهض لها في الوقت الحالي "أبو العلا الشامي".

وسُرّبت المعلومات بعد أيام من اتهام "تحرير الشام" من قبل حسابات مناهضة لها، بقتل "أبو ماريا القحطاني" تحت التعذيب، في حين رأى مراقبون أن اتهام الهيئة بذلك، يأتي في سياق الحرب الإعلامية التي بدأها القيادي المنشق عن الهيئة والمقرب من القحطاني "جهاد عيسى الشيخ" (أبو أحمد زكور)، خاصة أن الهيئة لم تعلق بشكل رسمي على صحة تلك الأنباء.

ماذا جاء في الاعترافات المسرّبة؟

نُشرت الاعترافات المتداولة لأول مرة بتاريخ 31 من شهر كانون الأول الماضي، من قبل "أبو العلا الشامي"، الذي ادعى أن القحطاني اعترف بتبعيته لغرفة عمليات التحالف الدولي في مدينة أربيل العراقية، برئاسة ضابط عراقي زار إدلب أكثر من مرة والتقى بالقحطاني فيها.

وبحسب ما ورد في الاعترافات، فقد أقرَّ أبو ماريا أنّه تمّ تجنيده للعمل لصالح الاستخبارات الأميركية منذ عام 2018، في حين قال الجولانيّ - وفق المصدر - إن "أبا ماريا مجنّدٌ منذ 2015 أو 2016 وقد كذب في تاريخ تجنيده حتى لا يتحمّل مسؤوليّة قتل أمراء الجماعة حينها".

وقال القحطاني في الاعترافات المنسوبة له: "بعد الانتهاء من تنظيم حراس الدين، لم يأتِ أمرٌ من التّحالف بالعمل على هيئة تحرير الشّام، وجاءنا أمرٌ ببدء عمليات التّجنيد داخل صفوف الهيئة تمهيداً لعمل انقلابٍ داخليٍّ، والسّيطرة على الشّمال المحرّر بالقوّة ليصبح قراره خالصاً بيد التّحالف، وبدأنا بذلك منذ أكثر من عامين".

ووفقاً للمصدر، فقد "رفع أبو ماريا قبل اعتقاله بفترةٍ تقريراً لغرفة أربيل أنّ جهاز الأمن العام أصبح معه وتحت سيطرته بعد تجنيده لمعظم قادة الجهاز، وكذلك حكومة الإنقاذ بعد تجنيده لبعض الوزراء والمسؤولين فيها، وأنّه بدأ بالتّجنيد داخل الجناح العسكريّ ويحتاج عاماً كاملاً حتى يضمن الجناح أي حتى منتصف 2024 ويكون حينها جاهزاً لبدء الانقلاب الذي سيحدث في نهاية العام".

ولم يتسنّ التحقق من صحة الاعترافات المنسوبة لـ"القحطاني"، خاصة في ظل تكتم هيئة تحرير الشام الشديد على مصير المعتقلين في قضية العمالة، كما أنها لم تؤكد أو تنفي صحة الاعترافات المذكورة.

ما تعليق الهيئة على أنباء مقتل القحطاني؟

وفي شهر كانون الأول الماضي، نعت حسابات على تلغرام القيادي السابق في هيئة تحرير الشام "أبا ماريا القحطاني" تحت التعذيب في سجون الهيئة، على خلفية تزعمه واحدة من أكبر خلايا العملاء في تاريخ الجماعات الجهادية، في حين ما زالت الاعتقالات في صفوف الهيئة مستمرة بتهمة العمالة لتطول قياديين من الصف الأول والثاني.

أنباء مقتل القحطاني إعداماً على يد الهيئة أو تحت التعذيب تكررت عدة مرات خلال الشهر الأخير، ولم يتم تأكيد أي منها، في ظل تكتم الهيئة الشديد على مصير المعتقلين في قضية العمالة، وتنفيذها عشرات الإعدامات السرية، لمن ثبتت عمالتهم، من دون تسليم جثامينهم لذويهم.

وشكك بعض المتابعين في رواية مقتل القحطاني واعتبروا أنها جزء من الحرب الإعلامية التي يقودها القيادي "زكور" ضد الهيئة، وذلك رغبة في إثارة كتلة الشرقية داخل الهيئة ضد الجولاني، لأن القحطاني كان يعتبر متزعم كتلة الشرقية التي تضم مقاتلي الهيئة المنحدرين من محافظات دير الزور والحسكة والرقة، خاصة مع وجود مطالب متكررة من قبل عدد من قادة الشرقية للجولاني بوجوب محاكمة القحطاني علانية، وعرض التهم الموجهة إليه مع الأدلة أمام أفراد وقادة الهيئة، وإفساح المجال له للدفاع عن نفسه.

