icon
التغطية الحية

ارتفاع الأسعار يرهق اللاجئين السوريين في الأردن قبل شهر رمضان

2022.04.02 | 06:19 دمشق

97f6bace-e466-4b1b-983d-2950c7332046.jpg
صورة أرشيفية لأسواق الأردن خلال شهر رمضان (Getty)
الأردن ـ إياد محمد مظهر
+A
حجم الخط
-A

"اضطررت لزيادة ساعات العمل من 10 ساعات إلى 12 وإلغاء يوم العطلة لأغطي المصاريف الناجمة عن غلاء المعيشة ورغم ذلك لم يعد بوسعي تغطية مصاريف الحياة"، يقول لاجئ سوري في الأردن عن موجة الغلاء على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.

تزداد الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها اللاجئون السوريون في الأردن، بسبب ارتفاع أسعار السلع وخاصة المواد الغذائية على وقع الحرب الروسية في أوكرانيا، فضلاً عن انقطاع المساعدات الأممية، الأمر الذي يزيد أعباء الحياة خاصة مع قدوم شهر رمضان.

ممثل قطاع الصناعات الغذائية في غرفة صناعة الأردن، محمد الجيطان، يتوقع أن تشهد البلاد خلال الفترة المقبلة ارتفاعات على المزيد من السلع الأساسية نظراً للحرب الدائرة في أوكرانيا.

 ويؤكد أن هذه الحرب ساهمت في زيادة ارتفاع أسعار مادة الزيت لا سيما أن روسيا وأوكرانيا تعتبران المصدرين الرئيسيين لتصدير الزيت عالمياً، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط والمواد الخام، وتكاليف الشحن والنقل التي وصلت إلى أكثر من 11 ألف دولار بدلاً من 2000 دولار للحاوية التي تبلغ سعتها 40 قدماً.

كما حذر رئيس جمعية مربي المواشي، زعل الكواليت، من ارتفاع وشيك سيطول مادة اللحوم خصوصاً المستوردة بسبب ارتفاع أسعار الذرة والصويا اللتين تدخلان في خلطات الأعلاف والتي تنتجهما بالدرجة الأولى روسيا وأوكرانيا.

وبحسب أرقام رسمية، فإن الأردن يستورد ما نسبته 85% إلى 90% من سلّته الغذائية من الأسواق العالمية، لعدم وجود إنتاج محلي من معظم السلع، في حين لا تغطي الكميات المنتجة الأخرى احتياجاته، باستثناء عدد محدود جداً منها.

تأثير توقف المساعدات

اللاجئ السوري، محمد أبو العبد، الذي شمله توقف المساعدات الغذائية منذ نحو ٦ أشهر، يقول لموقع "تلفزيون سوريا": "الوضع المادي أصبح في غاية الصعوبة بعد انقطاع المساعدات، وازداد الأمر صعوبة مع ارتفاع الأسعار منذ الشهر الماضي".

ويضيف، "أصبحت كلفة الوجبة الجاهزة أقل من كلفة الطبخة التي نعدها في المنزل بسبب ارتفاع أسعار معظم المواد الغذائية التي تتكون منها الطبخة وعلى رأسها أسعار الزيوت".

لمواجهة هذه الظروف القاسية، اضطر أبو العبد إلى تمديد ساعات دوامه في المطعم الذي يعمل فيه إلى ١٢ ساعة بدل ١٠ ساعات بالإضافة إلى الاستغناء عن يوم العطلة حتى يتمكن من سد مصاريفه الشخصية والعائلية، بحسب قوله.

وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد أعلن سابقاً أن 21 ألف لاجئ سوري لن يتلقوا مساعداتهم الغذائية الشهرية اعتباراً من شهر تموز 2021، بسبب نقص التمويل الذي أجبر البرنامج على إعطاء الأولوية للأكثر احتياجا.

رغم حصوله على إجازة في هندسة المساحة، يعمل سالم درويش الذي انقطعت عنه مساعدات برنامج الأغذية سابقاَ، في أحد محال بيع الخضروات في العاصمة عمان بدوام مسائي.

ويقول المهندس لموقع "تلفزيون سوريا": "ارتفاع أسعار المواد الغذائية جعلنا نعي تماماً صعوبة معيشة أهلنا في الداخل السوري منذ سنوات عدة، فالضائقة الاقتصادية تجعل الشخص في توتر وقلق دائمين وخوف من مصير مجهول خاصة لمن لديه عائلة وأطفال".

ويضيف قائلاً: "منذ فترة ونحن نستثني اللحوم والدجاج من على موائدنا إضافة إلى أننا أصبحنا نطبخ مرتين في الأسبوع فقط".

ويشير درويش إلى أنه لم يعد بإمكانه تحويل المساعدات لأخيه الذي يعيش في الزبداني في ريف دمشق رغم الصعوبات المادية التي يمر بها أخوه.

بدوره، يعتبر إبراهيم، المنحدر من مدينة حماة، والذي يعمل في مجال الحلاقة الرجالية، أن كل شيء يخص المواد الغذائية كان قد ارتفع تدريجياً بنسبة قليلة منذ نحو عام، لكن بعد الحرب الروسية الأوكرانية بدأت الأسعار ترتفع بشكل كبير.

