icon
التغطية الحية

إيكونوميست: إيطاليا تحسم التصويت لصالح ائتلاف أحزاب اليمين القومية

2022.09.26 | 15:15 دمشق

جيورجيا ميلوني زعيمة حزب إخوة إيطاليا - المصدر: إيكونوميست
جيورجيا ميلوني زعيمة حزب إخوة إيطاليا - المصدر: إيكونوميست
إيكونوميست - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تقترب إيطاليا اليوم من انتخاب أشد حكومة يمينية منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك بعدما أظهرت استطلاعات الرأي بأن جيورجيا ميلوني زعيمة حزب إخوة إيطاليا وحلفاءها قد حصلوا على نسبة كبيرة من التصويت، بما يضمن وصولهم إلى البرلمان بأغلبية مريحة.

وتشير استطلاعات الرأي أيضاً إلى أن الحزب القومي المتطرف الذي تتزعمه ميلوني، والذي تعود أصوله للفاشية الجديدة، سيكون أهم كتلة بين الكتل الرئيسية الثلاث التي تمثل اليمين في تشكيلة البرلمان القادمة، بوجود نحو 23-24 بالمئة من نسبة الأصوات لصالحه، ولعل ذلك يفوق ما حققه أي من الأعضاء الآخرين ضمن التحالف الذي تتزعمه ميلوني. فبحسب بعض عمليات السبر الفورية، قد يطلع فجر اليوم التالي على ماتيو سالفيني زعيم حزب الرابطة الشمالية دون أن يحقق 10% من الأصوات، أي بنسبة تراجع تعادل سبع نقاط عما حققه في الانتخابات العامة السابقة التي جرت في عام 2018. بيد أن استطلاعات الرأي وقتها كانت مضللة ضمن إيطاليا، أي إن النتيجة النهائية قد تأتي مختلفة إلى حد ما، إلا أن نسبة الخطأ يجب أن تكون مرتفعة جداً حتى تتغير النتيجة هذه المرة.

لا منافسين

 كما حدث في الانتخابات السابقة، تشير الأدلة الأولية إلى أن حزب حركة النجوم الخمس الذي صار ميالاً لليسار بشكل أكبر قد يبلي بلاء أفضل مما هو متوقع له، وحتى لو حدث ذلك، فإنه بقي يراوح حول نسبة 16 بالمئة، أي ما يعادل نصف ما كسبه قبل خمس سنوات. ومن المتوقع لحزب إنريكو ليتا المعروف باسم الحزب الديمقراطي من يسار الوسط أن يظل أكبر حزب معارض، ولكن نسبة المصوتين له لم تتجاوز 30%، ولهذا فإنه في موقف لا يخوله الوقوف ضد اليمين. أما تجمع الوسط الذي يتصدره رئيس الوزراء السابق كارلو كاليندا، فمن غير المرجح أن يحقق هدفه الساعي لتحقيق حالة توازن في القوى داخل البرلمان.

تمت عملية التصويت بنهاية حملة استمرت طويلاً وأتت عقب انهيار الائتلاف ذي القاعدة العريضة الذي شكله ماريو دراغي، وذلك بنهاية شهر تموز الماضي، ولهذا استقال دراغي الذي شغل منصب رئيس المصرف المركزي الأوروبي في السابق، بعد انسحاب حزب النجوم الخمس من الائتلاف، ليلحقه حزب الرابطة ومن ثم حزب فورزا إيطاليا الذي يتزعمه سيلفيو بيرلوسكوني.

منذ البداية، كان من الواضح أن اليمين سيخسر في تلك الانتخابات، ولكن في ظل ظروف أخرى، أثبتت الفروقات السياسية والشخصية بين المحافظين في إيطاليا بأنها أعاقت كل ذلك، فقد تجلت هشاشة تحالفهم بشكل كبير خلال المراحل النهائية من الحملة، إذ من الإشكاليات الكبرى التي تحيط باليمين، إشكالية: إلى أي مدى سيدعم اليمين الحرب في أوكرانيا. إلا أن ميلوني كانت من الداعمين الراسخين في دعمهم للنهج الغربي، أما سالفيني فقد شكك بأهمية العقوبات، في حين أن بيرلوسكوني صديق قديم لفلاديمير بوتين، ولذلك قام هذا الرجل الذي بلغ الخامسة والثمانين من العمر والذي سبق أن شغل منصب رئيس الوزراء بالدفاع عن بوتين بشكل غير متوقع في 22 أيلول الجاري، وذلك عندما ألمح إلى أن الرئيس الروسي أجبر على غزو أوكرانيا، وعندما قال بأن بوتين كان يرغب باستبدال حكومة فولوديمير زيلينسكي بأشخاص محترمين على حد تعبيره.

