icon
التغطية الحية

إيكونوميست: حان الوقت لإسقاط نتنياهو

2024.01.04 | 15:31 دمشق

نتنياهو يواجه "عصيان عسكري".. الجيش يهدد باعتقال جنود الاحتياط المحتجين
The Economist - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

ثمة فوضى عارمة تعم الشرق الأوسط، إذ في غزة هنالك مليونا مدني يعيشون حالة حرب وباتوا على شفير المجاعة، كما أن هجمات الحوثيين التي تستهدف سفن الشحن تهدد التجارة العالمية، في وقت تشهد فيه الحدود الشمالية لإسرائيل حالة توتر عقب اغتيال أحد قياديي حماس في بيروت في الثاني من كانون الثاني. وبعد مقتله بيوم، تسبب تفجير بمقتل ما لا يقل عن مئة شخص في إيران، ويُنحي الإيرانيون باللائمة فيه على من يصفونهم بالإرهابيين، ويمكن للحرب أن تندلع بين إسرائيل وحزب الله المدعوم إيرانياً في لبنان. وثمة أمران واضحان وهما أن الهجوم الذي نفذ في السابع من تشرين الأول بات يرسم ملامح الشرق الأوسط، والثاني أنه في ظل قيادة نتنياهو ألفينا إسرائيل وهي ترتكب أخطاء كارثية تقوض أمنها.

منذ مقتل مدنيين إسرائيليين على يد حماس في تشرين الأول الماضي، بات على إسرائيل أن تعيد النظر بعقيدتها القديمة حيال الأمن، والتي تقوم على نبذ السلام مع الفلسطينيين، وبناء جدران والاستعانة بالتقانة لصد الهجمات الصاروخية أو أي عملية تسلل، إلا أن كل ذلك لم يجد نفعاً، لأن الشعب الفلسطيني اتجه نحو التطرف، لذا لم تمنعه الجدران من تنفيذ هجمات 7 تشرين الأول. كما أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية قد تنهك بسبب الترسانة الكبيرة من الصواريخ المتطورة التي صارت تستهدفها بفضل مقاتلين مدعومين إيرانياً في كل من لبنان واليمن وغيرهما.

كيف يمكن للعقيدة الأمنية الإسرائيلية الجديدة أن تعمل؟

تؤيد مجلة إيكونوميست فكرة إبعاد حماس عن السلطة في غزة، بما أنها ظلمت الشعب الفلسطيني وأفقرته، كما تحولت لحجر عثرة في طريق السلام، ولكن ينبغي على إسرائيل أن توضح بأنها تحارب "إرهابيين"، وهذا يعني الاستعانة بالقوة بروية وحكمة والسماح بإدخال مزيد من المساعدات، إلى جانب وضع خطة لما سيجري بعد الحرب تفتح الباب أمام قيام دولة فلسطينية معتدلة، لأن هذه المقاربة بوسعها أن تسهم في مواصلة دعم كلا الحزبين في أميركا لإسرائيل، ناهيك عن دعم بقية الدول لها في حال تحقيق ذلك، بما أن هذا الأمر حاسم، لأن أميركا تعمل على ردع إيران وتدعم التقارب بين إسرائيل ودول الخليج التي تقف هي أيضاً ضد توسع النفوذ الإيراني في المنطقة، والأهم من كل هذا، أن هذه المقاربة تضمن أمن إسرائيل نفسها.

ولكن للأسف، ابتعد نتنياهو عن هذا المنطق في غزة، إذ تظهر الأساليب التي تتبعها إسرائيل هناك مدى عدم اكتراثها بأرواح المدنيين، ولذلك قتل في المناطق التي تسيطر عليها حماس نحو 22 ألف مدني ومقاتل، في حين ما يزال نحو سبعة آلاف آخرين قابعين تحت الركام. من جانبها، أعلنت إسرائيل أنها قتلت ثمانية آلاف إرهابي، ولكن لا يصل إلى غزة سوى قدر شحيح من الماء والغذاء والدواء، ولا توجد حقاً مناطق آمنة للمدنيين هناك. ويبدو بأن نتنياهو ليست لديه خطة أخرى لما بعد الحرب غير الفوضى والاضطرابات والاحتلال العسكري، كما أنه استبعد حكم السلطة الفلسطينية لغزة، أما المتطرفون في حكومته الائتلافية فيتحدثون بكل شناعة عن تهجير الشعب الفلسطيني من غزة إلى الأبد.

ما السبب وراء قصر البصر الذي يعاني منه نتنياهو؟

الحق يقال، لا يتعاطف رأي الشارع الإسرائيلي مع الفلسطينيين كثيراً، لأنه يرى بأن مسح غزة من الوجود قد يسهم في استعادة قوة الردع الإسرائيلية، بيد أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو ضعف نتنياهو، إذ في خضم سعيه المحموم للبقاء في منصبه، تحول نتنياهو إلى قواد وسمسار للفواحش التي يرتكبها المتطرفون في حكومته وبين صفوف ناخبيه من الإسرائيليين، مع الجري وراء اختبار صبر أميركا وتخويف الدول العربية، إلا أن السحر سيعود على الساحر، وسيظهر ذلك في غزة، كما سيعيق كل ذلك إسرائيل ويمنعها من التعامل مع المشكلات التي تهدد أمن حدودها.

ولنأخذ الجبهة الشمالية مثالاً: فالتهديد بغزو أو ضربات صاروخية يشنها حزب الله يعني إخلاء قطاع كامل في شمالي إسرائيل من السكان، غير أن الخيارات المتاحة أمام إسرائيل كلها سيئة، لأن أي غزو استباقي للبنان قد يؤدي إلى الغوص في مستنقع عسكري وهذا لابد أن يخلق حالة انهيار كاملة في الدولة اللبنانية، ناهيك عن تقويض العلاقات مع أميركا. أما الدبلوماسية فبوسعها أن تنشئ منطقة عازلة بين حزب الله والحدود الإسرائيلية، ولكن لابد من وجود مخطط إقليمي لاحتواء إيران وردعها، وهذا يتطلب دعماً أميركياً، ودعم الدول الغربية الحليفة، ودعماً من دول الخليج العربي، وكل تلك الأطراف تكره نتنياهو بسبب سياساته.

تراجعت شعبية نتنياهو في الداخل، وقبل فترة قريبة ألغت المحكمة العليا في إسرائيل إصلاحاته القضائية التي أثارت جدلاً كبيراً، لذا عليه أن يرحل من أجل مصلحة إسرائيل، ونظراً للصدمة التي خلفتها هجمات 7 تشرين الأول، لن يتساهل من يخلفه بقضية الأمن، إلا أن وجود قائد إسرائيلي يفوق نتنياهو حكمة يمكن أن يساعد على فهم الموقف وإدراك خطر ظهور مجاعة في غزة، وخطر الفوضى السائدة، وخطر الاحتلال الذي لا نهاية له هناك، وخطر تراجع الدعم الأميركي الذي من دونه لن تنعم إسرائيل بالأمان.

 

المصدر: The Economist