icon
التغطية الحية

إيواء وإغاثة وخطط طوارئ.. كيف استجاب شمالي سوريا لما بعد الزلزال مقارنة بالنظام؟

2024.02.20 | 13:44 دمشق

إيواء وإغاثة وخطط طوارئ.. كيف استجاب شمال سوريا لما بعد الزلزال مقارنة بالنظام؟
الزلزال في شمال غربي سوريا
إسطنبول - باسل المحمد
+A
حجم الخط
-A

على الرغم من الفارق الكبير بين مناطق الشمال السوري ومناطق النظام من حيث المساحة الجغرافية التي ضربها زلزال 6 فبراير/شباط الماضي وأعداد الضحايا والمصابين، إضافة إلى عدد المباني المتضررة، فإن الإحصائيات الواردة من المنطقتين بعد مرور سنة على الزلزال تظهر الفارق الواضح في الاستجابة لهذه الكارثة، والتعافي منها لصالح مناطق الشمال السوري. 

وذلك مع مراعاة مسألة الدعم الذي حصل عليه النظام السوري، ومقارنته بالمساعدات المحدودة التي حصلت عليها مناطق سيطرة المعارضة بعد الزلزال، والتي تأخر دخولها بسبب تعنت النظام وإصراره على دخول هذه المساعدات عبر أراضيه، مما ساهم بازدياد أعداد الضحايا، وتفاقم المعاناة.

وقد أدى الزلزال إلى وفاة 4256 شخصاً، وجرح 11774 آخرين، في مناطق الشمال السوري في حين بلغ إجمالي عدد الوحدات السكنية والمنشآت المتضررة نحو 47 ألفاً، وذلك بحسب التقرير النهائي لفريق منسقي الاستجابة حول أضرار الزلزال.

 وأضاف فريق "منسقو الاستجابة الطارئة في سوريا" أن عدد الأسر المتضررة وصل إلى 334 ألفاً و821 عائلة.

في المقابل بلغ عدد الوفيات في مناطق النظام من جراء الزلزال 1414 وفاة، و2357 إصابة. وذلك وفق ما أعلنته وزارة الصحة التابعة للنظام، في حين بلغ عدد الأسر المتضرّرة بلغ 91 ألفاً و794 أسرة، وعدد الأبنية غير الصّالحة للاستخدام بلغ 4444 مبنى.

فارق كبير بالدعم الدولي

أعطى الزلزال فرصة كبيرة للنظام السوري للعمل على كسر العقوبات الاقتصادية، وفك العزلة الدولية والإقليمية المفروضة عليه، فبعد الكارثة بيومين بدأت تتدفَّق المساعدات إلى مطارات دمشق وحلب واللاذقية، وبلغ عدد الطائرات 223 طائرة، حيث أرسلت الإمارات وحدها 134 طائرة مساعدات، وذلك بحسب إحصائية لفريق "منسقو الاستجابة".

كما استمر وصول المساعدات برّاً عَبْر بيروت والأردن، وأرسلت مصر باخرتين وعدداً من الطائرات، كما أرسلت العراق مئات الشاحنات ومعدات الحفر إضافة إلى شحنات قادمة من روسيا وإيران، وبالنهاية ساهمت 28 دولة حول العالم بمساعدات تحت مسمى مساعدات إنسانية إلى المتضررين، حيث تمت السيطرة عليها من قبل قوات النظام السوري وتحويلها إلى مخازن ومستودعات لتباع فيما بعد ضمن الأسواق المحلية.

في المقابل دخلت أول قافلة مساعدات إلى المناطق المنكوبة في الشمال السوري بعد 4 أيام من الزلزال، وضمت 6 شاحنات فقط، وذلك بحسب المسؤول الإعلامي في معبر باب الهوى الحدودي "مازن علوش" لـ"فرانس برس"، وكان من المتوقع وصول هذه القافلة قبل وقوع الكارثة.

وبينما أعلنت الأمم المتحدة أن القافلة تتضمن أغطية وحاجات مأوى أخرى، ومواد إغاثية مخصصة لمساعدة خمسة آلاف شخص، أكد ناشطون وقتئذ أن المساعدات ليست لمواجهة الكوارث التي خلفها الزلزال، إنما كانت تحمل فقط بعض المواد التنظيفية للمخيمات في إدلب شمال غربي سوريا.