ويقول إبراهيم لموقع "تلفزيون سوريا": "بدأت بعض المحال وأصحاب الصنعات ترفع من أجورها لكن أنا كحلاق لا يمكن أن أطلب من الزبائن أكثر مما اعتادوا عليه منذ سنوات، مشيراً إلى أن مهنته فيها شيء من الإحراج، وأن البعض يقدّر وضع الغلاء في الأسواق ويدفع زيادة من تلقاء نفسه، "لكن لا يوجد شيء رسمي يسمح لنا بأن نرفع التسعيرة".

الغلاء لا يقتصر على المواد الغذائية

أحد المستثمرين السوريين في مجال المطاعم يقول لموقع تلفزيون سوريا: "سنبدأ بطباعة قائمة أسعار جديدة بما يتناسب مع الأسعار الجديدة للمواد الغذائية الأساسية"، لافتاً إلى أن ارتفاع الأسعار لم يقتصر على المواد التموينية فيما يخص مهنة المطاعم، بل ارتفعت أسعار مواد التغليف من مطبوعات ورقية ونايلون وغيرها من المواد التي ارتفعت تسعيرتها في الأسابيع الأخيرة.

وبحسب أبو عرب، لاجئ سوري في الأردن يعمل في مجال تصميم الإعلانات، فإن ارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة تجعل أصحاب الشركات التي تعمل في مجال الطباعة تتجه نحو رفع سعر بضاعتها كي تحقق ربحا أقل من الربح السابق، فارتفاع الأسعار لا يتوقف على المواد الغذائية كما يعتقد الكثير.

في المقابل، أكدت نقابة أصحاب المطاعم والحلويات الأردنية، أن المطاعم الشعبية لم تقم برفع أسعارها ولم تضف أية قيم مالية على القوائم الرسمية الصادرة عن النقابة والمصدّقة حسب الأصول من قبل دائرة ضريبة الدخل والمبيعات.

وقالت النقابة في بيان صحفي سابق إن ما تم الإعلان عنه في الجريدة الرسمية فقط تعديل مسميات الوجبات لتكون واضحة للزبائن والمستهلك وحماية للمطاعم من المخالفات.

وأضاف البيان أنه جرى كذلك مضاعفة أحجام وكميات الوجبات وبناء عليه تم تعديل السعر للحجم المضاعف مع الإبقاء على الصنف الأساسي كما هو مدرج في القائمة المعفاة.

المنظمات والجمعيات الخيرية

كما انعكس ارتفاع الأسعار في الأردن على آلية عمل المنظمات والجمعيات الخيرية بعد تخفيض كميات المواد الغذائية ضمن الطرد الخيري الواحد.

ويقول رئيس الهيئة الإدارية في جمعية شباب الخير التنموية، سعيد فيضي، لموقع تلفزيون سوريا: "بعد ارتفاع الأسعار أصبحنا أمام خيارين إما رفع سعر الطرد الغذائي وهو قيمة المبلغ المقدمة من المتبرع، أو تخفيض الكمية من الأصناف التي يتكون منها هذا الطرد الغذائي.

ويضيف، نحن نعمل حالياً على الجزئية الثانية بحيث لا يقل عدد المستفيدين من المساعدات إنما يتم تقليص الكميات بعد أن وصلت كلفة الطرد الغذائي ما يعادل نسبة ارتفاع المواد الغذائية وهي ما بين ٣٠ الى ٤٠ %، على سبيل المثال يحصل المستفيد على ٤ أكياس معكرونة بدل ٦ أو على عبوتي زيت بدل ثلاث عبوات.

بحسب دراسة أعدتها حماية المستهلك، وصلت أسعار الزيوت النباتية خلال الفترة الماضية إلى نسب تراوحت ما بين 20% إلى 38%، الأمر الذي دفع وزارة الصناعة والتجارة مؤخراً إلى تحديد أسعار الزيت للمستهلك وفق حجم العبوة.

ووفق منظمة الأغذية والزراعة "فاو" (FAO)، فإن أسعار الغذاء على مستوى العالم سجلت ارتفاعا قياسيا في فبراير/شباط بنسبة 20% على أساس سنوي، وفي مقدمتها الزيوت النباتية ومنتجات الألبان.

وفي هذا السياق، نشر الإعلامي الأردني "عامر الرجوب" على صفحته على الفيس بوك مقطع فيديو اقتطعه من برنامجه على قناة "المملكة" الرسمية وهو يقدم أمثلة تتعلق بأسعار المواد الغذائية الأساسية مع اقتراب شهر رمضان موضحاً الغلاء الذي وصلت إليه معظم الأصناف الأساسية والمواد التي تحتاجها الأسرة بشكل يومي.

يستورد الأردن الحبوب والحديد من أوكرانيا، ويستورد 80% من زيوت دوار الشمس من أوكرانيا وروسيا، ويبلغ احتياطي الأردن من القمح قرابة 1.3 مليون طن، تكفي الاستهلاك المحلي لمدة 15 شهرا، فيما تطرح الحكومة مناقصات مستمرة لشراء مزيد من الكميات.

وبلغ حجم التبادل التجاري للأردن مع روسيا وأوكرانيا خلال الشهور الـ 11 الأولى من العام الماضي 308.1 ملايين دينار، وفق بيانات لغرفة تجارة عمّان.

وبحسب البيانات فإن الميزان التجاري يميل لصالح روسيا وأوكرانيا بقيمة 298.3 مليون دينار، فيما تتنوع السلع المستوردة من حبوب وزيوت وحيوانات حية وغيرها.