icon
التغطية الحية

إعادة هيكلة للدفاع المدني السوري.. الأسباب والانعكاسات في الميدان

2022.12.26 | 07:33 دمشق

عناصر من الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا أو ناجين من إحدى مجازر الطيران الروسي في إدلب (الدفاع المدني السوري)
عناصر من الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا أو ناجين من إحدى مجازر الطائرات الروسية في إدلب (الدفاع المدني السوري)
إسطنبول - خاص
+A
حجم الخط
-A

أصدرت منظمة الدفاع المدني السوري قراراً إدارياً يقضي بحلّ 13 مركزاً لها في شمال غربي سوريا، من بينها مراكز باب الهوى وسهل الروج ورام حمدان وتفتناز وحوار كليس وبزاعة، في سياق إعادة هيكلة جديدة شرعت بها المؤسسة قبل أيام.

وجاء القرار بالتزامن مع توارد أنباء عن تخفيض طرأ على الدعم المالي المقدم لمنظمة الدفاع المدني، العاملة في مناطق سيطرة المعارضة السورية شمال غربي البلاد، وإخضاع العاملين في المنظمة لاختبارات محددة، سيتم بناء عليها الاستغناء عن خدمات بعض المتطوعين في إطار تخفيض عدد الكوادر.

بدوره تواصل موقع تلفزيون سوريا مع مدير منظمة الدفاع المدني السوري، رائد الصالح، للتحقق من صحة المعلومات الواردة، وانعكاسات تخفيض الدعم المادي -فيما لو تم- على الأعمال الميدانية للمنظمة الإنسانية، المتمثلة بنسبة كبيرة بالبحث والإنقاذ والإطفاء، والصحة، والتعافي المبكر، وإزالة الذخائر.

إعادة هيكلة داخلية

بدأت مؤسسة الدفاع المدني السوري بعد دراسة إدارية معمقة، بإجراء إعادة انتشار وتوزيع للمراكز في شمال غربي سوريا وذلك في إطار إعادة الهيكلة، وتعزيز الفعّالية بالجسم المؤسساتي وتحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية التي تتبناها المؤسسة بما ينعكس إيجاباً على وجودها واستمراريتها، ورفع مستوى الخدمات المقدمة للسكان وبما ينسجم أيضاً مع المنح المقدمة والمتغيرات الاقتصادية والسياسية، بحسب مدير الدفاع المدني، رائد الصالح.

وأشار "الصالح" في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إلى دمج الوحدات الإدارية الفرعية الست الموجودة في الدفاع المدني، لتصبح ثلاث وحدات، وكذلك تم اعتماد 65 مركزاً موزعاً على شمال غربي سوريا.

وسيساعد الترشيد في النفقات الإدارية بإعادة الهيكلة، على استمرار تمويل العمليات الخدمية والإنسانية التي تقوم بها المؤسسة، فالموضوع إداريٌ بحت لضبط النفقات في الجانب الإداري وتحويلها للجانب العملياتي، وفق مدير المؤسسة.

وتهدف إعادة الهيكلة بشكل أساسي إلى تحقيق استقرار واستدامة وفعالية الخدمات التي تقدمها المؤسسة، في حين لن تتأثر الخدمات المقدمة للمدنيين بالتوزع الجغرافي الجديد، حيث سيتم توسيع الخدمات بناءً على النقاط الجغرافية الجديدة للمراكز والتي تغطي كامل المناطق في شمال غربي سوريا.

الانعكاسات في الميدان

وأضاف "الصالح" أن "عملية تطوير الهياكل التنظيمية والإدارية، من إلغاء أو دمج وحدات واستحداث أخرى أو إعادة توزيعها الجغرافي، هي إجراءات ضرورية تصب في عمق الكيان الإداري، الذي يتطلب المواءمة والتوفيق بين ما تحتاج إليه البيئة الإدارية أو ما قد تتمكن من استيعابه، وبين ما هو متاح لها من قدرات وما يحتمل أن يتوافر لها من إمكانات لإحداث نقلة تطويرية نوعية في إمكانات وتنظيم وحدات الجهاز الإداري بما يحقق الكفاءة القصوى في الأداء، لمواكبة المستجدات، واستيعاب الطاقة البشرية كاملة وترشيد النفقات الإدارية، والقدرة على الاستمرار في تقديم الخدمات والاستجابة للمجتمعات بفعالية".

ومن المقرر توزيع المتطوعين الذين كانوا في المراكز التي تم حلها على المراكز الـ 65 المعتمدة، ويؤكد "الصالح"، أن توزيع العدد سيكون حسبما يتوافق مع تعداد سكان المنطقة التي يخدمها كل مركز وضمن الحيز الجغرافي نفسه.

ووجه رائد الصالح رسالة للسوريين، قال فيها: "رسالتي لأهلنا في سوريا أن الدفاع المدني السوري سيستمر بتقديم خدماته كما عهدتموه، وسيبقى إلى جانبكم كما كنتم إلى جانبه طوال السنوات الماضية، وسيبقى على الوتيرة نفسها في العمل الإنساني، وسنحسّن من جودة الخدمات التي نقدمها لتلبي أهم الاحتياجات وخاصة في ظل هذه الظروف الصعبة، علّنا نوفّيكم جزءاً من تضحياتكم المستمرة".

تأثر الكتل المالية الواردة للدفاع المدني

قال مدير الدفاع المدني، إن كبرى الاقتصادات في العالم تأثرت بظروف التضخم وجائحة كورونا وبالحرب الروسية على أوكرانيا، والتي أدت لارتفاع أسعار المشتقات النفطية والغذاء والكثير من السلع، مع انخفاض في سعر عدد كبير من العملات أمام الدولار.