انقسامات يمينية

حدثت انقسامات بين صفوف اليمين حول مسائل تتعلق بالميزانية أيضاً، إذ ذكرت ميلوني بأنها تسخر نفسها للتعقل على الصعيد المالي، في حين طالب سالفيني برفع نسبة العجز في ميزانية إيطاليا وذلك للتخفيف من آثار أزمة الطاقة.

وثمة مشكلة أخرى برزت خلال الحملة، وكانت حول خطة الرفاه المثيرة للجدل، إذ توحد اليمين حول المطالبة بإحداث تغييرات تتصل بإيرادات دخل المواطنين، ذلك الابتكار الذي خرج به حزب النجوم الخمس في عام 2019 والذي يهدف إلى توفير شبكة أمان للمعسرين، فما كان من زعيم حزب النجوم الخمس إلا أن أطلق حملة قوية في الجنوب الإيطالي الأفقر استثمرت في المخاوف من أن اليمين قد يلغي تلك الإيرادات جميعها.

إخفاق مضمون

بيد أن المعركة الانتخابية، طوال جزء كبير منها، كانت أشبه بمبارزة بين ميلوني وليتا زعيم الحزب الديمقراطي، الذي سبق أن شغل منصب رئيس الوزراء . إلا أن زعيمة حزب إخوة إيطاليا التي من المتوقع أن تصبح أول امرأة تقود بلادها، أثبتت بأنها تتمتع بشخصية أكثر جاذبية في حملاتها الانتخابية، من خصمها الأصلع صاحب النظارات الذي يتحدث بلطف. بالرغم من أن العقبة الحاسمة التي وقفت في وجه ليتا هي عدم قدرته على تشكيل تحالف كبير يضم شخصيات ذات نهج تقدمي. فقد وافق السيد كاليندا الذي انشق عن الحزب الديمقراطي ليشكل حركة خاصة به، على خوض الانتخابات إلى جانب حزبه القديم، لكنه سرعان ما انسحب من تلك الصفقة بعد مرور أيام على عقدها، لينضم عقب ذلك إلى مجموعة منشقة أخرى يتزعمها ماتيو رينزي الذي سبق أن شغل منصب رئيس الوزراء، وهو أيضاً من الحزب الديمقراطي.

في حين استبعد ليتا دخوله في تحالف مع حزب النجوم الخمس نظراً للدور الذي لعبه في إسقاط الحكومة المنتهية ولايتها، وفي نهاية المطاف، لم يستطع ليتا أن يستقطب  لتحالفه سوى أحزاب صغيرة في إيطاليا، وعلى رأسها الحركة الخضراء، وهي مجموعة يسارية متطرفة، إلى جانب حزبين صغيرين آخرين من الوسط، أحدهما يروج للاندماج الأوروبي، والثاني منشق عن حزب النجوم الخمس ويتزعمه لويجي دي مايو وزير الخارجية السابق أيام إدارة دراغي. وبذلك أصبح الإخفاق مضموناً منذ بداية الحملة.

على الرغم من أن استطلاعات الرأي وضعت اليمين بالمقدمة، بواقع 17 بالمئة من النقاط، إلا أنها تعتبر دليلاً أكثر من خطير بحكم العادة وذلك بالنسبة للنتيجة النهائية ومدى دقتها. ولذلك تم منع استطلاعات الرأي خلال الأسبوعين الأخيرين من الحملات الانتخابية، بموجب إصلاحات دخلت على القانون في عام 2019، وعليه فإن تشكيلة البرلمان الإيطالي القادمة ستكون أصغر من الثلث، ما يعني بأن مجرد تبدلات طفيفة نسبياً دخلت على عملية التصويت تمكنت من إحداث تأثير كبير.

لا أحد يتوقع للحكومة الجديدة أن تتولى مناصبها حتى نهاية تشرين الأول، وذلك في الوقت الذي يتم فيه تحديد المرشحين لشغل وزاراتها، وفي هذه الأثناء، لا بد أن يختار الرئيس الإيطالي، سيرجيو ماتاريللا رئيس الوزراء الجديد، ولهذا سيشرع بجولة مشاورات مع الوفود التي تمثل مختلف الأحزاب، إلا أنه من الصعب تخيل أي أحد غير السيدة ميلوني يمكن أن يشار إليه بالبنان ليشغل ذلك المنصب.

المصدر: إيكونوميست