الوحدات السكنية ومراكز الإيواء

ومع قلة الدعم الدولي المقدم لمناطق شمال غربي سوريا بعد الزلزال أطلقت منظمات وجمعيات وناشطون حملات لدعم المتضررين من الزلزال في الشمال السوري، كان معظمها مواد إغاثية وعينية، والقليل منها توجه نحو إعادة الترميم أو بناء تجمعات سكنية. 

من ناحيته أعلن "الدفاع المدني السوري بعد مرور عام على الزلزال" أنه نفّذ مشروعاً للإصحاح في مخيمات "كفركرمين" و"الكمونة" لتخديم 7000 مسكن مؤقت لمتضرري الزلزال والمهجرين، شملت شبكات مياه الشرب بطول 50 ألف متر، وشبكات للصرف الصحي بطول 90 ألف متر.

وبدأت فرق "الدفاع المدني" تأهيل نحو 20 مرفقاً طبياً تضرر بسبب الزلزال، وتشكيل تحالفات لتعزيز مستقبل أكثر صحة للمجتمعات وساعدت بترميم عدد من دور العبادة.

هذه المشاريع لم تكن تهدف إلى إعادة بناء وتأهيل طرقات وشبكات مياه وصرف صحي فحسب، بل كانت تهدف أيضاً إلى تأمين الاستقرار للسكان، وكان هذا انتقالاً من الاستجابة الطارئة إلى التخطيط طويل الأجل، وذلك بحسب تصريح عضو مجلس إدارة فريق الدفاع المدني أحمد يازجي. 

وأضاف يازجي لموقع تلفزيون سوريا أن المؤسسة كانت تعمل خلال السنوات السابقة على مشاريع خدمية لدعم الصمود المجتمعي والتعافي المبكر، لكن الاختلاف بعد الزلزال كان كماً ونوعاً بهذه المشاريع والأعمال.

وفي السياق أطلق فريق "ملهم التطوعي" في شمالي سوريا حملة تحت اسم "قادرون" لإعادة إعمار ما دمره الزلزال، حيث أعلن جمع أكثر من 13 مليون دولار، لبناء 2000 منزل.

مدير الفريق "عاطف نعنوع" أكد في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أنهم بدؤوا بثلاثة مشاريع سكنية؛ الأول في مدينة حارم مشروع "هلال ملهم"، والثاني مشروع "ملهم أرمناز"، والثالث مشروع سكني بمدينة اعزاز.

وأضاف "نعنوع" أن الفريق انتهى من أول مشاريع حملته والتي تمثلت في مجمع "هلال ملهم السكني" بمدينة حارم، على مساحة 39 ألف متر مربع ويحتوي المجمع على 25 مبنى بعدد 352 شقة سكنية، و16 محلاً تجارياً، وقد تم افتتاحه الثلاثاء 6 شباط.

وكانت منظمة "عطاء" من المنظمات التي ساهمت في جهود الإيواء، حيث أكد منسق التواصل في المنظمة محمد كرنيبو أن فرقهم أنشأت بشكل عاجل مراكز الإيواء تجاوز عددها 2200 خيمة و300 مأوى مسبق الصنع، وساهمت المنظمة بترميم 1500 منزل، إضافة إلى جهود دعم المراكز الطبية والخدمية.

وقدّرت الأمم المتحدة حجم احتياجات مختلف مناطق سوريا في قطاع المأوى والمواد غير الغذائية عقب الزلزال، بنحو 51 مليوناً و900 ألف دولار أميركي، بينما بلغ عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مأوى شمال غربي سوريا فقط نحو 280 ألف شخص.

مشاريع قيد الإنشاء في مناطق النظام

بعد عام على الزلزال ما تزال معظم المشاريع السكنية، أو الخاصة بترميم البيوت المتضررة من الزلزال في مناطق النظام قيد الإنشاء، في حين أكدت العديد من التقارير أن النظام لم يسلم الذين هدمت بيوتهم بشكل كلي أي منزل حتى الآن. 