وعن مصير "القحطاني" قال مكتب العلاقات الإعلامية في "هيئة تحرير الشام" لـ موقع تلفزيون سوريا في منتصف كانون الأول الماضي، وتحديداً في 14 من الشهر نفسه (بعد انتشار نعوات للقحطاني) إنّ ما "أشيع عن مقتل القحطاني، كذب"، متهماً القيادي "زكور" بالوقوف وراء هذه الأنباء.

قضية القحطاني.. بين تهمتي الانقلاب والعمالة

كشف موقع تلفزيون سوريا بناء على تقاطع مصادر أمنية منتصف شهر آب الفائت، أنّ الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام أوقف "القحطاني" بتهمة التنسيق مع التحالف الدولي، وذلك عقب إلقاء القبض على خليةٍ اعترفت بتورّطه، إلا أن المصادر أوضحت أن التهمة المعلنة ليست هي السبب الحقيقي الذي دفع هيئة تحرير الشام لاعتقال "القحطاني"، إنما المخاوف من تحركاته من دون تنسيق مع قيادة الهيئة، والتي سبّبت قلقاً لقيادات متنفذة مثل الرجل الثاني في الهيئة "أبو أحمد حدود"، وقيادي آخر متنفذ يدعى "المغيرة البدوي أو المغيرة بنش" وهو ابن حمي أبي محمد الجولاني.

وفي اليوم التالي من تحقيق موقع تلفزيون سوريا قالت "تحرير الشام"، في بيان رسمي إن القيادة العامة شكلت لجنة تحقيق خاصة بشأن "أبو ماريا القحطاني"، والتي استدعت الأخير على الفور "لمساءلته بكل شفافية ووضوح تقديرا منا لدرء الشبهات وإزالة اللبس".

وتوصلت لجنة التحقيق إلى أن القحطاني "أخطأ في إدارة تواصلاته دون اعتبار لحساسية موقعه أو ضرورة الاستئذان وإيضاح المقصود من هذا التواصل"، وفقاً للبيان.

وأوصت اللجنة، بتجميد مهام القيادي العراقي وصلاحياته، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.

وعمل "القحطاني" طوال الأشهر الماضية على تكثيف التواصل مع قيادات ضمن الجيش الوطني السوري، وقادة سابقين في "حركة أحرار الشام"، وجميع الأطراف الناقمة على الهيئة، وحاول إقناعهم في فتح صفحة جديدة والتنسيق المشترك.

وبدأ "القحطاني" بالاتصال مع ناشطين سياسيين مناهضين للهيئة، واعداً إيّاهم بعملية إصلاحية، لكن القيادات المتنفذة الرافضة لهذه الخطوات حرّضت "الجولاني" وأقنعته بأنّ ما يفعله "القحطاني" من أجل مصالحه الخاصة، وبهدف زيادة نفوذه في الشمال السوري، موضحين له أنّ لديهم معلومات أمنيّة تفيد بنيته التحضير لـ"انقلاب".

وبعد عملية الاعتقال دخلت بعض القيادات وعلى رأسهم القاضي في الهيئة مظهر الويس، من أجل إقناع القيادة العامة بإطلاق سراح "القحطاني" واستجابت بشكل جزئي، حيث وافقت على إحالته إلى الإقامة الجبرية والحد من تنقلاته وحركته، لكنها مصرة على محاكمته بتهمة التنسيق مع التحالف الدولي والتخطيط لاستهداف قيادة الهيئة، بالإضافة إلى قضايا إدارية ومالية أخرى.

أفادت مصادر متقاطعة لـ موقع تلفزيون سوريا، بأنّ مسألة تواصل "القحطاني" مع التحالف الدولي أمر مؤكّد، حيث حصلت على مدار السنوات الماضية اتصالات بين الجانبين، لكنها ازدادت كثافة، منذ مطلع العام الحالي، بعد مخاوف هيئة تحرير الشام من اتجاه تركيا للعمل على تفكيكها بموجب تفاهمات أستانا.

وأكّد مصدر مطلع أن التواصل جرى بعلم قيادة الهيئة، وليس صحيحاً أن "القحطاني" أقدم عليه بشكل منفرد ومن دون تنسيق، كما أنّه عرض على التحالف الدولي وبموافقة "الجولاني" فكرة المشاركة في أي عملية محتملة قد تنطلق من قاعدة التنف ضد الميليشيات الإيرانية، كما عرض الزج بما يُعرف بـ"القطاع الشرقي" من الهيئة في العملية المحتملة.

وبذلك يرى مطلعون على مجريات قضية القحطاني أن الجولاني يستغل الفرصة المناسبة لإلصاق تهمة العمالة بالقحطاني والتخلص منه، في حين أن السبب الحقيقي هو مخاوف الجولاني من تخطيط القحطاني ورفيقه أبي أحمد زكور لانقلاب داخل الهيئة.