وأضاف "الصالح" أنّ الكتل المالية التي تحصل عليها منظمة الدفاع المدني من المانحين تأثرت بهذا التضخم، حيث انخفضت القيمة الشرائية مع التضخم وارتفاع الأسعار، وخاصة المشتقات النفطية التي ارتفع سعرها بشكل كبير جداً يتجاوز الضعف.

وبالتالي انعكس ذلك على عمليات الدفاع المدني، التي تعتمد بشكل كليّ في عملها على هذه المنح المالية لتنفيذ العمليات الإنسانية.

وأكد "الصالح"، أن هذا "التضخم أثر على الدفاع المدني السوري، وخاصة أن هناك تضخماً في الكوادر البشرية في المؤسسة بعد عمليات التهجير الكبرى التي حصلت من قبل نظام الأسد وروسيا بدءاً من تهجير سكان حلب في عام 2016 مروراً بريف دمشق ودرعا وحمص عام 2018، وتهجير أهالي أرياف إدلب وحماة وحلب في عام 2019، وكان هناك آلية تم اعتمادها لعدم الاستغناء عن أي متطوع رغم أن الأعداد كانت كبيرة، وتم إجراء إعادة انتشار للمراكز والقطاعات لاستيعاب الطاقة البشرية كاملة".

من يموّل الدفاع المدني؟

أوضح الدفاع المدني السوري في العديد من تصريحاته وبياناته السابقة أنه يتلقى تمويلاً من قطر وبريطانيا وأميركا وهولندا والدنمارك وألمانيا، وعلى مستوى التمويل من قبل المؤسسات الإغاثية، فهو يتلقى تمويلاً من مؤسسات إنسانية وإغاثية مختلفة، منها الهلال الأحمر التركي، وهيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)، ومن مؤسسة قطر الخيرية، ومؤسسات خيرية تعمل في كندا وأوروبا.

ولا يمانع الدفاع المدني من تلقي التمويل من أي دولة أو جهة، لكن من دون أي إملاءات أو شروط سياسية أو عسكرية، ويؤكد مدير المنظمة، أن الدعم المالي لمنظمات المجتمع المدني السوري قد يؤثر سلباً بطبيعة الحال، والسياق الدولي وحجم المتغيرات في الخريطة السياسية الدولية كـ أزمة كورونا والحرب التي تخوضها روسيا ضد أوكرانيا لها بالطبع تبعات اقتصادية.

وأضاف "الصالح" في حديث سابق مع موقع تلفزيون سوريا: "إذا كنا نتحدث عن إملاءات على الخوذ البيضاء، من قبل الداعمين فهذا الأمر غير موجود، رؤى المؤسسة ومبادؤها ورسالتها هي ثابتة ومواقفها علنية وواضحة وفي كثير من الأحيان هي مختلفة حتى عن رسائل حكومات الدول الداعمة، نحن نعبّر عن إرادة أفراد مؤسستنا ورسائل أهلنا في سوريا".

8 سنوات على التأسيس

أحيت "الخوذ البيضاء" في 25 من تشرين الأول الماضي، "يوم الدفاع المدني السوري"، والذي يصادف مرور 8 سنوات على الاجتماع التأسيسي الأول للمنظمة في مدينة أضنة التركية، في 25 من تشرين الأول عام 2014، وحضره نحو 70 من قادة الفرق التطوعية في سوريا والذين كانوا يعملون منذ نهاية عام 2012.

وحينذاك وضع المجتمعون ميثاقاً للمبادئ الخاصة بالمنظمة لتعمل تحت مظلة القانون الدولي الإنساني، وتم الاتفاق على تأسيس مظلة وطنية لخدمة السوريين، وإطلاق اسم "الدفاع المدني السوري" عليها، شعارها الآية الكريمة "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً".

ويرى الدفاع المدني أن ذكرى التأسيس لم تكن مجرد مناسبة عادية للاحتفال، إنما هي "مناسبة لتجديد الهمم وفرصة للاستمرار برفع القدرات لتحسين الاستجابة وتطوير المهارات لحمل أمانة إنقاذ أرواح المدنيين ومساعدتهم في الحرب والسلم"، بحسب المنظمة.

وتمكن الدفاع المدني السوري خلال السنوات السابقة من إنقاذ أكثر من 125 ألف روح لكنه فقد 297 من متطوعيه أغلبهم كانوا ضحايا الهجمات المزدوجة من قبل نظام الأسد وروسيا أثناء إنقاذهم المدنيين.

وتقول المنظمة، إن الخدمات والروح البطولية للدفاع المدني السوري كانت محط إعجاب وتقدير في المحافل الدولية، ما مكّن الدفاع المدني السوري من إيصال صوت السوريين للعالم أجمع، ومنذ تأسيسه، رُشّح الدفاع المدني للعديد من الجوائز الدولية وحصل على نحو 40 جائزة قُدمت من قبل العديد من المنظمات والمؤسسات الإنسانية الدولية حول العالم.

وفي رسالتها للشعب السوري، قالت المنظمة في موقعها الرسمي: "لن نتخلى عن التزامنا تجاه المدنيين وسنبقى بجانبهم حتى تأمين الاستقرار لهم، ومواصلة العمل على تقديم الأدلة والشهادات حول جرائم الحرب إلى أن تصل كل أسرة سورية عانت من الظلم إلى العدالة، وعندها فقط سيكون باب الأمل مفتوحاً للتغلب على جروح الحرب والانتقال للعيش بسلام".