وكان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أصدر مرسوماً يقضي بإحداث صندوق مالي باسم "الصندوق الوطني" لدعم المتضررين من الزلزال، عن طريق تقديم الدعم المالي لمعالجة الأضرار الجسدية أو المادية أو المعنوية التي لحقت بهم.

 وأوضح الصندوق أنه قدم دعما ماليا يقارب 21 مليار ليرة (قرابة 143 ألف دولار) إلى 381 متضرراً من إجمالي 1378 متضرراً من الشريحتين "أ" و "ب" اللتين تشملان من هُدمت منازلهم بالكامل.

من ناحيتها أعلنت المؤسسة العامة للإسكان التابعة للنظام في شهر كانون الثاني الماضي القيام بإشادة 760 شقة سكنية فقط للشريحة (ب) في محافظتي حلب واللاذقية من خلال عقود مبرمة مع شركات الإنشاءات العامة، إلا هذه المشاريع لا تزال قيد التنفيذ حتى بعد مرور عام على الزلزال.

ولم يقم النظام بإقامة مشاريع سكن للتعويض عن متضرري الزلزال سوى بشكل محدود، فمن أصل 1000 وحدة سكنية لمتضرري الزلزال تعهدت الهلال الأحمر الإماراتي ببنائها تم لغاية شهر أيلول من العام الماضي تنفيذ 47 وحدة سكنية فقط في محافظة اللاذقية، وبالتالي سيكون معظم متضرري الزلزال في مناطق النظام نازحين من دون مأوى، وذلك بحسب المنسق في الشأن الإغاثي والطبي مأمون سيد عيسى.

ويضيف المتابع لاستجابة الزلزال في مناطق النظام "سيد عيسى" لموقع تلفزيون سوريا أن التقارير الدولية أكدت أن النظام قام بسرقة المساعدات الواردة للمتضررين التي تصل إلى مناطقه، بالتوازي مع تسبب الانهيار الاقتصادي باستمرار تآكل قدرة النظام على تقديم الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه وأنظمة الصرف الصحي، وخدمات الصحة.

 

الدعم المادي والإغاثي

وأصدر "البنك الدولي" في 3 آذار 2023 تقريراً للخسائر المادية للزلزال الذي ضرب أربع محافظات سورية، قدر فيه قيمة الأضرار بنحو 5.1 مليارات دولار أميركي بينما – وفي تضارب واضح – صرح بشار الأسد أن التمويل المطلوب لإعادة تأهيل المناطق السورية المتضررة من الزلزال، يصل إلى  50 مليار دولار، الأمر الذي يعتبر دلالة واضحة على استثمار النظام للزلزال مالياً ليستفيد أكثر من المساحة التي أتاحتها استثناءات العقوبات الأميركية والغربية.

وباستثناء المنحة التي قدمتها غرفة صناعة حلب والتي طالت 1000 أسرة متضررة من كارثة الزلزال التي وقعت في 6 شباط الماضي، لم يشهد آلاف المنكوبين في حلب واللاذقية مبادرات ومنحاً حقيقية تساعدهم على الخروج من مأزق السكن الذي يعيشونه واقعاً إجبارياً، وذلك بحسب ما أفادت به مصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا.

أما في مناطق الشمال السوري، فقد تقاسمت منظمات إنسانية وإغاثية وفرق تطوعية وحكومتا "الإنقاذ" و"المؤقتة" جهود الاستجابة للأضرار المتتالية التي تلاحق الأهالي.

فإلى جانب فرق الدفاع المدني كان فريق "ملهم" التطوعي من بين المنظمات التي قدمت مساعدات مالية للمصابين أول أيام الزلزال، وبعد ذلك قدمت كفالات مالية شهرية لـ150 يتيماً، بشكل دوري، إضافة إلى مساعدات مالية للعوائل النازحة. بحسب مدير الفريق عاطف نعنوع.

وفي السياق ذاته ساهمت منظمة "عطاء" بتقديم التدخلات الغذائية الضرورية عبر توزيع أكثر من  50 ألف سلة غذائية و44 ألف وجبة و100 ألف ربطة خبز، وأضاف محمد كرنيبو أن عدد العائلات المستفيدة من هذا الدعم بلغ أكثر من 19 ألف عائلة.