icon
التغطية الحية

إيهاب عبد ربّه.. تجربة روائية من تجارب التغريبة السورية

2021.06.12 | 16:49 دمشق

ayhab_bd_rbh_tlfzywn_swrya.png
إيهاب عبد ربه
إسطنبول ـ تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

كمعظم روايات السوريين التي لا تخلو من أزيز الرصاص وقصف المدافع وهدير الطائرات، تبرز روايتا "آخر ما تبقى من الزنبقة" و"شهوة الجدار" للكاتب السوري الشاب "إيهاب عبد ربّه". يحكي من خلالهما تفاصيل أخرى عن الحريق السوري ورحيل السوريين، وعن العشق العجائبي الذي لا يغادر ذلك الحريق والرحيل.

الحديث هنا لن يتناول هذه المرة قراءة أو نقداً لرواية من روايات عبد ربّه أو الكشف عن أحداثها، وإنما عن تجربته في صناعتها كواحد من عشرات الكتّاب السوريين الذين تفتّقت لديهم ملكة الكتابية الأدبية الإبداعية، وخصوصاً في فن الرواية، داخل بلدان اللجوء والبقاع التي هُجّروا إليها.

بدايات وتجربة فاشلة!

قبل مغادرتي مدينة "التل" بريف دمشق، عكفت على كتابة نصّي الأول "الأيقونة الهاربة" حول قصة حب تدور أحداثها في مدينة دمشق. وخلال فترة كتابتي للنص، كانت الحرب في أوجها بين قوات الأسد وفصائل الجيش الحر التي كانت تسيطر على "التل"، يقول إيهاب عبد ربّه في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا.

ويتابع: بعد أن أنهيت كتابة نصّ ما يُفترض أن يكون (رواية)، كان مصيره الرفض، إذ لم تقبل أي دار بنشره. أرسلته آنذاك للراحل حسان عباس الذي أرسله بدوره للجنة قراءة. وليتجاوز الحرج، أرسل لي رأي قارئ النص في تلك اللجنة.. كان تراجيديا. قال باختصار: "ليذهب هذا الكائن و يفعل شيئاً آخر غير الكتابة".

طبعت ما نقله لي عباس وعلقته على باب الثلاجة، واستعضت عن الكتابة بالقراءة. قرأت لـ جورج طرابيشي ولـ كولن ولسن، ولـ ميلان كونديرا، ولـ هيثم الحسين وغيرهم.

الرواية الأولى

غادرت سوريا في أواخر عام 2013، ووصلت السويد مطلع العام التالي. بدأت بكتابة أولى رواياتي "آخر ما تبقى من الزنبقة" التي ضمّت تفاصيل الثورة في سوريا واللجوء، خلال وجودي في "الكامب" بعد وصولي بفترة قصيرة إلى السويد، يقول عبد ربّه.

روايته تحكي عن العديد من الشخصيات والتجارب: الضابط المنشق الذي ظُلم، وحكاية زوجته التي انتهت في مخيم لاجئين قبل أن تحاول الهروب عبر ركوب البحر وتغرق فيه. وعن الشاب "توفيق السِلمي" الذي وجد نفسه مطاردًا من النظام وبعض الفصائل، فقط لأنه رفض العنف.

بعد أن أرسلها عبد ربّه لعدة دور نشر، جاءت النتيجة بعكس تجربته الأولى، حيث قبلت جميع الدور بنشرها، إلا أنه تعاقد مع إحداها (دار الفارابي)، وذلك خلال العام 2014.

اقتباس من "آخر ما تبقى من الزنبقة"

"اقترب السائل من البوابة الحديدية للمخيم، خطا خطوتين وأصبح داخل (الحرم) الأول للمخيم، هذا المخيم الذي تؤخذ له عادة صور جوية وتنشر على الإنترنت. كان مثل علب كبريت مبعثرة على وجه الأرض، قطعة حياة موقتة فوق تراب يفترض أنه لوطنك، مكان يجمع فيه المكلومون والثكالى والمحزونون والمشردون وفاقدو الآمال أو من جاؤوا بحجة الأمل، الأمل؟ ألسنا محكومين به كما قال سعد الله ونوس؟

 ما إن تجاوز تلك البوابة حتى شاهد مجموعة من الأطفال، عراة يلعبون بكرة من الغزل، تقدم قليلا ليجد مشهد الخيم المتراصة بعضها بقرب بعض كالفطر، روائح الصرف والمياه الآسنة تفوح في المكان، مجموعة من العائلات تنظف خيمها وتحاول أن تكنس القليل من الأغبرة المتجمعة أمام خيمهم ويرشون من أباريقهم وسطولهم القليل من الماء ليخمد الغبار، وضع السائل يده على أنفه محاولا أن يقي نفسه من فظاعة الرائحة، ومضى باتجاه أول شاب رآه.."

الرواية الثانية

في عام 2016، نشر عبد ربّه روايته الثانية "شهوة الجدار" التي تغطي ثيمتين رئيسيتين: تأريخ بداية الثورة السلمية، والإجابة عن سؤال "لماذا ينتمي الكثير من الشباب في أوروبا للجهات الجهادية؟". وغطت الرواية أحداثاً في أوروبا تركيا وسوريا.

اقتباس من رواية "شهوة الجدار"

"لا أدري لماذا ارتميت على صدرها، في بعض الأحيان تتفرّد أمامنا الخيارات، نوضع أمام خيار واحدٍ لا غير وأنا اليتيم السابق اللطيم، اليوم ليس أمامي إلا جانيت، ارتميت على صدرها وأخذت أبكي، وصرت أشهق كما بكاء الأطفال وكأنها تفاجأت، مسحت على شعري وقالت لي:

أفزعتني يا صغيري ماذا هناك؟

ماتت أمي..

أووه يا ربي، صغيري أنا آسفة لأجلك..

وأخذت تبكي بدورها، لم أعتقد أن تواطؤاً عاطفياً يمكن أن يتكوّن بيني وبينها في تلك اللحظات، ولكن فقدي لـ "أم حاتم" جعلني على استعدادٍ لأتعاطف مع الحجارة، مسحت دموعي ولم أمنعها، أخبرتها أني أريد أن أستنشق الهواء قليلاً، خرجت من المنزل ولا أدري إلى أين وجهتي..".

سيرة..

إيهاب عبد ربه، من مواليد عام 1982 في مدينة التلّ بريف دمشق الشمالي، يحمل إجازة في الحقوق وعمل محامياً في مدينته.

يقيم في السويد ويعمل أيضاً في المحاماة ضمن شركة محاماة محلية. حصل على ماجستير في العلوم السياسية من جامعة ترولهاتان السويدية وماجستير في العمل الإنساني والصراعات من جامعة أوبسالا السويدية.